Alef Logo
يوميات
              

دمشق مركز ثقل العالم

خالد معماري

2008-01-25

تدافع السوريون (ذكوراً) كما لفت انتباهي وانتباه الكثيرين غيري لمتابعة فوضى افتتاح احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية، وذكر مصطلح الفوضى هنا ليس عبثياً، أو رغبة بصبغ الجملة الأولى وإعطائها رائحة الإثارة كمقدمة لنص نقدي راديكالي، فمن تابع الحدث اكتشف ببساطة أن المطروح هو عبارة عن بهرجة من الألوان شُكلت على يدي مجرب حاول إقناعنا أنه يتربع على عرش الاحتراف.
أعتقد أن حدثاً كهذا أعظم من أن يكون مشابهاً لحدث افتتاح مهرجان شعري في أحد المراكز الثقافية المهملة وأكبر أيضاً من كونه افتتاحاً لمهرجان سينمائي سنوي ينظمهُ أفراد مؤمنون بمقولة من لا يعمل لا يخطئ، حتى لو كانت نسبة الخطأ مساوية لنسبة العمل لديهم.. غير مهم فالنظرية واضحة ومبررة.
كخطوة تنظيمية أولى وجادة تم تشكيل لجنة دعيت بالأمانة العامة للاحتفالية، أُوكل إليها وضع برنامج نشاطات جدير بتسمية دمشق عاصمة للثقافة، فكان الحدث الأبرز بين حنايا النشاطات هو دعوة السيدة فيروز للمشاركة، بعد أن افتقدناها لأكثر من عشرين عاماً، وكما تذكر الدكتورة حنان قصاب حسن الأمينة العامة للاحتفالية ( كانت رغبتنا أن تكون حفلات فيروز مجاناً، كهدية من احتفالية دمشق للسوريين )، فعلا فيروز هدية مفرحة للسوريين، ولكن حضور السيدة فيروز إلى دار الأوبرا الذي يتسع ل 1200 شخص سيودي بهذا العدد للحضور عوضاً عن كل الشعب السوري.. يمثلونه بطبقاته المثقفة.. العاشقة والحالمة، وسيذرفون دموع نيابة عن الفقراء، أما تصفيقهم الحار فسيكون بدلاً عن كل شخص شكلت له فيروز مهرباً من واقعه الأليم وحتمية القدر، وكل ذلك يأتي من خلال حكمة جليلة أكدت عليها الأمانة العامة هدفها تقريب الثقافة من الشارع، وزيادة تفاعل الناس مع النشاطات المقامة.
مشكلة كبيرة عندما نطلق مفهوم الجماهيرية على الأحداث التخصصية ثقافياً، والمستقطبة لشريحة بسيطة، وندع المفاهيم الشعبية الملامسة للمشاعر والمفهومة لدى الشارع حكراً على قلة قليلة مؤمنة بالواقعية، والمطلق لديها ملموس.
وبعيداً عن برنامج المهرجان، لكن على الخط المساير له، تم رصف ساحات المدينة بطريقة سريالية غريبة أحياناً تذكر المتعثر بحجارتها أن دمشق أصبحت عاصمة للثقافة العربية، والألم الناتج ما هو إلا فكرة عابرة لن يفهمها سواه كونه ابن البلد، وأما الشخص الغريب ستراوده مشاهد وأفكار سريالية أخرى تتمثل بالفوضى المرورية أحياناً، مترافقة بحالة من الغثيان الناتج عن استنشاق ما يكفي من أبخرة عوادم السيارات، وقد يعجب لمشهد مئة مثقف من أبناء عاصمة الثقافة يركضون خلف تجمع ثقافي صغير يقلهم إلى منازلهم وقت الظهيرة.
إن حدثاً كهذا لا يستطيع الارتقاء بالمنحى الثقافي الفكري العام، لأننا لن نتمكن من نشر وعي، وإعادة بناء ثقافة مفقودة بواسطة احتفال عابر، ولا بسنة من العمل الجاد نحو القراءة مثلاً.. فالحالة تحتاج لإعادة تأهيل تأسيسية والبداية ستكون مع الطفل والمدرسة ثم المناهج، وبعدها تأتي طريقة الطرح العلمية المدروسة.
كنا ننتظر من خلال هذا الحدث العظيم .. تغييراً لو بسيطاً في ثقافة حياتنا المعيشية اليومية من فوضى وعدم مبالاة لواقع يزداد سوءاً، كالشوارع التي أنهكتها الحفر، أو السيل من السيارات الجديدة التي تضخ يومياً دون دراسة العواقب، مشكلة التلوث التي لا حل لها انتظرنا حلاً لها، حتى الأطفال المتسولون الذين باتوا يملؤون المدينة لم يجدوا حلاً عند منظمي الاحتفال.
يبدو أننا سننتظر حدثاً أكبر من حدث دمشق عاصمة الثقافة علها تكون حلاً للتراكمية سابقة الذكر، كأن نمنح فرصة احتضان المونديال، أو أن نحتفل بدمشق مركز ثقل العالم.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

دمشق مركز ثقل العالم

25-كانون الثاني-2008

دار الأوبرا وماذا بعد ؟!!! فضائح في مهرجان السينما

12-تشرين الثاني-2007

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow