Alef Logo
ضفـاف
              

من .. النور إلى النور نزلاء الأرض الحرام /ج وزيه حلو .. خطاب التخارج في النص الحديث

فائز الحداد

2009-10-27


الشاعرة اللبنانية جوزيه حلو ، واحدة من الأسماء الشعرية البارزة في الخطاب الشعري الحداثي آثرت أن تكون لي وقفة مع نصوصها المتعددة والتي تابعتها ولا أزال على المواقع الألكترونية و أحسبها شكلا جديدا متميز الأسلوب في اللغوية و الموضوعية والشعرية أيضا ، تلك النصوص وما تنطوي عليه من جمال وجرأة ومخيال يستحق بتقدير أهليته ، أن يكتب عنه ويشار إليه بعيدا عن كل مفاهيم القيود والجمود والجحود وبمنأى عن كل تقاليد الاصطناع والتشبث بالقيم البالية والعلائق الإقطاعية والمجتمعية المزيفة .. لأنني أجد فيها أي جوزيه حلو متحررة تماما في الكتابة الشعرية بكل ما تعني هذه الكلمة من دلالات ، وهذا أهم شرط في تكوين الشاعر حسب ما اعتقد إذا ما آمنا بأن الشعر هو ( الشرط المثالي في التعبير عن الحرية ) كما أعرفه دائما .لقد وقع اختياري على آخر ما كتبته جوزيه حلو من نصوص جميلة وأحسب إنها من أهم ما نشرته لحد الآن إذا ما اعتبرنا النصوص الأولى تشكل المرحلة التأسيسية لتجربتها وهي مأخوذة كغيرها من نصوص الآخرين بهنات التجارب الأولى ، ولا يقاس عليها كراكز التجربة في سمات التكوين والنضوج إلا بحدودها الدنيا ..يقوم النص عند هذه الشاعرة في جل ما قرأت لها على أحادية الصوت المرسل المشخصن ب( أنا ) مرسخة تجسد أفاعيلها الإنسانية المعلنة وتضطم على أحاسيس الأنثى الحالمة التي تتراوح بين الوصف العام كمستهل وبين حقيقة الواقعة المرمزة بمكانية مزمنة كحدث يحمل من الواقع الكثير بأسلوب رشيق وأنيق يستهدف الجمال الشعري في أدق تفاصيله .. لنقرأ أولا في نص " قصائد قلقة كحواء" مجتزئين مقطعا من تشاكل البوح وهيئة انرياحاته ..مُتعبة ... أستلقي أعرّي الفراش بجسدي أُنثى من جمر ٍوضياع أُنثى في ذاكرة رجلفي هذا المقطع دلالة واضحة على مهماز الوصف البيني كمستهل للنص( متعبة_أستلقي) ليأتي البوح بعدها منسربا في شعرنة ما تريد تأكيده ك( أنثى في ذاكرة رجل ) تحمل إزاءه ثورة تبطن أكثر مما تعلن ولو جاء البوح مفتوحا وقاتما .. أنام تحت غرامك الأسودقبل أن يرحل ويتركني بقبضتهأرتجفُ في رعشة خانقةلأن السماء سوداء وقبلتك سوداءوالضباب الآتي فوق جسدك أسودفلماذا كل هذه القتامة في هذا الغرام الأسود الذي تنام تحته جوزيه في مخيال آسر وهي في قمة عنفوان المتدارك من أفعال الحب .. ؟ ألأن السماء سوداء كما تدعي وكذلك القبلة ( والضباب الآتي ) .. هذا هو تماهي الشاعرة في توحدها الشعري مع عوالمها المحركة للذات الإنسانية والإبداعية معا .. فما أجمله من سواد حين تخافه الشاعرة أن يغادرها وهي بين قبضته . وهنا ندرك مدى سعه المنظومة الخيالية في تورية الشاعرة عند بنائها هذا المقطع الجميل .وفي نص " حمم النساء " تضعنا الشاعرة في بنيات أخرى يحكمها القطع المتقصد في البث المكثف أي هكذا ..بالأمس كان جسَدُكَ .. وعلى القاريء فك رمزية البوح في تكملة المعنى بما ليس كما يخال ففي حلول جسدك كان هناك كل شيء شفيعها أحكام صاحب الجسد المستهدف .. بأنك في شباك أصابع الشاعرة أسير مبغيين ( كوليمة ) وأية وليمة تلك التي تقع في فكي كماشة لشاعرة تجيد القنص في فعلين متضارعين يحملان السبب والتسبيب في أن ..بالأمس كان جسدكوكنتَ وليمتي كنتَ مطويا تحت جلدي النساء الجميلات في ماضيك عاريات يحضنهن الليل بقناعهن الأحمر وأجسادهن السُمر من كواكب المجون وشهيقُهن موحش وغريبٌ فما هذا الجمال في معمارية البناء المنطوي على سجال وصفي يتداخل به الشعري مع الفعل الحسي .. ولا أبالغ بأن جوزيه لا تطلق عنان مفردتها على الغارب دون وعي ، بل هي تدرك تماما الحراك الجنسي للحرف قبل المفردة في تشكيل عالمها النصي ، من خلل بنيات جملها ليشكل عالم النص عندها على هيئته الذي يشابهها تماما في النهج والقناعة .. تُمطر السماء مَوْتى يولدون من المطرومن غُبار الصيف أحبكَ ..................................................هاربة من إنفجارات الثأرحُطام في المراياكآبة الشعارات والأديانونساء سجينات أمام أبواب الليل قد يجد البعض أن هناك ثمة إصرار وتأكيد لجوزيه على ذاتها التبصرية في رؤية الأشياء بشكل مغاير للمألوف الإباحي والساذج المطروق وما قولي بإنها شاعرة مغايرة ومتغيرة عن كتابة الأخر ، كونها لاتنفصل عن شعرها في ترسيخ قناعة ( الأنا ) الشاعرة المؤمنة بقدرية التكوين الثقافي والأدمي .. لأنني أجدها ذات شخصية قوية مستقرة تماما وفي أدق التفاصيل عابق جسدكَ بالضُحىالكون غوايةوانت غوايةوأنا الغواية في مرايا لاتنتهيفي نصها ( صرخة ) نجد عوالم التغيير نحو أفقية متصاعدة في خطابها ، وهذا يسجل لها شعريا في نطاق الإستمرار التنموي دون اندثارات وخسائر في أدوات البناء والذي أصطلح عليه نقديا ب ( نفايات النص ) في الكتابة الشعرية كون الشعر غير معنى تماما بالهدر المفرداتي .. ولنقف على مستهل نصها ، كيف أنها تجاوزت الكثير من هنات النصوص في بيان خطابها الأولى ..يحميني بثقْبِ العتمةِ صليب ٌ أسود ... ظلالُهُ ذاكِرةُ جراح ٍ وصُراخ ٌ مُقيمٌ في الجُدرانِ ... هل كُلّ ُ هذا العُنف ِ صُدفة ؟؟؟ دمٌ على شفاهي ووجهي ... وبعضُ شظايا زجاج في عينيَّ ... ذراعانِ زرقاوانِ ، ويدانِ صغيرتانِ تحترِقانِ ... غيومٌ تُقيمُ تحتَ سقفِ بيتي ... تحلُم بالسُلطة أنتَ... وصرتُ أنا الدمعة ... نلاحظ كيف اضحى النص ناضجا وجميلا عند هذه المبدعة في تشاكله الجملي والمفرداتي ، لذلك آثرت أن اتناوله ترسيخا في التركيز على خصائص النص( الجوزوي ) الأنثوي مع شديد تحفظي على هذا المصطلح شعريا ، ولكن هذا الترسيخ نجده عند نبذها لطارئات نواشز المظاهر غير الأدمية عند الجنس الأخر لذلك تتمظهر المباشرة والتقريرية في بعض جملها والغاية في ذلك الإيصال والتواصل خصوصا نص ( سمراء ترقص للموت البعيد ) ..سجينة الغيم والرمل والدمعأرقص للموت البعيد وفي فراشك إمرأة وخطيئة حواء جوهرة من ضوء وناركأس من نبيذ الزمانفخُذّْ شفتيها لذاتِكَ ولذّاتِكَجدران حجرتك مهجورة لك احتوائي وجنونيوغليان الدماءِ *****... سمراءشاردة فوق ذاكرة جسدِك أختبئ منك فيكَلترمي فساتيني تحت أقدام الليلتئنّ الشهوات في خلوتك لشهيق يختنقُشرائط الحزن على أبواب المدينة وفي الزحمة السوداءيموت الحماموفي هذا النص أيضا نجد إشكالية الأنا في حضرة ( المراءة = (المرأة ) والوطن ) معا متجسدة في سوداوية قاتلة في معاناة تستنطق حالة القهر والتمزق في جسدين مشتعلان بسبب مؤثرات ذاتية وموضوعية داخلية وخارجية لذلك يكاد يكون ( الأحمر والأسود ) سمة متلازمة في روح جوزيه وفي بنائها الشعري واللآشعوري ربما بشكل أكثر من غيره ونتائجه كل هذه التحرقات واللأضحية في روح الشاعرة وعلى صعيد الواقع المعاش لحبيبنا ( لبنان ) المتشظي مدنا وبلدانا أخر .. مُدُنُ سودماتت فيها الاوطان بيروت وقنابل الإحتضاربغداد للغُربان والإختفاءوبين خنادق اليمين واليسارسقطت غزّة مدينة السلامونحن سكان مقابر الأحياءمقيّدونَ ...إلى حدّ ماليوم الضباب وقيامة الأمواتدعهم على سكّة الضياعالليل في عجلة مع الموتتعالَ !!!سحر قيودك زهور فوق فميلأمرأة عصرُها وخصرها رغبات**************** في جلدي أفعى حمراء...أزحفُ على بطنكَ ..على فخذيكَ...أغطيكَ برمادي الأزرق..لسعاتُكَ على عُنقي...على نَهدَيَّ... على باطنِ رُكْبَتيَّ...لستُ هي...لستُ أنا...لستُ...لا أتبعُكَ...لستُ في أي مكان ...فاقدةَ الذاكرة... أنكسفُ،ينكسفُ الحاضرُ... والإحساسُ بالزمنِ؛ ....................................يبقى لنا على صعيد المقارنة بين (الأمس واليوم ) ، في بنية الخطاب كتأكيد على موهبة هذه الإنسانة والشاعرة الرائعة ولها تحضيضا جرأة البوح ، فالشعر يبقى منجزا فرديا في الإسم والكنية وفصيلة الدم ..




تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نبيل بالسخرة

04-حزيران-2010

دماء مستطرقة

20-شباط-2010

تنهُدات تستعجل القبل

01-كانون الثاني-2010

لولا .. لأختار الله الشعراء

15-كانون الأول-2009

من .. النور إلى النور نزلاء الأرض الحرام /ج وزيه حلو .. خطاب التخارج في النص الحديث

27-تشرين الأول-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow