Alef Logo
شعر معاصر
              

ثلاث غابات وستون شجرة

كمال أبو ديب

2006-04-09


1
تسقط ثمرة في الضوء
فوق الأوراق الساقطة كالأجنحة
تتفتح ثم تنساب أفعى حمراء براقة
ثمرة في الضوء
حيث تتقاطع أهداب السنديان والسرو.
رائحة الزيزفون والرشات البري
تجذب الطائر الأسود

ذا المنقار الزهري.

ثمرة في الضوء
حيث يتدلى النبع من شقوق الغرانيت
شعراً من الجليد
يتسلقه قمر أسود.
الطائر ينشر جناحيه بساطاً من القصب العاري
جافا تخش فيه الريح
ويتكسر كالبلور الرقراق
إذ
تسقط فوقه ثمرة في الضوء.

2
أقعد في طرف الموت
شيخاً دون أيام
أدحرج كرة الخيوط، تبحث لي عن نجم
تنقلت، تكرج تدور عبر الجذوع والعشب
ثم تتسلق جسدي المبعثر
تلتف على أعضائي
تهدأ فوق العينين.

3
أرافق الأشجار إلى حافة النبع
نتمرأى
ثم ننكسر كالعظام

4
ينحسر الماء
ينبثق الرمل أحداقاً تهاجر منها طيور بيضاء
نحو الحافة الغربية
تنثر ريشها الثلجي،
وتعود عارية كالضوء
ثم يغور الماء
يفيض يكتسح الرمل.

5
قرب النبع
تفتتح زهرة في المساء
جنية هفهافة
تنتشر على جسدي
على فخذي اليابستين
تترك ثديها وتمضي
تدخل في جناحي فراشة

6
العشب يركض نحو الذبيحة
ونافورة الدم
تغسل الغصون المحدقة.
أحرق ريشة الطرطبيس
فينهمر الثلج
تأتي أفراس شهب
تستحم في رونق البرودة
ثم تندفع
غائبة في ليل أبيض.

7
الطائر الأسود
ذو المنقار الزهري
يحمل عشه الأحمر
منحدراً من أفق لا يرى
ينقر ثمرة تسقط في الضوء
يبني فيها عشاً
يترك فيها قمراً أسود.
ثم يرحل باتجاه الريح.

8
حين يذوب الثلج
تصبح الزنبقة ساقية
ترحل فيها العصافير
أجلس مع جسدي الوحيد
أهش يدي المسافرة
مع الماء.
لكنها تعود.
من يقدر أن يسحق الحنين؟

9
ألتف حول ليلكة تتبرعم
وأنام الليل.
تطلع قامات في عيني
أشكال أبعاد ترهج
أسألها أن تسمي نفسها
تبتسم عابثة وتقعد
في رأسي.
أجهل ما كان وما زال
(هل الشجرة اسم، والنبع.
وكرة خيوطي؟)

10
حين استيقظ
أجد الريح نائمة عبر النبع
والطائر ذو المنقار الزهري
يحمل يدي المهاجرة
ترهج ندية بالموج.

11
يأتي مطر يذوب منه الصحو
ويمتلئ جسدي بالنضارة
ينبت فيه النرجس والابروخ
فألملم أعضائي وأدخل الموت.

12
حين تكتمل الشرنقة
تخترقها الثمرة المتفتحة
لتولد في الضوء
لأن كل اكتمال موت.

13
الأوراق
نائمة تحلم بالأغصان
لكن سريان النسغ
سوف يبرعم أوراقاً جديدة
تحمل رائحة الحلم
ثم تسقط في الضوء
كالأجنحة العائدة

14
جسد الغابة
يورق في الثلج
يبتل بالندى
فتثقل رؤوس الأشجار
تنحني بوداعة على كتفي
بينما يلتف النسيم
ويهجع كالأرانب الصغيرة
في طراوة العشب

15
أدعو النبع باسمه
فتأتي الشجرة

16
أسمي الريح طائراً
فترف بجناحين

17
علمني الأسماء كلها
وأخفى عني الأشياء
وأجهلني الفعل.

18
لذلك أبدأ من الجذر
أنقيه من التربة
وأزرعه في جسدي
أبدأ من نرجسة بيضاء
بمدقات صغر وساق أخضر
ناسياً النرجس

19
أدفن الكلمات في الحجارة
لن تزهر في الدم
إلا حين تعود الشجرة تتجسد في الشجرة
النبع في النبع، العشب في العشب
والماء في الجسد.

20
في الغابة
في مملكة الأجساد الحارة
تقف الكلمات عارية كالثلج.

21
تأتي غزالة بيضاء
تفتح أهدابي
تقودني حيث يلتف الفجر
في حضن ليلكه.
معاً نحتفي بالحب.

22
حين تموت شجرة الغار
تترك لي أوراقها الوديعة.
تلبس الغابة السواد
حانية الرأس.

23
الطائر الأسود
يعود من البحر
أبيض الجناحين
في عينيه حزن عجيب

24
من يرث جسدي
غير النبع؟
غير الغابة؟
غير الأشجار؟

25
أمشي إلى النبع
أتمرأى
وجهين كل باتجاه.
للشجرة مرآتان
أقعد بينهما
تلفني العتمة

26
حين تموت النرجسة
تظل ندية في الذهن
بتويجاتها اللينة
رقة ساقها الطري
ورفيفها لمس فراشة.
وأنا
أختفي من مرآة ذهن مضى.
أماتت النرجسة
أم وجهي؟

27
تسقط شمس سوداء
معلقة بخيط عنكبوت
تتأرجح فوق عيني.
لكن الضوء يغمر الغابة.

28
أمس
تدحرجت رمانة
بحلمة ناضجة
إلى النبع.
هتفت يا امرأة
فانفتح لي فخذان.

29
يأتي نورس وحيد
برائحة الملح والموج
فتهيج الأشجار
ويمد العشب قاماته
ويصفن النبع.

30
جاءت عائلة القنافذ
ترقص عند الماء
برونق ألوانها الحريرية
ثم تهاوت نجمة
تلبس خوذة وسيفا

31
حين مرضت الزنبقة
وأتت تشكو الحب
رأيت الهزار الصغير
يرافق الليلكة إلى العش.

32
أمس ماتت الزنبقة
ومن الزيزفونة
وجدت الهزار
معلقاً بخيط بارد.

33
علمتني البغنيني
حين أريد أن أدعوها
أن أعبر النبع
وأهدهدها برفق.

34
حين يلتف العشب حولي
ينصت إلى حكاية
تعلمت ألا أقول
"الوردة نامت في حضن الفراشة"
بل

35
لماذا يضطرب النبع؟
لماذا تهرع الأشجار
والعصافير والعشب
والفراشات والزهور
والقمر الأسود
لاهفة تتلفت؟
أستشرف الريح.
من بعيد يرن صوت خافت
يقترب من الغابة.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

زواج المتعة الفائقة: الشعر والتشكيل

29-حزيران-2019

رحل وفلسطين تحتضر

10-آب-2008

ثلاث غابات وستون شجرة

09-نيسان-2006

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow