Alef Logo
يوميات
              

لماذا لم تُسمع استغاثةُ هذا المواطن؟

فاطمة ناعوت

2011-07-23

هذه رسالة إلى المجلس العسكرى، ووزير الداخلية، ورئيس مجلس الوزراء، والرأى العام. تحملُ من العتاب، والخوف من القادم، بقدر ما تحمل من الرجاء والأمل فى غدٍ أفضل يليق بنا، بقدر ما تحمل من الرهان على مَن يقبضون على زمام مصر فى هذه المرحلة الانتقالية الخطرة من تاريخها.

فى جريدة «الأهرام» بتاريخ ٤ يونيو٢٠١١، كتبت صفحة الحوادث عن البلطجية الذين يريدون العودة بنا إلى عصور ما قبل التاريخ حيث شريعة الغاب والاستقواء بالعين الحمراء والعصا. وقبلها كتبت «اليوم السابع» بتاريخ ١ يونيو، عن الواقعة ذاتها التى تدقُّ جرسَ نذير وويل لراهن مصر فى ظل الانفلات الأمنى الذى تعيشه بلادنا الطيبة.

الحكاية بدأت يوم ٢٢ مايو حين هاجم ٢٥ شخصًا من الأعراب والبدو بالإسماعيلية، جاءوا فى سيارة ملاكى وثلاث سيارات نصف نقل، مدججين بالأسلحة الآلية - إحدى المزارع السمكية بمنطقة «سهل الطينة» ببورسعيد، ويستولوا عليها بقانون: «البقاء للأقوى»، حيث القوة هنا هى الفتونة والتجبّر، لا قوة المنطق والحق والقانون! أركعوا مالك المزرعة الأعزل، جورج نبيل سمعان، مهندس إلكترونى، وخفير المزرعة، ركعة الأسرى، ثم أوسعوهما ضربًا وبطشًا ليحطموا عظامهما، مثلما حطموا الأحواض السمكية التسعة التى تمتد على مساحة ٢٥ فدانًا، هى مساحة المزرعة. وبعدها اقتحموا المنزل وانتزعوا الصور الدينية المعلّقة وداسوها بالأقدام مطلقين السباب وألفاظًا بذيئة تزدرى عقيدة قاطنيه. الحكاية إلى هنا حادثة بلطجة يمكن تصوّرها فى ظل ما نمرُّ به من غياب شُرطى، مؤقت بإذن الله. أما ما حدث بعد هذا، فلا أجد له توصيفًا يمكن تصوره، فى ظل وجود دولة وقانون.

قاموا بعقد جلسة عرفية، «مجلس عربى»، بين الجناة والمجنى عليه، ترأّسه الشيخ حاكم المنطقة وأحد وجهاء القبيلة. وانتهت المشكلة إلى هنا. ثم فوجئ الرجلُ فجر يوم 28 مايو، باقتحامهم المزرعة من جديد، ليحطموا المنزل، ويحرقوا ماكينات الرى، ثم هدموا الجسور وفتحوا الأحواض، ليطلقوا الأسماك فى المصرف الرئيسى والترع العمومية، وحينما استعصى عليهم فتح أحد الأحواض، أغرقوه بالسولار والزيوت الخاصة بماكينات الرى، كى يتأكدوا من نفوق الأسماك بالكامل، ما تسبب فى خسائر قدرها 500 ألف جنيه ثمن الأسماك والزريعة، هى كل ما يملك الرجل، إضافة إلى 300 ألف، لم يسدد ثمنها بعد لمستحقيها، قيمة الأعلاف التى ألقوها فى الترع! توجه المالك إلى قسم شرطة مبارك ببورسعيد، وحرّر محضرًا رقم 7 أحوال لسنة 2011، وقامت قوة من القسم بمعاينة المزرعة.

وفى اليوم التالى، 29 مايو، عاد المجرمون أنفسهم، وفى وضح النهار، ليطلقوا الأعيرة النارية، وأتوا على ما تبقى من أنقاض المنزل وأحواض الأسماك. ومنذ ذلك التاريخ لم يدخل الرجل مزرعته إلا مرة واحدة برفقة رجال الجيش بعد القبض على ثلاثة من الجناة، وبعدها بدأ فى تلقى تهديدات بالقتل هو وأفراد عائلته. ذهب شيوخٌ من القبيلة المعتدية، ليتفقوا مع الحاكم العسكرى على إطلاق سراح هؤلاء الأشقياء الثلاثة، على وعد بحل المشكلة بجلسة عرفية. وأُطلِق سراحهم رغم توقيفهم متلبسين بحيازة المخدرات والسلاح الأبيض الذى شاهدهم الجيران يلقون به فى الترعة حين لمحوا سيارات الجيش.

من المحزن أن أقول إن هؤلاء «العرب» بادئ الأمر كانوا قد استولوا على 66 فدانًا، ثم تركوها لأصحابها دون تدمير، متمسكين بالـ25 فدانًا الخاصة بالمزرعة المذكورة فقط، متعللين بأن مالكها كافر(!). إذْ كانوا يهتفون بأعلى صوت أثناء إطلاقهم الأعيرة النارية «أخدنا أرض المسيحى!».

أما ما يفعله «المسيحى» الآن فليس سوى التضرّع إلى الله، ومطاردة قليل الأسماك المتبقية بمساعدة جيرانه، والركض على مسؤولين أصمّوا أسماعهم، والاستدانة من الناس لتسديد أثمان أعلاف مستحقة بإيصالات أمانة كتبها على نفسه حين كان يأمل أن تثمر مزرعته أسماكًا، تلك التى لن تثمر أبدًا! هل تُسمع استغاثةُ هذا المواطن المصرى المأزوم؟

عن المصري اليوم بموافقة الكاتبة







تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

يا الله، من رسم الخطوط حول الدول؟ ترجمة:

07-تشرين الأول-2017

«الشاعر» هاني عازر

20-تموز-2014

نوبل السلام لأقباط مصر

28-حزيران-2014

هنركب عجل

18-حزيران-2014

النور يعيد السيدة العجوز

11-حزيران-2014

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow