Alef Logo
ابداعات
              

عن نفسي

عماد فؤاد

خاص ألف

2019-03-16

عن نَفْسي
لم أحاولْ أبدًا فهمَ السِّحرِ الغريبِ

الذي تمثِّلُه لي

الأشياءُ المفقودةْ

ما إنْ يضيعَ منِّي شيءٌ

حتى يأخذَ بُعْدًا أسطوريًّا

غامضًا

ومُريبًا

لذلكَ - مثلًا -

كنتُ أعجزُ عن قولِ شيءٍ ذي قيمةٍ

في اللحظاتِ المصيريَّة

لم أستطعْ قولَ أيَّ شيءٍ

كي أُقنعَ الشَّابةَ

التي اعتلتْ حاجزَ الجسرِ للتوِّ

بأنَّ الانتحارَ

ليسَ هو الحلُّ

لم أعرفْ كيفَ أمنعُ نظرتي

من فضحِ نفسها

أمام مُصوِّرٍ يُريني لقطتَهُ المفضَّلةْ:

رَصاصةٌ تلمعُ

قبلَ أن تستقرَّ في صدرِ الضَّحيَّةْ

وقفتُ طويلًا حائرًا

وأنا أسألُ نفسي:

كيف أُفهمَ هذا الصَّبيَّ المولودَ في خيمةٍ

بأنَّ الأرضَ ضيِّقةٌ فعلًا

ولا تتَّسعُ لبيتٍ

يؤويْه؟

قُضبانُ نوافذِ السِّجنِ نفسُها

أشعرتْني بالهزيمة كاملةً

حينَ لم أعرفْ كيفَ أجعلُها تصدِّقُ

بأنَّ المساجينَ لم يكرهوها يومًا لذاتِها

بل لأنَّها تصنعُ في النَّهارِ

خطوطًا طويلةً

فوقَ بلاطِ الزَّنازينْ

عرفتُ حينَها

أنَّ الكلمةَ فقيرةٌ

ولا تملكُ شيئًا

تمنحُهُ للنَّاسِ

ماذا تستطيعُ الكلمةُ أن تفعلَ

كي تجعلَ هذه البنتَ الصَّغيرةَ تُصدِّقُ

أنَّ لها أبًا

لكنَّهُ ماتَ

قبلَ أن تُولدْ؟

وماذا بوسعِنا أن نفعلَ

أمامَ رسالةٍ منسيَّةٍ

كتبها يومًا محبٌّ

ولم تصلْ وجهتَهَا

أبدًا؟

لن نستطيعَ أن نمنعَ هذا الرَّجلَ

من ضربِ زوجتِهِ كلَّ مساءٍ

وإفهامِهِ بأنْ لا ذنبَ لها

في عدم عثورِهِ على عملٍ

حتّى اليومْ

أو أخبرني أنتَ..

ماذا بوسعكَ أن تفعلَ

أمامَ جهازِ عُرسٍ

حُكمَ عليه بالبقاءِ محفوظًا في الصَّناديقِ إلى الأبدْ

خوفًا

من رُطوبةِ الجدارْ؟

ماذا بوسعكَ أن تفعلَ

كي تُسكتَ أنينَ الطِّفلِ

الذي يبكي في سريره كلّ ليلةٍ

لأنَّ أسنانَه اللبنيَّةَ

تشقُّ لحمَ اللَّثةِ

كي تَظْهَرْ؟

ليسَ في استطاعتِنا أن نفعلَ أيَّ شيءْ

أمامَ صورةٍ أخيرةٍ لشابَّةٍ

تبتسمُ لحبيبِها

قبلَ أنْ يجْرفَها القطارُ الذي يظهرُ

في خلفيَّةِ الصُّورةْ

ولن نقدرَ على منعِ هذا الجنديِّ

من الوصولِ إلى بيتِ زميلِه في الثُّكنةْ

كي يُخبرَ أمَّهُ

أنَّ ابنَها ماتَ

برصاصةٍ في الرَّأسْ

وسنقفُ عاجزينَ أمامَ دَفْترِ شِعْرٍ

أكَلتْهُ الفئرانُ

داخلَ بيتٍ مهجورْ

بالضَّبطِ

كما نقفُ الآنَ

أمامَ هذا اليتيمِ

الذي تشرَّدَ في الشَّوارعْ

وحين يجوعُ

يجلسُ جلسَتَهُ هذهِ

أمامَ أيِّ مَطعْمٍ

ناظرًا إلى النَّاسِ

كي يشبعْ.



تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

المقام الأخير من الصَّبا

07-أيلول-2019

عن نفسي

16-آذار-2019

بأقلِّ قدْرٍ من الحروف

02-شباط-2019

عماد فؤاد في المنامة في أمسيتين شعريتين / قصيدة حرير

11-تموز-2009

ذو العطْر الَّذي لا يُشَمُّ إلا بالأنامل

08-حزيران-2007

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow