Alef Logo
الغرفة 13
              

عن رُعَاع الثورات.. أيضا.ً

نجم الدين سمان

خاص ألف

2020-01-25

بتعديلٍ بسيطٍ في "الضمائر المُتصِلَة" تحوَّلَ عندي مَثَلٌ شعبيٌّ شائعٌ.. إلى ما يلي: "دود الخَلّ.. منّا وفينا".
والخَلُّ مرحلةٌ لا يستطيع فيها العِنَبُ أن يتحوُّلَ إلى نبيذ؛ فكيف إذا فسدَ الخلُّ من داخلِهِ.. بفِعل الدودِ الذي فيه؟!.
وقد ابتُلِيَت كلُّ الثوراتِ في العالم بالرُعَاع.. منذ "سبارتاكوس" ثورةِ عبيدِ روما ضدَّ أسيادها؛ مروراً بالثورة الفرنسية قبلَ قرنين؛ وليس انتهاءً بثوراتِ الموجةِ الأولى من "الربيع العربي".
وسيلحظ الراصِدُ لتحوّلات الثورة السوريّة نوعاً جديداً من هؤلاء في كلّ مرحلةٍ؛ وقد تسلّقوا عليها تباعاً؛ وعلى تضحياتِ أبنائها؛ ثمّ تاجروا بها؛ وسمسروا بمصائر أبنائها؛ فحَرَفُوهَا عن جوهرها الإنسانيّ الراقي النبيل؛ وسيلحظ أيضاً.. كَم تتطابقُ لغتُهُم المُنحطَةُ وشتائمُهم وأفعالهُم؛ مع لغةِ رُعَاع الاستبداد وأفعالهُم: شبّيحةً ومُعَفِّشين؛ وكذلك.. فتاوَاهُم بالتخوين وبالتكفير.
الرُعَاعُ.. في كلا الخندقين إذاً؛ وثمَّة قولٌ قرأتُهُ منذ عقودٍ ولم تُسعِفنِي ذاكرتي الآن باسمِ مَن قاله: "قد لا تُصيبُكَ الطلقةُ من خندق أعدائك؛ ولكنها إذا خرجت نحوكَ من خندقِكَ بالذات.. فسَتُردِيك"!.

* قبيحُ نفسِهِ "وسيم زكّور" نموذجاً
بينما يتضامن سوريونَ ولبنانيونَ مع العامل السوريّ الذي أعدمَهُ زوجُ "نانسي عجرم" وحُرَّاسها الشخصيُّون بنزَعةٍ دمويّة /عنصريّة على مدى 16 رصاصةً على التوالي في مناطق مُختلفة من جسده؛ يطلع علينا المدعو "وسيم زكور" بفيديو هيستيريٍّ / ثأريٍّ يحُرّض على الانتقام الفوريّ من القاتل.. بطريقة الأقوام ما قبل البدائيّة؛ ثم سيستخدم هذا الفيديو أنصارُ نانسي عجرم وشبِّيحةُ زوجِها للدلالة على النزعة الوحشيّة "الإرهابيَّة" المُتأصِلَة في السوريّ المقتول؛ وعند كلِّ السوريين.. عدا نظامهم الأسديّ وشبّيحته!.
وكان هذا المدعو قد أطلَّ في فيديو سابق.. يُبَرطِمُ ضدّ بعض اللاجئات السوريات في أوروبا اللواتي طلبنَ الطلاق من أزواجهنّ؛ في تحريضٍ "ذكوريّ" من عصور الانحطاط؛ داعياً لعقابِ كلِّ امرأةٍ سوريةٍ في الوطن وفي الشتات؛ ستُفكّر بتقرير مصيرها الشخصيّ والعاطفيّ.. بنفسها!.
أن يرقصَ هذا المدعوُ بشكلٍ يدعو للسخرية في فيديو له؛ فهذا أمر شخصيٌّ جداً؛ ولكن أن يبدو من خلفه علمُ الثورة السورية.. فهذا لم يعُد أمراً شخصياً محضاً.. بل شأناً عاماً؛ بل يُوحِي بدلالات نقيضةٍ تماماً لهذا العلم ولهذه الثورة.
وقد سألني صديقٌ تونسي عنه؛ وقد رأى مُصادفةً أحد فيديوهاته: - هل هذا.. من ثورتكم؟!.
أجبته على الفور: - لا سمح الله!.
يرقص هذا المُدَّعي مُتلاعباً بعَلَم الثورة؛ فيما النظامُ يقضِمُ أطرافَ مُحافظَتِهِ إدلب وصولاً إلى قلبِها؛ حيثُ مدينَتُه.
وفي كلِّ فيديوهاته التي يبثها أحياناً بشكلٍ شِبهِ يوميّ؛ يتبدّى هذا "الوسيم" عن قُبحٍ داخليّ يتضخمُ باستمرار؛ وتتجلّى مع كلّ فيديو أمراضُه وعُقدُه النفسية؛ أمّا المُفارقة المُؤلِمة.. فتتبدّى في إصراره على تعليق عَلَم الثورة السورية كخلفيةٍ لفيديوهاتِه؛ وفي ارتداء شالٍ بألوان العلم.. حول رقبته؛ وفي تنصيب نفسه وصياً عليها؛ والناطقَ الشعبويّ باسمها؛ وقاضيها أيضاً؛ بل.. ومُفتِيها الأكبر.
وبينما أرى صورةَ لقائِه بخدَّامِ الأسدَين -الأب وابنه- عبد الحليم خدّام في بيته الباريسيّ الفخم؛ حتى لو كانت نكتةً سوداءَ بفعل برنامج "الفوتوشوب"؛ تساءلتُ لوهلةٍ: - ماذا لو كان خدّام أيضاً.. يلفُّ شالَ عَلم ِالثورة حول عُنقه؛ تيمنّاً بهذا الوسيم؟!!.
وكان قبل هذا اللقاء قد عقد قمة ثنائيةً على الهواء مباشرة مع "الناشطة جود عقاد" من حيث أن الطيورَ على أشكالها تقع؛ بحثا فيها آخر المُستجدات على الساحة السورية والدولية!.
وسأجد مُصادفةً صفحةً على الفيسبوك اسمُهَا "الرئيس وسيم زكّور" فضحكت ألماً.. لأننا لم نثُر على رئيسٍ معتوهٍ ودمويّ؛ ليطلعَ من تحت علم ثورتنا مثلُ هذا المعتوه؛ برَغمِ يقِيني بأنها صفحةٌ ليسَت له؛ وقد أنشأها سواه.. للسخرية منه.
سيكتفي مَن شاهدوا هذه الفيديوهات بالضحك والسخرية والتسليّة؛ بينما هو يُسِيء إليهم؛ ويُشوّه صورة ثورتهم عن قصدٍ؛ أو عن هَذَيانٍ نفسي؛ فلا يُبلِّغون عن فيديوهاته بشكلٍ جماعيّ لحجبها نهائياً؛ وفي أضعفِ الإيمان ومن باب التضامن الانسانيّ: لا يُوقِعُون على عريضةٍ جماعيةٍ إلى الحكومة الألمانية لمُعالجته نفسياً ممَّا هو فيه.. وعليه.
لولا عَلَمُ الثورةِ.. لمَا كتبتُ عن قبِيحِ نفسِهَ حرفاً واحداً؛ وكذا عن أشبَاهِهِ.. مِمَّن تسلّق على العَلَم وعلى الثورة معاً؛ وعلى المُعاناة الدموية للسوريين طيلة 9 سنين؛ فألحَقَوا بجوهرها السِلميِّ المدنيّ الديمقراطيّ ضرراً.. أكبرَ ممَّا أنجزَهُ أعداؤها حتى الآن.

* عن "بيان التبرؤ" منه!.
قبل يومين.. كتبتُ على صفحتي "حلمنتشيّةً" ساخرةً؛ أدعو فيها "آلَ زَكُّور" الأكارم في إدلب.. للتبرؤ من وَسِيمِهِم في بيانٍ عائلي!.
وبعد يومٍ فقط.. صدر عن الهيئة العامَّة لناشطي وإعلاميّي وسياسيّي الثورة السورية في محافظة إدلب بيانُ تبرؤٍ منه.
وقد تحفّظت مع كثيرين على طريقة صياغته؛ وعلى غضبهم الشديد الذي جعل بيانهم زاخراً بمُفرداتٍ لا لزومَ لها؛ مع إدراكي للمُعَاناة المُزدوَجة والدامية.. التي يُعانيها من صاغوا البيان في آخر معاقل الثورة السورية.. وهُم بين مطرقة النظام وقصفِهِ المُتوالي وبين سندان ميليشيا الجولانيّ وأخواتها في المنهج.. الذين خطفوا الثورة من أبنائها الحقيقيين بتعاونٍ مُخابراتي أسديّ / إقليميّ/ دوليّ؛ ما يزال فاعلاً حتى اليوم!.
سيُعلِّقُ أحدٌ: - ومن هذا.. لتُعطوه أكثرَ من أهميته؟!.
لكن المدعوَ وسيماً.. سوريٌّ أيضاً؛ وهو عند دوائر اللجوء في ألمانيا.. لاجئ سوري؛ وعند كلّ عربيّ مِمَّن شاهد أحد فيديوهاته ولو بالصدفة؛ وكذلك هو.. عند حلف المُمانعة الأسديّة في لبنان بعد فيديو دعوته لقتل نانسي وزوجها؛ بل.. ويزيد هو على سُورِيِّتِهِ التي في سجلات النفوس!؛ بأنه أيضاً.. من صحفيّي الثورة وناشطيها!.
هاهنا.. لا يغدو الأمرُ مُجرَّدَ نزوةٍ فرديّة؛ ولا مرضاً نفسياً؛ ولا حتى جنوناً شخصياً؛ لأنه يُوجِّه غيرَ السوريين على النظر إليه كسوريٍّ ومن أبناء ثورتها على الاستبداد؛ بل.. من صحفيّيها أيضاً.
كنتُ أتمنّى لو أصدرت "رابطةُ الصحفيين السوريين - الأحرار" توضيحاً بأنه ليس عضواً فيها؛ بل.. إنها لا تقبل عُضوِيَةَ أمثالِهِ من المُدَّعِين.

* رُعََاعُ ثورتنا.. بلاءٌ يتجدَّد.
بينما تتواصل تصفية الناشطين السِلمِيين والناشطين الصحفيين الحقيقين واعتقالهم وتهجيرهم؛ يستمرالسكوتُ عن رعاع الثورة؛ أوالاكتفاءُ بالتسليةُ عند مُشاهدة فيديوهاتهم؛ ربما.. لعَدَمُ إدراكٍ جَدّيٍ لمخاطر هذه الظاهرة الشاذة جداً؛ والرُعَاعِيّة بامتياز.
وكما أن بحيرةً صافيةً قد يُلوِّثها برميلٌ من الزفت؛ فإنّ هؤلاء الرُعَاع قد استطاعوا للأسف تلويثَ صورةِ ثورتنا.. بكلّ السُبُل: ارتهاناً وتبعيّةً لدولٍ إقليمية ودوليةٍ شتَّى؛ وسمسرةً حتى بالمُهجَّرين السوريين في المُخيّمات وفي مُدن التغريبة؛ وشفطاً لأموال الدَعم والمُساعدات في كلّ مجالٍ أُتِيحَ لهم: من مؤسسات المعارضة وحكوماتها وهيئاتها ومجالسها المحلية وهيئة أركانها؛ إلى جمعيات الإغاثة؛ إلى مِنصَّات التفاوض من جينيف الى سوتشي وأستانا؛ وليس انتهاءً بدكاكين الشاورما الإعلاميّة؛ بل.. ومُراهنةً على "إخوة المنهج وميليشياتها التكفيريّة" إلى درجةٍ اعتبر فيها بعضِهِم "جبهةَ النصرة" جزءاً من الثورة السوريّة!.
وسنستمرّ في دفع الضرائب الداميّة.. كلّما تأخرنا في التعلُّم من تجاربنا؛ وطالما لم تقترن ثورتنا على الاستبداد.. بثورةٍ على الفساد أيضاً؛ بل.. وعلى الابتذال والسُوقِيَّة؛ وطالما أنَّ هؤلاء مِنَّا.. وفينا؛ ومِن حَولِنَا؛ وبين ظهرانينا -كدود الخلّ- سيطول الأمَدُ بعِنَبِ ثورتنا.. ليتعتقَ نبيذاً للحريّة.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

عن رُعَاع الثورات.. أيضا.ً

25-كانون الثاني-2020

معارك رابطة الكتاب السوريين

25-آب-2018

الفوعة.. والفيل يا ملك الزمان

18-آب-2018

لستِ من طين

20-كانون الثاني-2018

حنظلُ الوقت.. غواية الصورة

09-كانون الأول-2017

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow