Alef Logo
ابداعات
              

أحلام عبد الساتر

مرهف مينو

2007-09-12

- ولك قديش انت تافه وجحش ؟؟؟؟
تلقى عبد الساتر الكلمات بذهول وهو ينفض التراب العالق بقميصه " خملة الدراق " الذي اشتراه البارحة
خرج من البيت صباحا تتبعه دعوات أمه الضريرة وهي تمسك بقبضة الباب لم يتزوج " عبدو " كما اعتاد أصدقاؤه أن ينادوه في المديرية :
- تعا ولك عبدو .... روح ولك عبدو ؟
عبدو كان مستخدما بسيطا في المديرية يوصل الشاي والقهوة للموظفين وراء مكاتب التنك
دائما منكس الرأس تتقاذفه كلمات الشفقة والمزاح أو تلك الشتائم التي كان يسمعها حتى لو كانت همسا
- عبدو ليش ماتزوجت حتى الآن ؟
سؤال يسمعه باستمرار حتى مّله. كان يرفع رأسه قليلا عن الأرض ويعدّل من وضع نظارتيه السميكتين بأصبعه الجاف الأصفر
- بس لاقي بنت الحلال
ويعود لإطراقته وهو يجرّ قدميه للخروج من المكتب
لم يكن أحد يعلم ما بعقل عبد الساتر ولا حتى أمه العمياء ... كان يجلس أحيانا ساعاتٍ بعد أن يتناول قليلا من الطعام غير المملّح الذي تعدّه أمه المريضة
يجلس في الفسحة الصغيرة التي تجاور غرفته ويرفع قدميه على طاولة الخشب الوحيدة التي في البيت ويحلم
يحلم بالخمسمائة ليرة التي تحت السرير. استطاع توفيرها من البخشيش الذي يأخذه من الموظفين كل شهر ....
سيشتري قميصاً جديداً وحذاء أسود لامعا، ويحلق ذقنه السوداء الخشنة ويذهب ليتمشى في الحي الراقي "يلصلص" على سيقان النساء وصدورهن من خلف زجاج نظارته السميكة , يحاول الاقتراب منهن وهنّ يشاهدن واجهات المتاجر الفخمة
اكتسب عبد الساتر خبرته النسائية هناك. كان مولعا بتلك الرائحة التي تختلط فيها العطور وروائح المكياج ... يقترب منهنّ بهدوء متعللا بتفحص إحدى السلع ويضيع داخل عالم لا يتسع إلا له
ينتظر ساعات أحيانا ليرى فتحة صدر أو كعب قدم وأحيانا بطة ساق
من حسن حظه اليوم الجو حار كان يمني نفسه بمناظر " غير شكل "
خلف عدستي نظارته وإطراقة رأسه جوع لا يشبع ......
بين رماد شعره نارٌ لا تهدأ وخيالٌ معظمه من الجحيم ....يتخيل نارا مشتعلة .... حلقة من النساء العاريات إلا من الملابس الداخلية التي تمسكها بعض الخيوط الرفيعة. نار حمراء لاهبة يرقصن حولها بجنون وظلها يمتد على الجدران و الصخور المحيطة
هذه كانت خيالاته التي لا تنتهي .....
اليوم أحسّ بضآلته تزداد. أصبح أصغر من قبل. تبخرت كل أحلامه الصغيرة أمام نعرة تلقاها من " مارد " يشبك يد عصفورة. ألقته النعرة أرضا وسط الشارع المفضّل لديه. حمل نظارته الملقاة إلى جانبه ونظر إلى المارد الذي مازال يقف فوقه ويبتسم ابتسامة صفراء
- ولك قديش انت تافه ..... وجحش ؟؟؟؟
لمح العصفورة تتلفت وهي متململة. لم تنظر إليه أبدا. سحبت ماردها من يده المشعرة وذهبا
هو يعرف أنه تافه ..... أما جحش فهي جديدة
الكلمة ظلت تتردد في رأسه وهو ينفض قميصه ويزيل ماعلق على سواد البنطال
- جحش .... جحش ....جحش ....
لم يتوقع أنّ أحلامه التافهة بامتلاك رائحة امرأة وشوقَ أصابعه لملمس جلدها بعيدة إلى هذه الدرجة. نهض عبد الساتر. نظر حوله. الغريب في الأمر أنّ أحدا لم تستوقفه الحادثة. لم يلحظ إلا تلك الشفاه التي تمتد بقرف كلما نظرت اليه ...
سقطت أحلامه قبل جسده ضاعت وسط الكعوب العالية التي تطرق سواد الإسفلت وضاعت على جلود الأحذية السوداء اللامعة
قرر عبد الساتر أن يلملم أحلامه وأطياف نسائه الراقصات ويدفنها في أول حفرة ويتمتع بميزة الحيوان الذي أحسّه يتحرك في داخله. أرى عبد الساتر أحيانا وهو يكتشف أذنيه من جديد بيديه صاعدا هابطا عليهما .حتى إنّ بعض سكان الحي تقدموا للمخفر بشكوى سماع نهيق مجهول المصدركل يوم ليلا .



تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

اخترت الضلال ....

22-نيسان-2009

بقعة بيضاء في الذاكرة .....

27-كانون الثاني-2009

حكاية لم تكتمل ....

15-تموز-2008

سؤال صعب ..

27-حزيران-2008

سؤال وجواب

18-آذار-2008

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow