Alef Logo
الغرفة 13
              

هل دقّت ساعة ترامب؟

عيسى الشعيبي

2020-10-10

بدايةً، لا شماتة بالمرض ولا تشفي بالموت، حتى وإن كان المريض دونالد ترامب المثير للحفيظة، المكروه كرهاً لا مثيل له، ولا سيما ممن فاقم توأم نتنياهو السيامي ظلمهم، وشدّد نكيره عليهم، فالأقدار المقدرّة، والمصائب الشخصية، لا يُجدي معها درهم كراهية، ولا قنطار أحقاد، لذا دعونا من مشاعر التشفّي التي لا تقدّم ولا تؤخّر، واتركوا فسحة التبصّر بمغزى هذه الواقعة، وإجراء المقاربات المفيدة لمآلات حدثٍ يخاطب العالم كله، نظراً إلى مركزية الولايات المتحدة على مسرح السياسة الدولية.
حتى أوائل العام الحالي (2020)، كانت الرياح تهبّ لمصلحة أشرعة سفينة ترامب، المتهادية على مهل مهلها في الطريق نحو رصيف ولايةٍ رئاسيةٍ ثانية، كما كانت الأمور على خير ما يرام بالنسبة إلى رئيسٍ محظوظ، نجا من محاولتين جادّتين لعزله، وبدّد كل التهم التي واكبت فوزه، وانتصر بجلاء على كل الحملات الإعلامية المنهجية ضدّه، ثم أخذ يصعد في استطلاعات الرأي العام بقوة، حيث لا وجود لمنافسٍ يعتدّ به، ولا تحدٍّ ذي بالٍ يعترض سبيله، فيما الاقتصاد الأميركي، وهو بيت القصيد في كل انتخابات رئاسية، في ذروة ازدهاره.
هكذا كان القمح يصبّ في طاحونة ترامب قناطير مقنطرة، وكانت البشائر بإعادة فوزه تتقاطر إليه زرافات، إلى أن وقع ما لم يكن في حسبانه، حين ظهر وباء كورونا في الصين، ثم اجتاح أوروبا، وانتقل منها إلى الولايات المتحدة، حاصداً مئات آلاف الضحايا، وموقعاً أشد الخسائر الاقتصادية، ومنذراً ببطالةٍ وبكسادٍ أعظم مما عرفته أميركا طوال تاريخها، الأمر الذي قلب الهرم على رأسه، وبدّل المعطيات التي كانت تتراكم لدى الرجل البرتقالي حتى الأمس القريب، وتدفع به إلى المقدّمة.
والحال، أنه إذا كان من الصعب على الرئيس الجمهوري المفتون بنفسه أن يخسر الجولة المرتقبة، وأن يفقد منصب رئيس رؤساء العالم بين عشيةٍ وضحاها، فقد كان من الصعب عليه أكثر أن يتجرّع مثل هذه الكأس أمام جو بايدن، المرشّح الديمقراطي الباهت، الذي استصغر ترامب شأنه، واستخفّ به، فما بالك وأن الضربة هذه لم تأتِ من لدن خصم قليل الحيلة، بل من فيروس مجهري لا يُرى بالعين المجرّدة، انقضّ عليه في ربع الساعة الأخير من زمن الجولة الأخيرة؟
ولمّا كان المتعجرف في البيت الأبيض غير قادر على تخيّل نفسه مهزوماً، وقد يصبح عرضةً للمساءلة عن التهم التي أحاقت بفوزه السابق، فقد كان من غير المستبعد أن يقوم ترامب، الذي لا يأخذ بآراء مستشاريه، بكل ما من شأنه حرف الأبصار وتشتيت الاهتمامات عن نقطة ضعفه، كأن يهرب إلى الأمام، باختلاق أزمة كبرى، تُفضي إلى مواجهة خارجية، قد تعيد تعويمه في الاستطلاعات، وتمنحه طوق نجاة، ولا سيما أن لديه، في هذه الآونة، ذريعةً شبه مكتملة، ودافعاً قوياً للانتقال من الدفاع إلى الهجوم، بمبرّرات تلقى قبولاً لدى أنصاره.
في البداية، ألقى الرئيس الأميركي على الصين تهمة التسبب بالجائحة، وحمّلها مسؤولية ما لحق بالولايات المتحدة من خسائر بشرية ومادية فادحة. ولمّا بدا التصعيد مع بكين غير كافٍ لقلب الطاولة، لوّح ترامب، الذي أعاد فرض العقوبات الدولية على طهران من طرف واحد، بضرب القواعد الإيرانية على طول الساحل الشرقي في الخليج العربي، عندما اتهم طهران بتخصيب مواد انشطارية كافية لصنع قنبلة نووية قبل نهاية العام الحالي، لتسويغ هجمةٍ كان قد تعهد مراراً بتنفيذها (ربما مفاجأة أكتوبر) كي يمنع الجمهورية الإسلامية من حيازة هذه القنبلة.
بعد هذا الحدث من العيار الثقيل، تغيرت كل هذه المعطيات بسرعة، وتبدّل المشهد الانتخابي الأميركي كثيراً، حتى وإنْ تعافى الرجل في الوقت بدل الضائع من المباراة، فهل انقلبت التوازنات مثلاً؟ هل دقّت ساعة ترامب حقاً؟ وهل دنت لحظة جو بايدن فعلاً؟ ومع أن أحداً لا يملك، اليوم، الإجابة عن مثل هذه الأسئلة، غير أنه يمكن القول، بقدر معقول من الثقة، إن العالم سيكون بعد ترامب أكثر أمناً، وإن ارتدادات هذه الواقعة على منطقتنا ستكون إيجابية، حيث ستذهب الصفقة التي ارتبطت باسم ترامب إلى مثواها الأخير، وتخسر إسرائيل رهانها على رئيسٍ متفانٍ في حب صهيون، وقد تنقضي سياسة التخويف والابتزاز لدول الخليج.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

ليلة القبض على الكونغرس

13-شباط-2021

أغداً يسقط حكم الأزعر؟

07-تشرين الثاني-2020

هل دقّت ساعة ترامب؟

10-تشرين الأول-2020

الحرب المفتوحة *

18-تموز-2006

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow