Alef Logo
يوميات
              

أحذيةٌ متنافرةٌ

عماد حسين أحمد

خاص ألف

2010-05-29


كما لو أنَّ لاحذاءَ لي

ما بكَ ؟ ماذا تنتظر؟ هيّا، اخلعْ حذاءكَ، وأبدأ الرقصَ.
وأنتَ أيضاً: أيها الهباء، اخلعهُ، وابكي قَدْرَما شِئتْ؛ فأنا على حافةِ الكتابةْ.
***
لا.لم يكتملَ النصُ بعدُ.
عليَّ أن أشعلَ أصابعي لبناءِ وصفٍ آخرَ، أقرب إلى ما أريده: حذاءكَ هذا لا يليقُ بي كزوج. سأقضي ما تبقَّى مِنْ حياتي راهباً. هل سمعتْ ؟
***
نقولُ، برفقٍ، لِمَنْ يُلاصقنا: ابعدْ قدميكَ قليلاً، أرجوك! فقد آذيتَ حذائي. نردُّ برفقٍ شبيهٍ: المعذرة... ترى لِما هذا التنافرُ بين الأقدام؟
***
كانَ صديقي البحَّار يتساءلُ دوماً: لماذا تفوقُ الأحذيةُ قيمةَ الحياة؟ كان يتساءل، لكنهُ سرعانَ ما كانَ يجيبُ نفسه: آه، نسيتُ أنني لا أملكُ كوخاً.
***
كُلَّما صَعدتِ الأحذيةُ سلمَّ المعيشة، خُطوةً خُطوة، كُلَّما أشتدَّ التوقُ إلى الترف.
كُلَّما صَعدتِ الأحذيةُ سلمَّ الحياة، خُطوةً خُطوة، كُلَّما أشتدَّ التوقُ إلى الشقاء.
هل حاولتَ الرقصَ جائعاً ؟
***
جدتي، أتذكركِ جيداً، كنتِ تقولينَ: يا ولدي، ابعِدْ قدميكَ عن الأنظار، واركض حافياً. حذاءكَ يعيقك. أنتَ تسيرُ ببطء.
هل كانت جدتي تعلمُ ما أعلمهُ الآن ؟...ربما.
***
سمعتُ أحدهم يهمسُ للآخر: دعْ كُلّ مَنْ حولكَ، يسمع نقرَ حذاءكَ. يندرُ أن يحترمَ التاريخُ الحفاة.
التاريخُ محفوفٌ بالأحذية.
***
أنتَ تهذي... لا، إطلاقاً. لا شيءَ يوازي الحذاءَ تعبيراً.
تأمّلهُ جيداً، تأمَّل الطبقات المتداخلة أمام بوابة حجرتي، إنها تدفعُ إلى الإبداع.
أحياناً، بل كثيراً ما يكون وراء َالإبداعٍ حذاء.
***

ها هُمْ يَبسطونَ أحذيَتَهُمْ هُناك. ارفعْ رأسكَ عالياً: كما لو أنَّكَ نَفسكَ بحق، واخترْ،
بدهاءٍ ما ينُاسِبُكَ، ثم دافِعْ وكأنَّكَ في حَرب.
لا يُمكِنُكَ الدفاعَ وحدك. اخترْ.
***
... أو كُنْ حافياً واصرخْ: مُتْ. لا أحدْ. الأحذيةُ لن تأبه. ستُبتَر أصابِعُكَ.
***
لا تستدِر. وراءكَ جُثَثٌ. قاوِمْ.
***
ماذا ؟!
أسمعُكَ جيداً، تقولُ : لا. ستبقى الشَمسُ على حالهِا، ان كُنتَ بحذاءٍ أو مِنْ دونِ حذاء. سأرتاحُ قليلاً في مضافة الأرض، تحتَ الريح، ثم أرحل.
لا شيءَ يَستَدعي القتال.
أرجوكَ، لا شيء.
***
لمَ تقتني الأمُ- أحياناً - أحذيةً لطفلِها قبلَ مجيئه؟
سمعتُ ردَّكَ.
دَعني أجازفُ في تفسيرٍ آخرَ: إنهَّا تُجهِّزهُ للحرب.
الأحذيةُ إنذارُ حرب.
***
انظرْ، كيفَ كانوا كالنملِ يتعقَّبونَ آثارَ أحذيتهم: تبدو مرئيةً تماماً، كما لو أنَّ الزمنَ نائم.
هُمْ مُتَتَبِّعو الدرب الواحد.
لا ينبغي للأحذيةِ أن تتوقفَ، في الزُحام.
***
في مطلعِ كُلِّ فجرٍ، تفقَّدْ فردتيَّ حذاءك.
أراكَ لا تبالي.
تعال. قدمُكَ لم تَعُدْ تُطيق هذا الحذاء. إنهَّا تتدّفق ُورماً. غَيِّرْ.
***
جدتي، لن أبعدَ قدميَّ عن الأنظار، ولن أركضَ حافياً.
سأغيِّرُ حذائي مِن دونِ تصنُّع، وسأعبرُ هذا الزُحام.
***

عماد حسين أحمـد
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
ألف



تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

سياسيون للعمل في الحقول!

03-تشرين الثاني-2013

شطحاتٌ في الدماء

20-آب-2011

الجَسدُ كَملاذٍ كَسَفرٍ في اللُغةْ

30-تموز-2011

إعلام التضليل وتضليل الإعلام

06-تموز-2011

ذاك أنا، وتلك أنتِ

12-حزيران-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow