ينشغل الرب الآن اكثر من أي وقت مضى بإحصاء الوافدين الجدد، ويقوم بلصق أرواحهم المفتتة ومنحهم ذاكرة تاهت منهم. ينشغل بهم وقد تزاحموا على بابه، لوحة ناقصة.
سأكتب وصيتي اليوم. سأكتبها وأضعها تحت وسادتي. سأوصي برماد قلبي لمن حرقه، أوصي الجدار أن يحفظ نقش دمي عليه، أوصي الشجر أن اشهد، أوصي الحجر أن انطق، وأوصي النهر الجاري من دمي... لا تتوقف
يا قاتلي، سجلتُ اسمي على لائحة الموت، شربت فنجان قهوتي، ضحكت بوجه السماء وعلقت أمنياتي على نافذتي كي يأخذها الفقراء المارين.
يا قاتلي، مسحت كل عشاقي من دفاتر مذكراتي، وغسلت شراشفي كي يحملوني عليها. وعندما أغلقت خلفي باب البيت، كنت اسمع أمي تتمتم بدعاء يحميني، وكأنك ستخون موعدنا، وكأني سأغادر بلا رجعة. يا قاتلي، أنا أمر كل يوم من درب. عند أي مفترق تفضل اللقاء؟!!
يا قاتلي كل الكلام من قبل همهمات ولا كلام أتركه لك بعدي، سأسرق منك كل الكلام وسأسرق منك معطفك الأسود ولؤمك وسأعبئ في جيوبك المخيفة سكاكر وحلوى كي لا تتسع بعدي لاطفال.
يا قاتلي كل الدموع التي تغمرك مطراً حاراً وكل دعوات الامهات من بعدي ستنخر مفاصلك... تحت أي شجرة تفضل اللقاء؟!!
انت مشيت وانا مشيت فإن إلتقينا بذات صدفة كان كل الحق على الضحية، هكذا قال الجلاد.
يا قاتلي لبست ثياب العيد ووضعت في عنقي السلسلة التي بقيت مني وعرفني منها أبي وكأني خرجت بلا عودة... سأعود ولكن تحت أي شجرة تفضل اللقاء؟!!
ينشغل الرب يوم الميلاد ببكاء يسوع، وينشغل يسوع بالخطايا، ينشغل الموت بي وأنشغل أنا بموعدي معك.
وغداً، غداً يا قاتلي سأقف بجانبك أحدق فيك بغضب، أحدق فيك ولا تراني وتحدق أنت ببقايا قميصي الممزق وترتجف من دمي تشربه جذور الزيتون، ألا ترى أوراقها حمراء؟ ! تلك الشجرة، عروقي، زيتها دمي، وذاك الغصن سيفي أقف بجانبك أحدق بك ولا تراني.
وعلى الارض في صندوق مغطى بعلم بلادي (بلادي... بلادي... بلاااااادي، لك جسدي وموااااااتي) أنظر اليك وأنت تقرأ الفاتحة. أنظر إليك تقرأ الانجيل وتصلي بكل لغات الارض كي لا نلتقي.
يا قاتلي، على موعد أنا معك أنظر في عيوني، تاريخ بلادي يتغير، عند موعدنا، عند نفس الجدار، تحت ذات الشجرة وبنفس المعبد الكنيسة الجامع نصلي أنا وأنت معاً ويصلى علينا.