Alef Logo
الآن هنا
              

1/2 ملغ نيكوتين.. شباب الأفلام السورية يطوّرونها بالتجريب!!

علي وجيه

2010-01-15

يمكن توصيف الفيلم الأول للشاب محمد عبد العزيز بالتجربة السينمائية الهادفة لاستكشاف مفردات وعناصر سينمائية معينة، وتجريب أسلوب خاص في رسم المشهدية السينمائية على المستوى الشخصي، وطرح مختلف عمّا اعتدناه في الأفلام السورية خلال الفترة الأخيرة على المستوى العام، كما أنّه خطوة أخرى للقطاع الخاص المستعد للمساهمة في دفع الأفلام السورية باتجاه مفهوم الصناعة، على اعتبار أنّه لا يوجد سينما سورية بالمعنى التجاري للكلمة.

نقول «تجربة» لنضع إطارنا النقدي على سكّته الملائمة، ونتكلم عن الفيلم من منطق المناقشة لا المحاكمة، بغض النظر عن التفاصيل الكثيرة التي يمكن التعمّق بها مع مؤلف/مخرج الفيلم ولسنا بصددها الآن. ومن هنا يمكننا التركيز على بعض النقاط الرئيسية..


ضرورة الصورة

تمكّن محمد عبد العزيز من صياغة صورة سينمائية مختلفة، غنيّة ومريحة للعين، فهي زاخرة بالألوان المشغول عليها بعناية والعناصر المرتبّة بصبر واضح، فكل مشهد أقرب إلى لوحة تشكيلية ممتعة للبصر، ومن الواضح أنّ المخرج أمضى وقتاً لا بأس به في «رسم» المشاهد وتشريح مكوّناتها البصرية واللونية.

هذا الغنى البصري ظهر أكثر من اللازم في العمل، وبدا مبالغاً فيه، وربّما جائراً، في بعض المشاهِد التي لم تكن تحتمل مزيداً من التكلّف، مما أثّر على الجرعة الدرامية التي تضمّنتها من حيث الضرورة والتوظيف، فالبعض أرجع ذلك إلى كون المخرج آتٍ من عالم الفيديو كليب القائم على الإبهار والألوان وتزويق الصورة ما أمكن، ولكن بالتمّعن أكثر في موضوع «الكليباتية»، وهي صفة وليست تهمة، نجد أنّ عبد العزيز استغلّ خبرته للخروج باقتراح مختلف ذو عناصر محددة ومختارة عن قصد، وإن كانت التجربة السينمائية الأولى مغرية للجموح والتجريب خصوصاً في ظل القحط الإنتاجي، فإنّ هذا التفهّم غير وارد مستقبلاً مع الأخذ بعين الاعتبار نضوج الفكر والمحاكمة بتراكم الخبرة ومرور الزمن.


1/2 ملغ نيكوتين.. شباب الأفلام السورية يطوّرونها بالتجريب!! - علي وجيه

تفاوت النص

النص الذي اعتمد تيمة الخطوط المتوازية التي تؤثّر ببعضها أو تلتقي في النهاية على غرار أفلام مثل Crash وBabel، حمل مشاهد مؤثّرة تبقى في الذاكرة. محاولات السائق زكريا 8 سلندر (خالد تاجا) المتعددة للانتحار. صمت عامل السينما السكّير (ياسين بقّوش). التناغم الدرامي بين المومس السابقة ناديا (مي سكاف) وابنتها ذات السنوات التسعة (اليسار كغدو) وزكريّا من جهة، وبينها وبين البويجي زين (زين حمدان) الذي يبدأ علاقة بريئة مع بائعة البوالين الطفلة فرح (سهاد الصاري) الحالمة بمهنة التمثيل. الطرق والمفردات الفريدة في التعبير عن الحب الطاهر بين كمال (حسن سليمان) وأروى المنقّبة (رهام عزيز) بنت الشيخ المتصوّف رازي (عبد الفتاح مزيّن)، الذي دفع ثمن البحث عن اللون الأوّل برضا وتسليم.

من جهة أخرى، طغى التكلّف الزائد على العديد من الحوارات، كما في حديث الشيخ رازي مع كمال وزين مع فرح، وكأنّ محمد عبد العزيز لم يستطع مقاومة الرغبة بكتابة بعض الجمل التي تروق له بغض النظر عن ضرورتها! كما أنّ خط صاحب الخمّارة (سعيد عبد السلام) وشقيقه (فتح الله الجرعتلي) بدا فائضاً عن الحاجة وبعيداً عن سياق الأحداث وتطوّرها، فهل سيتغيّر شيء إذا ما حُذف هذا الخط بأكمله من الفيلم؟

بعض المشاهِد لم تكن منطقية مثل ظهور خالد تاجا الأخير، فالإنسان لا تتغير وضعيته بهذه الطريقة عند تعرّضه للمؤثّر الذي اختاره المؤلف، وكان بإمكانه الوصول إلى نفس النتيجة بطرق أكثر منطقية وإقناعاً، وكذلك المشهد الأخير لزين الذي كان يحتمل مزيداً من التفكير في شكل تقديمه. وبصراحة أكبر: تمنّينا لو خرج محمد عبد العزيز عن سينما المؤلف مع الاعتراف بأهمية أفكار نصّه وتوجّهها المختلف.


عناصر أخرى

الأداء بشكل عام كان موفّقاً، وخصوصاً خالد تاجا بمونولوغاته الداخلية الواضحة وتعابيره المعبّرة، والطفل زين حمدان بعفويته الطفولية المحبّبة، وياسين بقّوش الذي قدّم أحد أفضل أدواره رغم أنّه لم ينطق بحرف طوال الفيلم، وظهر بصدق وشجاعة نادرة بالفعل.

السطور المكتوبة على الغلاف الخلفي لـ DVD الفيلم تكشف من أحداثه أكثر من اللازم، مما يضيع على المتفرّج العديد من المفاجآت الدرامية التي عمل المخرج كثيراً لكشفها في أوقات محددة من زمن الفيلم.

موسيقا طاهر مامللي جاءت مميزة كالعادة، والعمليات الفنية لافتة مثل تصحيح الألوان (تمّ في بيروت - جورج كولجا) والمونتاج والمكساج.


وأخيراً

ما قدّمه محمد عبد العزيز في (1/2 ملغ نيكوتين) يشفّ عن مخرج واعد يعوّل عليه الكثير مستقبلاً، وهو خير دليل على مدى حاجتنا السينمائية للمخرجين الشباب القادرين على نقل الأفلام السورية إلى منحى آخر أقرب إلى الصالات المزدحمة بالجمهور، ومفهوم السوق ودورة رأس المال المستقرّة.


النشر الورقي جريدة "شرفات الشام".

النشر الألكتروني خاص ألف


علي وجيه

[email protected]


بطاقة الفيلم:

تأليف وإخراج: محمد عبد العزيز.

مدير التصوير: غازي واكيم.

مونتاج: جوزيف سكر.

موسيقا: طاهر مامللي.

تمثيل: خالد تاجا - مي سكاف - عبد الفتاح مزيّن - رهام عزيز - حسن سليمان - زين حمدان - سهاد الصاري - ياسين بقّوش - سعيد عبد السلام - فتح الله الجرعتلي - اليسار كغدو - جيني اسبر.

إنتاج: شركة الشرق للإنتاج والتوزيع الفني (أفلام نبيل طعمة) 2009.




































تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

آل باتشينو يعود آل باتشينو في «أنت لا تعرف جاك»

11-تموز-2010

«روبن هود» يتحدّى أفلام «البوب كورن» وأبطالها الخارقين

14-حزيران-2010

«جزيرة شاتر».. درس سكورسيزي الجديد دعوة صارخة للتعمّق في النفس البشرية

08-أيار-2010

عندما ترسّخ الميديا ثقافة القشور

17-نيسان-2010

«واحد - صفر».. فاز المنتخب وهُزِم الوطن!

14-آذار-2010

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow