Alef Logo
المرصد الصحفي
              

إحضري حالاً

جمانة حداد

2011-04-25

دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون المرأة العربية إلى اغتنام رياح التغيير التي تهبّ على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتعزيز حقوقها، وقال في بيان صدر أخيرا عن مركز إعلام الأمم المتحدة "إن ثورتي تونس ومصر تمثلان اكبر فرصة من أجل إعطاء دفع للديموقراطية وحقوق الإنسان. وإذا ما تم التصرف في هاتين الثورتين بشكل صحيح فإنهما ستشكلان نموذجا يُحتذى به في تحولات مماثلة في العالم العربي وحتى خارجه". ودعا بان كي مون القوى الدولية إلى تقديم دعم قوي للنساء في هذين البلدين.

السؤال يطرح نفسه، وبقوّة: متى تنفجر "قنبلة" المرأة العربية؟
لعلّ الأمين العام لم يطّلع على واقع الحال قبل أن يعبّر عن تفاؤله برياح التغيير التي هبّت على العالم العربي، والتي حان لها أن تلفح وجوه النساء العربيات وحقوقهنّ وحيواتهنّ المرتهنة. هاكم عيّنة من الأرقام على الأرض: حكومة ما بعد الثورة في تونس تضمّ 21 وزيراً، بينهم وزيرتان لا غير (حبيبة الزاهي للصحة، وليليا العبيدي لشؤون المرأة). أي أن نسبة مشاركة التونسيات في الحياة السياسية الجديدة هي 0,09 في المئة. أما في مصر، فحكومة عصام شرف تضم 25 وزيراً، بينهم وزيرة واحدة هي فايزة ابو النجا للتخطيط والتعاون الدولي. أي أن نسبة المشاركة النسائية هي 0,04 في المئة. فأيّ تغيير، وأيّ ثورة؟
قد رأيناهنّ جميعاً، نساء تونس ومصر الباسلات، يشاركن في التظاهرات ويدعون إلى إسقاط الديكتاتوريات ويساهمن في الاحتجاجات. "رأيناهنّ"، أقول، وهو فعل ماضٍ بامتياز. إذ أين هؤلاء النساء الآن، في ساعة تشكّل بنى الأنظمة الجديدة، حيث ثمة حاجة ماسة إلى أصواتهنّ ومشاركاتهنّ الفاعلة في صنع نسيج الحياة المقبلة ومبادئها؟ أيّ ثورات هي هذه إذا كانت المرأة ترضى بأن تكون محض بيدق "يُحرَّك" عند الحاجة، ويُهمَل ساعة القرار؟ أيّ ثورات، اقول، إذا لم تقلب هذه الثورات طاولة البطريركية على رؤوس الظلاميين، وإذا كانت سترسي شكلاً جديداً من أشكال التخلف بدلا من ذاك الذي سبق؟ مَن الرابح في لعبةٍ، نصف المشاركين فيها محض متفرجين. أعني تحديدا "متفرجات"؟
في مصر اليوم نساء يخضعن لاختبار العذرية، ومثقفات يؤكدن أن "المرأة لم تخلق للمشاركة في الحياة السياسية"! أما في اليمن، فالشغل الشاغل لعلي عبد الله صالح، أمام المطالبات الشعبية المحقّة بسقوط نظامه وبناء دولة مدنية حديثة، "جريمة" الاختلاط التي تحدث في شوارع صنعاء بسبب نزول النساء إلى الشارع ومساهمتهن في الاعتصامات!
فهل الثورات التي تجري اليوم في العالم العربي هي ايضاً ثورات نساء؟ في هذا المعنى، هل هي ثورات حقاً؟ ربما من المبكر، والمتسرّع، إصدار حكم قاس حول ذلك. لكنّ الأكيد أن البشائر التونسية والمصرية لا تعد بالخير، وأننا ما زلنا بعيدين عن التخلص من احتكار الذكورة للحياة العامة والخاصة.
في ظل الأنظمة العربية (الساقطة منها وتلك التي لا مفرّ ستسقط) القائمة في معظمها على تجاهل حقوق النساء وانتهاك كرامتهنّ، متى تنتقل المرأة في العالم العربي من لازمة "أعطوني حقوقي" الى صرخة "سآخذها بيديّ، حقوقي"؟ متى تؤمن بأن حقوقها تلك ليست ترفاً، بل أولوية؟ متى تصدّق أنها لم تولد فقط لتتزوج وتنجب وتطيع وتختبئ وتباع وتخدم ذكور عائلتها؟ متى تعي أن الحديث عن الديموقراطية هراء، بدون استتباب مساواتها مع الرجل؟ وأن الحديث عن الحرية هراء، بدون احترام حرياتها؟ وأن الحديث عن التغيير والتحديث هراء، بدون النظر في وضعها وموقعها؟ متى تستشيط حيال الإهانات الهائلة التي تلحق بها وتهدف الى إلغائها يومياً، وفي المجالات كلها؟ متى تقفز من شرنقتها وتتحوّل فراشة شرسة تحفر طريقها بأظفارها الناعمة والحادة في آن واحد؟ متى تستخدم فكرها وصوتها ولسانها، بدلاً من أذنيها فحسب؟ ومتى تكفّ، خصوصاً، عن المساهمة في ترسيخ النظام البطريركي وقيمه البالية وأسلاكه الشائكة: أي متى تولد لنا نساء عربيات لا يكنّ انتقاماً من المرأة؟ ولا يشتهين سرّاً وحصراً المحبس والحبس وما يرافقهما، ولا يحلمن ليلاً بسوى الفستان الأبيض والزفّة والمدعوين والمدعوات، وذلك مهما نلن من الشهادات وتولّين من المناصب؟
عود على بدء: متى تنفجر "قنبلة" المرأة العربية؟ أعني قنبلة قدراتها وطموحاتها وحريتها ومكانتها وحقوقها؟ قنبلة غضبها على ما يُفرَض عليها فرضا وتقبله غالباً كقَدَر من دون مساءلات؟ أعني قنبلة إيمانها هي بنفسها خصوصاً؟
آمل فقط أن تكون موقوتة فعلاً، هذه القنبلة، لا جنيناً ميتاً في رحم هذه المنطقة القاتلة.

عن ملحق النهار الثقافي– جريدة النهار البيرويتية

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

قصائد حب من العالم-ترجمة

26-تشرين الأول-2019

قصائد حب من العالم-ترجمة

07-نيسان-2018

قصائد حب من العالم-ترجمة

21-تشرين الثاني-2016

في انتظار غودو / الدماء والدرس

02-آب-2011

إحضري حالاً

25-نيسان-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow