Alef Logo
أدب عالمي وعربي
              

الأخت قصة : توبياس وولف / ترجمة

صالح الرزوق

2009-05-09


كانت هناك حديقة عامة في سفح الهضبة. الآن بما أن أوراق الأشجار على الأرض ، كان بمقدور مارتي أن ترى من نافذة المطبخ مركز اللياقة البدنية و جزءا من ملعب التنس ، و ذلك من خلال شبكة الأغصان السوداء. أخذت كعكة أخرى من العلبة الموجودة فوق الطاولة و التهمتها ببطء ، و هي تراقب الناس الذين كانوا في مركز اللياقة البدنية : رجلان و امرأة. كنت المرأة تتدرب على رشاقة الساقين. و الرجلان كانا يقفان بالجوار و حسب. و مع أن طقس اليوم بارد كان واحد من الرجلين قد تخلى عن قميصه ، و حتى من هذه المسافة شعرت مارتي بالصدمة من لون جلده الداكن الأسمر القاتم. نادرا أنت ترى بشرة مسمرة بهذا الشكل بين أفراد المجتمع ها هنا ، و لا حتى في الصيف. لا شك أنه قادم من بقعة أخرى من العالم.
ذهبت إلى غرفة النوم و ارتدت بذة دافئة و زوج أحذية أديداس قديم. كانت الأطراف بالية أما حذاؤها الآخر الجديد فقد كان أبيض و يترك لديك انطباعا بضخامة قدميها. نزعت نظارتها و وضعت عدستين. تجمعت العبرات تحت العدستين. و لعدة دقائق فقدت صورتها في المرآة. ثم استعادتها و لاحظت مبلغ الاهتمام على قسمات وجهها ، إنه تحمس. ورد في ذهنها : آه. ثم جلست في موضعها فترة من الوقت. و كانت تسمع صوت هدير مكبرات المسجلة التي تعزف في شقة فوقها. ورد في ذهنها أيضا : حسنا. ثم حضرت لفافة و وضعتها في جيب قميص الرياضة.
نبح كلب على مارتي و هي تسير في الصالة. كان ينبح عليها كلما مرت من الباب و دائما يباغتها. و يجعل قلبها ينكمش ثم يدق بعنف. كان هذا الكلب من سلالة ألسيتر الضخمة ، و كان أصحابه بعيدين معظم الوقت ، و هم لا يصحبونه معهم. كان بمقدورها أن تسمع صوت أقدامه على الأرض و ترى أنفه من تحت الباب. فتقول له : " مهلا . مهلا "، و لكنه يحاول مرارا الوصول إليها ، و تسمع مارتي نباحه طوال المسافة ، و هي تقطع الممشى ، إلى أن تبلغ الباب و تخطو إلى الخارج.
كان الوقت متأخرا و جمرة الهواء باردة ، باردة و بإمكانك أن تشاهد أنفاسها. و كما هي العادة يوم الأحد كان الشارع فارغا و بلا صوت على لإطلاق ، ما عدا صوت انتشار الأوراق فوق الممرات كلما هبت نسمة هواء ، و حركت بركات المياه التي تبدو مثلجة بعد مطر ليلة الأمس. و لكن مع عري هذه الأشجار كانت السماء تلوح لها شاسعة. كانت الغيوم القاتمة تندفع فوق رأسها ، و بعد مسافة طويلة تشاهد صفا من الإوز ، و هو يحلق في عرض السماء. كان شقيقها يقول عنها : يا لها من ناعقات. و هو الآن مع أصحابه ، لا شك ، يطلقون عليها النار قرب أحد المستنقعات خارج المدينة. و مع حلول الليل سوف يكونون جميعا في عدد السكارى. و هي تفكر بذلك ارتسمت ابتسامة على وجهها.
قامت مارتي بعدة تمارين للركبة ، ثم توجهت إلى الحديقة العامة. و أجبرت نفسها لتتحرك ببطء بعكس الرغبة التي تلح عليها كي تعدو بخطوات واسعة. و خطر لها لو تنتهي من اللفافة التي في جيبها ، ثم قررت بعكس ذلك. لم تكن ترغب بفقدان الحالة التي تمر بها.
كانت المرأة التي شاهدتها من قبل في مركز الرشاقة قد رحلت ، و لكن الرجلين هناك. ترددت مارتي ، ثم قامت بتمرينات للركبة من جديد ، و راقبت بعض الصبيان الذين يلعبون بكرة القدم في باحة التنس وراء ظهرها. لم تكن أعمارهم تزيد على عشر أعوام أو بالأكثر أحد عشر ، و لكنهم كانوا يتحركون بهمة الرجال ، يقوسون ظهورهم و يهزون معاصمهم و هم يتحركون إلى الخلف نحو المرمى ، و يكزون على أسنانهم إذا تجاوزوا الخط و كأن أبدانهم كبيرة و ثقيلة. و بمقدورك أن تقول إن في رؤوسهم صورة لملعب كبير و حشد من المشاهدين. أثر ذلك بها. شاهدتهم مارتي يلعبون عدة أشواط ، ثم ذهبت إلى مركز الرشاقة.
حينما وصلت هناك تلقت صدمة. تعرفت مارتي على أحد الرجلين ، و كانت تخشى أن يتعرف عليها ، و لذلك استدارت تقريبا لتعود إلى المنزل. كان يزور بشكل منتظم كون - تيكي . و من عدة أسابيع انتبه لمارتي و انسجما معا لساعتين من الوقت و كانت الأمور تبدو و كأنها تسير في اتجاه طيب. ثم غادرت إلى سيارؤتها لتحضر هذا الكتاب الذي كانت تتحدث حوله ، إنه كتاب عن إدغار كيسي و التقمص ، و لدى عودتها كان يجلس في الطرف المعاكس من الحجرة مع أخرى ، دون أن يدفع ثمن المشروب، و هكذا تحملت أعباء الفاتورة. و كانت ولاعتها مفقودة. كان اسم الرجل جاك. و حينما لاحظت أنه يميل فوق نقطة تدريبات الرقبة لم تحسم أمرها كيف تتصرف. و رغبت لو تغور في بطن الأرض للتو و الساعة.
و لكن على ما يبدو لم يتمكن من التعرف عليها. قال لها: " مرحبا ، أنت التي هناك ".
ابتسمت له. ثم وجهت بصرها نحو الرجل الأسمر البرونزي ، و قالت : " مرحبا". لم يرد. تفحصها بنظراته لدقيقة ، ثم صرف عينيه عنها. كان يرتدي قميص رياضة مع قبعة ، و لكنه ترك السحاب مفتوحا حتى مستوى خصره تقريبا. و كان صدره مغطى بطبقات من الشعر الذهبي الأجعد البراق. و كان الآخر ، جاك ، يرتدي بذة عسكرية باهتة الألوان ، مع تبقعات داكنة في الموضع السابق للإشارات التي تمت إزالتها. و كان بحاجة لحلاقة ذقن. و بيده بقايا قارورة جعة. كان الرجلان منهكين بالكلام حينما تقدمت بخطواتها ، و لكن ران الصمت عليهما بعدئذ. شعرت مارتي أنهما يحدجانها بنظرات قاسية و هي تؤدي التمارين. كانا يتكلمان حول الجنس ، هي على يقين من ذلك. موضوع الكلام كان بطريقة مالا يزال يرن في الهواء ، مع رائحة الأورق الناضجة و الأرض الغمورة بالمياه. أخذت نفسا عميقا ، ثم قالت : " لم تحصل على لون البرونز من هنا "، واصلت هز ظهرها إلى الأمام و الوراء ، و كانت تنظر إليه و هي على أطراف أناملها .
قال لها : " بمقدورك أن تراهني على ذلك. الشيء الوحيد الذي نحصل عليه هنا هو أمراض القلب ". و أغلق السحابة في قميصه ثم فتحه. " هذا من هاواي. شاطئ ويكيكي ".
قال جاك : " ويكيكي. عاصمة العالم من حيث انتشار البكيني ".
قال الرجل البرونزي : " أنت تقول الحقيقة يا أخي. لديهم هنك جنس خاص لا يفعل شيئا غير ذرع الخطى أمامك. يجب أن نلقي خمسين منهن بالباراشوت فوق روسيا. على أولئك المتعفنين في الكرملين أن يخرجوا من جماجمهم. بمقدورنا أن ندخل عليهم بكل بساطة و نستلم زمام الأمور ".
قال جاك: " لو نحوز على إثنتين منهن في هذا المكان قبل أن يبتوا في الموضوع".
أكد الرجل البرونزي بهزة من الرأس و قال : " آمين. اجعلهن أربعة – كل إثنتين في واحدة ".
قالت مارتي : " ألوها ". و تدحرجت على ظهرها و رفعت قدميها مقدار إنشات قليلة عن الأرض. احتفظت بهما في الأعلى لدقيقة ، ثم خفضتهما. و أضافت تقول : " كل ما أعرفه من هاواي : ألوها و موي زي ( 2 ) . إنهم يزرعون أعشابا قاتلة هناك". فقال الرجل البرونزي : " بالتأكيد. إنه بلد لا يرعاه غير الله يا أختاه. هذه حقيقة مؤكدة".
تقدم جاك و قال : " هل أعرفك من قبل ".
فكرت مارتي تقول : آه ، كلا. و لكن ابتسمت له و قالت : " ربما. ما اسمك؟".
قال : " بيل ".
رغبت مارتي لو تقول : حسنا. راهن على ذلك يا جاك.
نظر جاك إليها و سأل : " و ما اسمك ؟".
قالت و هي ترفع قدميها مجددا : " إليزابيث ".
كرر يقول ببطء : " إليزابيث "، و هذ فاجأ مارتي ، كم هو الاسم متميز. و كادت تضيف قائلة : فيرفيلد ، و لكنها ترددت ، و مرت دقيقة من الوقت . ثم خفضت قدميها و جلست ثم قالت : " كثير من النساء تشبهنني".
أومأ بالإيجاب.
ثم طار شيء من فوق رأس مارتي. استدارت نحو أحد الأطراف و مدت ذراعيها إلى الأعلى أمام وجهها. و قالت : " يا للمسيح" .
صاح صوت أحدهم يقول : " عذرا! ".
فقال جاك : " سحقا لفريزبي ( 2 ) ".
قالت له مارتي: " حسنا. لا بأس " ، و لوحت بيدها للرجل الذي رمى الصحن. و استدارت ثم لوحت من جديد لرجل آخر يقف وراءها و لكن على مبعدة منها. و كان يمسح الفريزبي بقميصه. لوح لها بدوره.
قال جاك : " الفريزبي مرعبة. أنا أمقتها" ، و رفع القارورة و شرب منها ، ثم مد يده بها إلى مارتي. و قال : " تفضلي ". أخذت جرعة و قالت : " هنا ما هو أكثر من الجعة ".
هز جاك كتفيه . فسألته : " ماذا يوجد فيها ".
رد يقول : " صيغة سرية. هيا خذي جرعة أخرى.إنها بخدمتك".
نظرت مارتي إلى القارورة ، و شربت مجددا ثم مررتها إلى الرجل الآخر. كانت أنامله سمراء. و كان يرتدي خاتم زواج غليظ و إسوارة بشكل سلسلة من الذهب. أمسكت بالقارورة دقيقة أخرى ، بما يكفي ليلاحظ ، فنظر إليها ، ثم أفلتتها. سقطت قبعة قميصه و هو يرد رأسه إلى الخلف ليشرب. و شاهدت مارتي أنه أصلع تقريبا. كان قد فرق شعره إلى وراء أحد أذنيه فقط ، و سرحه على االطرفين ليغطي صلعته. و هذه كانت داكنة أكثر من بقية أجزاء جسمه. سألته : " ما اسمك ؟".
رد جاك بالنيابة عنه فقال : " اسمه جاك ".
ضحك الرجل البرونزي و قال : " يا أخي ، أنت تذهب بذهنك بعيدا ".
قالت : " أنت لست من هذه الأنحاء و إلا لرأيتك".
هز رأسه و قال : " كنت أقوم بالجري و انتهى الحال بي هنا ".
قال جاك : " لا تترك الوقود بين يديك يا جاك ". و رسم بيده حركة تشبه من يجرع شرابا.
هز الرجل البرونزي رأسه و أخذ جرعة كبيرة ثم مسح فمه و مرر القارورة لجاك.
وقفت مارتي و تخلصت من بعض الأشياء . و قالت : "هاواي. رغبت دائما بزيارة هاواي. أن أتسكع هناك لثلاثة أسابيع ، و أتأمل البراكين. شيء من هذا القبيل ".
قال جاك : " و تحصلين على طوق من الأزهار ".
ضحك الثلاثة.
قالت : " حسنا.". و لامست أصابع قدميها مرتين. واصل جاك الضحك.
و قال الرجل الآخر : " هاواي رائعة. هناك أي شيء ممكن ".
قال جاك : "توقف عن الكلام عن هاواي . هذا يبث البرد في أوصالي ".
قالت مارتي : " و أنا أيضا". و فركت يديها و أضافت : " أنا أشعر بالبرد دائما. حينما أعود أتمنى لو أكون من رعايا البلاد الحارة ".
قال جاك : " حسنا". و لكن كان هناك شيء في صوته دفعها لتحدج النظر به. كان كمن يدرسها. بمقدورها أن تقول إنه يحاول أن يتذكرها مجددا ، يحاول أن يتذكر أين قابلها. و تمنت لو أنها لم تذكر تلك العبارة حول العودة. ذلك هو الذي نبهه. لم تكن تعتقد أنها على يقين مما تقول. . إنها سوف تعود في وقت لاحق كشخص مختلف ، شخص جديد و مختلف. كان لديها شكوك مؤكدة ، أحيانا. و لكن في أوقات أخرى ، كانت تعتقد أن هذا صحيح. إنما هو ليس كل شيء.
قالت : " هل تعرفان بعضكما أيها الرجال؟".
نظر جاك إليها دقيقة أخرى ، و أومأ برأسه و قال : " طوال حياتنا ".
هز الرجل البرونزي رأسه و ضحك ثم قال : " كثيرا ".
قال جاك: " نحن لا نفترق . أليس كذلك يا جاك ؟".
ضحك الرجل البرونزي مجددا.
سألت مارتي : " هل هذا صحيح. هل أنتما لا تفترقان ؟".
حرك سحاب القميص إلى الأسفل و الأعلى ، ليخفي و يكشف شعر صدره الذهبي ، و لكن بطريقة غير متعمدة. كانت وجنتاه منفوختين و جبينه متورما فوق عينيه ، ليبدو وجهه أكثر قتامة. استطاعت مارتي أن تلاحظ أنه يفكر. و في النهاية نظر إليها و قال : " أعتقد هذا. الآن على الأقل".
قالت : " هذا جيد. هذا ممتاز". فكرت : لا بأس . بمقدورها أن تنادي على جيل ، كانت جيل مستعدة دائما للحفلات ، و لو أن جيل بعيدة أو مع صديق يجب أن تفكر بشيء آخر. سأجد حلا.
قالت : " حسنا " ، و لكن قبل أن تضيف شيئا آخر ، صاح شخص غريب يقول : " الرؤوس إلى الأعلى ". نظر الجميع حولهم ، كانت الفريزبي تطير نحوهم مباشرة. شعرت مارتي كيف توتر جسدها ، و قالت : " أمسكتها". و استعدت لتقبض عليها. فجأة هبت الرياح و على ما يظهر أوشكت الفريزبي على التجمد ، ثم الهبوط بخط أحمر ، ثم اندفعت إلى أعلى و طارت فوق رؤوسهم و تجاوزتهم. ركضت وراءها ، بيد ممدودة ، و هي تستعد للقفز ، لكنها كانت بعيدة عن قبضتها ، و أخيرا استسلمت.
طارت الفريزبي لمسافة قصيرة ، و سقطت على الممشى و تدحرجت حتى منتصف الشارع. التقطتها مارتي و ألقتها نحو الحديقة. وقفت هناك ، كانت ترغب لو تضحك و لكنها كانت من غير أنفاس. فكرت : هنا تجد الكثير من الأعشاب الضارة . وضعت يديها على ركبتيها و تأرجحت. كان لجو هادئا. ثم ، سمعت من أعلى الهضبة هديرا منخفضا ازداد فجأة و بعد عدة ثوان ، جاءت سيارة بيضاء ضخمة دارت حول الزاوية. انزلقت الإطارات على الأرض ثم همدت بينما السيارة تنزلق على الماء الذي كان يسيل فوق الطريق لمسافة طويلة. كانت تتحرك على الأطراف باتجاهها. راقبتها و هي تقترب. نظفت السيارة الماء ثم أزت الإطارت مجددا و لكنها كانت تنزلق. شاهدت مارتي وجوه الركاب و هي تتسع . كانت هناك بنت تنظر إليها من النافذة الأمامية . و كان فم البنت مفتوحا ، و يداها تتمسكان برفراف السائق. ثم أسرعت الإطارات و طارت السيارة ، و اقتربت من مارتي حتى أصبح بمقدورها أن تمد يدها و تلمس و جنة البنت ، و لكنها مرت بسرعة.
مرت السيارة في الشارع . و تجاوزت إشارة مرور تنتصب في الزاوية ، و استدارت يسارا لتعود إلى الهضبة ، فسعلت من دخان العادم الأسود. استدارت مارتي إلى الحديقة ، و شاهدت الرجلين ينظران إليها. كانا ينظران لها كما لو أنها عارية ،و واتاها نفس الشعور – إنها عارية. كادت أن تلاقي حتفها من فترة قريبة ، و لكنها الآن تشعر بالإحراج ، كأنها تفتقد لشيء. لم يرحب بها أحد في الحديقة.
عبرت الشارع و تسلقت الهضبة نحو شقتها . كان تشعر كأنها تطفو في الهواء ، كما لو أنه لا يوجد شيء يخصها. تخطت هرة رمادية ترقد على غطاء سيارة. و كان هناك دخان يشوب الهواء مع رائحة شيء يتحلل. كان يبدو لمارتي أنها تهب خفيفة مثل نسمة دخان في الهواء و عبر الضوء الأصفر، و فوق الأعشاب القاتمة و أكوام الأوراق الفاسدة. و في الحديقة وراء ظهرها كان صبي يلقي أوامر لعبة كرة القدم ، و له نبرة صوت متميز مر في هذا الهواء البارد و الخيف.
تسلقت الدرج نحو المبنى و لكنها لم تدخل. كانت تعلم أن الكلب سوف ينبح عليها. و لم تكن تظن أنها مستعدة للتعامل مع ذلك.
جلست على الدرج. من مسافة قريبة صاح طائر بصوت خشن و مجلجل كأنه سلسلة تدخل في حلقة. أدت مارتي بعض تمارين التنفس لتهدأ ، لتهدئ من رجفة كتفيها و ركبتيها. و لكنها لم تسيطر على أنفاسها. من دقائق كانت على وشك أن تموت و الآن ليس هناك أحد لتتحدث معه عن الموضوع ، لتبرهن له كم هي ترتعد مما حصل ، وليخفف هو من روعها ، و يؤكد أن الأزمة مرت ، و لا شك أن حالتها ستتحسن.
في الوقت الراهن ، و هي تجلس هنا ، أدركت مارتي أنها لن تجد أحدا لتخبره بما جرى. لم تكن لديها فكرة لماذا يجب أن تكون الحال على ما هي عليه. و لكن هذا شيء هي على يقين أنه من طبيعة الأمور. و لم تكن هناك حاجة لتضع نفسها في موقف مضحك و أحمق.
كانت الشمس تهبط للمغيب ، و هي لا تراها من مكان جلوسها ، و لكن نوافذ البيت قبالة الشارع تحولت إلى اللون القرمزي. و أصبحت جمرة الهواء باردة أكثر. طيارة ورق مكسورة كانت تخفق بين أغصان شجرة. تفحصت مارتي اللفافة التي في جيبها و تركتها هناك ، كانت تشعر بالخواء و النظافة ، و لم ترغب بتضخيم مشاعرها.
لاحظت أن السماء داكنة. سوف ينسحب شقيقها و أصدقاؤه من منطقة المستنقعات الآن ، مطمورين بالبرد و الشراب ، و كلابهم تسبقهم عبر نباتات القصب و الأعشاب الطويلة. و حينما يبلغون السيارة سوف يتبادلون الطيور و الأنخاب ، و بعد الشراب و فراغ القارورة سوف يتجهون إلى أقرب بار. يجرعون الويسكي. يملؤون بطونهم بالبيض المخلل و اللحوم المبردة. و يرمون النرد من أكوب جلدية . و في الخارج داخل السيارة تنتظرهم كلابهم.. الآذان مرفوعة لتسمع أدنى صوت. أحيانا ينوحون لأنفسهم ، و لكن غالبا يلتزمون بالصمت و الترقب و يستمرون بمراقبة الباب المضيء الذي أغلقه الرجال وراءهم.



هوامش المترجم :

1 – ألوها : تعني بلغة هاواي وداعا أو محبتي. و موي زوي : نوع من الماريغوانا الذي يزرع في هاواي.
2 – فريزبي : اسم تجاري لصحن طائر من البلاستيك يلعب به عدة أشخاص في وقت واحد.





توبياس وولف : روائي و قاص أمريكي معاصر ، من مواليد ولاية ألاباما عام 1945 . درس في جامعتي أكسفورد و و ستانفورد. حائز على جائزة أو هنري للقصة عام 1985 ، و جائزة نادي القلم و وليم فولكنر و ذلك عن روايته ( لص الثكنات ) و التي تروي حكاية ثلاثة جنود يستعدون للإقلاع إلى فيتنام. من أهم أعماله : ( صيادون في الجليد ، العودة إلى العالم ، لص الثكنات ، حياة هذا الصبي و هي سيرة حياته و صدرت عام 1989 ، ) ، و سواها...متزوج و له ولدان . يعمل بتدريس آداب اللغة الإنكليزية في جامعة ساركوز بنيويورك.



المصدر :


Sister by Tobias Wolff Ploughshares, the literary journal - Winter 1983 - Issue #32.Vol. 09/4 - ISBN:0933277741.



2009

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

مقتطفات من : كافكا في المحاكمة الأخرى بقلم : إلياس كانيتي ترجمة :

17-نيسان-2021

قصائد مختارة لمارلين مونرو

03-تشرين الأول-2020

قصة / كانون الأول / كريستال أربوغاست

12-أيلول-2020

مدينة من الغرب اقصة : تميم أنصاري ترجمة

22-آب-2020

قصائد لهنري راسوف ترجمة :

20-حزيران-2020

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow