Alef Logo
ضفـاف
              

مرحى لقصيدة تشعل النار في هذا اليباس

رائد وحش

2008-01-14

لم نبرح زمن التكفير، حداثتنا، التي ندعيها، موضة دارجة وحسب. والحرية مجرد وعكة وعي عارضة في أدمغة تلهج على صراط العبودية المستقيم. المثقف ليس إلا كهنوتياً يموّه لحيته وجلبابه بطلاء المهرجين، والثقافة، في عرفه، نوع متطور من التخلف والجهل والانحطاط.
هذا ما أوحته لي مقالة اسماعيل مروّة في العدد (31) من مجلة اسمها «جهينة»، إذ كتب، تحت عنوان «صفحات التنوير الفكري تتحول إلى عهر وشذوذ»، مقالاً مليئاً بالحقد والكراهية عن قصيدة «من شدة ما أحبُّكِ أشبهكِ» للشاعر خضر الآغا، حيث رأى إلى القصيدة المنشورة في «ملف تشرين الثقافي»ثم نشرت بالاتفاق مع الكاتب قي هذا الموقع: «مجرد حكاية تبدأ بالعهر وتنتهي بالشذوذ، عندما يتمثّل الآغا بالمرأة العاهرة التي يحبها، لينقلب مكانها على سرير من تحب من الرجال»، وغير ما يلحقه بالشاعر من أوصاف مقذعة، لا علاقة لها بالنقد، لا من قريب ولا من بعيد، يتمادى ليطلق سؤال الاستنكار والاستخفاف بشخص الشاعر، فوق ما يكيله من الاستخفاف بالنص، ليتساءل، بما في معناه، من هو هذا النكرة» ليُعطى نصف صفحة من جريدة؟ فهو لا يعرفه، ولم يسمع به من قبل، وكأنّ الشاعر يكون شاعراً، والروائي يكون روائياً، وربما الإنسان يكون إنساناً، حين يتكرّم كاتب المقال ويعترف بوجوده، مع العلم أنها لفتة في غاية الكرم أن تفرد الصحيفة تلك المساحة لنص محلي صاحبه محسوب على الجيل الجديد، أياً كان شخصه، كريماً أو لئيماً!
ويبدو أن السيد مروّة، مع ذلك، بحاجة إلى نبذة تعريف أولاً، حتى يقرّ بمشروعية نصٍّ، لا أظنّ، ومن خلال ما كال وقال وكتب، أنه يمتلك الحساسية التي تخوله ليعترف بشعريته!! ولمروّة أقول: خضر الآغا شاعر وناقد سوري، لديه مشروعه الشعري المميز الذي توجه بمجموعة بديعة سمّاها «أنوثة الإشارة»، وبالتوازي معه يشتغل على مشروع في نقد الشعر السوري الجديد، هذا الذي وجد نفسه يتيماً على صعيد النقد، وقد أصدر بهذا الصدد دراسة مهمة «البياض المهدور»، وهي بمثابة مقدمة في قراءة ملامح شعر التسعينيات في سوريا، إضافة إلى مقالات ومتابعات في الباب ذاته، وسوى هذا وذاك فهو يشرف على الصفحات الإبداعية في جريدة «شرفات الشام»... أما لماذا لا يعرفه (مروّة) فهذه مشكلة يتحمل مسؤوليتها، وتتعلق بضميره الزاعم حرصاً على الثقافة في هذا البلد، خصوصاً وأنّ موقعه كمدير للقسم الثقافي في جريدة «الوطن» السورية، يضعه على المحكّ..
القصيدة «من شدّة ما أحبك أشبهك» كانت أثارت جدلاً كثيراً آن نشرها، لكنه لم يخرج من حيّز الجدل الشفهي بين الشعراء أنفسهم، كزملاء كار واحد، وأعتقد أنّه ليس بوسعنا إلا تقديم الشكر والامتنان لشاعرها، مُكَهْرب جثة الشعر الميتة، لأنه جعلنا نعود، وبكثير من الأمل الطازج، لنتحدث عن الشعر، كفنّ، وكأسلوب حياة، بحماسة واندفاع بتنا نفقدهما مع الوقت البارد.
أما عن مقال مروّة فهو لا يعدو كونه محاكمة أخلاقية لخيال عاشق مهزوم، من جهة، ومزاودة سياسية لا تخفى مراميها، خاصة وأنه ربط بين القصيدة وبين زاوية المشرف على الملف، خليل صويلح، وقد كانت مكرسة لتناول أداء عبد النبي اصطيف، المدير العام للهيئة السورية العامة للكتاب، من جهة أخرى، بحيث بدتْ المقالة رداً متردداً على الزاوية، لا سبب وراءه إلا فقدان الشجاعة.
وحين عدد الأسباب التي تدعوه لرفض القصيدة، كتب يقول: «نحن نرفض هذه القصيدة ـ إن كانت قصيدةً ـ لأكثر من سبب، أول هذه الأسباب الضعف الفني، وثانيها التردي الفكري، وثالثها الانحلال الأخلاقي، ورابعها منبر النشر الحكومي الذي نحرص عليه، ونخاف على مستواه المتميز على الصعيد العربي»، ولنتوقف عند هذه العبارات الوصفية الخالية من أي تحليل، فلا شيء فيها إلا الانطباع الشخصيّ المحضّ، هذا الذي يتغير بتغير القارئ، مما يعني أنّ قارئاً، متلقياً، يتمتع بروح الانفتاح ما كان ليرى هذا، وما كان ليكتب بهذه الطريقة، فقراءة مروّة ـ إن كانت قراءة ـ هي احتمال وارد، لكنّ الاحتمال نفسه يرغمك على الوقوف عند الظلامية التي يعمه بها صاحبه. وما قاله بخصوص المنبر الحكومي، في حقيقة الأمر ليس إلا غمزاً، وتمريراً من تحت الطاولة، لصاحب السلطة، المسؤول، حتى يعطي إيعازه بإغلاق المنبر بالشمع الأحمر.. يؤكد هذا ما ساقه بصراحة: «لو أنّ هذا النصّ نشر في أيّ دورية خاصة لتمّ إغلاقها على الفور»... ويا للهول كم بات المقال شبيهاً بتقرير المخبر!
على العموم، وليس بسرٍّ، المنابر الحكومية هدرٌ بهدرٍ، وكلنا نعرف كمّ من مشرفٍ فاقدٍ للكفاءة، هنا وهناك، يقامر بالمال العام، حتى أننا، في الكثير من الأحيان، نشتري جريدةً لا نجد فيها ما يستحق الخمس ليرات، فيما شكّل هذا الملف «ملف تشرين الثقافي» مواكبةً مفقودة لراهن الثقافة السورية، وقدّم، ويقدّم، الأسماء الجديدة إلى المشهد دون أية حسابات. وربما لو لم تكن منابرنا الثقافية على ما هي عليه لما كانت أقلامنا مهاجرةً! وليس بجديد القول أن المثقف السوري هو المثقف العربي الوحيد الذي يعاني غياب منبرٍ وطني حرّ.
المادة التي كتبها اسماعيل مروّة حافلة بالاتهامات والكيد والكراهية، أما قصيدة خضر الآغا فقائمة على الصدق، صدق العاشق المهزوم في استعداده ليصير أنثى، أنثاه. وصدقه في الاحتفاء بخسارته واندحاره.. وشتان بين الاثنتين!
ما كتبه مروّة هناك مسيء، لا إلى الشاعر وقصيدته وحسب، بل إلى فكرة التعدد والاختلاف، وسبابه يطولنا جميعاً، فما دام يفكر بوضع رقابة على الخيال ذلك يعني أنْ كلّ من تسوّل له مخيلته مشهداً واقع تحت طائلة الشتيمة..



تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

عام الجليد (مقطع من رواية)

30-تشرين الثاني-2019

عام الجليد + جزء من رواية

16-تشرين الثاني-2019

قصة الحيوان الرباعي

09-تشرين الثاني-2019

عام الجليد (مقطع من رواية)

02-تشرين الثاني-2019

أشهر بائع صحف في دمشق: عادل عبد الله: الفقر سرق حزني!

30-أيار-2008

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow