Alef Logo
المرصد الصحفي
              

اطلب مع «السفير» «الكتاب للجميع» «زينب» لمحمد حسين هيكل

عباس بيضون

2009-11-14


نُشرت رواية «زينب» عام 1914 وهذا أيضاً تاريخ للرواية العربية فثمة اتفاق نسبي على أنها الرواية العربية الأولى التي تستحق هذا الاسم. ما سبقها من القصص كان يتوسل الحكاية للعبرة أو الدعوة او التفلسف، يقول محمد حسين هيكل انه كتبها متأثراً بالرواية الفرنسية وتردد طويلاً في نشرها لئلا تؤثر كتابة القصص، وأهلها ينسبون الى الخفة والملاهي، على سمعته كمحام.
ثم لما عزم على النشر استعار اسماً عاماً للكاتب هو: فلاح مصري. لم تكن التسميةعبثاً محمد حسين هيكل يعقد روايته على حياة الريف يريد بذلك ان يعيد الاعتبار للريف وقيمه وللفلاح المصري. لا ننسى ان هذه الايديولوجيا كانت وراء الثورة المصرية 1952وها نحن نرى بوادرها عام 1914. لم ينتظر هيكل ان تلقى الرواية ما لقيته من رواجف ضمّن الطبعات الثانية والثالثة اسمه الحقيقي. محمد حسين هيكل لم يبق روائيا فترةطويلة، زينب تكاد تكون روايته اليتيمة، الا انه انشغل بالسياسة كما انشغل بالدراسات. وهو في الطور الثاني من حياته الفكرية والأدبية انقلب على روايته هذه بما تضمنته من أفكار وقيم وارتد الى محافظة دينية يعبر عنها كتاب شهير في وقته بعنوان «حياة محمد».
حين نقول إن «زينب» قد تكون الرواية العربية الأولى فهذا يعني انها الأولى التي خلصت للفن الروائي، والحق انها لم تخلص تماماً ففيها محل للدعوة والتبشير. الا ان هذا المحل لا يبتلع الرواية ولا يعدمها روائيتها. فالرواية رغم كل هذا الشطط التزمت بالواقعية الفرنسية. شخصياتها ليست خيراً خالصاً ولا شراًخالصاً. فيها من هذا وذاك. ووقائعها أيضاً ذات دلالات متباينة.
إلا أن «زينب» رغم انها الرواية الأولى فهي ليست ابتدائية ولا ساذجة فنياً. ان فيها قدرة عالية على الملاحظة وعلى التحليل، ثم إن فيها وصفاً بارعاً للأماكن وللأشياء والاشخاص يجتمع فيه الزمان والمكان والملاحظة البارعة. ثم ان فيها قدرة على تقديم الانماط والخصائص الشخصية ومعرفة ثاقبة بتفاصيل الريف والفلاحة وعلاقات القرية. هذا لا يمنعان في الرواية شطحاً نحو التفسير والتعليل والتعليق والاستعبار فضلاً عن بطء وأناة فوق المألوف. يمكننا أن نتكلم بإعجاب عن لغة الرواية فهي بالتأكيد فريدة في وقتها بما فيها ابتكار ودقة وإحاطة بظلال المعاني فضلاً عن الشاعرية والسلاسة والطراوة .يمكننا القول انها بهذه الصفة تظل مدرسة في الأسلوب.
رواية «زينب» كما يقول مؤلفها في المقدمة رواية حنين الى الريف، إنها ذات رسالة هي تمجيد الريف الذي كان حينها محتقراً مرذولاً. تمجيد الريف، وعن طريقه الشعب، ضد الارستقراطية ذات الدم المملوكي والتركي، تمجيد مصر والمصريين. لكن هذه الغاية ليست الوحيدة فثمة فيالرواية روحاً تحررية تذكر بما جاء في الأدب الجبراني ولا تقل عنه جرأة. في الرواية دعوة للحب ضد التقليد والزواج، دعوة لإيثار الطبيعة على النظام والمجتمع، ولا تبدي الرواية احتراماً فعلياً للموروث والتقليد والعرف. إنها تمجد في الفلاحات طبيعة لا توجد لدى الارستقراطيات. فضلاً عن ذلك لا تماري الرواية في رفض صريح للحجاب،وتتناول بنقد لا يرحم شيوخ الطرق وتدافع بقوة عن حق المرأة في الحب والتحرر. زينب،من هذه الناحية رواية متمردة وراديكالية وإصلاحية، بيد ان هيكل، مثله مثل كثيرين،لم يلبث ان ارتد على بدايات شبابه.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

ليل في العزل

08-أيار-2021

فيروز في عيدها الخامس والثمانين: تجديد التكريس

05-كانون الأول-2020

البياض النازف

12-نيسان-2015

الاستبداد العربي

18-تشرين الثاني-2011

مثقفـــون وحريـــات

26-حزيران-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow