Alef Logo
ضفـاف
              

زينب فوّاز.. رائدة مجهولة بدعوتها إلى تحرير المرأة

فيصل خرتش

2020-04-25

زينب فوّاز (1846- 1914) هي علم من أعلام النهضة العربية الحديثة، أديبة ومفكرة وناقدة وشاعرة وتعتبر الرائدة المجهولة التي لم تنل حقّها في التكريم. نشأت في بيئة فقيرة، وفي بيت ريفي متواضع، وقد وُلِدَت في "تبنين" في جبل عامل من جنوب لبنان، وعاشت في سورية فترة، وكان لها نشاطها الأدبي، مما جعل السوريين يطلقون اسمها على مدرسة ابتدائية في دمشق، بسوق الصوف الواقع في شارع مدحت باشا.
تعرّفت في مصر، وكانت قد ذهبت إلى هناك بواسطة أخيها الذي يدرس الحقوق، على أديب نظمي الدمشقي المولود في دمشق عام 1840، وكان رئيس تحرير جريدة "الشام" وهي أوّل جريدة إخبارية اجتماعية صدرت في دمشق عام 1896 وانتهى الأمر بالزواج، وجاءت من الإسكندرية إلى بيروت بحراً، ومنها إلى دمشق بالسكة الحديدية ثم إلى قرية الشيخ سعد، وهي إحدى قرى حوران جنوب دمشق، ومنها ركبت بغلة مطهمة، مكسوة، إلى حيث يقيم أديب نظمي.
لم يدم زواجها منه أكثر من ثلاث سنوات، أقامتها بين حوران ودمشق، ثم ضاقت ذرعاً بالحياة القاسية، وكان أشد ما يضايقها أنها لم تجد في القرية ما كانت تجده في مصر من فرص كتابة ونشر ونشاط اجتماعي، وعدم وصول الصحف والمجلات المصرية في أوقات متقاربة، بالإضافة إلى أنها اكتشفت أن لزوجها ثلاث نساء غيرها، فأذاها هذا الأمر، ولم تقبل أن تكون زوجة رابعة، مع أن الزوج أسكنها في دمشق ظاناً أنه يحققّ لها المتعة الأدبية.
أحست زينب بغربتها في هذه البيئة، ثم تاقت نفسها للعودة إلى القاهرة، خاصة أنها لم تصادف سعادة في حياتها الزوجية.
أفاق زوجها يوماً ليكتشف أن زوجته تريد الطلاق، ولم تعد تستطيع البقاء في هذا المكان، فطلقت وعادت إلى مصر، تاركة في قلب أديب نظمي حزناً شديداً على فراقها.
وفي مصر عادت زينب إلى متابعة حياتها الأدبية والفكرية، ولكن المرض سرعان ما حلّ بها، وبقيت تعاني منه، إلى أن توفيت في السابع والعشرين من كانون الثاني/يناير 1914.
وقد قالت عنها الأدبية إميلي نصر الله "رحلت بعدما حملت رسالة بعث المرأة العربية من جمودها ورجعية محيطها، وصورت المجتمع المصري على حقيقته، خصوصاً أوضاع المرأة فيه".
تركت زينب فوّاز إنتاجاً أدبياً وفكرياً متنوعاً، بين مخطوط ومطبوع، وتراوح بين الرواية والقصة والمسرحية والشعر، عدا عن التراجم، وقد عاصرت الأدبية والشاعرة عائشة التيمورية، وسبقت باحثة البادية بعقود، ونظراً لفقر والديها، فقد رأيا أن تحل عاملة في دار أحد (البكوات) من الأسرة الأسعدية، وكان مديراً رسمياً في قلعة تبنين، وقضت فترة من عمرها تلازم القلعة ونساء أل الأسعد، وبينهن فاطمة الخليل زوجة علي الأسعد التي كانت تهتم بالعلم والأدب، فاهتمت بزينب، وصارت تعلمها القراءة والكتابة، وكان في بيتها مكتبة كبيرة تحوي مخطوطات نادرة وكتباً قيمة، فصار شغل زينب الشاغل هذه المكتبة، تزوجت من رجل من تبنين يعمل صقاراً (رئيس سواس) في القلعة، وهو من رجالات البيك، ولم تبق معه طويلاً لتعثر التفاهم بينهما بسب التفاوت الكبير في المستوى الثقافي وفي الميول والأهداف، فتم الطلاق بينهما.
تحررّت من هذا الزواج الفاشل، وتابعت طريقها، وقد زادتها التجربة قوة ومناعة دفعتها إلى المزيد من دراسة أوضاع المرأة، ولاح في الأفق زواج ثان من رجل هو كالأوّل، فقررت الذهاب إلى مصر، وكان لها ما أرادت، وكانت مصر في تلك الفترة موئلاً لطلبة العلم والمعرفة، ومقصداً للعاملين في الحقول الصحافية والفكرية من لبنانين وسوريين، نظراً لما تتمتع به من حرية فكرية خلافاً لما كانت عليه بلاد الشام.
دعت زينب إلى سن قوانين جديدة تنظم حياة المرأة وتضمن حقها بالعلم والعمل، فكانت أوّل رائدة تحمل هذه الرسالة في بلدان الشرق، معتبرةً أن الحضارة والإصلاح لن يكونا إلا عن طريق العمل والعلم، منوهة بدور المرأة الفعال في إقامة مجتمع متمدن راق. أمّا قاسم أمين فقد كان متأخراً عنها بمناداته بتحرير المرأة، فمن الثابت أن رسائل زينب في موضوعات المرأة التي كانت تنشرها في الصحف المصرية، بدأت قبل 1893، بينما لم ينشر قاسم أمين كتاب تحرير المرأة إلا عام 1899.
كتبت زينب رسالة إلى الشيخ أحمد عارف الزين صاحب مجلة "العرفان" تقول فيها: "وها هن نساء الغرب يتفوقن على الرجال كما تدل سيرهن التي وضعتها في الكتاب المرسل اليك (الدر المنثور في طبقات ربات الخدور) ونحن نساء الشرق لا يمنعنا الحجاب من التفوق والخوض في كل المجالات".
أعمالها المطبوعة:
- الهوى والوفاء: مسرحية طبعت عام 1893 في مطبعة الجامعة شارع وجه البركة نمرة 42.
- الدر المنثور في طبقات ربات الخدور، طبع في مصر في المطبعة الأميرية، مطبعة بولاق عام 1893، ويقع في 552 صفحة من القطع الكبير، وهو أشهر كتبها وأكثرها قيمة أدبية، وترجمت فيه لعدد من النساء الشهيرات من مختلف الطبقات وقدمت فيه أمثلة نسائية من مختلف العصور التاريخية وقالت فيه: "قمت بذلك خدمة لبنات جنسي وأعتقد أن هذه أفضل هدية للسيدات الفاضلات".
- الرسائل الزينبية: مجموعة مقالات نشرت في الصحف المصرية آنذاك.
كشف الإزار عن مخبئات الزار: مجموعة مقالات نشرت في مجلة النيل.

تعليق



سوف عبيد

2020-04-25

شكرا على هذه المقالة المفيدة

أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

ذكرى نبيل المالح.. مشروعه تجسّد في مزج السينما بالسياسة

06-شباط-2021

علي الجندي الذئب الأغبر.. عاش الحياة في الشعر

27-حزيران-2020

"العرش والهيكل".. قصيدة أطاحت بالشاعر جبرائيل الدلال

06-حزيران-2020

زينب فوّاز.. رائدة مجهولة بدعوتها إلى تحرير المرأة

25-نيسان-2020

في ذكرى رياض الصالح الحسين..شاعر يكتب ببساطة الماء

14-أيلول-2019

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow