Alef Logo
ابداعات
              

ازدحامات

رشا الصالح

2009-12-23

اعتدت مؤخراً على طول المسافات التي كانت تبعدني عنك ، بعد أن مرنت عليها روحي كثيراً. أخطوها على حدود طرقات الشوق الطويلة ، حاملةً حنين القلب وكلماتك في حقائبي ، وتذاكر توصياتك (( ابتسمي)) ،لأعبر بها الأيام ذهاباً وإياباً ،وصولاً إلى المحطة الأخيرة التي تعيدني مرة جديدة إليك.

*****

لعلَها دعوات المرحومة أمي (( الله ييسر طريقك))،ولعلها كلمتك(( ابتسمي)) التي أنجدتني يومها من ذاك الهجوم البشري القاتل على (الميكروباصات)،ومن ذاك التدافع المخيف الذي كانت تحدث طقوسه المتكررة في تلك العقدة الاستراتيجية (الكراج).

متجاوزةً بذلك كل الاختناقات المرورية، غير مكترثة لما يحدث، أتابع، أضحك وأتمتم (إيه كلهم عندهم سيارات ، ورزق الله على العربيات و على أيام العربيات) لأحظى أخيرًا بإمكانية وصولي إلى شط الأمان بحمد الله وشكره .

*****

أمر بخطواتي المترنحة بذاك الطريق ، يقع نظري على محل المرايا التي تصور وجوهاً غريبة لأولئك اللصوص المنافقين ،و انعكاسات أيدي بعض الأطفال الذين يلمعون مرايا السيارات .أمضي في نهايته

الحمد لله وأخيراً وصلت ، أعتلي درج ذاك البناء الذي كثرت فيه أغرب أنواع الاختزالات لكل من الصباح و الأمسيات .

أنفض غبار الضجيج الذي علق بثياب لحظاتي .أتناول مفتاح السكون لأدخل عالمي الصغير النائي الذي كان يشبهني .

افتح نوافذ غرفتي لأسمح لعيون الشمس أن تطل منها، خوفاً من سيطرة رائحة العفن التي كانت تسكن قصاصات أوراقي ، أمشي فيها حافيةً وببطءٍ شديد حفاظا على كبرياء سجاد الصمت الذي فرشته في أرضها ، وهيبةً من فوضى الكتب المبعثرة والعبارات التي تناثرت في حدودها الضيقة الواسعة .

أحاول أن أرتب أبجدية أفكاري فيها ، أنثر غطاء الأمنيات على طاولتي ، أضع أصيصاً من الأسئلة على شرفتها لأجد فيما بعد أجوبة لحيرتي .

أتأمل شهاداتي التي علت جدرانها الوحيدة مثلي والتي غطتها أتربة الزمن

أمسحها وأضحك كثيراً كثيراً، فيرد علي الصدى بضحكة ساخرةٍ مني ومنها .

يا الله تزدحم مجددا الأفكار في رأسي . وفجأةً تفر هاربةً مني لتقع وترتطم متكسرة بالأرض .

لا حول ولا قوة إلا بالله ما الذي حدث؟

أتذكر مرة جديدة (( ابتسمي))


*****


أستيقظ بمزاج متثائب مرة أخرى على جرس الازدحام . وإذ بجارتنا تحمل بين يديها

حكايات الثرثرة، أشكرها فقد أيقظتني من غفوةٍ طويلةٍ كنت قبلها أتابع مستجدات الأخبار الثابتة والأوبئة والمؤشرات المتكررة ،و أراقب وجه ذاك الاختراع الجامد المتكلم ( الموبايل) عله يثير صوتا يوصلني بك فيكسر ساعات الوقت التي كانت تجري بطيئة كسلحفاة.


*****


إنك لا تتغيرين ؟ أنت كما أنت ،العالم كله يتغير. وتتابع سردها عن مساحيق الماكياجات وعن آخر أخبار الفتيات وصرخات عالم الموضة والموديلات .

وكأنها لا تعلم أن الحب هو الحقيقة الوحيدة الكفيلة بتغيير العالم ومظاهره فيغدو كل شيء بعيننا أجمل

ابتسم واكتفي بالإنصات إلى صوت أخر في داخلي وأتذكر

كم يزدحم الشوق في قلبي لصوتك ، كم يختنق الأمل في عيني ، كم كثيرة أحلامي

لكن ليس بوسعي على الرغم من كل تلك الازدحامات إلا أن أعود بخطواتي إلى طرقات الحنين ، واكتب لك وعنك لينتهي العالم وأحفظك مراراً في حقائبي

كي أتحمل السير إلى الأمام لكن مع ابتسامة

××××







نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.

في المستقبل سنعلن عن أسماء جميع المواقع التي تنقل عنا دون ذكر المصدر

ألف






































تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

للفن اسمان فقط مغير ومتغير

20-تموز-2013

غواية الروح معزوفة الأفلام الصامتة

26-حزيران-2013

فيلم آلام المسيح (The passion of the christ) إدانة للعنف وتجسيد للصراع العقائدي الإيدولوجي

15-حزيران-2013

أعنية المجر الانتحارية Gloomy Sunday

06-حزيران-2013

دونك

11-نيسان-2013

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow