Alef Logo
يوميات
              

في حبّ مصــر

فاطمة ناعوت

2011-04-01

"ادخلوا مصرَ إن شاء اللهُ آمنين"، كتبها القرآنُ حين رحّب النبيُّ يوسف بأبيه يعقوب على أبواب مصرَ الطيبة. "مباركٌ شعبي مصر" كتبها العهدُ القديم تيمنًا بدخول السيد المسيح بعائلته المقدسة مصرَ مدينةً إثرَ مدينة، يستظلّون بوارف شجرها، وأنبتتِ العذراءُ زهورَ البلسم بأرضنا السخيّة، فامتلأت بركةً ونورًا ومحبةً وتسامحًا. احتضنت مصرُ الأنبياءَ فكرّمها اللهُ في كتبه، وحفظها خمسين قرنًا رغم مطامع الغزاة والطغاة. مصرُ، درّةُ الدنيا، نحملها، نحن أبناءها، في قلوبنا أيقونةَ فرح، وفوق هاماتنا إكليلَ فخر.
هكذا اجتمعنا على حب مصرَ، الخميس الماضي في نادي "كنيسة العذراء" بوكالة البلح. مصريون لا يجمعنا إلا حبُّ مصر التي أتقنت، عبر تاريخها، احتضانَ بنيها دون حسابات سياسية أو إثنية. جمعتني المنصّةُ بالمثقف أمير رمزي، المستشار بمجلس الدولة ، والكاتب الساخر فيليب فكري، على شرف ضيافة الأب يسطس منير، كاهن الكنيسة، والشيخ محمود عمّار إمام مسجد "الخضراء" بالوكالة، والشيخ رضا عبد المقصود إمام مسجد "الآخر" بالزمالك، فكان لقاء ثريًّا وسط حشد من مئات الحضور من أبناء تلك المنطقة التجارية الشعبية الرائعة. قام بالأعمال التنظيمية صبايا وصبيان الكشافة من خدّام الكنيسة الذين مثل الزهور ترتوي من ندى مصر. تحمل صدورهم علم بلادنا الحبيبة. وبدأ اللقاء بالنشيد الوطني الذي لا يسمعه مصريٌّ إلا وخفق قلبه حبًّا. شرح لنا المستشار طبيعة المرحلة التي تمرُّ بها مصر الآن من الناحية الدستورية والقانونية. وحذّر من "العدوان الرباعي" الذي يجتاح مصر منذ عقود: الجهل، الفقر، المرض، الفوضى. مطالبًا كل مصري بالقيام بدوره التثقيفي والتوعوي لكل مصريّ آخر، حتى نقاتل جميعًا يدًا واحدة أولئك الأعداءَ الأربعة المتربصين بمستقبلنا. فالناس حين يعرفون الحقَّ، فإن الحقَّ هو الذي يحررهم. وتحدث فيليب فكري عن كتابه الجميل: "أنا م البلد دي، يوميات قبطي ساخر"، الصادر حديثًا عن دار ميريت، قائلا إنه اكتشف أن أعقد الأمور وأخطرها، بوسع المصريين تقبّلها وتمريرها عبر نكتة. ذلك الشعب الذي لا يباريه شعبٌ آخر في خفة الظل واستخلاص البسمة من المحن. لذلك اختار أن يسجّل ما يمرّ به من "مشاكسات" يسببها له اسمُه الصريح "فيليب" في مجتمع يدين معظمه بالإسلام، عبر مواقف طريفة، تجاور بين الابتسام وبين التأمل العميق لأمور قد نأتيها، نحن المسلمين، ربما دون قصد، فتجرح أشقاءنا المسيحيين. الأمر الذي جعل الشيخَ يحتضن المؤلف بعد عرض الكتاب، كأنما يعتذر له عما يأتيه بعضُنا عن جهل وانخفاض وعي. وتكلمتُ عن رقيّ هذا الشعب الذي لن تنفصم عروتُه أبدَ الدهر، بإذن الله، مهما حاول أعداءُ الحياة كارهو الجمال. وفي هذا قال أحمد شوقي: "نُعلي تعاليمَ المسيح لأجلهم/ ويوقّرون لأجلنا الإسـلامَ/ الديـنُ للديَّان جـلَّ جلاله/ لو شاءَ ربُّك وحّد الأقوامَ." فوجود أقباط ومسلمين في مصر، هو أهم أسباب ثرائها. وحين يقول تعالى: "لا إكراه في الدين"، فلأنه يريدنا أن نعبده حبًّا واختيارًا لا قسرًا وجبرًا. فإن كان اللهُ جلّ علاه قد منحنا حرية الاعتقاد، فهل نغتصبُ لأنفسنا حقًّا تنازل اللهُ عنه، فنجعل من أنفسنا الضعيفة آلهةً، حاشا لحق الله وحده، نعاقبُ الناس ونقيّمهم؟! كلُّ بني آدم خطّاءٌ، فهل يحاكمُ خطّاءٌ خطّاءً؟ علينا أبناء مصر أن ندين بدين الحب، كما قال ابن عربي، لكي ننجو من شرك مقيت اسمه الفتنة الطائفية، لا سمح اللهُ لها أن تكون بمصر. يا أولاد بلدي، محبةُ الناس جميلةٌ، وسهلة، وتقرّبنا من الله ومن نعمته. لا تسمحوا لأحد أن يستلبها من قلوبنا، كيلا تذبل، وتجفّ، فتسقط مثل ورقة خريف عطشى.
وفي نهاية الأمسية الرائعة، صعدت للمنصة طفلةٌ لا أجمل منها، اسمها جونير هاني جرجس، أهدتني زهورًا بيضاء، هي تلك التي تسطعُ فوق مكتبي الآن، وأظنُّها لن تذبل أبدًا. أما الخميس 7/4، فكان وعدٌ بأمسية جديدة تجمع بين تواشيح الشيخ الهلباوي، وترانيمَ قبطية بصوت ماهر فايز. تعالوا.
[1] - جريدة "المصري اليوم" 28/3/11 خاص ألف الكترونيا

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

يا الله، من رسم الخطوط حول الدول؟ ترجمة:

07-تشرين الأول-2017

«الشاعر» هاني عازر

20-تموز-2014

نوبل السلام لأقباط مصر

28-حزيران-2014

هنركب عجل

18-حزيران-2014

النور يعيد السيدة العجوز

11-حزيران-2014

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow