وردت استفساراتٌ إلى ][IOU (المنظّمة الدوليّة للقذرين) من الوسخين في أرجاء العالم، يطلبون فيها شرح ما جرى في قرية الحردانة، وحيثيّات وصول التائه بن المقذّر بن عقيمٍ الوسخاويّ بن أنظف القذرين إلى منصب المختار فيها، ودوره في إبادتها.

سبعة ملياراتٍ من الأسئلة المتعلّقة بالحردانة؛ تجاهلناها، إذ لو أجبنا عليها سوف نضطرّ للإجابة على ما يجري في قرىً كثيرةٍ غيرها، وهذا ما ليس بنا حولٌ أو قوّةٌ لفعله، فضلاً عن الخطر المحدّق بنا جرّاء تولّد الرغبة بالانتقام في البنية النفسيّة الخاصّة بمختار الحردانة التائه بن المقذر بن عقيمٍ الوسخاوي بن أنظف القذرين، وأشباهه من المخاتير، وهو ـ بصراحةٍ ـ مختارٌ نفضّل بشدّةٍ النأي عن إثارة رغباته الانتقاميّة.

أكّد وألحّ وأعاد وثنّى وثلّث وربّع وعنَّد وثابر وثبت وأصرّ و دأب السائلون على استفساراتهم، ثمّ تابعوا ولاحقوا وكرّروا وجدّدوا أسئلتهم عن الحردانة، ثمّ ندّدوا واستهجنوا واستنكروا وعابوا صمتنا، ثمّ أعلنوا و وضّحوا وبيّنوا نيتهم مقاطعة قراءة التوضيحات اللاحقة إن لم نلبّ مطالبهم في كشف ما يجري في الحردانة، ونزولاً عند مطالب المهدّدين بالمقاطعة؛ نبيّن ما هو أدناه:

القصة ـ ببساطةٍ متناهيةٍ ـ بدأت حين خرجوا من بطون أمّهاتهم، ولحظتئذٍ أقلعت رحلة عذابهم؛ فهم وسخون وسط نظيفي النظفانة.
ولأنّه لا ينبغي أن يبيعوا قريتهم مهما بلغت في النظافة عتيّاً، ولأنّ على المرء الوسخ أن يتعالى على حساسيته و آلامه و جراحاته ونزفه، ويحاول التكيّف و التأقلم، ولأنّ على المرأة الوسخة ما على المرء الوسخ من تعالٍ على صعيد الحساسية و الآلام والجراحات والنزف و التكيّف والتأقلم..إلخ، ولأنّه ليس سهلاً هجر هاتيك المستنقعات والمزابل؛ تظاهروا بالنظافة، وصاروا من فئة المنافقين نظافويّاً، و ما في القلب بقي في القلب.

ما أقنعت نظافتهم المصطنعة مختار قريتهم، و لا أرضت نهمه للنظافة.
مارسوا وساختهم بمنتهى السريّة، فانكشفوا بفضل غيريّة و نشاط عمّال البلديّة، واستخدامهم معدّاتٍ حديثةً في كشف الوسخين، و دهمتهم في مزابلهم الخاصّة دوريّات النظافويين، و أهرقت دماء رهافتهم، وخدشت مشاعرهم، و ضيّقت عليهم أشدّ التضييق و أعتاه.
حينئذٍ هاجروا إلى الوسخانة؛ و منحوا فيها حق اللجوء، فتعبت ألسنتهم من شدّة ما تكلّمت، و عميت أبصارهم من بريق ما رأت.

ويا مرحوم الوالدين ـ حيّين كانا أم ميتين ـ ذات طائرتين انفجرتا في بنايتين؛ صارت الوسخانة أكثر نظافةً من نظفانتين، فغادروا إلى قرية الحردانة، وفيها سطع نجم التائه بن المقذر بن عقيمٍ الوسخاويّ بن أنظف القذرين، وما مكّن له في أحاسيس و نفوس أهالي الحردانة؛ خلوّ المكتبات من أيّ كتابٍ سوى كتابيه ( التفجير و التقتيل طريقك للدفن دون غسيل) و ( الغرور والصلف في منع انتشار رائحة الجيف)، فتهافتوا على شرائهما، وهما كتابان؛ ما أن يقرأهما المرء حتى يقرّر التفجّر، والانشطار، فانقسموا إلى بعضين:
البعض الأول غادر الحردانة إلى قرية العميانة ( أو الغميانة لسنا متأكّدين من الاسم) و فيها ابتدعوا طريقةً لنشر أكبر قدرٍ ممكنٍ من روائح الجيف، فكلّ متحوّلٍ منهم إلى جيفةٍ كان يُحوّل معه مئات الآخرين رغماً عنهم، وكنت ترى الواحد منهم يتفجّر فجأةً بين الناس، متبعثراً ومبعثراً معه كل من يحيطون به.
أما البعض الآخر فبقي في الحردانة، وهنا مربط الفرس، و الروم، و الكلدان، و الآشوريين...و القذرين.
وهؤلاء كانوا نسّائين، ينسون كثيراً، و من ذات الجحر يلدغون ألف مرّةٍ.
كانت الخدعة تأخذهم كلّ مرّةٍ ذات المأخذ، وتذهبهم ذات المذهب، وتطحنهم ذات المطحن، وتضربهم ذات المضرب، وتسقطهم ذات المسقط، وتجمعهم ذات المجمع، وتفرقهم ذات المفرق، وترميهم ذات المرمى، وتسلكهم ذات المسلك، وتقطعهم ذات المقطع، وتجريهم ذات المجرى، وتسريهم ذات المسرى، وتعمل فيهم ذات المعمل، ثم تعود الخدعة من جديد، بعد أن تتمّ دورتها؛ لتخدعهم ذات المخدع، وتذبحهم ذات المذبح، وتربطهم ذات المربط (مربط الفرس، و الروم، و الكلدان، و الآشوريين...و القذرين)، فأخذت تتقاذفهم رياح الودّ والصدّ بين النظفانة و الوسخانة.
و ما انفكّوا بين ودٍّ وصدٍّ حتى سئموا، فقرّروا أن يصيروا مثقفين، فعكفوا على قراءة كتابي (اللامنتمي وما بعد اللامنتمي)، ما جعل الزائر للحردانة يجد سكّانها وقد اتخذوا وضعيّة التأمّل العميق و البحث الدقيق، لاتخاذ قرارٍ بشأن المفردات الواجب استخدامها للتعبير ـ لفظاً أو كتابةً ـ عن الفرق بين طعم البرتقال اليافاويّ وطعم برتقال اليوسفي، و بين طعم السكر وطعم الملح.

إجمالاً: أهالي الحردانة تحوّلوا إلى شرهين محبّين لأكل الجبنة، لذا ذهبوا إلى قريةٍ جديدةٍ اسمها الجبّانة، ولم يبق منهم إلا مختارهم التائه بن المقذر بن عقيم الوسخاوي بن أنظف القذرين، فشرع يبحث في قرىً أخرى عمّن يشتري كتابيه ( التفجير و التقتيل طريقك للدفن دون غسيل) و ( الغرور والصلف في منع انتشار رائحة الجيف)، وهذا سبب زياراته للسكرانة، والخربانة، و الخرفانة، والخرسانة، والخرمانة، والزنزانة، والخر..انة، و الكر..انة، وهي قرىً جميع سكّانها مهاجرون من قرية النظفانة، ونحن في المنظّمة الدوليّة للقذرين لا نعرف ـ و لا يهمّنا أن نعرف ـ ما يجري فيها، لذا لا تسألونا عنها!!

وليكن معلوماً للجميع: ليس مقبولاً أو منطقيّاً وسط مشاغلنا أن نخصّص لكلّ قريةٍ توضيحاً مستقلاً، و لا غضاضة من التذكير بأن ][IOU International Organization Uncleanliness (المنظّمة الدوليّة للقذرين) منظمة عالميّةٌ، ومشاغلها بمستوى عالميّتها، وليس من اختصاصها التدخّل في الشؤون الداخليّة للقرى، وتحديد أو حتى معرفة من يتولى زمام مخترتها.

هذا توضيحنا، ومن لم يصدّقه ممن أكّد وألحّ وأعاد وثنّى وعنَّد وثابر وثبت وأصرّ و دأب على استفساراته، فليذهب إلى.......انة، و بئس المصير.
و لا أعتقد أن من هدّد بمقاطعة قراءة توضيحاتنا اللاحقة قادرٌ على تنفيذ تهديده، لأن هذا توضيحنا الأخير، أجل، بكل الحزن أخبركم بأنه الأخير.

أما بخصوص ما وعدتكم به في التوضيح السابق؛ فأعتذر عن نشر توضيح (عطس ولم يبصق)، وكي لا تخيب آمال الموعودين به أقول: توضيح (عطس ولم يبصق) أهم ما فيه حيرتي؛ إن كان عمي، قبل موته، بصق في وجهي، أم عطس.
اعفوني من ذكر التفاصيل، لأنّني إن نشرتها سيكون مصيري الذهاب إلى ........انة، وكلّي يقينٌ بأنكم لا تودّون الرمي بي في غياهب ........انة، رأفةً بحالي، و حال فلّينة، فهي لا ينقصها أن تفقد زوجها بعد أن فقدت والدها مرّتين، مرةً حين هجر عالم النظيفين إلى عالم المجانين، ومرّةً حين غادر إلى الجبانة، إثر إصابته بإنفلونزا الخنازير في العصفوريّة.
ماذا سيحصل إن خسرتني بعد كل ما مرّ بها من أهوال فقدان وجنون والدها؟
أتخيلها الآن وحدها تعاني ألم فجيعتها،كلّما تذكرت رائحة جواربي السيئة .... بالنسبة لها.

حبيبتي فلينة، زوجتي الغالية:
أعرف أنك تستغربين ـ سيرة بني الحردانة ـ وكلّ ما سبق، وتعتريك الدهشة من الاسم الذي أناديك به ، تريّثي! ستعرفين كل شيءٍ بعد قليل.
حبيبتي:
أنت طبيبة، وتعرفين عاقبة إصابة والدك بهذا المرض، كوني متماسكةً.
كما توقّعنا، وتوقّعتِ معنا؛ غادرنا الدكتور مفيد إلى الأبد، سنكون على الطائرة الواصلة بعد غدٍ، في الثامنة مساءً، ثمة إجراءاتٌ قانونيةٌ في السفارة تتعلّق بنقل الجثمان، سأنهيها بأقصى ما أملك من سرعةٍ.
فترة مكوثي معه كانت أهمّ شيءٍ حصل لي في حياتي، ولادة ثانيةٌ، أو موتٌ ابتدائيٌّ، تمرينٌ على وداع الحياة، وربما على استقبالها، فما يقوم به شاعرٌ وطبيبٌ يدرك دنوّ أجله نادرٌ و غريبٌ و استثنائيٌّ.
كتبتُ كلّ ما أملاه عليّ في الأسبوع الأخير قبل دخوله الغيبوبة، لقد كان ساخراً إلى درجةٍ لا تصدّق، وأغرب ما في الأمر أنه أطلق عليك اسم فلينة في تمثيليةٍ أجبرني فيها على دور نائب رئيس منظّمة الوسخين في العالم، ولعب فيها دور مجنونٍ سماه أبا فلينة، كنا نتحدّث ونضحك، وسط ذهول الأطباء الفرنسيين المحيطين بنا، كانوا غير مصدقين وداعة مريض بالسرطان مقبل على الموت.
بعد كلّ حفلة ضحكٍ نحن أبطالها كان يلوذ بالنوم، فيما أكتب أنا خلاصة ما نهذر به، وقد أراد أن نسميه ( سلسلة توضيح ظروف الوصول إلى منصب)، أرسلت السلسلة تباعاً إلى موقع مجلة ألف، وقد أوصاني أن لا أطلعك على هذا الأمر إلا بعد أن ينال منه القدر ما يريد.
تستطيعين الآن، إن أردت، بانتظار وصول الجثمان، الدخول إلى الموقع و قراءة تلك التوضيحات، كي تعرفي آخر ما فكر فيه، وأضحكه، و ربما أبكاه.
بالمناسبة، هو من أراد أن يكون إبلاغك خبر وفاته بهذه الطريقة، فأرسلت لك ـ سيرة بني الحردانة ـ قبل خبر انتقاله إلى الفناء، قال أنه يريدك أن تري المآسي الكبيرة حتى تهون عليك مأساتك الصغيرة، موته.
آخر كلماته كانت:
ـ لا تترك فلينة وحيدةً في هذا العالم النظيف.

للاطلاع على التوضيحات السابقة؛ إليكم الروابط التالية:
التوضيح (1):http://aleftoday.info/?option=content&view=article&id=4869&catid=12
التوضيح (2):http://aleftoday.info/?option=content&view=article&id=4901&catid=12
التوضيح (3):http://aleftoday.info/?option=content&view=article&id=4948&catid=12
التوضيح (4):http://.aleftoday.info/?option=content&view=article&id=5004&catid=12
التوضيح (5):http://.aleftoday.info/?option=content&view=article&id=5137&catid=12


نائب الأمين العام للـ IOU
رئيس اتحاد الوسخين العرب
حسّان محمّد محمود
[email protected]

×××××

نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.

في المستقبل سنعلن عن أسماء جميع المواقع التي تنقل عنا دون ذكر المصدر

ألف