Alef Logo
يوميات
              

دمشق بسعة الحلم

نزيه كوثراني

خاص ألف

2012-02-14

في صباح هذا اليوم خرجت دمشق عن صمتها الذي حير الناس، وهل كانت صامتة حقا؟ وهي ترى ألاف القتلى من الأطفال والشباب والنساء ..والدم ينزف في كل مكان على طول الوطن وعرضه.. في القرى والمدن ..وسط الساحات وفي الشوارع ومن تحت أنقاض المنازل التي هدمتها قنابل الدبابات والمدفعية...وهل كانت لابدة كسلحفاة؟ وهي تتأمل كل هذا الجنون الاستبدادي التسلطي القهري ولم تنبس.. تأملت بألم عميق جميع أبنائها دون استثناء، لم تكن طائفية كما قال عنها النظام وبعض المنتفعين من القهر ومذلة الشعب . كانت لا تنام وهي تتابع كل صغيرة وكبيرة من اجتماعات المعارضات المتباينة الرؤى والمصالح والأهداف في القاعات والفنادق في الكواليس وعلى قارعة المكاتب الأجنبية ..في محطات المترو وداخل المقاهي والحانات المنسية وعند بدو الخليج الرحل نابتة زماننا المفجع والحالم بغد جديد . كانت معنية أكثر بحراك الشارع الشعبي وتنسيقياته المحلية،لذلك تنصت أيضا لما يعتمل ويموج على الأرض، وعبر الهواء الملغوم بشبكات التواصل المحموم من هنا إلى هناك ومن هنالك إلى سدرة المنتهى . كانت تعرف أن لحظة الحسم عندها، وأن فرحة الشعب في مخاضها الموعود، وأن الذين أعياهم طواف الترحال الشاق من دولة لأخرى ومن مجلس لأخر صدقا أو خبثا لإيقاف حمام الدم سيدركون أن دمشق وحدها تملك أسرار سقوط النظام . لم تكن شاهدة قبر في صمتها الموهوم، بل كانت تدرك أن الحياة لا تولد من العدم و لان الظلال المعتمة لا تكف عن حمل غدر رصاص الردى في وجه عشاق الحرية والوطن . جاء فجر الثورة في فجره ولم يخلف وعده، وخرج الجميع ولم يتخلف احد لمعانقة شمس الحرية، واهتزت المدينة بالأفراح وهي تودع مرحلة مؤلمة من تاريخ الاستبداد وسفك دماء الشعب الأعزل، والناس يهتفون" واحد واحد الشعب السوري واحد" من سنة وشيعة ودروز وأكراد ومسيحيين ...انهارت التمايزات التي عول عليها الأعداء، وهددوا بها الشعب كحرب أهلية . التحم الجميع حيث لا أقلية في المواطنة والحرية والشراكة في الوطن . لا احد تساءل كيف حدث هذا الخروج المفاجئ في وجه النظام وصرخت الحناجر " الشعب يريد إسقاط النظام " وأيضا لا احد تساءل عن سر هذه الهبة المباغتة وكيف انهار النظام وتشكلت لجان الأحياء والشوارع بسرعة البرق كتنظيم ذاتي لواقع الحياة الجديدة، وصار التواصل سهلا في تعرف الواجب والمسؤوليات، وفي اقتسام الأعباء والمهام . أسئلة الانشقاق الكبير الذي وقع في صفوف الجيش في الهزيع الأخير من الليل وما تلاه من سقوط سريع للنظام ومن قتل أو اعتقل من زبانيته وشبيحته ..هذه الأسئلة وغيرها كانت من هواجس الخارج الذي وقف مذهولا ينظر ولا يصدق نجاح الثورة بعيدا عن عيون الغرب وأزلامه، وضد الفيتو الروسي الصيني الأعمى في مستنقعات الأسد . لم تكن هذه الأسئلة لتطرح في الداخل وحتى عندما اتصل الآخرون من بعيد كانت الإجابات واحدة ومختصرة " الشعب السوري عارف طريق" . كانت دمشق ومدنها وقراها تعرف أن كلفة الصمت والتريث اكبر من كلفة المواجهة، وأن انتصار الثورة أجمل وأفضل من المذلة والخضوع للمستبد العائلي المحتل، وأيضا بحدس عميق أدركت أن اللحظة تحتم عليها جمع شمل أبنائها قبل أن يتناثر دمهم بتداعي حروب همجية النظام في حق الشعب . ربما لهذه الأسباب وغيرها كما قال بعض الذين سمعوا نبضها انتصرت على نفسها لنفسها وحملت البعث في قيامته الأخيرة على أول قطار لمزبلة التاريخ مر من هناك يلملم سقوط الاستبداد الشرقي، وهو يقول للشعوب بنوع من التحريض هل هناك من مزيد ...

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد المقدس أم الدعوة لفرقة دينية جديدة؟

03-آذار-2017

من الخوف على تفجير الوضع إلى السعي نحو القتل والتهجير

30-آذار-2012

سورية الاسد تحترم الشرعية الدولية والمواثيق...

13-آذار-2012

كتابة / جثث تمشي على رؤوسها

22-شباط-2012

دمشق بسعة الحلم

14-شباط-2012

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow