Alef Logo
يوميات
              

جبل راشمور في الشيخ زايد

فاطمة ناعوت

2010-08-10


في ولاية داكوتا الجنوبية بأمريكا، يوجد نُصُبٌ تذكاريّ وطنيّ مَهيب، يجتذب نحوًا من مليونَيْ سائح كلَّ عام. قام الأمريكان، في الفترة بين 1927-1941، بنحْت وجوه أربعة من رؤساء أمريكا الأُوَل على واجهة جبل راشمور الجرانيتيّ Mount Rushmore، في منطقة التلال السود. الرؤساء، بالترتيب من اليسار إلى اليمن: جورج واشنطن (الرئيس رقم1، حكم عام 1789)، توماس جِفرسون (رقم 3)، تيودور روزفلت (رقم 26)، ثم إبرام لنكولن (رقم 16). اختير الرؤساءُ الأربعةُ أولئك (من بين الواحد وثلاثين رئيسًا، حتى وقت تشييد النصب) لدورهم البارز في ترسيخ مبادئ الجمهورية، خلال أول مئة وخمسين عامًا من عُمر الدولة المعجزة أمريكا: الطفلة النحيلة بمقياس التاريخ والحضارات (عمرُها فقط قرنان وعقدان!)، الغول الجبار في مقياس التطور والوثب العجول على سُلَّم العِلْم!
حدث ذلك في أمريكا. أما في مصر، فلم نفوِّت فرصةَ التقليد. لأننا قومٌ نأخذ بأسباب التقدّم عن طريق مواكبة الدول المتقدمة! فعلنا الشيء ذاته في مدينة الشيخ زايد. ثمة نُصُب تذكاريّ منحوتٌ عليه وجوهٌ مصرية أربعةٌ كذلك. الفارقُ أنه مصبوبٌ وليس نحتًا في جبل. وثمة فارقٌ آخر. في جبل راشمور، لن تحارَ أبدًا في إدراك الرابط بين الوجوه الأربعة المنحوتة، منذ اللحظة الأولى؛ أما في الشيخ زايد فسوف تحار. الوجوه الأربعة هي: محمد أنور السادات، نجيب محفوظ، أحمد زويل، محمد حسني مبارك. تُرى ما الرابطُ بينهم؟ لو كان الرابطَ جنسيتُهم المصريةُ، فكان لابد أن يضمَّ النصبُ التذكاريّ ثمانين مليون وجه! ولو كان الرابطُ أنهم زعماءُ مصر، (مثل فكرة جبل راشمور)، فكان لابد من إقصاء نجيب محفوظ وأحمد زويل، وإضافة جمال عبد الناصر، ومحمد نجيب، وربما، لو أنصفنا، الملك فاروق وفؤاد وصولاً إلى العظيم محمد علي باشا الكبير. أما لو كان الرابطُ (كما يقول القارئ بالتأكيد الآن)، هو الحصول على جائزة نوبل، فكان لابد من وجود محمد البرادعي (ربما يفسِّرُ غيابَه حصولُه على نوبل بعد إنشاء النصب)، وهنا، في تلك الحال، فليس من سبب لوجود الرئيس مبارك في النصب التذكاريّ! وأرجو ألا يقولن أحدٌ إن المدينة، بنصبها التذكاري، شُيّدت في عهده! (وهنا أذكِّركم بعدم وجود أيٍّ من الرؤساء: كلفين كولدج، هربرت هوفر، فرانكلين روزفلت، هاري ترومان، الذين حكموا أمريكا في الفترة من 1923- 1945، مدّة بناء النصب الوطنيّ الأمريكي).
ذلك لونٌ من المداهنة الفجّة، بالتأكيد لم تكن تروق للرئيس مبارك نفسه، لو كان استُشير في الأمر! سيقول قائلٌ: إن ثقافتنا العربية، وربما بروتوكولها السياسيّ، ينادي بوجود صور الرئيس الراهن، في كل عصر، على صدر أي مؤسسة حكومية، أو منشأة سياحية، مادامت شُيِّدَت في عهده! وسأقول: إن لم يكن من ذلك بدٌّ، فشيّدوا للرئيس، إن شئتم، تمثالاً منفردًا، في أي مكان تريدون، فقط بمنأى عن نُصُب تذكاريّ له رسالةٌ محددة؛ هي أن يقول للعالم: "إن مصر، وحدَها، فازت بجائزة نوبل مراتٍ أربعًا." فقط حتى تصفوَ فكرةُ النُّصُب، وتصلَ رسالتُه!

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

يا الله، من رسم الخطوط حول الدول؟ ترجمة:

07-تشرين الأول-2017

«الشاعر» هاني عازر

20-تموز-2014

نوبل السلام لأقباط مصر

28-حزيران-2014

هنركب عجل

18-حزيران-2014

النور يعيد السيدة العجوز

11-حزيران-2014

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow