Alef Logo
المرصد الصحفي
              

إمير كوستاريتسا: « أنا مندهش لمدى التطوّر في دمشق.. حاوره رافع هزاع و

علي وجيه

2010-01-01

كانت الدردشة المباغتة البعيدة عن عدسات التصوير وضجر الأسئلة المحضّرة هي الوسيلة الوحيدة لإقناع رجل مثل إمير كوستاريتسا بالحديث والنّقاش، لأنّ الصربي الملول الذي يزهق من البقاء في مكان واحد لأكثر من ساعة واحدة، رفض إجراء أيّ حوار صحفي مطوّل أثناء تواجده في مهرجان دمشق السينمائي السابع عشر، مكتفياً بمؤتمر صحفي مقتضب وبضعة دقائق لعدد من المحطات التلفزيونية..

هو الغجري المزاجي العاشق للموسيقى وكرة القدم، والمليونير الماركسي المعادي للتدخّلات الأمريكية في دول العالم بما فيها يوغسلافيا سابقاً والشرق الأوسط، وهو السينمائي العبقري الذي تمكّن من فرض نفسه كأحد عمالقة السينما في العالم..

إمير كوستاريتسا استقلّ طائرته الخاصّة إلى بيروت ومنها إلى دمشق لحضور مهرجانها السينمائي، وقد تمكّنت (شرفات الشام) من إجراء هذا الحوار الحصري معه بعد منتصف ليلة تكريمه، ليتحدّث عن السينما والسياسة والموسيقى وعالمه الفريد..


ما هو الانطباع الذي كوّنتَه عن سوريا حتى الآن؟ وهل خالف الواقع تخيلاتك؟

أنا مندهش للتطوّر الكبير في دمشق!! لقد زرت بلداناً في الشرق الأوسط من قبل مثل لبنان وفلسطين وغيرها، ولكن هذه المدينة الوحيدة التي أجد فيها نفسي مرتاحاً حيث بإمكاني التجوال بحرية. صحيح أنّني لم أكن مخدوعاً بالألاعيب السياسية التي تُروى عن المنطقة قبل مجيئي، ولكنّني أيضاً لم أتوقّع هذا التطوّر الحضاري لسوريا وأهلها!!


لنبدأ بالحديث عن فيلمك القادم (أصدقاء بانشو فيلّا السبعة والمرأة ذات الأصابع الستة)..

إنّه فيلم طويل عن الجنرال المكسيكي الثائر بانشو فيلّا، أعتقد أنّ عنوانه سيتغير ليصبح (زهور بريّة، زهور جميلة). جوني ديب سيلعب دور بانشو فيلّا الذي يحبّ المرأة ذات الأصابع الستة، وسنبدأ التصوير في العام المقبل.


ولكن جوني ديب نجم هوليوودي بامتياز، وأنت معروف بانتقاداتك اللاذعة للسينما الهوليودية!!

جوني ديب تحديداً يشكّل حالة غريبة، إنه مفارقة في عالم السينما، فهو يخسر في مهنته بدلاً من الربح!! عند تصوير دوره في (قراصنة الكاريبي) بدأ المنتجون بالتململ من إفراطه بتناول الكحول وإهماله للدور، فراح يطالب بأجره بعد أن هدّدوه بالاستبعاد من السلسلة أثناء التصوير!! السلسلة استمرّت رغم ذلك وحقّقت نجاحاً تجارياً هائلاً تجاوز 3 مليار دولار حول العالم.. إنّه ممثّل جيد ورجل وسيم يتحلّى بقلب كبير، وهو من آخر الناس الجيدين في هذه المهنة.

كثير من النجوم يملّون مع مرور الزمن ويتخلّون عن مبادئ إنجاز سينما جيدة، وما زلت أذكر مارلون براندو عندما حدّثني آخر أيامه عن فقدانه إحساس المبالاة تجاه السينما، ولكن أعتقد أنّ جوني ديب ما زال مصرّاً على تقديم أفلام ذات قيمة للجمهور، مثل أفلامه مع المخرج تيم بورتون التي كان أولها (إدوارد سيزورهاندس) عام 1990.. وهو بالطبع لن يتقاضى أجره الهوليودي المعتاد معي، فهو صديق ويرغب في عمل الفيلم.


كيف تتمكّن من الجمع بين الحلول الفانتازية والشخصيات الواقعية في أفلامك؟

هذا عائد إلى مدى احترام الإنسان لعمله، وأنا أحترم طبيعة العمل الفني ومتطلّباته كثيراً. أول فيلمَين كانا واقعيين، ثم ذهبتُ لمزيج الفانتازيا والواقع في (زمن الغجر) و(تحت الأرض)، والآن أعود للواقعية مجدداً.


لماذا؟

لا أدري!!


هل لديك فكرة عن السينما العربية؟

ليست عندي فكرة كافية حقيقةً. شاهدتُ بعض أفلام يوسف شاهين، وأعرف الجزائري محمد لاخضر حامينة الذي نال فيلمه (وقائع سنوات الجمر) سعفة كان عام 1975.


اعتُبرتَ "ظاهرة" بسبب فوزك بسعفة كان مرّتين، ومرّة كأفضل مخرج.. ما أهمية ذلك بالنسبة إليك؟

هذا أمر لا يحصل كثيراً بالفعل، ولكنّه حدث معي!! مهرجان كان هو آخر المنابر المدافعة عن السينما كـ "فن" في العالم، وتكمن أهميته في سعي القائمين عليه لتقديم الجيّد والمميز من الأفلام، بعكس جوائز الأوسكار التي تحوّلت إلى تجارة.

هل تعلم بمَ أؤمن حقيقةً؟! في حالة بلد مثل يوغسلافيا يقبع في منطقة فاصلة بين الشرق والغرب وخلال تلك الفترة الحاسمة، عانى كثيراً من الكوارث الدامية وما إلى ذلك؛ كان كل ما أُنتج فيه بعد وفاة تيتو عبارة عن ميلودراما عن التطهير العرقي وغير ذلك..

أنا بدأت العمل عام 1980 تقريباً وقدّمت شيئاً مختلفاً للناس، وهذا كان أحد أسباب حبّهم لأفلامي.


الدنماركي لارس فون ترير وصف نفسه بأفضل مخرج في العالم، وغضب لأنّ آخر أفلامه Antichrist لم يفز في كان..

اجتمعتُ معه من قبل، وأعتقد أنّه واثق بنفسه أكثر من اللازم.. هذه حماقة!! وفيلمه Antichrist لم يعجبني!


بمَن تأثّرت من المخرجين في أفلامك؟

فيلليني في الدرجة الأولى، وهناك تاركوفسكي وكوبريك. وفي صربيا يوجد مخرجون جيدون للغاية مثل ألكساندر بتورفيتش ويوجين بايرتش.


البعض اتّهمك بالتنكّر لأصلك البوسني المسلم والتحوّل إلى المسيحية..

أنا صربيّ بالأصل، عائلتي انقسمت بسبب الغزو العثماني إلى جزءَين: مسلم ومسيحي، وما فعلتُه أنّي رجعتُ إلى أصلي الصحيح. لا يمكن للمرء أن يكون لا أحد بلا انتماء أو هوية، فقررتُ العودة للمسيحية وتمّ تعميدي بالفعل منذ سنوات.. الموضوع حُسم بالنسبة لي ولم أعد أهتمّ له.


ولكنّك من المؤمنين بيوغسلافيا كبلد واحد..

ليس بعد الآن!!


في فيلم (تحت الأرض) تحدّثتَ عن معاناة يوغسلافيا كبلد، حتى أنّ البعض قال إنّك تبنّيتَ وجهة النظر الصربية في الصراع..

إنهم يكذبون!! (تحت الأرض) لا يتحدّث فقط عن تاريخ يوغسلافيا فحسب، بل عن العالم خلال حقبة سياسية معيّنة، وعن تلاعب الغرب بالمنطقة.


هل هذه وجهة نظرك الشخصية من المشكلة أيضاً؟

ربما يعبّر هذا الفيلم عن وجهة نظري، لكن ليس عن مأساة الشعب اليوغوسلافي بشكل محدد فذلك سيكون كذباً، لذا على الفيلم ان يكون محايداً نوعاً ما.

بعض الدول كانت تتكلّم عن مشاكل يوغسلافيا وأخطائها، ثمّ تعكس اللهجة عند حاجتها لمساعدة يوغسلافيا! وهذا ما حصل عندما جاءت أمريكا وقسّمت البلاد.. أمريكا تقسّم العالم طوال الوقت لتتمكّن من التحكم فيه، وقد أتت مع الاتحاد الأوروبي بحجّة منع الحرب من الوقوع، ولكنّهم حقيقةً أشعلوا الحرب مع أنّهم كانوا قادرين على إيقافها كما فعلوا في مقدونيا! لقد أرادوا للحرب أن تقع حتى تُقسّم يوغسلافيا ويصير الوضع كما هو الآن..

صربيا تُعاقَب طوال الوقت لأنّها متعاطفة مع روسيا تاريخياً وشعبياً، ودعنا لا ننسى أنّ القوى الكبرى قسّمت العالم فيما بينها بعد الحرب العالمية الثانية.

أمريكا قتلت في العراق أكثر من مليون شخص، ولا تجد أحداً يفكّر بمحاكمة الفاعلين أو حتى التحدّث عن الأمر، ولكنّهم أقاموا الدنيا وأقعدوها في يوغسلافيا من أجل رقم أصغر بكثير، لأنّ مصالحهم تطلّبت ذلك.. وهو أمر يفعلونه دائماً بمؤازرة البروباغاندا التي يصنعونها إعلامياً، فروّجوا أنّ الجميع قُتل في البوسنة مع أنّ ذلك ليس صحيحاً، وهذا ما تكلّمتُ عنه في (تحت الأرض)، لذا أعتبره أقوى أفلامي.


بعد كل ذلك، كيف ترى توجّهاتك السياسية حالياً؟

أنا ضد الرأسمالية وضد الولايات المتحدة.

أنا أحبّ السياسات التي تبقي البلدان في حالة استقرار مهما كانت الضغوط المحيطة بها، لذلك أحبّ الرئيس الراحل حافظ الأسد لأنّه كان ذكياً للغاية، وقاد بلاده بحكمة رغم كل ظروف!!


ألم تلمس اختلافاً مع قدوم الإدارة الجديدة بقيادة باراك أوباما..

لا أعتقد أنّ هناك فرقاً!!


إذاً أنت شيوعي..

نوعاً ما.. أعتقد أنّي ماركسي. لا أظنّ أنّني شيوعي تماماً مع النقود التي أجنيها، خصوصاً بعد القرية التي بنيتها من الخشب في بلدي، فهي تستقبل أكثر من 200 ألف زائر سنوياً، وأقيم فيها نشاطات ثقافية ومهرجاناً، فهي أشبه بالمنتجع..

بالمقابل، لا أكترث إذا ما خسرتُ كل ذلك، فأنا نفس الشخص في كل الأحوال!!


لماذا اخترتَ مارادونا لعمل فيلم عنه؟

لأنّه أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم، كما أنّ حياته زاخرة بالدراما المغرية لعمل فيلم جيد، وبالمناسبة لا أرى أنّه مدرّب جيد كما كان كلاعب!


هل يعود السبب أيضاً إلى عشقك المعروف لكرة القدم؟

بالتأكيد، أنا أعشق كرة القدم، حتى إنّني لعبت موسمَين أو ثلاثة لنادٍ شبه احترافي في سراييفو.


ما هو منتخبك المفضّل دولياً؟

أولاً صربيا ثم الأرجنتين.


كيف حال فرقتك الموسيقية No Smoking Orchestra؟

كنّا في مهرجانات بيت الدين بلبنان منذ ثلاثة أشهر.


تعمل مع الموسيقي مانو تشاو كثيراً في أفلامك، حتى أنّك أخرجتَ له فيديو كليب منذ فترة..

نعم، أخرجتُ الفيديو كليب عندما كنّا في الأرجنتين.. مانو تشاو صديق له نفس توجّهاتي المعادية للرأسمالية.


كلامك يذكّرنا كثيراً بالمخرج الأمريكي مايكل مور..

أجل، ربما نتشابه في بعض الأمور، فهو من الأشخاص القلائل الذين يشيرون للمشكلة بطريقة مباشرة.


إذا ما دُعيتَ مع الفرقة للعزف في سوريا، هل تلبّي الدعوة؟

بالتأكيد، أنا متفرّغ في الشهر الثالث فقط لأنّني سأبدأ التصوير ابتداءً من الشهر الرابع حتى السادس، فإذا استطعتم تدبّر إقامة حفل للفرقة في الشهر الثالث، سآتي بكل سرور!!


ما هو فيلمك المفضّل؟

يوجد العديد من الأفلام الجيدة!!


وما هي فرقتك الموسيقية المفضّلة؟

فرقة The Clash البريطانية.


حسناً، لقد تأخّر الوقت ويجب أن أرتاح، لقد أصبحتُ رجلاً عجوزاً، أراكم لاحقاً!!


شكر خاص للسيد عوض قدرو من المؤسسة العامة للسينما الذي بذل جهداً هائلاً ليكون إمير كوستاريتسا في سوريا، ولمساعدتنا في إجراء هذا اللقاء الحصري.


المصدر: جريدة (شرفات الشام).



حاوره: رافع هزّاع - علي وجيه.






























































































تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

آل باتشينو يعود آل باتشينو في «أنت لا تعرف جاك»

11-تموز-2010

«روبن هود» يتحدّى أفلام «البوب كورن» وأبطالها الخارقين

14-حزيران-2010

«جزيرة شاتر».. درس سكورسيزي الجديد دعوة صارخة للتعمّق في النفس البشرية

08-أيار-2010

عندما ترسّخ الميديا ثقافة القشور

17-نيسان-2010

«واحد - صفر».. فاز المنتخب وهُزِم الوطن!

14-آذار-2010

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow