Alef Logo
ابداعات
              

صلوات الكاهن الغجري الى السيدة الشفيعة والمعشوقة الفانية

نصيف الناصري

2008-10-01


1

لَكِ السَّلامُ يا شَفيعةُ .
يا صَيفَ اللهِ المتوسّدَ شَفاعتَهُ مابَينَ النارنجاتِ الأثيرةِ لعصياناتِ جروحِنا .
لَكِ الثَمراتُ المنخفضةُ التي تفصلُ النجومَ عَن النجوم .
تَنامينَ تَحتَ شَجرةِ التنهّداتِ وتتدلّى فوقَكِ شعائرُ الدَفنِ المتواطئةِ مَعَ خياناتكِ
المنزلقةِ صَوبَ فجرِ الشّواهدِ العَتيقةِ لأسلافِنا العشّاق .
لماذا تَترنّحُ بكِ الهاويةُ في السّنواتِ المزدحمةِ بالصّرخاتِ ؟
هَل استراحَتْ ، اطمأنت مَعصيّتُكِ ؟
الآنَ خَمدتْ ظَهيرةُ تَنفساتكِ واستراحَت الأرياف .
في نومكِ تَحتَ الشّجرة التي لا تَثمرُ إلاّ أكماتٍ وهدايا .
تَتسلقينَ البَراكينَ المنتصبة تَحتَ أهدابِ أشواقنا وتَقودكِ الظّلالُ
البَنفسجيةُ لأسرار العَرّافات . يا شَمسَ موتِنا المتلعثمة فوق وديانِ الليالي ،
ويا ميراثَ القرونِ المنحنيةِ والمتعاقبةِ في ليَلِ مرايا الساعاتِ العشقيّة .
وَميضُ وَجهكِ الإلهيُّ يَخترقُ هاويةَ عطشِنا ، وأصواتُ عطوركِ المحمّلة
بالهذيانِ . تَتخطّى وتَتجاوزُ بانفتاحاتِها وتعرجاتِها بَين الأيّام ، المصيرَ الانسانيّ .
يا أملُ ، شَفيعتَنا الأخيرةَ في صحراءِ العالم .
هَل يَمحو الموتُ الحبَّ ويصهرُهُ في التماثلات المنسجمةِ والمتحالفةِ
مَع عَوسج الأيام ؟ لماذا مصابيحُ عشقِنا معلقة دائماً بَين غيابِكِ وَغيمةِ الزمان ؟

2

تُوغِلُ قيثاراتِ العَقيقِ بَعيداً في عَتباتِ الهاويةِ ،
وضوءُ صَمتِكِ الفردوسيُّ يُنوِّرُ الزَّمان .
أنتِ امتدادُ الدَيمومةِ ونارُ فصولِ فضّتِنا المتململةِ في الأنهار .
لصَلاتِكِ المتضوّعةِ بَين
عرصاتِنا مذاقُ العِصْمةِ وَجلالُ الشَجرةِ المنفرجةِ والمطمئنّة .
تكسَّرَتْ قَناديلنا في غيابِكِ
وأضاعَ مَقاليدَ نَجمةِ صبحِنا الأدلاّءُ .
تعثَّرَتْ خطانا وغَمَرتْ تعرّجاتُ نَومِنا الداكنةُ
رياحُ النَفيِ والعَويل .
لا تحالفاتٌ الآنَ بَينَ الصَّلاةِ وَبينَ عَطاءِ الملائكةِ للموتى.
زَحَفتْ على الياقوتِ الظلماتُ .
زَحفَ الحمادُ على وَردةِ الشَّمسِ الحائرةِ في الظَّهيرة .
ثَمَرةُ عشقِكِ النّاضجةِ تَحتَ تنفساتِ دموعِنا ،
سَقطتْ في تثاؤب لَيلِنا الوسْنان .
الذَهبُ المتحفّزُ واللمَعاناتُ هُما إرثُكِ الباقي في تَفجعاتِنا العَظيمة .

3

قنديل وَجهها النعناع وَنهدها المسترخي فوق رموشنا العَليلة ، هُما سَرير شَجرة إيزيس
المحَّملة بأعشاش اليَمام . وَعدها الذي مِن زئبق ، وأغنيتها التي مِن ملح وَتنهدات.
ما أجملهُما وهُما يُجفَّفان ويرِّويان فَراديس وَبراكين العالم . قُلتُ لَها منذ سَنوات :
{سأنسى حُبكِ هنا في أوروبا} ، لكني نَسيتُ انها كل النساء . الآن اعتَصمتُ بنارها
واعتَصَمت مَعي الكلمة ومياهها المتدثرة بالأسرار الكَبيرة .
نَسيم قبلتها المَليئة بالصَلوات
المنحرفة مَع الغفران المتجبّر لشواطىء أنفاسنا .
يُغطي عري السَنوات المرتجفة في قَيلولة القرون .
في فَجر ألمي الوَثَّاب الى مراكب جرحها ، وفي قيثارات دَمعَتي
المتنهدة في يَدها المسّيجة بالأقمار . تَحيا الطَبيعة وتشرقُ في كل حين عبر حرارات
عشقها المَحروسة حراسة السنبلة في لَيل الدَيمومة . البَريق الفضي لأصوات عضوها
الجنسي الذي تُنيمهُ وتنعشهُ أشجار الغابات . يُنادينا ليَل نهار ، وتنادينا أوزة سرتها النَحيلة ، وكوكَب الشفة وَرعشتها . شَذرات عشقها الإلهية وَقناديلها المهفهفة في سواقي حَياتي ، وأنهار صمتها الذي مِن جَحيم ، سَيقربان حلم الامساك بظلالها المزدوجة الأفياء .
لأن في الذَهب علاءها .

4

يَتَكىءُ صيف انخيدوانا على مرايا ثمار ليلي
ومرآته الرشيقة المذهبة بالبروق
نشيد نعاسي اللامع مثل منقار طائر البرهان .
غبار غيابها المترنح على الأثداء
البنفسجية الصبورة لقناديل لعثمتي
يَمتدُ ويَتعددُ على الحافات المتكسرة لضفاف
الأبدية . مياه البحيرات التي تتململُ في يدي الآنَ
هي الخامات المعدنية لوعودها
التي أضاعها شدوّ الطيور في المنفى .
هل تَتلعثمُ الكلمة بَين الذات وبَين الوجود ؟
صوت الوقواق في أصيل الحديقة العظيمة للقلق الانساني
يوقرُ الأوراد العالية للحظات موتنا المجيدة .
انخيدوانا ، يا عظام الصفصاف المُنيرة ويا براكين اللبلاب
في الهاوية . يا نمور الرَغبة ويا ملح الدهر المتلفع بالقسوة .
تَشققات ميراثنا
المتعاقبة في لوائح ووقائع التحريمات ،
وعناد الأسلحة المصقولة التي تتسلقُ
الأنوار الغرناطية لحجارة هجركِ ، وضَراوة متاهات مجاهيلكِ .
لن يباركها الملاك
المحتضر الذي يزيحُ الينبوع عن حشرجته بين الأغصان وبين وريقات موسيقى
الرمّان المتراصة . انخيدوانا يا محطمتي .
أيتها الثاوية في زهرة لوتس أيامي .
يا من يستظلٌ تحت أشجار يواقيت سهرها المرجان .
طائر الوقواق الإلهي رفيقي من الصبا
هو الرائد الطليعي الذي يوصل صرختي صوب ضوء رحمتكِ الطوفانية .

5

الظلال القزحية الشفيفة المكتسحة ضجّاتها رحلاتنا الى الذرّات
المدوّمة والملمومة في الأروقة المظلمة لثلج الصيف وفوراناته
في أرض النوم. متاهات منزلقة يغطي سديمها عبر البلاطات
المحجوبة للزمان. ترهلات احتكاماتنا اللامجدية للعصف العظيم
للفناء وللعشق. وحدها التشنجات الثابتة لضغائننا التي تكشفها التغريدات
بين الأشجار ونحن نقرن النظير بالمختلف . تظهر وتختفي في انخطافاتنا
ونزفاتنا عبر التعاقبات الموصولة تحت صقيع الكواكب والسيرورة
المحتدمة للعصور، ونحن نبحث عن الأفياء العالية لشجرة صلاة
الشفيعة ما بين أسرار الحياة والموت .
قناديلنا المنقطعة عن الاحسان الإلهي ويقينها اللاعتقادي .
تتجاهل في محناتنا وتفككاتنا كل الانطباعات التي خلّفناها
في الظهيرة المظلمة للأحلام الانسانية . الندامات التي نتركها
في أعالي الحيرة بعد كل إذلالات تصيبنا في محاولاتنا من أجل
الاقتحامات العنيدة لقلاع القنديل الإلهي في برق شوفان لطافاتها ،
وطموحاتنا المهدمة الدفينة تحت الأسلحة المدوّخة لحروب أسلافنا
العشاق وفظاظاتها . لا يمكن اخمادها في ليل الرغبات العظيمة للانسان .
هل كانت الضجّات الفريدة لسهادنا المتحرك في غابات القرون ،
أشبه بنشيج مضاعف تصعّده الانقطاعات الجحيمية لغفران انخيدوانا ؟
وجهها الذي من صواعق وهواءات لؤلؤية .
يدنينا من الترقبات القتّالة للاشراقة الملائكية عبر تشققات الأرض
ونبيذها الأسيان في التحليقات اللايقينية لومضات وعود نحلتها .
الدوّامات الصادحة لنسيم صمتها وحممه البركانية ،
والفراديس الكوبلتية للنجوم في أنهار جدائلها المهفهفة والممتدة
كما الغصن النحيل للأبدية . هي المقوسة للخطوط المستقيمة التي يتوجب
علينا قطعها في تقدمنا صوب الهاوية الكبيرة لما قبل الكينونة .
طقطاقات شرارة السنبلة المرقصة
والبروق الصديقة القهّارة
علامات
للتعاقبات المستمرة لرحمتها الدائمة في شواطىء الزمان .

االشفيعة / الغجري

العاشقُ الغجريُّ مريض
يقف حزيناً في بوابةِ الافلاس وفي يده زهرة قرنفل .
الشمسٌ لم تشرقْ في يوم ما بالعراق .
في الحديقة ، اللصُّ يدفن كنزاً
محصلُ الضرائب
جاء ليقطفَ وردة .
أين ذهبَ عشاقكِ الكهول
هل احتفظتِ بأسمائهم ؟
هل حنطتِ جثثهم ؟
كلّ شوارع وعصافير العالم تدلني عليكِ
ولكي أنظرَ اليك أو أهمسَ في أذنك
ينبغي أن أطردالكثير من الذئاب .
أنتِ النهرُ
أنا السمكة .
سجدَ لك ودادي
وآمنَ بكِ عنادي .
أيتها الجميلةُ القبيحة انخيدونا
سيدةُ الشموسِ والغمام
ها انني أدفع حرابي علفاً للأوهام
سأغادر مطعوناً بعد أن تكونَ شجرةُ حبي قد اكتهلتْ
والمنافي التي أصلُ اليها حزيناً ونازفاً
ستهلكني هلاكَ جرذ .
هنا بردُ العزلة والنشيدُ الجنائزي
حين ساعة الموتِ تقترب
طائرٌ محكومٌ عليه بالقتل .
هنا أنخيدونا كانت رعوداً
هنا كومة من آلامي النبيلة دفينةٌ ومستترةٌ في جحيم امرأةٍ تنزف
جمالها بغزارة
والرجاء ، ذلك البخورُ الذي يشعُّ على الأقاليم الجافة
الرجاءُ الذي أنتظره . أملي الوحيد الباقي
يفرُّ من بين يدي ويتركني طريدةً معراة للحلم في البراري .
كن شفقاً أيها الجميل
هذا الغناءُ الذي يُسمع في الريح
هذا العندليبُ الذي تمتد وتتقلص رقبته طبيعياً من دون سلك
انه السلوان . الآن كل شيء يترك نفسه في الوراء ليمنحني ميثاقاً بانني كنت
مخدوعاً وخاسراً . أريد هذه الليلة أن أكون حرّاً طليقاً كصقر
يحلق في فضاء وجبال ويفتح القلاعَ التي شيدها أباطرةُ السهاد
وأيضا لأسألَ لماذا يحل بي مثل هذا الألم ؟ثم أبحثُ في الرماد عن ظل انخيدونا
أبحثُ في الخرائب العميقة عن الشفيعة . آهٍ ، أيتها الأميرة القابلة للاقناع
أيتها المعبودة
والسيدة الفانية
المعشوقة والمكروهة .
في أيِّ زمن سيجيئونَ بمن يماثلني ؟
وهل سيجيئون بملء ارادتهم ؟
وهل سيسيطرونَ على دموعهم ؟
وهل سيجيئون مبكرين ؟
ومن سيستطيع أن يعرفَ أسرار عنادهم ؟

1- ليذهبوا الى الجحيم أولئك الحشرات سكان المستنقع
انني لا أخجلُ من أن أتعرى أمامهم
اذا كان الله قد نفخ الحياةَ في التراب
فأن نصيف الناصري يستطيع أن يعدَّ هؤلاء الناس الأحياء
مجردَ أملاك ترابية .

2- أتعرفين ، تباً لكِ ولأساليبك التسلقية
هل يتوجب علي أن أتعلم التهذيبَ منكِ
التهذيب الدارج في انكلترا مثلاً ؟
أتظنين أنَّ الشحرورَ المتقاعدَ من الخدمة له رائحة أفضلُ مني ؟
لا أحدَ في العالم يجرؤ على تقديم شكوى ضد الأقوى
والآن - تستطيعين الهذيانَ عن العلاقات الانسانية كيفما تشائين
فذلك مجردُ غبارٍ على الجدران ،انك لن تغيري شيئا في هذا العالم .
لا أنفي انني كنتُ عاشقاً ومجرماً في بعض الأحيان .
مرحبا يا آنسة
لقد شحب وجهكِ .
كيف أصلُ اليك من دون أن ألمس جمرة الخديعة ؟

3- العشاق العجائز ذوو النظراتِ المشوهة اليك ، تغنوا بشبابك
الذي كانوا يعتبرونه أسطورة فقط ممزوجة بالسكر والسحر لكنهم
لا يستطيعونَ ادراكَ ذلك ، فكلماتهم الناعمة الجائعة المفترسة الكاذبة
ينقصها الاحساسُ والصراحة ، وقد بقيتِ بعيدة وصعبة المنال لم تمسسكِ
المشاعر الحقيقية ، وكنتِ كأنك أنثى طاووسٍ من خشب الأبنوس مقنعة
أو أنثى شبقة
أو شيء غريب
أو وعاء فارغ
أو جنون
أو اغواء
أو قسوة
أو وحشية
أو سحر وغيرها من الكلمات الجوفاء
وحسب كلماتهم المائعة المشوهة
كنتِ مجردَ سلعة معروضة للمتعة
وهذا جيد فمن حسن الحظ انهم بالنسبة لنا من نفس
اللحم والدم والاحساس ونفس الألم وقد بقي لي نفس
الشرف العميق بأن أتغنى بك بكلمات حارة .

4 - {لكن أين الماسة اللامعة في ليل المراثي ؟
هل غدت بخاراً وعصفاً ؟
هكذا كان الغجري يقول لنفسه .

5 -أعرف أنك كاهنة المعبد الكبير العظمى
وتنحدرين من سلالة ياقوت رحيم اللمعان.

6 - أيتها الريح
يا شمسَ الحب في صيف الوادي
يا طيورَ الليل
احملِالى الشفيعة
سلامَ العاشق الأعزل .

7 - آمل حين تسمعين زقزقةَ عصافير في المساء
أن تكتبي قصيدةً عن فراق الصراصير
أو تفكرين برحلةٍ الى نفق مظلم
سينتابكِ شوقٌ جياش
لرؤية المستنقعات والضفادع .

8 - أريحي نفسك قليلاً فوق الهاوية
عذبة نسمات ينابيعنا عذوبة أكاذيبكِ .
.......................

هل تنشف طوابع ينابيع الحب والشعر عند الكاهن الغجري في صحراء المنفى ؟
صقرٌ في يدي
وفي يدي زوبعة .

صلاة وحوارات مع السيدة العائشة في اللامرئي

باركْها يا إلهي
باركْها يا صباح
وليباركْها النجمُ والمطرُ والنيزكُ الكريم .
لا الأقمارُ
لا الشموسُ
أنتِ التي ترفعينَ الليلَ من عذوبةِ السقطةِ ، فتفيضُ الأنهارُ وتمتلىءُ قلوبُ أولئكَ الحزانى على تخومِ الفجر ، يدكِ أرقٌ من السهرِ تحتَ الأشجارِ ونبعُ شفتيكِ الوضّاءُ يُنّجي الأمواتَ من الموتِ ، حياتي بين يديكِ سنبلةُ حريرٍ تهتزُّ وتتأرجحُ في حقلِ الأحلامِ المشدودِ الى الصخرةِ ، أناديكِ يا موجدةَ كلِّ التوهجاتِ التي تشعُّ أمامي ، أيتها الجميلةُ التي تدجّنُ البركانَ . جسدكِ المتنهدُ والمثخنُ بالعطورِ اللافحةِ يصطادُ الفراشاتِ بجرأةٍ . تبقينَ في سطوعٍ بمكركِ الإلهي .
الذهبُ ، هذا الذهبُ الحارّ ، ذهبُ شفاعتكِ ، سوف يضيءُ الدروبَ والمسالكَ الغريبةَ للذينَ يتعثرونَ وسطَ سقوفِ الفراغِ . أصغي اليكِ وأعرفُ انك تحلقينَ هنا عائشة في اللامرئيّ منذ دهورٍ . هل لي أن أسمعَ أغنياتكَ ؟ أيتها السيدة الشفيعةُ . السيدة الجريحةُ ، أيتها الأميرةُ الغريبةُ والأسيرةُ ، يا عذراءَ الليلِ ، يا أميرةَ الرجاء ، أميرةَ الحديقةِ ، أميرةَ السلوانِ والانشادِ الذي يحطّمُ الرخام . هل تسمحينَ للغريبِ بالمكوثِ تحتَ نوركِ الوهّاج ؟ إِلقِ إليّ بنجمةٍ لتضيءَ ليلي في طرقاتِ المنفى . عاريةً تقفينَ على قبري ، شجرةً ضنينة . أنظرُ اليكِ في ظلمةِ الريحِ تهبطينَ من سماءِ الأحلام في رداءٍ نسجتهُ القرونُ . جمرُ الفيروزِ الذي يتوسدُ أنهارَ جبينِكَ العاليةَ ، سهرَ كثيراً تحتَ ليلِ الكحلِ ، أيتها الشفيعةُ ، يا من يُطلَبُ منها السلوان ، لا تسألي عن اسمي ، امنحيني إيماءةً فقط لأصعدَ من بينِ هذه العظام ، يلذّ لي أن أتوسدَ أحدَ ذراعيكِ ،ذراعاكِ حديقتانِ ، يلذّ لي أن أعصرَ نهديكِ ، شفتاكِ نحلتانِ . من عينيكِ يشربُ ويغتسلُ العاشقُ ولا يرى لطخاتٍ في مرايا الزمنِ . نظرتكِ شرارةٌ من نيزكٍ يعطّرُ الأرضَ في زحفه المترنحِ صوبَ الهاوية . أيتها السيدةُ الجريحةُ ، سيدةُ الأحلامِ والرغباتِ المستحيلةِ . هل لي أن أرى طيفَكِ الأزرقَ ، رداءكَ الأخضرَ الذهبيَّ ، جسدَكَ المتثائبَ واللامعَ تحتَ أمطارالخريف ؟ تنامُ في الخميلةِ ، سيدةُ الرؤى واللاهوت ، السيدةُ المتألمةُ ، السيدةُ الوحيدةُ ، أيقظيها أيتها الريحُ ، أيقظْها أيها العندليب . لو انني أستطيعُ أن أصعدَ الفضاءاتِ ، لصعدتُ فضاءَ الشفيعةِ . حمامةٌ فوق رأسي وحربةٌ في جبيني . لو انني أستطيعُ أن أحفر قبراً ، لأحييتُ الشفيعة . في حنينِ الشجرةِ المكتوبةِ في قنديلِ العتبة ، في ألمِ النسرِ المشدودِ الى الأفقِ ، في عطرِ الأقحوانِ تحت برجِ الدلو ، في الآماد التي تنغلقُ على سواحل نومِنا في الصيفِ ، نُصغي من خلالِ شلالاتِ أشواقِنا الى أنفاسِك التي هي ثمرُ سنواتنا وكشمشُ نذورنا . رداؤكِ الجميلُ ملقىً على رمادِ الحديقة ، وعلى رخامةِ الضريحِ كتبتُ اسمكِ وبحتُ بالحقيقة . ملاكٌ أزرقُ يحرسُ الينابيعَ البعيدةَ ، يحرسُ الغَمامَ فوقَ سنابلنا العنيدة ، الغمامُ الذي أحرقَ اورفيوس ، أيتها الظلمةُ بعد الغمامِ ، كنتُ مع اورفيوس ، سمعتُ الطقطقةَ ورأيتُ العظامَ ، في العالمِ الساكنِ رأيتُ العظامَ ، رأيتُ العدمَ ، وسمعتُ الحشرجاتِ ، ذكرياتٍ بلا أجراسٍ يهزهزُها الرمادُ والظلام . رأيتها الصيفَ الماضي وقبلتُها حينَ جلسنا في الحديقة ، لكنها بصقتْ في وجهي ثم قالت : { أين كنتَ كلَّ هذه الفترةِ الطويلة ، لماذا لم تبحثْ عني ، لماذا لم تخرجني من القبر؟ } ؟ قلتُ لها : { كيف أخرجكِ وأنت ميتة } ؟ فكشّرتْ بحقد وقالت :
{ لستُ طيفَكَ } . تحتَ مطر تشرينَ ، في الأرضِ التي خرجتْ للتوِّ من الزبدِ ، كانت رغباتنا تتنفسُ مثلَ نبيذِ الليل . في الطريقِ الى البيتِ حدثتني { عن اغتصابِها من قِبَلِ البدوِ ، وعن مساكنِ أهلِها في سدوم وعن تماثيلِ الآلهةِ المبعثرةِ في الصحراءِ ، من بعثرَها ولماذا ؟ انها لا تدري } . قالت : { هناك آلهةٌ عظيمةٌ في الصحراء } كأني لا أدري ، وقالت : { حرسُ الملكِ يلبسونَ دروعاً تحتَ ثيابِهم } ، قلتُ لها : { هل رأيتِ حديقةَ الملكةِ التي تموتُ في الربيع ثم تنهضُ في الشتاءِ صاعدةً الى الناصر

تعليق



ramee

2013-12-16

بغض النظر عن الشعر يلي ما قريتو . يلعن شرفك على هيك صورة

أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

الزمردة العليلة الى الذكرى

15-كانون الأول-2008

صلوات الكاهن الغجري الى السيدة الشفيعة والمعشوقة الفانية

01-تشرين الأول-2008

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow