Alef Logo
مقالات ألف
              

وأيضا صباح الخير أيها الخراب

ماجدة سيدهم

2011-01-12

الفعل التراكمي للحدث اثر التراكم السرطاني للفوضى واختلال المفاهيم ،
مع الدقائق الأولى للعام الجديد 2011 شربنا كأس الرعب والهلع ،تبادلنا التعازي، تدفقت الرهانات المتوقعة عن وقوع حدث تخريبي حتما سيقع، وتحول التوقع إلى واقع مأساوي جديد ،انفجار أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية في احتفالات رأس السنة (احتفال وانفجار في ذات الشارع واللحظة..؟!!)
بينما يدق العالم كله نواقيس الفرح والتهليل بولادة عام جديد وبينما تمسح عيوننا روعة ابتكارات الاحتفال عبر الفضائيات في كل الأرجاء والأنحاء بمختلف عقائدها ومعتقداتها،هي مسابقات الجمال والفرح ،يدق في أرواحنا أيضا طبول انفجار مدوي تطايرت له أجساد مزقت بجهل وتوحش ، أيضا هي مسابقات وابتكارات الخراب المخطط
لا يشك احد منا للحظة واحدة في الجهود الأمنية الضخمة التي باتت في حركة يقظة حول الكنائس ليلة الاحتفال بأعياد رأس السنة ،ومساحة الاهتمام والحذر خشية وقوع حدث باليقين ترقبه جموع المصلين من الأقباط – كانت الهمهمات علي سبيل :" ترى هل سيفجروننا الآن - وماذا عن أطفالنا الذين يحتفلون بالبابا نويل في قاعات الاحتفال - هل نكمل الصلاة - نحن نأتي وفى كل مرة ندرك انه لن نعود إلى منازلنا ثانية - لا بأس فلنمت إذا كتلة واحدة - ماذا في احتفالاتنا من جريمة ليحمل بعضهم كل هذا الغضب والعنف و...و..."، بينما هذا الحدث إشارة محددة إلى المصريين جميعا،هذه المرة المأزق حرج جدا ، فالحدث وان كان يخص فئة بعينها فالمصيبة الأعظم أنها تطعن المصريين بلا استثناء خاصة هذه المرة على وجه التحديد، وخاصة مع ذكرى مرور عام موجع على حادثة نجع حمادي والتي لم يبت فيها حتى الآن ،ثم أحداث كنيسة سيدة النجاة بالعراق وما تلاها من تهديدات لا أقف عندها لوضاعتها وشذوذها ووحشيتها لفرط نهمها الفظ لإراقة الدماء وشهوة التمتع بالصراخ وإثارة الفوضى والرعب والرغبة الملحة في التدمير و كما جاءت واضحة على صفحات النت خبر بتهديد القاعدة بالعراق للكنيسة المصرية ، لن أقف عند هذا الخبر- ليقيني الواثق أن المستهدف هو وطني مصر بالكلية ، شعبي كله دونما استثناء، وان مثل تلك التهديدات لا علاقة لها بدين عشنا وتربينا ونضجنا وانصهر كلانا في الآخر- ولا ندرك غير الالتحام الفطري بيننا ،وسنظل كذلك رغم انف الجهلاء الناشزين ، الشعب المصري بفطرته لا يعرف العنف ولا يجيد لغة الانقسام غير في قسمه خبزه ، شعبي يكفيه من معاناته اليومية ما يهد الجبال، بينما بات ما نـُحسد عليه هو الآمان الذي يميزنا عن سائر بلاد العالم، الآمان الذي يجعل الحياة ضاجة بالحيوية واليقظة دونما ليل يحل أو نوم لأجفاننا يسعى ، دونما خوف على بناتنا ونساءنا وأطفالنا حتى ساعات متأخرة أبوابنا مفتوحة، رغيفنا مكسور ،وماؤنا عابر طريق ، الآن نـُضرب في خصوصياتنا وأهم مظاهر حياتنا جمالا وتميزا والتي يشار إليها خارج حدود الوطن وهو أمننا ، بات على الهاتف طيلة الأمس الصديق الدكتور صلاح الحمادي أستاذ أمراض الكلى والمسالك البولية بمركز الكلى- كلية الطب جامعة المنصورة ، رحنا في ثرثرة طويلة نقلب صفحات التاريخ،وشفافية العلاقات الحميمة، نفسر تفاصيل الحدث وطبيعة شعب يسكن تاريخه ضفاف السكينة ،لا يعرف من الضرب غير ضربات الفأس ،شعب اختلط فيه ملح قناعته بعرق كفافه ليصير الكل واحدا ،نمسك بخيوط البداية ومن المسئول ،الخيوط متشابكة -والهدف هو الطعن في مقتل، الإطاحة بوطن بأكمله دونما تمييز،وبينما تتوالد البيانات وتختلف الآراء وتتضارب الأرقام وترتبك التبريرات عن عجز المواجهة - نجده الشارع صبح اليوم الأول يعم هما وانكسارا وخوفا واستنكارا بيناً - بل واعتذارا دونما تتفوه بدورك بكلمة واحدة – نعم الخيبة تشملنا كلنا ، والخراب يشوه كل استقرار وأمل وحلم، يسعى متبجحا إلى كل حارة وزقاق وسكن صفيحي بالفقر مكدس ، ويسأل البعض مستنكرا أين مسئولينا العظام ؟ والجواب بلا شك حرج وأسف ، وأين موقف مسلمي شعبي ( اعتذر جدا عن هذا التصنيف القبيح )إزاء هذا الفعل الهمجي ،ولماذا لا تقوم المظاهرات الشعبية تعلن رفضها وغيرتها والتحامها في صوت واحد على غرار مباريات كرة القدم ؟بينما أراه هو خير ردة فعل -فالغضب الصامت لناس شعبي ما هو الاّ طعنة صائبة في صلبه وأمنه ومستقبله ،واكررها في كل مجلس وسطر ولحظة- شعبي مستنزف القوى ، لاهثا وراء عيش يومه البسيط - وسد احتياجات تلاحقه كل مطلع نهار، تؤرق مضجعه أحلام وتطلعات أبناء يتعلقون بعنقه وكنف حمايته من بزوغ فجره وحتى محط رأسه بين كفيه كي يرقد أينما كان ، فأين له من الوقت ليهدره في انتهاكات أو مظاهرات أو تخريب ، شعبي يفهم جيدا ويعي بالفطرة جيدا أن الأمر تجاوز حدود التجاوز وبات الكل مهددا ،وبينما انزل الشارع أفتش بين وجوه وملامح التعبى -علني اشد وجها قاسيا ،مفعما بالغضب والتربص -اسأله مفترش الرصيف، ملتح حتى جلبابه القصير وبنطاله المشنوق بالترهل ،عما يبيع من أكياس متراصة فبادرني بتهنئة مذيلة بأسف الحدث القبيح ما دفعني لابتاع منه أي شيء ،ويبقي السؤال من هم ..؟ ومن الذي يدعم تخطيطهم وتمويلهم وإلغاء العقل وسحق أفكارهم ..؟ كيف وصل الحال بشباب وطني إلى حد مصافحة العداء الشديد لنفسه ومقته المفتخر لأهله وبلده وتراثه وتاريخه ،أن تتملكه شهوة الانتقام من كل جميل ، تشويه كل ما هو إنساني ، أن يلتذ بإثارة الهلع والقتل وبث الخوف لمجرد الاختلاف وكالجرذ يفر ميتا أو هاربا - منصتا نهما لصوت الحماقة ،متوهما بخياله المتواضع انه هكذا يصنع أمرا إلهيا كلف به كمختار دون سائر البشر..! ،وهل يمثل هذا الحدث الحزين تصريحا مباحا- وتشجيعا للمزيد من الاختراق ونحن على أبواب أعياد يناير لتتسابق التكهنات تباعا مابين إلغاء احتفالات الميلاد أو المجازفة وليكن الموت الجماعي إذا تجديدا لعصر الاستشهاد..!- هل سنقف مكتوفي الأيدي أمام هذا كل هذا الهراء المعلن لتفتيت روح بلد حظي عن سائر الشعوب بنعمة إلهية " مبارك شعبي مصر " .
كفى وكفى وكفى ، صرخة إلي شباب وطني ،انتبهوا ،لا تظنوه صالحا ما انتم تقدم عليه، فأنتم في مقدمة المستهدفين ، ولستم أكثر من قرابين ساذجة يزج بها تباعا إلى مائدة الشره الدموي ، انتبهوا انه مخطط لتدميركم أولا ، لإبادة مستقبلكم -كسر أحلامكم وإلغاء العقل والمنطق و كل ما هو إنساني فيكم ، أن تموتون قبل أوانكم ،فأنتم مجرد كومة هشة وعبء اعمي - هكذا انتم في أعين خادعيكم - فأي شهادة ترجونها في جرائم قتل وتخريب وسلوك عشوائي ، بينما مدعو كل منكم لصنع الجمال،ليكون إنسانا جديرا بالحياة .
وليس أخيرا وطنك مسؤوليتك .مصر مسؤوليتنا دونما استثناء -وهذا قدرنا.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

الروح يمكنها أن تتألق في الصلاة أو البار أو عند المضاجعة 1/ 4

09-تشرين الثاني-2019

قد نرحل يا صديقي

22-كانون الأول-2018

نساء بلا حيض

09-حزيران-2018

انطلقت الشحرورة وما غرب الصباح

10-أيلول-2016

نصان

16-تموز-2016

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow