Alef Logo
يوميات
              

لأن سورية ليست بخير

دلع الرحبي

2011-12-02

اليوم هو عيد ميلادك يا بنتي.
اليوم تكملين سنواتك الثمان, وتتابعين تبديل أسنانك اللبنية, و تصبحين أكبر, و أنا أتمنى أن أراك تكبرين أيضاً و أيضاً, و تخطين بيديك مستقبلاً أكثر اشراقاً مما تستطيع أي أم في العالم ان تتخيل .
اليوم ,بعد أن ضفرت لك ضفيرتيك و عانقتك, سألتني فيما اذا كنا سنحتفل,و كنت تعرفين الجواب لكنك كنت تأملين حتى اللحظة الأخيرة بغيره. و رغم الرجاء الذي كان يشع من عينيك, و نظراتك المعلقة على شفتي,خذلتك,فنحن لن نحتفل يا غالية.
لن نحتفل لأن هناك -51-طفلة قد استشهدن خلال الأشهر الثمانية للثورة (حتى تاريخ الأربعاء 23تشرين الثاني) و حرمت أمهاتهن من نعمة أن يجدلن لبناتهن الضفائر, و أن يشكلن لهن دبابيس الشعر الملونة, و أن يضعن لهن عرائس الزيت و الزعتر في حقائب المدرسة, و أن يطبعن على وجناتهن قبلات معجونة بالحنان و هن يحلمن ببناتهن صبايا "قد الدنية و أكبر".
لن نحتفل يا غالية لأن هناك - 229- طفلاً قد استشهدوا خلال الأشهر نفسها و حرمت أمهاتهم من نعمة أن يضبضبن لهم ثيابهم و حوائجهم,دفاترهم و أقلامهم,رسوماتهم و ألوانهم ,طاباتهم و ألعابهم, وهن يحلمن بأولادهن رجالاً "قد الدنية و أكبر".
لن نحتفل لأن هناك الآلاف من الأطفال قد هجروا بيوتهم,دفء أسرتهم,مقاعد درسهم,باحات ملاعبهم,و باتوا تحت الخيام المنصوبة وسط برد لا يرحم عظامهم الغضة ولا أجسادهم الضعيفة.
لن نحتفل لأن هناك الآلاف بين يتيم و لطيم قد استشهد ذووهم من آباء و أمهات - جاوزت أعدادهم -4141- شهيدا-
لن نحتفل,لأن سورية ليست بخير ( لا تصدقي الاعلانات التي عجقوا بها البلد و هم يؤكدون كم هي سورية بخير) بل سورية موجوعة من أول جنوبها حتى آخر شمالها,و وجع سورية يا غالية هو المخاض, و المخاض يعني الدم و الألم, و ألم المخاض صعب ليس كمثله ألم,لكنه مهما تعسر يأتي بعده الفرج و تكون الولادة.
و ما الولادة؟ انها "روح بتطلع من روح", تلد و تولد ,اذ في الولادة لا تضع الأم مولوداً فحسب بل تولد هي نفسها من جديد.هكذا سورية الآن,تغتسل روحها بدماء شهدائها لتولد من جديد حرة و حرة و حرة لأجل أطفال لا يخافون الخوف و أجيال ستأتي تأبى الذل و تنشد الكرامة.
هكذا بدأت حكاية الثورة ,بأطفال علمونا أن حروف الحرية هي أول النحو, و أن التاريخ يصنع الآن,و أن الوطنية هي صرخة تعلو في "تفتناز" فتوجع "حي الميدان",و أن القومية ليست محض شعارات,و أن الجغرافية تبدأ من درعا و تمتد على مسار الدم المراق على طول و عرض هذا الوطن الذي اسمه" سورية". هذا الدم جعلنا نختبر بحق معنى" سوريتنا ",معنى أن نكسر كل القوالب النمطية و الصور المسبقة و نحن نتهجى من جديد- و كأنما لأول مرة- أسماء مدننا و شوارعنا و ريفنا و ضيعنا وقرانا حتى آخر نقطة على حدود الوطن.انه الدم الذي جعلنا نعيد صياغة علاقتنا بأنفسنا و بالآخرين وبالعالم من حولنا, لنفخر بسوريتنا في لحظة مفصلية أصبح فيه الوطن وطننا الذي نريد أن يكون فيه كل مواطن/ة سيداً /ةً ,في لحظة مفصلية لم تعد فيها سورية مطوبة على اسم أحد,بل هي للسوريين جميعهم,لالأحد, لا لأحد.
انه المخاض يا غالية , و في ساعات المخاض علينا أن نحترم الوجع الممزوج بالدم و الدموع.
ألم أقل لك: "روح بتطلع من روح",بعدها ستلد سورية و تولد من جديد لتبدأ كل شيئ من الأول. من الأول يا غالية.
عن مثقفون أحرار لسورية حرة
الرابط على الفيس بوك
http://www.facebook.com/pages/%D9%85%D8%AB%D9%82%D9%81%D9%88%D9%86-%D8%A3%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%AD%D8%B1%D8%A9/164591120292764

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

لأن سورية ليست بخير

02-كانون الأول-2011

صبا بردى

25-تشرين الثاني-2011

و يسألونك عن الجوامع

11-تشرين الثاني-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow