لطالما تحدّثنا، وكتبنا، وقرأنا، عن تطوّر اللغات وارتباطه بالحياة وتغيراتها، ولعلّ قوّة الرابطة هذه تعود إلى وظيفة اللغة، و نشأتها، وحركيّتها الخاصة.
أساساً؛ اللغة منطوقةٌ، مقاطع صوتيةٌ ذات دلالاتٍ محسوسةٍ أو مجرّدةٍ، تمّت " ترجمتها " إلى أبجديةٍ مكتوبةٍ ومن ثمّ قوننتها بالنحو و الإملاء، وعلامات الترقيم وضعت بدورها ترجمةً كتابيّةً لحالات المتكلّم، أو وضعيّة العبارة وموقعها في السياق العام " للحديث المكتوب".

لذا؛ يبدو منطقيّاً ومشروعاً التفكير بتطوير علامات الترقيم، وإدخال علاماتٍ جديدةٍ تناسب ما أصاب اللغة بوصفها أولاً أداةً تعبيريةً عن واقعٍ أو إحساسٍ أو فكرةٍ، و ثانياً وسيلة اتصالٍ بين المتخاطبين شفهيّاً أو كتابيّاً.

كالعادة؛ يقوم المثقّفون بدورٍ طليعيٍّ، ورياديٍّ ـ غير مستغرب ـ في أي تغييرٍ، وهم في مجال تحديث علامات الترقيم كعهدهم في مجالاتٍ أخرى؛ سبّاقون.
سباقون من خلال " ثقافتهم" و ما يمارسونه في علاقاتهم بمختلف مستوياتها، والأهم؛ طريقة تعاطيهم مع شؤون الحياة و شؤونهم، إذ لم تعد علامات التعجب و الاستفهام و وسواها كافيةً للدلالة على ما أصاب تفكيرهم و كلامهم المنطوق من تغير.

أدعوكم للتفكير في علامات ترقيمٍ تضاف إلى الموجودة لدينا، و اقتراح أشكالٍ لها، مع التنبيه إلى ضرورة أن تكون الأشكال المقترحة محققةً شرطين:
الأول: التعبير عن مدلولات العلامة الجديدة، وأن تكون غير منحولةٍ أو مقتبسةٍ من لغةٍ أخرى، حفاظاً على خصوصياتنا اللغوية و " الترقيمية ".
الثاني: مراعاة الإمكانات التقنية لعصرنا، فلا نقترح أشكالاً تعجز معها مايكروسوفت عن إضافتها إلى لوحات مفاتيح حواسيبنا.

و أترك لكم اقتراح ما تشاؤون من علامات جديدةٍ، أما أنا فأقترح ما يلي:
ـ الاستهزاء.
ـ الامتعاض.
ـ التعالي.
ـ التهكم.
ـ التوسل.
ـ التكفير.
وآخرها: اقتراحٌ يمثّل تحدّياً مزدوجاً على مستويي المفردات و علامات الترقيم، هو:
ـ الاستضراط.
نعم، الاستضراط، و عذراً لهذه الكلمة، لأنني لم أجد مرادفاً لها في لغتنا العربية، برغم ممارستها على نطاقٍ واسعٍ من قبل الجميع ـ مثقفين وغير مثقفين ـ وهذا يدلّ على صحّة ما ذهبت إليه في البداية، لجهة ضرورة تحديث اللغة وإيجاد مفرداتٍ لحالاتٍ لم تلحظها مسبقاً، و هذه إحداها.
السؤال الآن:
ترى ما هو الشكل المقترح لعلامة ترقيمٍ مستحدثةٍ، اسمها.. علامة استضراط؟
حسان محمد محمود
[email protected]