Alef Logo
ابداعات
              

رحلة صيد*

نعيم الغول

2009-03-20


كان جادا ، متجهما وهو ينطق بآخر تعليماته لنا:
" .. كما إنها مخلوقات قذرة، تثير القشعريرة في النفس حين تقترب منك. وهي تتوالد بسرعة كبيرة. والمقزز أنها ستظل حية لو ضربت الأرض آلاف القنابل النووية. والخطير فيها أنها تهاجمن وتعض وتسبب أمراضا جسدية ونفسية. لهذا أريدكم أن تقتلوها دون رحمة. ابدءوا بالجرذ الصغير قبل الكبير وبالأم قبل الأب."

ضحك أحدنا وقال :" إذن لدينا رخصة دون قيود؟!"
فقال قائد المجموعة:" بالضبط. تذكروا. لا أهمية ولا قيمة لحياة الجرذ. "
قلت:" ماذا لو اختبأ بعيدا وكفانا شره؟!"
فقال وهو يرميني بنظرة شرسة:" لا شيء اسمه كفانا شره. الجرذان لا تكفي أحدا شرها. إما نحن أو هي. هيا."
ودخلنا البيت بعد أن طوقناه من جميع الجهات.
كان لدينا معدات من كل نوع بدءا من السموم وحتى وابور الحرق.
دخلنا البيت وسرنا اثنين اثنين. في الحجرة الأولى كان جرذ صغير في الزاوية بجانب خزانة ملابس. سحبت مسدسي وأطلقت النار فأصاب بطنه، فزعق زعقة تشبه صوت طفل بشري صغير. تركته يتلوى بعد أن راقبته بعض الوقت فيما أخذ زميلي يقلب بعد الصناديق بقدمه وقال لي :" قد يكون غيره مختبئا تحتها أو وراءها."
خرجنا وكان القائد يركض نحونا :" سمعت اطلاق نار؟!"
قلت مبتسما:" نعم وجدنا جرذا صغيرا فخلصت عليه."
سأل:" وأمه؟"
قال زميلي:" لم نجدها في الحجرة."
قال مستحيل. هؤلاء جرذان تشكل القرابة جزءا مهما من نظام حياتهم. فتشوا جيدا في كل الحجرات."
انطلقنا نفتش.
في الحجرة ذاتها دخلنا فوجدناها تلحس دم صغيرها وتبكي. خيل إلي أنها تنشج كامرأة ثكلى. فقلت في نفسي خير وسيلة أن أريحها من العناء . سحبت وابور النار من على ظهري وفتحت النار عليها ففحت وزعقت وتلوت وسط الدخان المنبعث من شعرها وجلدها.
خرجت مبتسما وقلت لقائد أنجزت المهمة.
كان اثنان من الزملاء قد جاءا من حجرة أخرى . قال أحدهم :" وجدنا خمسة صغارا وأما وأبا. وهم الآن يلعبون في جهنم."
ضحك القائد بارتياح وقال وهو يخرج جهاز لاسلكي: "أخرجوا الآن، جاء دوري ."
ركبنا الجيب وابتعدنا مئات الأمتار ثم سمعنا صوت طائرة وصاروخا ثم منزل يتهدم.
ضحك زميلي وقال: أرجو ألا ينمحي ما كتبت على الجدار، فهذا سينعكس سلبا على أخلاقياتنا."
سألته :"ماذا كتبت؟"
" الموت للعرب!"
قلت وكأنني أصحو من حلم:" أتعلم. حين كنت أقتلهم كان لدي يقين أنهم جرذان."

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* من وحي اعتراف الجنود الصهاينة بقتل المدنيين في غزة بدم بارد.
عمّان، 19/3/ 2009 الساعة 7:45 مساءا


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

رسم "بدل فساد

11-آذار-2015

قصة قصيرة / قانون النهار في تموز

15-آب-2009

من المحررات السلطانية لابن المخوزق

28-تموز-2009

مناقشة مقال" لكي نصل بالإسلام إلى القرن الثاني والعشرين" للأستاذ سحبان السواح

30-حزيران-2009

بصيمة بالعشرة

27-حزيران-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow