Alef Logo
مقالات ألف
              

أوسب

عماد حسين أحمد

خاص ألف

2010-10-12

" أوسب"..أنت أفهم مني بالقبور، لكن مع ذلك، دعكَ من ذلك القبر، فلا أحد يزوره، تعال واسكن قبراً من حبري، فأنا أنحني أمامك.
ألم تقل لوالدي ذات يوم: " يا أبا فلان، هؤلاء يأكلون الحنطة ويفرزون الروث،هم لا يعلمون عن البياض شيئاً،بل يتخذون منه معبراً لممارسة سوادهم " ؟ ثم ألم تقل أيضاً : لا أحد هنا، وحدها القبور تعلّم معنى البياض" ؟ إذن، ما الذي تفعله في قبرك إن كنت أنت البياض؟
" أوسب".. زوجتك اللاحمة لا تزال على عهدها تأكل لحم الآخرين ، هي لم تفهم قبرها بعد ، لم تفرّ من نفسها بعد، أسمعُها تقول للمارة دائماً :" إن " أوسباً " كان غارقاً في حبي ،لذا، فأنا أزور قبره دوماً " ، لكنها لا تفعل، صدّقني، هي لا تفعل.. البارحة رأيتها تقتني مرآة جديدة وتمشط شعرها لرجل آخر، تقول في سريرتها إنها لا تزال صغيرة على ذكر المقابر.. فهل هي صغيرة حقاً يا "أوسب" ؟ أم أنهم يأكلون الحنطة ويفرزون الروث ؟
" أوسب".. ابنك الصغير الذي ربيتَه بدموعك والذي سمعتُكَ تقول عنه إنه سيكون يوماً ما عالماً ليقرأ مجدكَ ويدوّنكَ في خلوده.. رأيتُه قبل لحظات يتبوّل واقفاً أمام قبرك ويقول لرفاقه: هو التقدم هو التقدم... فهل هو تقدمٌ يا " أوسب" ؟ أم أنهم يأكلون الحنطة ويفرزون الروث؟
" أوسب " أطفالُ قريتكَ الذين كنتَ توزّعُ عليهم ابتهالاتك ومعانيك، وتُعلِّمهم متى يضحكون ومتى يبكون ومتى يتكلمون..أراهُم الآن أمامي يخلطون الجهات، ويرتدون بعضهم،.. هم الفارون من ذواتهم الداخلون في الآخرين.. فهلا أفقتَ من قبرك وسكنتَ قبراً من حبري لترى أطفالك الذين لا يكبرون ؟
"أوسب" يوم كنتَ تقولُ للتماثيل:" افهموا أخطاءكم أو أبدعوا أخطاءً رائعة كي تتلذذوا في بحثكم عن الصواب أكثر"..ماكانوا يحمون أنفسهم من تداخل الفصول..فبقوا في خريف،في خريف...
" أوسب " أنت أفهم مني بالقبور،لكن مع ذلك ، دعك من ذلك القبر، فابنك الذي رأيتَ فيه عالماً لا يزال يتبوّل عليه واقفاً ، تعال، واسكن قبراً من حبري ، فأنا الوحيد الذي ينحني أمامك بكل ما أوتي من لغة ، أنا الوحيد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملاحظة من المحرر
لا ندري ما إذا كان السيد عماد يقصد أيسوب الفيلسوف اليوناني الذي تتضارب الأقوال حوله فمن الباحثين من ينكر وجوده أصلا و يعتقد أن اليونانيين كانوا ولوعين بنسبة الأعمال إلى مؤلف ما فإن لم يجدوه اخترعوا لها مؤلفا ! و هذا ما حدث مع مجموعة من الحكايات الشعبية التي رددها الناس في اليونان ، كما هي العادة عند جميع الشعوب و في مختلف العصور ثم نسبوها إلى شخصية خرافية إسمها إيسوب !
و الفريق الثاني يرى أنه شخصية ((شبه أسطورية )) و أنه المؤلف لمئات من الحكايات الخرافية التي نسبت إليه ثم حيكت حوله روايات أسطورية منها أنه بعث حيا بعد وفاته، و أنه اشترك في مهركة ترموبيلي و غيرها كثير !
أما الفريق الثالث و على رأسه هيرودوت فيرى أنه شخصية حقيقية عاش في القرن السادس قبل الميلاد ، و أنه كان عبدا أعتقه سيده بعد ذلك و أنه كتب الحكايات الخرافية المنسوبة إليه
.



تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

سياسيون للعمل في الحقول!

03-تشرين الثاني-2013

شطحاتٌ في الدماء

20-آب-2011

الجَسدُ كَملاذٍ كَسَفرٍ في اللُغةْ

30-تموز-2011

إعلام التضليل وتضليل الإعلام

06-تموز-2011

ذاك أنا، وتلك أنتِ

12-حزيران-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow