Alef Logo
مقالات ألف
              

إعادة بناء " بيروسترويكا " علي فرزات

حسان محمد محمود

خاص ألف

2011-09-27


صادف أنه في ذات الفترة التي أصبحت فيها صديقاً "فيسبوكياً" لعلي فرزات أن أعلن عن قرب موعد افتتاح صالته الجديدة في دمشق، فوجدت من واجبي تذكيره بحادثة جرت له ولمعرضه عندنا في مدينة سلمية، قائلاً:



ـ هل تذكر يا أستاذ علي كيف احترق معرضك في سلمية منذ حوالي عشرين سنة بسبب ارتفاع درجة حرارة لقائك مع جمهورك؟




رد عليَّ عليٌّ (لاحظوا الفتحة على علي الأولى و تنوين الضم على علي الثانية): هل تذكر يا حسان؟؟



فرددت على عليٍّ (تنوين وعنوان الكسر واضح أليس كذلك؟): " هلق ما راح ذكرك وتذكرني المهم دير بالك من شي حريق جديد في صالتك الجديدة".



أما تفاصيل الحادثة: فهي أنه في بداية التسعينيات أقام علي فرزات معرضاً في سلمية، وكان من ضمن فعاليات المعرض لقاء يجمعه بالجمهور في مسرح المركز الثقافي، كنا حوالي 400 حاضر وحاضرة، وأول ما تحدث به علي هو أهمية الكاركاتير، وخطورته، مدللاً على ذلك بما جرى لناجي العلي ( الذي لم يكن اسمه على مسمى، لأنه لم ينج)، واستفاض وفاض، ولمن لم يعرف طبيعة جمهور سلمية حين يلتقي ساخراً ناقداً كعلي فرزات أقول له: أن حال السلامنة في ذلك كحال البنزين إن جاورته على حين محطة نار...(شايفين كيف أجت سيرة النار؟!) هذه النار هبت وشبت ولبت بمعرض علي أثناء لقائنا به، وكأنها تريد إنهاءه، إذ هرع وهرعنا معه لإنقاذ لوحاته..ونجحنا في ذلك.



حامت الشكوك حول هوية الفاعلين، وهذه الشكوك كان سندها نظرية في علم الإطفاء تقول: تستطيع إطفاء حريق بإشعال حريق أكبر منه يحاصره، فيخمد، أقول: شكوك، لأنك في هذه الحالة لا يمكن أن تثبت بدليل جنائي قطعي ما يساورك...وهذا أسبابه مفهومة.




جرت محاولات لجعل هذا الحريق النقطة الأخيرة على سطر لقاء علي فرزات بنا، لكن علياً و الجمهور استطاعا التغلب عليها، وحولا نقطة النهاية إلى فاصلة، فعاد الناس إلى الحوار معه برغم تبرم "البعض!!" الذين بدت على وجوههم ملامح الامتعاض لعنادنا وإصرارنا على متابعة الحوار...وهكذا عاد 400 شخص إلى علي، وعاد علي إلى هؤلاء الـ 400.



أول ما قاله بعد إطفاء الحريق: هذا بسبب حرارة اللقاء معكم.
صفقنا، وكانت إحدى ثمرات لقائنا به حالةٌ من العصف الذهني تمخض عنها في رأسه فكرةٌ للوحة جديدة، تتلخص بأن مسؤولاً حكومياً يقوم بتدشين محطة لتوليد الكهرباء على ضوء الشموع...و لا أعرف إن كان رسمها (أظن أنه فعل).



صاحبكم " أنا يعني" في الثمانينيات و التسعينيات من القرن المنصرم، وقبل ظهور روتانا ..إلخ، كنت متسكعاً دائم التصعلك بما تيسر لي من مسارح و صالات ثقافية، وقبل فترة من احتراق معرض "مكسور الأصابع " حضرت في مدرج كلية الهندسة في جامعة حلب محاضرة لمسؤول سوفييتي مهم أرسله غورباتشوف مبشراً وشارحاً "للشعوب الصديقة" عن إعادة البناء "البيروسترويكا" و العلنية "الغلاسنوست"، وأعقب اللقاء حوار مع المحاضر، قام بإدارته و الإشراف عليه و الرقابة على أسئلته أمين فرع الحزب في الجامعة (لكم أن تتخيلوا الفارق بين حواره وحوار علي فرزات).



تحدث الكثيرون، بالفكر و السياسة..و..و..إلخ ، فيما كان خاطري وفكري مشغولان بزلزال أرمينيا الذي قضى فيه نحو 20 ألفاً، وشكل وقتذاك فضيحةً للاتحاد السوفييتي على مستوى جاهزيته وقدرة مؤسساته و أجهزته المدنية و العسكرية على التعامل مع هذه الكارثة...المهم، لم أتمالك نفسي، وتغلبت على رهبة أنني بحضرة الاتحاد السوفييتي " العظيم" ممثلاً بمبعوث غورباتشوف الشخصي، وسألت المحاضر:
ـ هل نعتبر إذاً أن زلزال أرمينيا فعل إرادي مقصود من القيادة السوفييتية الحكيمة، لإعادة بناء طبقات الأرض بعد أن انتهت من إعادة بناء طبقات المجتمع؟



سألت سؤالي هذا، وتسللت خارجاً من الصالة وسط هرج وضحك 1000 حاضر وحاضرة، وكان هروبي خوفاً من أن يسجل أحد اسمي، وتنفيذاً لنصيحة صديق أعارني سترته كي أرتديها بدل سترتي، تمويهاً حتى لا يتبعني أحدٌ من اتحاد الطلبة فيعرف رقم غرفتي في المدينة الجامعية.



بناءً عليه (سؤالي للاتحاد السوفييتي العظيم)، وإعادةً للبناء عليه (الحريق الذي توجست منه ولم يحصل في صالة علي فرزات الجديدة)، انبثق في ذهني سؤال: هل تكسير أصابع علي فرزات "إعادة بناء" لأصابعه فحسب أم لعلي ... برمته؟
حسان محمد محمود.



























تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

المتة إن عزت

05-أيلول-2020

قصة مقالة عن أدونيس

23-أيار-2020

ضحكة فلسفية

04-نيسان-2020

هكذا تكلم أبو طشت ـ جزء 6 المرأة التي قتلتها مؤخرتها

21-أيلول-2019

هكذا تكلم أبو طشت ـ الجزء 5 كورنيش الشمس لدعم النقد الأجنبي.

14-أيلول-2019

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow