Alef Logo
المرصد الصحفي
              

ذكورة الصوت..أنوثة الأذن..

سامر محمد اسماعيل

2009-08-30

الكاماسوترا
تتجاهل الكثير من القراءات الحديثة لظاهرة المتلقي النوعي أحد أهم تمظهرات الذكورة المتمثلة في الخطاب، والمعطوفة برفق موسيقي لا يتطرق له أحد من علماء الصوت المنطوق على أنه نوع مثير من الاحتكاك الأثيري بين صيوان الأذن"فرجها المهدور"، وبين ذَكَر الخطاب وأدواته الفموية المتغطرسة، وهي إذ تنهل - أي هذه القراءات- من فراديس الموسيقا والحكي والتفاعل مع المحيط، والعلاقات المتولدة من النص الجديد، إلا أن ذلك لا يعفيها من تحديد جنسها اللامرئي تبعاً لطبيعتها الشفافة، لنكتشف أن الشفاف يكتنف في علاقاته سالب وموجب لا يمكن أن نغضّ النظر عن تمايزهما وقدرة الصوت الخطابي على الزواج من خليلاته "الآذان" محظيات الأفواه الناطقة المتغلغلة بالصوت-المرسل في رحم الصيوان-المستقبل لكل حيواناته المنوية، صوتياته التي تؤدي فعلها القديم وفق منطق الوحوش التي تغرز أنيابها بعدوانية خلاقة في رقبة الغزالة الطيبة..
أيضاً وأيضاً يمكننا أن نذهب أبعد بكثير عندما نعرف أن هذه الآذان "الحبلى" بمنويات الفم الأثيرية لا تلبث أن تفعل فعلها الذكري الأقسى، تحديداً في اللحظة التي تنشطر فيها الخلية السمعية وتتحول إلى مفاهيم تنشطر بدورها إلى آلاف الفونيمات التي لها معنى، فالأذن-الرحم قابلة لأي ذكورة بشرط أن تعلي هذه الأخيرة من نبرتها وتستخدم في ذلك أشد تلوينات الغطرسة والفحولة لاصطياد صيواناتها-عشيقاتها المصغيات لجبروت دكتاتوريتها وحزمها ولطفها ورقتها المدهونة بزيت الشهوة إلى فض بكارة-مفاهيمها الأولى، حياتها العذرية المملة وذهابها بجديلتين إلى مدارسها الإبتدائية في غفلة منها للألسنة التي تلاحقها وتعاكسها في إيابها وذهابها إلى رياضها الطفولي الأول. يحدث ذلك عندما تكون الآذان لم تبلغ بعد سن النضوج للتعرف على تمايزها الأخطر، فتتربى على طفولةٍ جاهلة وبلهاء إلى أن تأتي أُكلها الجنسي، ميلادها النفسي الذي يدفعها مرةً واحدةً إلى هجر دميتها البشعة وتقليد عادات أمها، والتعلق أكثر فأكثر بفمٍ قادر على تحقيق شجونها ومطامح مراهقتها.
يأتي الفم بثمرته الإلهية التي تؤرقه، يحتلم بآذانٍ كثيرة، ينشد دوائرها الصيوانية، يشتهي لقاءً يتعرف فيه الصوت على جسد صيوانه، فيكتب أو يقرأ أو يغني، قد يصهل أو ينبح أو يعوي، أو يتعلم حرفةً تحفظ ماء وجهه أمامها..
تختلف لغة الوصال بين الفم وأذنه لكنها واحدة وصيرورتها واحدة أيضاً: الولوج بقوة إلى مجاهل الأمومة المضمرة، استنباتها وزفّها إلى مخدعها، نبشها وإيلامها والتلذذ لنحيب وتكسر أعطافها، هيمنتها والسيطرة على دقائق أرجائها، تعبئتها وزجها وقضاء الوطر منها، تعريتها والسباحة في مجالاتها، نهنهتها ودكها وهتك أركانها والذوبان في صملاخها، اكتشاف أي الأنواع تهوى لسيادتها وحكمها؟، التلويح بالسادية التي تنصّب نفسها أستاذاً لرغباتها في التعليم، باختصار تأميمها واجتراح مشيمتها.
تقضي الأذن وقتها بعد ذلك إجازة أمومتها بعيدةً عن الأفواه الأخرى، إنها تخلص لرجلها الفموي، تحلم بإنجاب أطفالها الصوتيين، تحديداً أبناءها "الأصوات" وليس "بناتها الآذان"، تريد أن ترى خلقها الإفرادي؛ ابنها الصوتي الذكر، وإلى أن يكتمل مولودها الفونيمي هذا تعاني مخاضها الأصعب، تخشى من صور الإيكو وتطمع بفم قادر، فم تعشقه الآذان الشابة ويطاردنه لجمال طلعته وقسوة جبينه وخشونة صوته، وما إن تتحقق نبوءة الأذن-الأم حتى يصبح الأب-الفم-الصوت مجرد آلة تلقيح مُضجرة، فالطفل-الفم-الصوت المنحول عن صورة أبيه أصبح بمثابة الخلاصة الصوتية لجنس بأكمله، وما على الأذن-الأم الآن إلا أن تربي وحيدها الغالي على البيض والحليب واللحم المقدد كي يصبح آية في غطرسة صوتية أجمل، أنانية متعالية وعسكرية الطباع، شاعرية مدمِّرة ومفتونة بعضلات حبالها الصوتية الجديدة، حراشفها الخطابية النابتة للتوّ، وحيث يهرم الفم-الأب وتفتر همته وتخور قواه، تتخايل الأم-الأذن برجلها الحديث التي تدأب لزواجه من أذن ذات صيوان ناضج، أذن-صبية فاتنة ومراهقة ومغرورة، لم تعطي ذي بال لأحد من الأفواه التي خطبت ودها بنبرة ضعيفة ولا تكاد تسمع، فالأذن العذراء هذه تعرف أن الفم-الفحل لا يخبئ نفسه، ولا يستعير دبيب الصوت ولا يتلوى كصيوان أذن تشبهها، إنه واضح وفج الطباع، حتى وإن تحلى بالكثير من الرقة وخصال المدنية إلا أن شَعر شواربه يفضحه، ويعزله ويميزه عن ملمس الأذان الأوانس.
من جديد تمتثل الأذن لذكرها الصوتي، تصبح كلها آذان صاغية له، تهابه و تهبهُ كل مسالكها الناعمة والمطواعة، فتتنور أساريرها وتتفتح فراديسها للقاحه الخصب، تهتف له وتصفق كلما تألق على منابره وغالى بإمكاناته في التصويت، تبتسم لأجش نأمةٍ تصدرها توترات حباله، وقد يحصل الشذوذ مرات ومرات، فتأخذ الأذن الملتهبة بقابليتها الشهيرة على السمع-الولوج دور "الأذن الصوتية"- الأذن القضيبية "السفنكس" التي لا ترضى إلا أن تمارس خصاء-الفم-الصوت، وتنحيته عن عرش كلامه وروعة خطابه بعد أن يخفق في حل الأحجية..، يحدث ذلك تحت تأثير موضة المعاصرة والحداثة بتأنيث الأفواه وتذكير الآذان، لاسيما بعد أن ملت هذه الأخيرة من وضعياتها الأيروتيكية القديمة، وقرأت بنهم كتاب "كاماسوترا الأصوات المخنثة".عندها تتبدل علاقات الخطاب وتفقد الأفواه لمعتها القديمة، وتتراجع عن واجباتها وقيمها الأبوية في خرق "غشاء الطبل" لتمسي تحت ضغط المثلية-الصوتية نوعاً اجتماعياً ثالثاً، جندراً هلامياً لا معنى لقضيبيته الصوتية الملتبَسة، أو أُذناً لا فائدة تُرجى من أمومتها المحتقََرة.
سامر محمد إسماعيل

[email protected]


النشر الورقي شرفات

النشر الألطتروني ألف




تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

وجوه نزيه أبو عفش حول مائدة العشاء الأخير

16-حزيران-2018

سعد يكن: المايسترو

30-نيسان-2016

الوشم في مواجهة ذهنية التحريم الجسد العربي مكتوباً ومقروءاً

07-كانون الأول-2015

المثقفون السوريون.. أمراء حرب أم قادة ثورة

19-كانون الثاني-2015

.. الطلبة كبش فداء ورشة مسرحية سورية لم تبدأ بعد!!

19-كانون الثاني-2010

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow