Alef Logo
مقالات ألف
              

من أم نضال فرحات إلى أم البوعزيزي

حسين عيطة

2011-01-24

ما الذي بقي لنا كعرب و لم نفشل به, كم من الأحزاب و البرامج كتبت و أُعلنت و لم تُغير شيئا ً من واقعنا ؟ لم يبق لنا كمجتمعات إلا الأحرار يحرقون أجسادهم و أحلامهم احتجاجا ً على حال لم يعد يسر لا عدو و لا صديق.
لقد اسقط الاحتلال الإسرائيلي ثلاث من أبناء من أم نضال فرحات في غزة, كما أسقط الفقر ابن الأم العظيمة محمد البوعزيزي ,
البوعزيزي يكافح كي يحفظ كرامته , فهو حامل الشهادة الجامعية ولكن سوء الحال وعدم وجود فرص عمل , دفعه كي يرتزق على عربة الأمل يبيع عليها الخضروات والفواكه لإنقاذ ما أبقت لهم الحياة من رمق.
نار الانتقام والحقد طالت أولاد الفرحات و جعلت أجسامهم تذوب مع حشوات الصواريخ التي أطلقت عليهم من الطائرات , أما النار التي أحرقت جسد البوعزيزي فلم تكن كنار إبراهيم برداً و سلاما ً , بل كانت أشد سخونة من حمم البراكين , لقد أيقظت هذه النار ضمائر الأحرار التي كان سباتها يضجر السكون .
أمُ البوعزيزي تستنهض شعوب المغرب العربي بأحرارها , و أم نضال الفرحات تُسقط مشاريع الاستسلام و العربدة الصهيونية بشهدائها .
كان معظم المثقفين العرب يستثني دول المغرب العربي من أي تغيير باعتبارها بعيدة عن ساحات الصراع العربي الإسرائيلي , و متصالحة مع حكومات أوروبا , ولكن المفاجئ هو ما جرى في تونس من انتفاضة شعبية لا تحمل أي هوية أوعنوان , سوى لون الشحوب و الاكتئاب و الإحباط .
لم تستطع المعارضات المختلفة و الدساتير و الديمقراطية المزعومة أن تنقذ أرواح من سقطوا و أولهم محمد البوعزيزي الذي تحول إلى رمز عظيم دون أن يكتب ديوان شعر أو ينال جائزة أو وسام كما هي العادة.
إذا كان أبو ذر الغفاري يقول : عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج إلى الناس شاهرا ً سيفه , فكيف بمن لا يجد عملا ً ولا أملا ً و لا حلما ًو لا بيتا ً حتى , هل عليه سوى حرق جسده , كي يجعل الآخرون يخجلون من أنفسهم لأنهم بقوا أحياء وهم يشاهدون هذا الحرق العظيم !!
أم نضال فرحات و أم البوعزيزي فخورات بما صنع أولادهم , أمهات غزة جميعا ًو سيدي بو زيد تصنعان بهذا الفخر تاريخا ً جديدا ً يصعُب فهمه من قِبل من يديرُ الظلم على هذه الأرض .
ألا يطرح هذا الحدث سؤالا ً فلسفيا ً كبيرا ً, عن معنى ومستوى الشجاعة ؟ عندما يقرر إنسان ما أن يستشهد فداء ً لوطن فهذه لحظة واحدة, ولكن عندما يقرر حرق نفسه فداء ً للوطن أيضا ً, فهذا عمرٌ من ملايين اللحظات.
بعيدا ًعن الوصف والإنشاء, لقد احترق كبريائنا, عندما اجتاحنا الضعف و الخنوع.
لأن الأمل يحتاج إلى ضوء كي يصبح أملا ً , فإن ضوء النار المنبعثة من جسد البوعزيزي و الآخرين والتي مازالت تشتعل فينا , هي أمل الأيام القادمة .
حسين عيطة

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

مصر وحكايات أخرى

21-شباط-2011

من أم نضال فرحات إلى أم البوعزيزي

24-كانون الثاني-2011

الدين هو الحل ؟

07-تشرين الثاني-2010

البشرية، إلى أين ؟

23-تشرين الأول-2010

رحم برسم الإيجار

16-تشرين الأول-2010

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow