Alef Logo
دراسات
              

نهج الإلحاد (2)

محمد المزوغي

2010-11-13

-. سلطة الإجماع والفطرة
المؤمنون يتعلّلون بأنّ الاعتقاد في الإله له مُبرّرات دامغة لأن كل الشعوب مُجمِعة على هذه الحقيقة، ولا يمكن أن يجتمع الأكثرية على خطإ. لقد رأينا في الجزء الأول من المقال كيف يزعم أحد الكتاب المسيحيين أن هذا الاعتقاد جبلّة في الإنسان، وأن الملحدين منحرفون، وعلى كل حال فهم قلة لا يحسب لها حساب. أغلب المسلمين أيضا يعتبرون معرفة الله أمرا بديهيا مغروسا في طبيعة الإنسان، ولقد عبّر ابن تيمية عن هذا الرأي في قوله إن «جمهور العقلاء مطمئنون إلى الإقرار بالله تعالى، وهم مفطورون على ذلك. ولهذا إذا ذُكر لأحدهم اسمه تعالى، وجد نفسه ذاكرةً له مقبلة عليه، كما إذا ذُكر له ما هو معروف عنده من المخلوقات(1)». ولا أحد يستطيع أن ينكر هذه الحقيقة الثابتة إلاّ إذا كان سفسطائيا ناكرا لبداهة الفطرة الإنسانية. ولذلك فإن معرفة الله «في الفطرة أثبت وأقوى، إذ كان وجود العبد ملزم وجوده، وحاجاته معلّقة به تعالى(2)». لكن هناك اعتراضات جدّية تمسّ سلطة الأغلبية وتقوّض التعويل على الفطرة في مسألة لاهوتية بهذه الدقة واللطافة.

وفي داخل العالم الإسلامي هناك من أنكر هذه الإمكانية، كما ذكر الرازي، إذ أن علماء الكلام «أطبقوا على أنه ليس من كل ما يحكم به جمهور الخلق بحسب ما لهم من الفطرة الأصلية والغريزة السليمة، وجب أن يكون ذلك الحكم حقا(3)». فالكثرة، يقول القاضي عبد الجبار «ليست من أمارات الحق، ولا القلة من علامات الباطل(4)». بل إن هناك أدلة من القرآن تذمّ الأكثريّة مثل "وأكثرهم للحق كرهون"؛ "وأكثرهم لا يعلمون"، وتمدح الأقلية "وقليل ما هم"؛ "وما آمن معه إلاّ قليل"؛ "وقليل من عبادي الشكور". يعني أن الأغلبية لا تدل على حقيقة الشيء، كما أن الأقلية ليست مجانبة للصواب. وقد سأل أحدهم عليّا بن أبي طالب: أترى أن أهل الشام مع كثرتهم على الباطل وأهل العراق مع قلتهم على الحقّ؟ فقال له: إنه لملبوس عليك، الحقّ لا يُعرَف بالرجال، وإنما الرجال يُعرفون بالحق. اعرف الحق تعرف أهله قلّوا أم كثروا، واعرف الباطل تعرف أهله قلّوا أم كثروا.

القاضي عبد الجبار يستشهد بقولة لابن مسعود جاء فيها إن «الجماعة ما وافق طاعة الله وإن كان واحدا(5)». وبعد، يعترض القاضي، إذا نظرنا إلى السواد الأعظم من الناس، الذي هو "الخلق الكثير" فإننا نجد فيه مذاهب وفرق متباينة تناقض إحداها الأخرى، السؤال هو «كيف يصح، ومذاهبهم متضادة، أن يتبعهم؟(6)» ولمَ صار اتباع المشبّهة والحشوية أولى من اتباع المعطلة؟ أليست هذه الطريقة، هي طريقة «من يدين بالتقليد، ويتبع من يعظّمه من رؤسائه، ولا فرقة إلاّ ولها رؤوس، ومعلوم أن الكثير قد يقع منهم الخطأ، ومن القليل الصواب(7)». والدليل الأقوى على ذلك أن الذين استجابوا للأنبياء هم قلة بالإضافة إلى من فارقهم. هناك أيضا مثال عملي يبيّن أن الكثرة ليست هي الحكم الفصل، وهو أن أحدنا إذا أصيب بعلّة في جسده مثلا فهو لا يركن إلى رأي أي انسان اتفق بل يرجع إلى المحقق المختص: «لو دُفع أحدكم إلى نفع وضرر له في دنياه، لكان لا يتبع إلاّ أهل البصر والأمانة وإن قلّوا دون الكثرة، فكيف يسوغ لكم اتباع الكثرة الذين إذا اتبعناهم وجدناهم منهمكين في طريق الجهالة(8)». القرآن نفسه جعل الحكم في الدين، هكذا يقول القاضي، لمن تفقه لا للكثرة، وقال فاسألوا أهل الذكر ولم يقل فاسألوا الكثرة(9).

إن اعتراضات القاضي عبد الجبار والرازي وجمهرة من علماء الكلام المسلمين ضد حجة الإجماع، لها ما يوازيها عند مفكرين غربيين مثل بيار بايل، الذي جابه هو نفسه هذه المسألة وأجاب نافيا أن يكون اجماع الأكثرية هو منهج صحيح للتقرير في مسائل الدين. التعلل بإجماع الأغلبية والزعم بأن حكمها في العديد من المسائل له الأسبقية، مثل الأعمال الفنية والشعر والرسم والبلاغة، فهذا وإن كان صحيحا، فهو لا يمتدّ لكي يشمل مسائل دينية لاهوتية دقيقة. صحيح أنها أمارة كمال وحذق في الأعمال الفنية، حينما تنال إعجاب الجميع، العامة والمختصين. إن قصيدة شعرية، يقول بايل « نالت إعجاب أكبر حذاق الشعراء، وليس الجمهور، لا تساوي قصيدة نالت إعجاب الجمهور وأكبر حذاق الشعراء معا. يجب أن ينقصها لا أدري ماذا، نظرا إلى أنها لا تنفذ أبدا إلى العمق مثل الأخرى، ولا تستطيع أن تشعّ في أغوار النفوس الأكثر انسدادا(10)»
. ما يُقال في الشعر يمكن أن يقال أيضا بشأن نص أدبي ولوحة فنيّة وتمثال. لكن إذا أريد اقناعنا بأن عملا من هذه الأعمال قوبل بإعجاب من طرف الجمهور كافة، وقوبل بإحتقار من عدد قليل من المختصين، هو أكمل من عمل نال إعجاب العدد القليل من العارفين، والإحتقار من طرف الجمهور، فهذا من الصعب التسليم به. نفترض، يقول بيار بايل، شيئين أو ثلاثة 1) أن نجمّع كل سكان مدينة لكي نعلم رأيهم بشأن لوحة نريد اقتناءها. 2) أن عددهم ثلاثة آلاف، وبينهم عشرون من الرسامين. 3) وأن هذه اللوحة بدت رديئة لهؤلاء العشرين وجميلة للآخرين «أنا ـ يقول صاحب هذا الإفتراض ـ سوف أعوّل أكثر على حكم هؤلاء الأشخاص العشرين بدلا من حكم 2980 الآخرين، وأنا متيقّن أنكم تعتقدون أنني أشبه في هذا الأدمغة الأكثر حصافة(11)».
هذا لا يعني احتقار العامة أو اخراجها من الانسانية العاقلة، فالناس الذين هم ليسوا برسّامين ولا عرّيفين، يمكنهم رغم ذلك أن يتفطّنوا إلى نقائص غابت عن المبدع. لكن صلوحيات الأغلبية لها حدود، ذلك أن في مسائل دقيقة ووعرة مثل التعاليم اللاهوتية والاعتبارات الفلسفية ليس للجمهور فيها باع، والرأي الصواب أو الحكم الفصل لا يعود إليها: في كل هذه التعاليم يبدو أن إجماع عدد قليل من الناس أفنوا عمرهم في دراستها والفحص والتدقيق فيها، هو أكثر وزنا من أغلبية ساحقة من الناس لم يقرؤوا شيئا في حياتهم ولم يتأمّلوا أبدا، ولم يفحصوا في شيء، ويكتفون بالإنقياد لخيالاتهم وأحكامهم المسبقة. إن مسألة وجود الله، يقول بايل، « تنتمِي في نفس الوقت إلى الدين وإلى جليل الفلسفة، وانظروا بعد هذا هل أن الجمهور هو في وضعيّة تخوّل له الحكم(12)».
ولا يمكن أيضا أن نُسْلِم في أيدي الأغلبية مسائل متعلّقة بعلم الفلك أو الرياضيات أو الفيزياء. إن السيد كاسّيني (Cassini) يقول بايل، هو لوحده أكثر مصداقية من مائة ألف شخص لا يعرفون لا آ ولا بآ. وكوبرنيك الذي انتصرت نظريته في حركة الكواب، ألم تقف ضدّه، بمفرده، كل المدارس وكل الشعوب؟ الإشكالية هي أن حجة أصحاب الفطرة والإجماع تعتمد على واقع عيني هم ، أنفسهم، مطالبون، قبل خصومهم، بسبره واستنفاذه بالكامل. اعطوني خريطة جغرافية، يعترض بايل، وانظروا كم بقيت من الأراضي التي لم تُكتشف بعد، ومن الشعوب في عمق الأدغال التي لا نعلم أديانها ولا تصوراتها عن الإله. وحتى إن استطعنا تجاوز هذه المعضلة، ماذا نقول في الشعوب التي حدّث عنها المؤرخون القدامى والفلاسفة والشعراء (سترابون، ثيوفراسطس، هوميروس) أو الرحالة المحدثون الذين اكتشفوا شعوبا لا تعترف بأي إله، ولا تدين بأي دين، وليست لها معابد، ولا أضرحة، ولا أضاحي، ولا رجال دين؟(13).

ثم إنه لكي يحوز الاستدلال بالإجماع على شيء من الإقناع ينبغي معرفة هل أن الديانة الوضعية المعتنقة عند شعب ما، بعد أن كان بلا ديانة أو كانت له واحدة وتخلى عنها، اعتنقها دون تحقيق ونظر أو عن طريق فحص صارم وعميق؟ إذ أن تلك الديانة لو تم اعتناقها عن طريق اتباع أعمى أو بإملاء من حاكم متسلّط أو عن طريق الغزو والحرب، فإن اعتناقها من طرف أغلبية الأشخاص منذ ذلك الوقت، لا يفيد في شيء للبرهنة على حقيقة تعاليم تلك الديانة ولا يُضفي أي مصداقية على إجماع الناس حولها. نحن نعلم أن دينا ما، مهما كانت درجة لاعقلانيته، يمر من الآباء إلى الأبناء دون عائق، ويتم إيصاله عن طريق التقليد إلى الأجيال اللاحقة بكلّ يُسر. ولتفادي هذا المأزق أنكر المعتزلة أن تكون معرفة الله ضرورية نابعة من الفطرة المستقرة في طبيعة الإنسان، وذهبوا إلى القول بوجوب النظر والاستدلال للبرهنة على وجوده. إن العلم بوجود الله هو علم اكتسابي، يقول القاضي عبد الجبار، فهو «يقع بحسب نظرنا على طريقة واحدة ووتيرة مستمرة، فيجب أن يكون متولّدا عن نظرنا، وإذا كان كذلك فالنظر من فعلنا فيجب أن تكون المعرفة من فعلنا … وإذا كان من فعلنا لم يجز أن يكون ضروريا، لأن الضروري هو ما يحصل فينا لا من قِبلنا(14)». هناك دليل آخر يسوقه القاضي ليثبت أن العلم بالله ليس غريزة فطرية في الإنسان، وهو أنه لو كان كذلك لما «اختلف العقلاء فيه كما سائر الضروريات من سواد الليل وبياض النهار، ومعلوم أنهم مختلفون فيه، فمنهم من أثبته ومنهم من نفاه (15)».

ثم إنه لو كان ضروريا فطريا لما استطاع أي أحد أن ينفي عن نفسه إمكانية العلم بوجود الله بسبب شكّ أو لأجل شبهة طرأت عليه. لكن واقع الحال يُبيّن عكس ذلك، إذ أن هذا النفي للإله موجود حتى في صلب الحضارة الإسلامية، كما يقرّ القاضي عبد الجبار حيث أنك «تجد كثيرا ممن برز في الإسلام واشتهر به قد ارتدّ وكفر ونفى عن نفسه العلم بالله، كابن الراوندي وأبي عيسى الوراق(16)».

هناك حجة أخرى يسوقها القاضي، ضد من يقول بأن معرفة الإله تأتي عن طريق تقليد الأغلبية، ذلك أن التقليد لم يكن يوما بابا لطلب اليقين، وهو من النقص بحيث أن القاضي لم يعره اهتماما كبيرا. قال «التقليد هو قبول قول الغير من غير أن يطالبه بحجة وبيّنة حتى يجعله كالقلادة في عنقه، وما هذا حاله لا يجوز أن يكون طريقا للعلم. ولهذا لم نذكره في الطرق المذكورة(17)». السبب في أن التقليد لا يولد أية معرفة، وغير قابل للتصنيف في باب مناهج اكتساب العلوم، هو أن المقلد، يقول القاضي، «لا يخلو إما أن يقلّد أرباب المذاهب جملة، أو لا يقلّد واحدا منهم إذ لا معنى لتقليد بعضهم دون بعض، لفقد المزية والإختصاص: لا يجوز أن يقلد أرباب المذاهب جملة لأنه يؤدي إلى اجتماع الإعتقادات المتضادات، فلم يبق إلا أن لا يقلّد واحدا منهم ويعتمد على النظر والاستدلال(18)».

إن وجوب النظر يتقدّم على الشرع، إذ أننا إذا قدمنا الشرع لزم إفحام الأنبياء وتعجيزهم عن إثبات نبوّتهم في مقام المناظرة «إذ يقول المكلف ـ حين يأمره النبي بالنظر في معجزته، وفي جميع ما تتوقف عليه نبوته من ثبوت الصانع وصفاته ليُظهر له صدق دعواه ـ لا أنظر ما لم يجب النظر عليّ، فإنّ ما ليس بواجب عليَّ لا أَقدِم عليه. ولا يجب النظر عليّ ما لم يثبت الشرع عندي، إذ المفروض أن لا وجوب إلاّ به. ولا يثبت الشرع عندي ما لم أنظر، لأن ثبوته نظريّ، فيتوقف كل واحد من وجوب النظر وثبوت الشرع على الآخر، وهو محال. ويكون هذا كلاما حقا لا قدرة للنبي على دفعه، وهو معنى إفحامه(19)». إلاّ أن خصوم المعتزلة يردون بأن المسلمين مجمعون ليس على وجوب المعرفة النظرية، بل على عدمها: «وذلك لتقرير النبي والصحابة وأهل سائر الأعصار ـ إلى عصرنا هذا ـ العوام على إيمانهم، وهم الأكثرون في كل عصر مع عدم الاستفسار على الدلائل الدالة على الصانع وصفاته، بل مع العلم بأنهم لا يعلمونها قطعا، إذ غاية مجهودهم الإقرار باللسان والتقليد المحض الذي لا يقين معه. ولو كانت المعرفة واجبة لما جاز ذلك التقرير والحكم بإيمانهم(20)».

أهل الإيمان الصرف يتعللون بأن النظر في معرفة الله وصفاته وأفعاله والعقائد الدينية والمسائل الكلامية هي «بدعة في الدين، إذ لم ينقل عن النبي والصحابة الاشتغال به، أي بالنظر فيه، ذكر. ولو كانوا قد اشتغلوا به، لنقل إلينا لتوفر الدواعي على نقله، كما نقل اشتغالهم بالمسائل الفقهية على اختلاف أصنافها(21)». وما يثبت ذلك هو أن النبي نهى عن الجدل في الدين، وقال «عليكم بدين العجائز، ولا شك أن دينهم بطريق التقليد، ومجرّد الإعتقاد، إذ لا قدرة لهنّ على النظر(22)».

2- التأرجح بين اليقين والريبية
ضد اليقين الفطري من وجود الله الذي يزعمه ابن تيمية، وخلافا لكل من يدّعي معرفة أفعال الإله وصفاته وأوامره ونواهيه، يورد الرازي أقوالا مناقضة، تبيّن على العكس من ذلك ألاّ هناك يقين البتة، وأن الإنسان قاصر على معرفة ما هو أظهر وأقرب له، فما بالك بما هو أبعد وأغمض: «إن أظهر المعلومات لجميع العقلاء هو علم الإنسان بذاته المخصوصة ومعرفته بنفسه المخصوصة، ثم هذا العلم، مع أنه أظهر العلوم وأجلى المعارف، قد بلغ في الصعوبة والخفاء إلى حيث عجزت العقول عن الوصول إليه. وإذا كان الحال في أظهر المعلومات كذلك، فالحال في أبعد الأشياء عن مناسبة الأمور المعلومة للخلق كيف يكون؟(23)».

نحن لا نعلم شيئا عن الإله، فالعقول، يقول الرازي عجزت عن إدراكه «وضعفت الأوهام والأفهام عن الوصول إلى ميادين إشراق كبريائه، وإليه الإشارة بقول صاحب الشريعة: "إن لله سبعين حجابا من نور، لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل ما في السماوات والأرض". وكان بعض الصالحين يقول: "سبحان من احتجب عن العقول بشدّة ظهوره، واختفى عنها بكمال نوره"». وإذا عرفت هذا، يواصل الرازي، فإن العقل يصبح «عاجزا عن إدراكه وعرفانه(24)». أما إذا ما اجتهد علما

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نهج الإلحاد (2)

13-تشرين الثاني-2010

نهج الإلحاد (1)

19-تشرين الأول-2010

نيتشه والرجعية / ج1

24-نيسان-2009

الإحترام والتسامح بين المسيحية والإسلام/جوليو تشيبلوني-ت

18-آذار-2008

الإحترام والتسامح بين المسيحية والإسلام / جوليو تشيبلوني ــ ت

18-آذار-2008

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow