Alef Logo
الغرفة 13
              

مساكين هم الرجال ..!!

معاذ حسن

2020-04-18

*معاذ حسن / خاص ألف


خرج رجلان من إحدى البارات في وقت متأخر من الليل، ودار بينهما الحوار التالي :

- أشعر برغبة في ممارسة الجنس، تعال لنذهب إلى إحدى بيوت الدعارة.

- ماذا تقول؟!! ستخون زوجتك بهذه السهولة ولطالما أخبرتني عن حبك لها .

- أيها الوغد أتريدني أن أوقظ زوجتي الحبيبة في هذا الوقت المتأخر من الليل لأجل رغبة جنسية مارقة، ومن قال لك أنني لا أهيم بعقشها.


***

بدايةً أود القول بأن عنوان هذه المادة لا يتناسب مع مدخله ولكن لاحقاً ستعرفون الصلة الوثيقة بينهما، أيضاً بما أني من صنف الرجال، فهذا اتهام مباشر بعدم موضوعيتي في هذا السرد .

منذ بدء الخليقة كما جاء في "الميثولوجيا" وأسطورة تفاحة آدم ، كان إغواء حواء هو سبب الفاتورة الباهظة في الخروج من الجنة. ثم إن الأديان القديمة للإنسان بدأت أنثوية "كعشتار وإيزيس".. و غيرهم، ما يشير إلى مركزية وجودها و تأثيرها العميق في الرجل .

وإليكم بعض الأمثال الشعبية التي تحمل في طياتها دلالة على شكل هذة الثنائية بين الرجل والمرأة، حيث إنه لا يمكننا الاستخفاف بالأمثال الشعبية مطلقاً فهي المخزون الجمعي لوعي المجتمعات الإنسانية :


*تمتحن النساء بالذهب ويمتحن الرجال بالنساء ( يوناني) .

*قد يلزم الرجل عشرين عاماً لترويض المرأة، بينما يلزمها لذلك ابتسامة واحدة فقط ( ألماني) .

*الرجل هو الرأس، والمرأة هي الرقبة، والرأس ينظر حيث تدور الرقبة ( روسي ) .



ومن الجدير بالذكر هنا هو الحديث عن مؤسسة الزواج، كيف نشأت ؟

فقد جاء في كتاب القرد العاري للعالم الإنجليزي "ديزموند موريس" بأن المجتمع الإنساني في بدايات تطوره واجه خطراً كبيراً في صراع الذكور على الإناث، وهم بأمس الحاجة إلى التكاتف مع بعضهم في مواجهة مخاطر الطبيعة والأدغال، والتعاون في الصيد.. وقد حالفهم الحظ في إنهاء هذا الصراع بأن يكتفي كل ذكر بأنثى واحدة فقط، فتزول الصراعات و الاقتتال فيما بينهم، ومن هنا كانت أولى بذور مؤسسة الزواج بالظهور في شكلها البدائي آنذاك .

في يومنا هذا تناولت العديد من الدراسات و العلوم الإنسانية البحث في "سيكولوجيا" المرأة والعلاقة مع الرجل، وتكاد تكون أغلب البحوث متضاربة فيما بينها لما تحمله العلاقة من تعقيدات واختلافات. فالتركيبة النفسية والجسدية مختلفة تماماً، حتى حجم الدماغ وتلافيفه يختلف كذلك بين الرجل والمرأة . ولكن ما أنوي الذهاب إليه هو إجراء مقارنة بسيطة في الحاجة والرغبة وصيرورة العيش في العلاقة بينهما، ثم مالذي يتحكم في بوصلة العلاقة بين الرجل والمرأة .


في العلاقة الجنسية :

نجد أن جسد الرجل العاري لا يغري المرأة بينما عند الرجل فهو مصدر إثارته واستيهاماته الجنسية. أيضاً هناك سؤال في هذا السياق ، لماذا دور الدعارة هي مخصصة للرجال ولم يسبق أبداً أن وجدت دور دعارة مخصصة لإرضاء حاجات النساء الجنسية ؟ فالرغبة الجنسية لدى النساء مرتبطة باحتياجاتها النفسية والاجتماعية، كالحب و الزواج أو حتى الدعارة كمهنة ومصدر لجني المال . وهنا يستوقفني مثل هندي يصب في هذا السياق ( يقبل الرجل بالزواج لأجل الجنس، وتقبل المرأة بالجنس لأجل الزواج ).

إذ يتضح التفوق الجنسي للمرأة من حيث طبيعة الدافع الجنسي الخام بينها وبين الرجل، دون أن ندخل طبعاً في تفاصيل النشوة الجنسية والقذف عند الرجال وارتباط الجنس بالحمل والإنجاب لدى المرأة .


على المستوى النفسي :

إن إشكالات الأنا عند الرجل أكبر وأعقد منها لدى المرأة، فاحتياج الرجل للمرأة يبدأ من شعوره بالنقص، ولا تتم تعويضات الأنا إلا من خلال امرأة تمنحه الثقة والحضور، ويرتبط بهذه النقطة أيضاً علاقة الرجل بوالدته أثناء الطفولة، فهي علاقته الأولى مع النساء والتي تتسم في غالبها بعطاء الأنثى ومحبتها وتعلق الطفل بها، دون أن نوغل في تفاصيل "عقدة أوديب" التي تحكم شكل علاقاته مستقبلاً مع النساء.


يذهب علم النفس إلى أن جملة من الاحتياجات النفسية والجسدية لدى الرجل تساهم في جعله عاشقاً غارقاً في الحب ، فالتماهي العميق بين الحب والجنس يجعل الرجل أكثر تعلقا بفعل رغباته واحتياجاته الأكثر، ولكثرة تشابكها قد يجهل تماماً مالذي يتحكم في سلوكه في الحب أو مع النساء عموماً.


عند هذه المسألة تستحضرني قصة تروى عن المؤلف الإيرلندي "جورج برنارد شو"؛ "سئل ذات مرة كيف تستطيع أن تعيش مع زوجتك ولديك طفل من عشيقتك التي تعيش أيضاً معك، وفي المقابل لدى زوجتك أيضا عشيق وربما هي حامل منه." ليجيب جورج برنارد شو بدوره: "يخطئ الرجل حين يعتقد بأن امرأة واحدة تستطيع أن تكون هي نفسها الزوجة والحبيبة وشريكته الجنسية." كان ذلك جواباً ساخراً يحمل في طياته شيئاً من الحقيقة في تعدد واختلاط احتياجات الرجل للمرأة، لذلك فهو أقل تحرراً منها في العلاقة، أما عند المرأة فغريزتها تحكمها بالميل إلى الشخص الأقوى والأكثر نجاحاً و نفوذاً مالياً، وذلك يرجع إلى قدرتها على الحمل والإنجاب، وبالتالي تحكمها الغريزة بنقل الجينات الأفضل إلى الجيل القادم . فعامل الإنفاق على ذريتها ونقل الجينات الأقوى يلعب الدور الرئيس في عملية اختيار الشريك، ومن المألوف جداً أن تضحي المرأة بالحبيب لأجل الزواج من رجل ثري، حتى على اختلاف الثقافات والأعراق بين النساء .


هناك مسألة أخرى لابد من التوقف عندها ، وهي أن الأنثى في المملكة الحيوانية تلعب الدور الرئيس في حياة المجتمعات التي تنتمي إليها، كالصيد و تربية الصغار و القتال أيضاً، بينما تجد قضية التناسل والتلقيح تقع على كاهل الذكر بالدرجة الأولى، وقد يندر أن يكون لديه وظيفة أخرى عند الكثير من السلالات الحيوانية. و السؤال المطروح هنا، لماذا يكاد يكون دور المرأة معدوماً في سياق تطور الحضارة الإنسانية، فالأنبياء والقادة و الفلاسفة والعلماء وما إلى ذلك، هم من صنف الرجال، والمقصود هنا كل من ساهم في انقلابات وقفزات الحضارة الإنسانية ؟؟


للإجابة على هذا السؤال سيجد القارئ تحليلات نظرية مختلفة .

- ثمة اتجاه يقول بإن غريزة الإنجاب لدى المرأة، وهو شعور يضاهي القدرة على الخلق، سيجعل من المرأة أكثر تصالحاً مع طبيعة الوجود، وبالتالي يغيب عنها القلق الوجودي وأوهام تحقيق الذات، فالمجد والشهرة والخلود قضايا لا تعنيها بالقدر الذي تعني الرجال.

- منحىً آخر يذهب إلى قدرة النساء على تدجين الرجال ، فهم يصنعون النجاح والقوة ليحظوا على فرص أكبر مع النساء، و بالتالي نحن نصبّ في ذات الصيرورة لدى المملكة الحيوانية من حيث إن الأنثى تنتقي الأقوى و الأكثر تميزاً ونجاحاً. حتى أن العالم النفسي "سيغموند فرويد" لديه قول مباشر وصريح في هذا السياق : " الحضارة جنس مصعد" .


وهنا قد تبدو هذه القضايا بالنسبة للمرأة هي مجرد محفزات جنسية، يقدمها الرجل فيحظى بإعجابها و تقديرها . لكن للمرأة أيضاً تلك العصا السحرية في التأثير على أهم القرارات في حياة الرجل، وبالتالي التغييرات في العالم.

منذ فترة ليست بالقريبة تابعت عملاً وثائقياً بعنوان ( زوجات الرؤوساء )، وكنت مذهولاً حقاً في معرفة القليل الذي يدور وراء الكواليس بين الرؤوساء وزوجاتهم، وتأثيرهم الواضح في سير حياة البلاد التي يحكمونها .

لسنا في صدد تحليل علمي، لنتوغل أكثر في ماهية هذه الثنائية الشائكة بين الرجل والمرأة . بل لإسقاط الضوء على بعض القضايا في علاقتهما والتي تتسم بالجدلية بسبب اختلاف الطبيعة الذهنية والبيولوجية .


  • هناك حدث كنت قد رصدته منذ فترة قصيرة سآتي على ذكره وأترك لكم تقييمه وحرية الاستنتاج .

في يوم المرأة العالمي تذكر وكتب جميع الرجال للمرأة و أشادوا بها على صفحات التواصل الاجتماعي حباً ووداً وتقرباً، أما في يوم الرجل، فعلت المرأة العكس ولم تذكر للرجل سوى سيئاته أو كتبت عنه أشياء تميل إلى التهكم والسخرية، ولا أبالغ إن قلت أنكم ستجدون صعوبة كبيرة في إعطائي مثالاً يثبت عكس ذلك .


ليس ثمة ما يدعو للدهشة، فبطبيعة الحال ذلك الاختلاف يودي بالضرورة إلى سلوكيات وطرق تفكير مختلفة. قرأت ذات مرة كتاباً في فن التسويق و كان درسه الأول في أسلوب البائع بالتعامل مع الزبون والزبونة، و قد طرح المثال التالي :

- في الحديث مع الرجل: اشترِ يا سيدي هذا المعطف، فكل رجال الحي يرتدونه.

- في الحديث مع المرأة: اشتري يا سيدتي هذا المعطف، فلا توجد امرأة في البلاد ترتديه.


طبعاً الحديث يطول في ذكر هذه المفارقات، لكن أغرب ما قرأته بهذا الشأن كان لكاتبة تدعى "غلوريا ستاينم" حين تناولت ذكورية العالم واضطهاد الرجل للمرأة، كتبت غلوريا مايلي :


ماذا سيحدث لو كان الرجل هو من يحيض، والمرأة لا يمكنها ذلك، سيبصبح الحيض فعلاً بيولوجيا يحسد عليه الرجال، سيجاهرون ويتباهون بغزارة دمائهم ومدة استمرار الدورة الشهرية، سيعتبر الحيض دليلاً لتفوق الرجال على النساء .


من المؤكد أن جميع الرجال سيتناولون طرح غلوريا بكامل السخرية و يبدأون بالسؤال عن الفوط النسائية الأكثر راحة وضماناً .

نعم يا سادة ... مساكين هم الرجال، يتكوّنون أجنة في أرحام النساء، فيخرجون إلى الدنيا من "مهبل". يتغذون في طفولتهم عبر ثدي امرأة ، ليصيروا بعدها كباراً، بالغين، بشغف وهوس وتقديس لذات الأعضاء ولكن بعناوين مختلفة .





















































تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

مساكين هم الرجال ..!!

18-نيسان-2020

جنازتان لا تكفيني ... أين ألواح الأنبياء ؟!

23-تشرين الثاني-2019

إلا أنني أستطيع التبوّل أيضاً .. وأستطيعُ الكتابة ...

02-كانون الأول-2017

جنازتان لا تكفيني ... أين ألواح الأنبياء ؟!

10-حزيران-2017

إلا أنني أستطيع التبوّل أيضاً .. وأستطيعُ الكتابة ...

20-حزيران-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow