Alef Logo
يوميات
              

الإسلام بأل التعريف, و كيف نحكم بازدواجية المعايير؟!‏

د. حمزة رستناوي

خاص ألف

2009-06-14



كون الإسلام لا يتحّوى ازدواجية معايير أم لا , هذا يتعلق بطبيعة نظرتنا إلى الإسلام؟
و يمكن أن تكون الإجابة بنعم أو لا, تبعا ً لفهمنا للإسلام.
فإذا نظرنا إلى الإسلام كجوهر ثابت , عندها سنجد أن الإسلام يتحوّى ازدواجية معايير؟
و هذا ما نجده في الفهم الكلاسيكي للإسلام كما تجلى تاريخيا ,فلدينا سجل حافل التكفير و التخوين و سجل حافل بالحروب –تحت تبريرات دينية- بين مناصري الفرق و المذاهب الإسلامية .
و هذا ليس خاصا بالإسلام بل نجد في تاريخ الأديان الكثير من ذلك بلا استثناء تقريباً؟

- و إذا نظرنا إلى الإسلام كطريقة كشكل/ و طريقة تشكل و صيرورة حركية احتمالية نسبية حيوية تتحّوى مصالح يمكن مقايستها و مقايسة صلاحيتها

عندها سنسحب البساط ممن يعرض لمصالح الظلم و ازدواجية المعايير, و يقول لنا هذا هو الإسلام الدين الإلهي عليك القبول به كما هو ؟
فكل ناطق باسم الإسلام "بأل التعريف" هو يروج بحسن أو سوء نية لازدواجية المعايير؟
فهو يختزل الفهوم المتعددة للإسلام في فهم واحد يطلق عليه اسم "الإسلام"
و هو يصادر الصيرورة التاريخية الحركية للإسلام و يلغيها و كأنه ورث الهداية و النبوة من النبي الكريم محمد بلا واسطة؟
و كأننا لا نعيش في 1430 هجري
لا يستطيع أحد من الممثلين للإسلام – بأل التعريف- المراوغة كثيرا خلف البلاغة و لغة التجييش و العاطفة؟
فإذا كنت مسلما فماذا تقول في الصحابة و الإمامة ؟
ماذا تقول في زواج المتعة؟
ماذا تقول في مصادر التشريع؟
وفق أي مذهب يؤدي طقوس الصلاة؟
بعد الإجابة على هذه الأسئلة الأربعة , سيتضح لنا مدى الأوهام التي تسم من يتكلمون عن الإسلام بأل التعريف؟
و لكن إذا كان الإسلام بأل التعريف مستحيلاً؟
ألا يشكل هذا خطرا على المسلمين و عقيدتهم؟
بحيث يستطيع كل من هب و دب الادعاء بأنه مسلم؟
و سيتحول الأمر إلى شوربة؟ و سيستمر المسلمون في الانقسام و التفتت؟
أقول هذا سؤال وجيه.
فلو فرضنا جدلاً أن المسلمون لم ينقسموا إلى فرق و مذاهب- و هو افتراض مستحيل. إذ لا يوجد دين أو مذهب أو مدرسة فكرية لم تظهر فيها توجهات مختلفة و لم تنقسم إلى فرق و مذاهب ابتداء من اليهودية و المسيحية و البوذية و الماركسية ..الخ
أقول لو فرضا لم ينقسموا هل هذا سيضمن إسلام مزدهر , و مجتمعات إسلامية ناجزة و متطورة و قوية؟
لدينا أمثلة تستحق العرض هنا؟
المسلمين في فلسطين –بغالبيتهم الساحقة- سنة ؟ هل منعت سنيتهم من انقسامهم و اقتتالهم إلى فرق و منظمات ؟
المسلمين في الجزائر – بغالبيتهم الساحقة- سنة؟ هل منعت سنيتهم من اقتتالهم و عصمتهم من الوقوع في حرب أهلية؟
المسلمون الإيرانيون و غالبيتهم من الشيعة الامامية هل كفوا عن التنازع بين محافظين و إصلاحيين؟
و المسيحيون الموارنة في لبنان هل كفوا عن الانقسام و التنازع فيما بينهم" ميشيل عون- جعجع- الكتائب..الخ"
و البعثيون هل كفوا عن التنازع؟
إذن مفتاح الحلحلة ليست هنا.
فلو فرضنا جدلاً أن البشر كانوا جميعهم مسلمون سنة مثلاً على مذهب الامام الشافعي , و جميعم من شقراوي البشرة و جميعهم من متوسطي الدخل المادي و جميعم عرب يتكلمون الفصحى بلهجة قريش , و بل وجميعهم ثنائي الجنس يتكاثرون بالانقسام كالأميبي, بحيث نلغي مفاعيل الصراع بين الذكورة و الأنوثة.
هل سيكفون عن التنازع و الاقتتال؟
إذن ليست القضية قضية فرقة ناجية و إسلام صحيح و إسلام مزيف ؟
المشكلة في ازدواجية المعايير و من يبرر ثقافة الكيل بمكيالين ؟
و لكن هل من يمارس ازدواجية المعايير هو إنسان شرير؟
ليس بالضرورة من يتحّوى مصالح ازدواجية المعايير هو يقصد و يتعمد ذلك؟
القضية هي اعتلال للبداهة؟
فكثير من البشر الطيبين و الذين يتورعون عن إيذاء قطة تحولوا في لحظات و مواقف معية إلى مجرمين و سفاحين؟
و كثيرون يمارسون ازدواجية المعايير دون أن يتنبهوا لذلك؟
أو أنهم بفعل العادة و البيئة لم يعودوا يتحسسون ذلك؟
الخطر الأعظم الذي يواجه البشرية هو منطق الجوهر الثابت؟
و هو المنطق الذي يستند عليه مبري ازدواجية المعايير؟
كيف يمكننا مقايسة المصالح العقدية الفئوية و مدى حيويتها؟
كيف يمكننا الحكم بتحوّيها على مصالح ازدواجية المعايير؟
الإجابة المبدئية : يكفي للحكم على أي مصالح معروضة – سواء أكانت عقدية فئوية أو لا- أن تكون غير برهانية و تلزم الآخرين بها؟
و العقائد الدينية مفهوم تماما ً أن تتحوّى على ما هو مستحيل البرهان و غير برهاني و بل ربما المنافي للبرهان؟
و لكن من دون إلزام للآخرين ؟
عندئذ و عندئذ فقط تتحوّى مصالح إيجابية و حيوية ؟
لاحظ هذه الآية :
"فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر, إلا من تولى و كفر فيعذبه الله العذاب الأكبر"
فالله هو الذي يعذب, و ليس غيره؟!
و كذلك لاحظ هذه الآية القرآنية" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا"
و لم يقل قاهرا و متجبرا و مكرها الناس على الاسلام ؟!
إن العقائد بمعظمها... و بالمقابل تعرض لما هو برهاني و بدهي
كبداهة رفض الظلم و المحبة و التسامح و الرحمة ..الخ
و هذه هي المصالح التي ترقى لدرجة الإلزام ؟
ليس لكونها عقائد دينية صحيحة أم لا؟
بل لكون ما تعرضه من مصالح ايجابية ملزمة بدهيا و منطقيا للبشر بغض النظر عن ايمانهم بغيبيتها أم لا؟
البرهان العقائدي هو الصلاحية و الحيوية المتمثلة في حياة البشر الموالين لهذا العقد الفئوي أو ذلك؟
البرهان هو برهان عملي حيوي و ليس برهان على طريقة الرياضيات ؟

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

شرائط الحرّية الكبرى

23-كانون الثاني-2013

آل حديقتي

25-كانون الأول-2012

عبيد الأسد

22-تموز-2012

عن الشبّيح العلوي ؟!

24-أيار-2012

عقائد بلون البشر: عن غواية السلطة و "شيطنة العلويين"

21-شباط-2012

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow