Alef Logo
يوميات
              

شكرًا، ونكتفي بهذا القدر!

فاطمة ناعوت

2011-04-29

"يا أيها الذين آمنوا كونوا قَوَّامين للّه شُهداءَ بالقسط ولاَ يَجْرمَنَّكم شنآنُ قومٍ على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقربُ للتقوى. واتقوا الله إنّ اللهَ خبيرٌ بما تعملون." سورة المائدة. ولستُ أدرى ما موقع تلك الآية الجميلة من قلوب المتطرفين أعداء الحياة! ألم تمرّ عليهم فيترفقوا بأقباط مصر؟ هذا طبعًا بفرض أن بين المسلمين والمسيحيين "شنآنَ"، وهو البغضاء، والعياذ بالله.
غاضبون مني(!) لأنني أكتبُ حول حقوق أبناء بلدي من منطلق المواطنة، والعدالة، والسعي نحو الجمال؛ إيمانًًا مني بأن أولى خطوات الجمال هي العدل، وبأن اللهَ سيسألنا عمّا إذا شاهدنا ظلمًا ولم نسع لرفعه. تدفعني للكتابة أمورٌ ثلاثة. 1- ما أراه من ترويع للأقباط، وصل حدَّ هدم الكنائس وقتل المصلين، وقطع الآذان، ورفض محافظ مسيحي! 2- صمتُ المسيحيين الأبديّ، تحقيقًا لآية الإنجيل: "يُدافَع عنكم وأنتم تصمتون". 3- قلّة كتابات المسلمين المستنيرين، على كثرتهم، عن حقوق الأقباط المهدَرة منذ عقود. إما يأسًا، أو خوفًا على أسمائهم من التصنيف في خانة قد تُفقدهم قطاعًا من قرّائهم، ممَن يرون، خطأً، أن مَن يدافع عن حقوق "الآخر" هو بالضرورة ضدهم. متناسين أن ضمانة حقوق "الجميع"، هي الضمانةُ الوحيدة لحقوقهم هم، لأنهم جزءٌ من هذا "الجميع". وأكرر للمرة الأخيرة أنني لا أناقش العقائد، فهي شأنٌ خالصٌ لله وحده، تعالى وجلَّ عن مشاركة العباد في شأنه. إنما أناهضُ العنفَ، الفكريّ والجسديّ واللفظيّ والمعنويّ، الذي يمارسه المتطرفون ضدّ أبناء وطني، فيسلبونهم حقَّهم في العيش بأمان في بلادهم! وأكررُ أيضًا أنني لا أناهضُ المتطرفين المسلمين وحسب، بل أي تطرف كان. لذلك هاجمتُ مسيحيًّا ألّف كتابًا عنوانه: "الإعجاز العلميّ في الكتاب المقدس"، محاكيًا ما يصنعه د. زغول النجار على صفحات الأهرام فاتحًا باب الفتنة، والخطأ المنهجي في لبس الثابت بالمتحول، حيث الدينُ ثابتٌ، بينما العِلمُ متبدّل يومًا بعد يوم! ثم يخرج شيخٌ يصرخُ: "لا ولاية لكافر"! غافلاً أنه كافرٌ أيضًا في نظر مَنْ يراه كافرًا. فالإيمان والكفر نسبيّان، وشأنٌ يخص الله وحده. لكن المطلق هو حقوقُ المواطنة لكل مصريٍّ، طالما لم يخن وطنه. ويقسمُ شيخٌ آخر بأنه سيخرج بكل شباب مصر ليهاجموا الأديرة باحثين عن فتاة يظنون إسلامها! وآخرُ يودُّ فرضَ الجزية على المسيحيين "تاااااني"!!! وغيرُه ينتظر "امتلاك الأرض" ليطبّق "الحدود"! ولم نر هذا الشيخ أو ذاك يحثُّ شبابَ مصر على العمل والمعرفة والأمانة والمحبة والجدية والنهوض بمصر! تقلّصَ إسلامُه وتقزّمتْ رسالتُه في مطاردة الأديرة وتغليظ القسم بترويع الآمنين!
ثم يهتف المسيحيون في قنا مع المسلمين ضد المحافظ القبطي: "عاوزينه مسلم- إسلامية رغم أنف الداخلية"!!! صانعين نموذجًا فريدًا للوحدة الوطنية! إن كانت تلك هي الوحدة الوطنية!! وهنا قررتُ أن أبتلع لساني وأصمتَ إلى الأبد. خصوصًا بعد إيميل وصلني من صيدلاني مسيحي مثقف، عنوانه "Thanks & Enough، "شكرًا وكفاية كده". يقول فيه:
"أرسلتُ لكِ منذ شهور أشكرك لأنك أعدتِ لي الثقةَ في الصحافة بل وفي القراءة. مقالتك الأخيرة كالعادة أعجبتني. ولكن بعد قراءة تعليقات القراء علي "اليوم السابع" بدأت أخاف إذْ تنصبُّ علي التهديد والتشكيك في دينك. نحن لا نريد "فرج فودة" آخر. لذا يجب أن أوضح أن هذا الاضطهاد لا يزعجنا. لماذا؟
1 – الاضطهاد يزيد إيماننا. لأننا حين نفقد الرجاء في الناس يكون رجاؤنا في الله، وهذا أفضل. لذا نشكر مضطهدينا وهذه وصية المسيح لنا: "أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم."
2- المسيح لم يخدعنا وقالها لنا صريحة في الإنجيل: "قد كلَّمتكم بهذا ليكون لكم فيَّ سلامٌ. في العالم سيكون لكم ضيقٌ ولكن ثقوا أنا قد غلبتُ العالم."
3- إذا ضربك أحدٌ بعصا هل نلوم العصا؟ نحن نؤمن أن الشيطان يستخدم أشخاصًا (العصا) لاضطهادنا، لذا نصلي لأجلهم حتى يفتح اللهُ عيونهم ويروا مدي الإيذاء الذي أصابنا. نُصلي من أجل النصرة علي الشيطان لا علي المتطرفين. هذا هو إيماني."
وكان ردي عليه:
"حسنا جدًّا. أحييكم على إيمانكم العميق وشكرًا أن رفعتم عني إصرَ هذا العناء. يسعدني التخلّي عن هذا طريق وعر، وأطوي صفحةً أرهقت حياتي. أهنئكم على سعادتكم بما تلاقونه في بلادكم، مادام هذا يزيدكم إيمانًا وورعًا. تحية لكم. والسلام. وسأسمح لنفسي بنشر رسالتك لتكون مبررًا أمام قرائي للتخلّي عن الملف القبطي."
شعرتُ فجأة أني أناطحُ طواحينَ هواء، وعليَّ الكفُّ عن دور "دون كيخوته" العبثي، لأعود للكتابة التي أحبُّها، ومن أجلها تركتُ عملي الهندسي المربح لأجل عيون الصحافة جالبة الهمّ. سأعود للموسيقى، والفن التشكيلي، والفلسفة والأدب، الموضوعات التي تُبهج روحي، وتُفرح قلمي، وأنجو من طريق الأشواك الذي جلب لي التكفير والتهديد والكراهية والعداء، وأفقدني الكثير من قرّائي. فكرتُ أن أقطع على نفسي عهدًا بطيّ هذا الملف المزعج.
ولكنْ، تأملوا معي هذه الرسالة المؤمنة، وهتافَ أقباط قنا، وتنازلَ أيمن ديمتري عن حقّ أُذنه المبتورة، لتفهموا أسبابَ صمت أقباط مصر قرونًا. إنه الإيمان بالله! فهل يدفعنا "إيمانُنا" نحن إلى ترويع مَن يرحّبون باضطهادنا لهم؟! عيب!
أتمنى أن أفي بعهدي. هذا يومُ المنى. ولا شك سيساعدني على هذا أن تمرّ برهةٌ قصيرةٌ من الزمن لا يُهان فيها أبناء بلدي الأقباط، ولا دور عبادتهم. لأنني لن أكون شيطانًا أخرس. فهل يحدث هذا؟ آمين يا رب!
ورقيا اليوم السابع المصرية

ألكترونيا خاص موقع ألف

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

يا الله، من رسم الخطوط حول الدول؟ ترجمة:

07-تشرين الأول-2017

«الشاعر» هاني عازر

20-تموز-2014

نوبل السلام لأقباط مصر

28-حزيران-2014

هنركب عجل

18-حزيران-2014

النور يعيد السيدة العجوز

11-حزيران-2014

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow