Alef Logo
ابداعات
              

قصة / سيارة الأجرة في الخارج

محمد السبيعي

خاص ألف

2012-03-17

صحوت من كابوس مزعج
لا تزال في الثالثة مساء
الغرفة معتمة تبدوا نظيفة
ربما معين من قام بتنظيفها
لحسن الحظ انه ليس هنا
فرغم حبي له ألا اني لا استطيع احتماله

افتح الهاتف المحمول ,أشاهد التقويم ,لا نزال في أواسط ديسمبر,
أشغل معزوفة لرخمانينوف من أداء العبقري هوريتس
احلق معه بقلبي , بيانو قوي عميق معقد وصاخب بالنسبة لموسيقى العصر الرومنسي
, افرك عيني,اشتم تحت ذراعي , لحسن الحظ لا توجد رائحة كريهة كالتي في فمي


اليوم سأراها



2


الثلج خلف النافذة صامت ,لم يبارح مكانة منذ امد بعيد , مستقر على كل شيء اراه أمامي, من أشجار عارية الى تلال وعرة
على نفس النافذة يوجد عش لطائر رمادي صغير الحجم إلى اليوم لا اعرف ما أسمه ومن أي فصيلة يكون
لكني لم إجراء على إيذاءه ابداً
كان يسعدني ان أتأمله
وفي احيان كثيرة كنت احسده لأنه طائر


يدخل حسن وكما هي عادته يحيني ويناولني كوب من القهوة بالطريقة التي أحب
اشكره ومن ثم ارتشف منه فيغمرني شعور دافئ ممزوج بنشاط
بينما نتحدث عن الأشياء الروتينية التي لا تنتهي
انظر إلية وأدرك كم أن الحياة مليئة بالناس الطيبين
حسن هو العربي الوحيد هنا وهو صديقي المقرب يرجع أصلة الى منطقة الأهواز في ايران
كان يتكلم بلهجة عراقية وبأسلوب ثوري,
يحفظ اشعارا كثيرة لمحمد الماغوط التي تثير الحماسة في أي انسان
يحب العرب كثيرا ,و يراهم جميعا اهلة
وكم كان يحزنني ان أراه متفائل ويتوقع رجاءً بل الخير منهم
والقدس عروس عروبتهم بعيدة المنال عن انوفهم
وبكل كسل وخوف وعار تخلوا عنها وعن إخوانهم الفلسطينيين
تركوهم يهانون ويذلون ويدكون وكأنهم ليسوا عرباً مثلهم
كل يوم يشرد اطفال وتهدم بيوت على مرأى العالم اجمع
وهم يكتفون بالدعاء, وباتهام التاريخ, واختراع نظرية المؤامرة الخارجية,
وتقديس الحكام العرب, ومباركة قمع السلطة الدينية, والاتفاقات والمؤتمرات الاجتماعات التي لا تنتهي ولا تثمر بشيء,
وترى الذي يصرخ كثيراً منهم بفلسطين و العروبة
هو اكثر من يتبجح ويتبختر في شوارع لندن بسيارته الفارهة
وكلما كان صراخة اعلى كلما طليت سيارته بالذهب اكثر
وتراه يتشدق ويدافع عن اسلوب حياته وعاداته المملة الرتيبة الصحراوية
التي عثا عليها الدهر وكأنها مسلمات أخذها من كتاب امثال العرب
ونسى ان من اهم صفات العرب هي الشجاعة وليس الصراخ

كان يعرف الكثير عن تاريخ العرب وأشهر مؤلفاتهم وشعرائهم الحداثيين
وهو من عشاق ديوان أغاني مهيار الدمشقي لأدونيس
وبالمقابل كان يكرهه الفرس ويعتبرهم دم أسنانه بل هم اليهود في نظرة
على الرغم اني لم اشاهد الا الطيبة وحب المساعدة منهم
كان طويلا عريض المنكبين ذو شعر ناعم ممشط الى الخلف له وجهه دائري وعيون لوزية وفم صغير
كانت عيونه ترمش بسرعة, حتى يخال لك أنه لا يرمش بالمرة
كريما مضيافا لا يرد من يستجير به مهما كانت ظروفه وحتى لو كان فارسيا
لم يتركني في يوم واحد أن ادفع الحساب, إذا ما خرجت معه,
لا انكر اني قد شعرت بالخوف منه أول مرة رأيتة
بسبب سؤاله لي وبشكل مفاجا إذا ما كنت سني ام شيعي
ولكن الأيام أثبتت ,أنه من الأشخاص الذين جعلوني استمر في العيش في هذه المدينة الكئيبة والباردة جداً


بعدما غسلت وجهي ونظفت أسناني وسحبت المرحاض شعرت بتحسن
واتجهت إلى غرفتي لبست كنزتي الحمراء مع بنطالي الذي اصبح اوسع
وضعت عطر كارون الثقيل الفرنسي وتأكدت أن محفظتي وقبعتي وقفازي بحوزتي
واتجهت وانا اعتمر المعطف إلى الخارج بعدما ودعت حسن




3


أنا مقابل المقهى الفرنسي الأصفر
اقضي هنا ساعات طويلة وأنا إقراء أنهيت قبل يومين فقط رواية أبنة الحظ لأيزابيل أليندي
مكان نظيف أنيق فخم يطغى علية اللون الأبيض والإضاءة الصفراء
النادلات هنا جدا محترمات ويلبسن تنانير قصيرة ويضعن قبعات بنية اللون

اشتريت كمية لا باس بها من الكورسون بالشوكولاتة واتجهت رأسا إلى مترو الأنفاق وسط المدينة


توقفت عند محطة سلمونوس اشتريت باقة ورد برتقالي اللون ومنها أخذت الباص العمومي المليء بالعجائز
لم استطع مشاهدة اي منظر خلف الشباك بسبب الثلج الكثيف وامتداد الأشجار الأبدي
توقفت مقابل بناء ضخم مكون من ثلاثون طابقاً
كان كئيبا غامضا بارداً معتما من الخارج وكأنه قلعة من العصور الوسطى
هي تسكن الدور الخامس والعشرين
كان موعدنا على السادسة مساء ولكنها لا تزال في الخامسة
وصلت قبل ساعة بالتمام فشعرت بالحرج من طرق الباب
ففضلت الانتظار والجلوس على كرسي خشبي وجدته في الحديقة الصغيرة المهجورة المقابلة للمبنى
والتي كان فيها مراجيح وألعاب للأطفال




4


الطقس بارد كئيب
المكان مخيف و خالي من كل شيئا ألا الثلج فهو السيد الوحيد هنا
صوت ريح , ولوحة اعلانات ضخمة لفتاة سمراء تحمل هاتفا محمولا استطعت لمحها من بعيد
اشعر بثقل في رأسي وبرد في قدمي حد التجمد
فركت يدي مرات ومرات ولكني إلى الآن اشعر بالبرد
اخذت انفخ في الهواء كان البخار كثيفا
مضى وقت طويل لي وأنا أعيش هنا ولا زلت اشعر بقسوة البرد
يبدوا اني إلى الآن لم أتأقلم
ليس وحدة الطقس قاسياً
حتى الناس هنا قساة جافون ماديون ويفتقدون الى المرونة والعاطفة


بينا مازلت جالسا في الحديقة
يخرج من المدخل رجل عجوز
يعتمر خوذة صوفية ومعطفا اخضر ثقيل
كان يحمل كيسا متوسط الحجم رمادي اللون
عندما لمحني نظر إلي وكأنه ينظر ال كلب مصاب بالجرب
رما الكيس في القمامة القريبة مني وهو يتمتم بكلمات
رجع أدراجه الى المدخل
ورد الباب بصوت قوي جداً أكاد اجزم انه قد سمع من على بعد كيلومتر
شعرت بالقسوة والظلم
لكني لم ألمه فأنا ابدو مريبا والمجانين وحدهم يكونوا في مثل مكاني


بعد اكثر من نصف ساعة من الأرتجاف
وتصطكك اسناني لم احتمل البرد اكثر
فضربت الجرس

أجابت بعد ثلاث رنات
آه محمد , من فضلك اسحب الباب

فعلت كما قالت ففتح المدخل




5


أنا في المصعد متجها إلى الدور الخامس والعشرين
يبدو كغرفة مهجورة من غرف بيت جدي القديم
أصوات في كل مكان ربما هي أصوات الموتى
ورائحة خشب قديم
يصعد معي زوجين في مقتبل العمر
كانوا يقبلون بعضهم بكل اريحية حتى انهم لم يأبهوا بوجودي


تفتح هي الباب وفي يدها هاتف لاسلكي من شركة بانسونك لونه ازرق
كانت تلبس كنزه خضراء كأوراق الشجر في فصل الصيف وبنطال جنز أزرق فاتح
شعرها الناعم القصير ممشط إلى الأمام يبدو أغمق اللون ربما بفعل الإضاءة
كان لمنزلها نفس رائحة عطرها الإنجليزي


على يمين المدخل يوجد رفوف صف فيها كل أنواع الأحذية والمظلات وعملات صغيرة متناثرة
وفي نهاية الممر الطويل للمدخل عازل من خيوط بلاستيكية تخرج اصواتا على اقل حركة
بعد العازل انتصبت مكتبة ضخمة مصممة لتكون في وسط الدار
يوجد فيها عدد كبير من الكتب لم استطع عدها بالغات الفرنسية والانجليزية والروسية
كانت تملك المجموعة الكاملة لفرانسواز ساجان باللغة الفرنسية
ووكمية لا بأس بها من مؤلفات عشيقها شتربيان بطبعات فاخرة من الجلد
وكتاب الجبل السحري الضخم لتومس مان
وكتابان باللغة الإنجليزية لجبران خليل جبران
وكتاب عن المعمار في الدولة العثمانية
ولمحت من بين الكتب رواية مئة عام من العزلة لجبريل جارسيا ماركيز
كان كتاب ذو طبعة قديمة جدا اجزم انه طبع من ايام السبعينات والمضحك أني في بداية معرفتي بها
كنت قد تحدثت عنة كثيرا ونصحتها أن تقراءة وهي لم تعلق في وقتها ابداً
واتضح لي مع الأيام أنها قراءته حتى قبل أن أقراءة أنا وبسنوات
فشعرت بالإحراج


توجد غرفتان على يمين المكتبة

الغرفة الأولى كانت غرفة جلوس طغى عليها اللون الأخضر والبيج
تصميمها يعود الى فترة الستينات من القرن العشرين
فيها كنبات رتبت بشكل مربع غرس في وسطها طاولة بيضاوية
ووضع فوقها منضدة سجائر رخامية وتمثالا صغيرا لبوذا
بيانو بني عتيق تحت الشباك الوحيد في الغرفة
من الواضح أنها كانت غرفة الطعام فيما مضى
بسبب الرفوف التي صف فيها أكواب النبيذ
في الجدار المقابل للأكواب وضعت صورة قديمة مخيفة و ضخمة
لرجل ذو شعرا اشيب ناعم ممشط الى الأمام يلبس بدلة رسمية رمادية,
كان يشبه الى حد ما حبيبتي ولكن بشكل ذكوري


اما الغرفة الثانية فكانت غرفة نومها
هي غرفة مستطيلة الشكل
ستائرها من الشيفون
وعلى زاوية من زواياها مدفئه حمراء
ووضع فوق طاولة في الزاوية المقابلة لها كمبيوتر محمول
مع تلفاز صغير ذكرني برحلات طفولتي الى البحر
سرير انيق بحجم نفر ونصف ذو شراشف بيضاء مشدودة كان في وسط الغرفة
وعلى يمينة كبت بني كدس فوقة كتب , وقصاصات أوراق, واقلام رصاص, وأثار بري متناثرة, وأباجورة بيضاء
لوحة غريبة علقت على الجدار خلف السرير كانت متوسطة الحجم مرسومة بأسلوب سريالي بتقليد متقن للسلفدور دالي



على يسار غرفة المكتبة يوجد ممر يحوي ثلاثة ابوب متلاصقة على الجهة اليسرى
الباب الأول كان للمرحاض وكان نظيفاً صغيرا بالكاد يكفي لشخص واحد ويذكرك بمرحاض الطائرات
اما الباب الأوسط فهو مكان الاستحمام فقط فيه بانيو ومغسلة متواضعة فوقة فرشات اسنان خضراء ومعجون اسنان من شركة كريست ومرآة
كان الحمام ابيضا جافا نظيفاً يحوي غسالة صغيرة والغريب أنها الى الأن لم تغير عادتها في تعليق صدريتها فيه
اما الباب الثالث فكان للمطبخ الذي كان صغيرا جدا وحتى اسم مطبخ يعتبر مدحاً له
كان لونه عشبي حشر في منتصفه طاولة طعام بنية خشبية مربعة الشكل احيطت بكراسي غير مريحة
استغربت, كيف استطاعوا وضعة هناك


6


استقبلتني بدون كلمات وبإشارة طلبت مني أن اتبعها إلى المطبخ
كانت دواليبه زجاجية معتمة والفرن نظيفا جدا ربما بسبب هوسها بالنظافة او من قلة الاستعمال
كانت تجلس على الكرسي الخشبي بينا جلست بجانبها ويدي تمسك بيدها
نظرت إلى الساعة البيضاء فوق معصمها كانت لا تزال في السادسة إلا عشر
المكان دافئ جدا وهي أيضا دافئة
عيونها خضراء ,اسنانها صفراء من كثرة شرب القهوة, وجهها طولي
ويتناسب مع شعرها الناعم القصير ,هي جميلة جدا , تشبه فتاة نبيلة من القرن السابع عشر
ولكن من الصعب ملاحظتها في اي مكان تذهب الية
فهي هادئة صامتة كقبر وان تحدثت فبعدد قليل من الكلمات تكاد ان تكون همسا ً
كانت تتحدث بالهاتف مع والدتها بانفعال
وتضغط على يدي من حين الى اخر
بينما كنت انظر إلى حركات أصابعها الدقيقة واضافرها النظيفة والعروق الخضراء فوق ذراعها الأبيض الشفاف وبين حين وأخر انظر الى انتفاخ هضبتيها
عندما انتهت طبعت قبلة على خدها وأخرى على يدها اليسرى
سلمتها الورد ومن ثم الكيس المحشو بالكروسون ابتسمت وقالت
أنة كثير حقا ,,,شكرا على كرمك ,, ولكن سنأكله معا

اخذت الورد ووضعته في إناء زهر مضلع كان في المطبخ بعدما سكبت فيه ماء ممزوج بالسكر
بعدها بللت رأس كل كورسونة بالماء ووضعته بالفرن لمدة ثلاث دقائق
وخرج لنا وكأنه خارج من فرن المايكروويف لين طري جداً
استغربت من هذه التقنية فهي جديده كليا بالنسبة لي
أخذنا نأكل ونتحدث بينما القهوة التركية على النار الذي بدى عبقها يحتل المكان

أخرجت من احد الأدراج عسل زهور الخزامى كان ابيض اللون لأول مرة في حياتي أشاهد او اتذوق مثله
كان ابيض ثخينا دافئا وكأنة ماء مقدس يخرج توا من صلب رجل
بالطبع لم اخبرها بالانطباع الذي جاءني عندما شاهدته
واخترت بدله أن أتحدث عن أول كتاب قراءته في حياتي
واسمه الحب والزواج وكان فيه الكثير من الصور التوضيحيه التي لم افهم مغزاها في وقتها
وتحدثت هي بدورها عن أول كتاب قراءته وهي في سن الثانية عشرة
وكان مسرحية المفتش العام للروسي العظيم نيكولاي جوجل


بعد ذلك قلت لها عن بعض المواقف المحرجة في حياتي
كدخول أمي غرفتي وانأ أمارس فن العادة السرية
وكيف انها وبختني ولكنها لم تضربني
نظرت إلي بابتسام وقالت
ولماذا التوبيخ المفروض بدل هذا التوبيخ والضرب تشرح لك
ما هي العادة السرية وما مضارها
طريقتها هذه سيجعلك تنظر إلى الجنس بنظرة جدا سلبية
لم اجب




7


وضعت بين يدي البوم صور ضخم لونه اسود يحوي صور كثيرة لها
صورة وهي لاتزال في المهاد
وصورة مع شقيقتها الكبرى عندما كانوا اطفالا لم استطع التفريق بينهما فالشبة كبيراً جداً
وصورة لأول يوم لها في المدرسة بصحبة والديها,
وصورة وهي في العاشرة من العمر تقف في وسط غابة وتحمل خاروفا صغيراً بين يديها بجانب فلاحين مبتسمين
وصورة في يوم سقوط الجدار وحولها صخب اكاد اشعر به
وصورة مع أول حبيب لها وهي في السادسة عشرة
كانت شقراء تلبس نظارة طبية وشعرها أطول بكثير تبدو كفتاة فرنسية من الريف
ولمحت صورة وهي في بداية العشرين اخذت في يوم صيفي تلبس نظارة شمسية وخلفها شلالات نياجرا العظيمة
واكثر صور شدتني كان لها وهي تقفز من فوق طائرة ذات محرك واحد
وهو احد الألعاب او الهوايات التي تعشقها كالفن تقريبا تقول
عندما أكون في الجو بين السماء والأرض اشعر باني حرة بحق
وبأني ملك لنفسي ولا مانع عندي لو مت في وقتها لأني قد حصلت اسمى شيء في الوجود ,,,حريتي
أجمل شيء عندما تتغلب على خوفك وتقفز شعور رائع ساحر كأنك تقرا لشتربيان يجب إن نذهب معا الربيع القادم
أتمنى أن اجد الشجاعة قلت مبتسما



ثم أخذنا نتحدث عن اعلى طموحاتنا قلت لها
أريد أن ألف كتابا فيه عمق صوفي
وسحر شتربياني وقوة روسية وفلسفة زرادشتية
كتاب يجعلني بمصاف العظماء من الكتاب
وان يترجم الى كل لغات الدنيا وفي يوم من الأيام أرشح بسببه على جائزة نوبل



نظرت إلي بابتسام وقالت
اتسمح لي ان اعلق على طموحك
بالطبع قلت لها
قالت
تذكر ليس مهما أن ترشح للنوبل لتصبح كاتبا عظيما
فهناك كتاب عظماء عاشوا في زمن النوبل ولم يأخذوها كتلستوي وبورخيس و تشيخوف
انظر الى المكتبة سترى ان اقوى الكتب وامتعها بل اكثرها فائدة هي لأناس لم يأخذوها بل لم يسمعوا بها
منذ متى اصبح غاية الأدب والفن هي الجوائز والذهب اليس هذا تسميما للأدب
اليس ذلك قتل للموهبة وللفن الا تتفق معي ان الكتب الأكثر مبيعا هي الأكثر فشلا وسطحية وضحالة وهي الأكثر اهانة للأدب
,لا يغرنك في رؤية بعضها وقد تحول الى افلام ولا تصدق ان هذا لوحده سيجعلها ناجحة او حتى ممتعة
وأين أنت من كلمات ذاك الأديب العظيم حينما قال ليسوا شعراء، أولئك الذين يدبّجون القصائد وينشرون الكتب ويقفون على الناس يطرحون عليهم الصوت. الشعراء هناك، البعيدون في الأقاصي حييون مثل حلزونة في صدفتها، .


قلت لها مستسلما
كما هي عادتك دائما تسبقيني بخطوتين

قالت
الى الأبد

قلت بدوري
والأن اخبريني بأعلى طموحاتك ايتها الفيلسوفة


اخذت تضحك ثم قالت
أما أنا سوف انتقل إلى كندا عند والدي
سأعيش حياة بسيطة كريمة
سأصبح معلمة بيانو في معهد من معاهد مونتريال
وسأشتري منزلا بالقرب من البحر لكي أتأمل فيه بالساعات واستمع الى صوت موسيقاه
وسأنجب طفلة واحده فقط كي يتسنى لي العناية بها
وسأموت بسلام
كانت تبتسم كل الأطفال




بعد مدة قلت لها
ما رأيك لو اعد طعام العشاء
قالت
محمد اذا سمحت توقف قد يذكرني بشيء لا أحب تذكرة فنحن أصدقاء الأن وعلينا ان لا ننسى ذلك
قاطعتها
لما لا نأخذ إجازة لمدة يوم واحد من حربك هذه
بعيدا عن أفكارك وكل مخاوفك أنة مجرد عشاء لا تكوني فضة واقبلي هديتي
قالت بأستسلام
حسنا موافقة,,,,,, أنت عنيد جدا


كان العشاء بسيطا جدا اومليت بالجبن والفطر والفلفل البارد والبطاطس المهروس
مع شاي ايرلي جري وجدناه مرميا في احد دواليب المطبخ
عندما فتحت ثلاجتها فوجئت أنها تحوي كمية ليست بالقليلة من المخللات
لم أدرك من قبل أنها من عشاق المخلل حتى عندما كنا مع بعض لم تتحدث عنة ولو مرة واحدة

وكأنه الماضي
انا من يطبخ
وهي من كانت تقوم بمهام التقطيع والتحضير

كانت تقطع الخضار بشكل متساوي ومرتب يثير الريبة

قبل أن نبدأ الأكل طلبت منها أن نصلي بطريقة المسيحيين
ابتسمت ومسكت يدي اليسرى
واغمضنا أعيننا
أخذت تتمتم بكلمات
واخيرا قالت آمين
قلت بدوري آمين
فتحنا اعيننا ابتسمنا وشرعنا بالأكل

كان لذيذاً ورائحته زكية ولم نأبه بالكمية الكبيرة للطعام
ولا بالأصوات التي كنا نخرجها من قرقعت اصطدام الأشواك بالصحون
وضعت مقطوعة سحرية لموسيقى ناي من عزف هريبي مان من مسجل صغير كان بالمطبخ
خلق جوا رومنسيا وشاعريا على الرغم من عدم وجود الشموع
كانت تأكل بشكل منظم جدا وبدون صوت
تقطع الاومليت بطريقة وبزاوية مهندس معماري
وتمضغ الطعام بشكل بطيئ جدا وكأنها قس في غابة
لم تتحدث بالمرة على عكسي
انا الذي لم أتوقف عن الكلام لحظة واحدة والطعام بفمي
ناقدا كل شيء في الحياة

8

بعد العشاء وبعد تنظيفنا لكل الأواني وإعادة كل شيء مكانة
سحبتني من يدي إلى غرفت البيانو وجلست بجانبها على كرسي البيانو
كان فخذي ملتصقا بفخذها
لحسن حظي لم يحصل أي انتصاب
أخذت تعزف لحنا لبيتهوفن كان حزينا جدا
أخذت تشرح لي المقطوعة وعن التغير الذي احدثه بيتهوفن في الموسيقى بنقلة الموسيقى من عصر الكلاسيك الى العصر الرومنسي
وعن الفروق بينهما وعن المعاناة التي واجهها من قبل جنود نابلوين الأوباش
كانت تنظر إلى السقف وهي تتحدث وبدأت اشاهد حديثها كفلم قديم على السقف
كانت تعزف ببراعة الانطباعين وبثبات ومن دون ادنى خطأ وكأنك تستمع إلى تسجيل
لكن الحقيقة تبدو حتى أجمل من المسجل فقد استمتعت كثيراً


لا اعلم لكم من الوقت استمرت تعزف الحان مختلفة غلب عليها طابع الجاز
ولكن الوقت مر بشكل ممتع وسريع جداً


كانت الساعة الثانية عشرة عندما كانت تجلس على احدى كنبات نفس الغرفة حينما كنت بجانبها
اتصلت بسائق أجرة خاص ليوصلني إلى سكني
شعرت بالحنق والضيق فقد كنت مستمتعا محلقاً جدا ولم ارد ان اذهب ابداً



9

عندما أغلقت المكالمة وبينما هي ما تزال بجانبي لا شعوريا ضممتها
وقبلت عنقها الطويل
اشتممت رائحتها الزهور الإنجليزية التي كم اشتاق إليها منذ أزل بعيد
لحست أذنها اليمنى كانت بنفس الطعم والمرارة لم تتغير أبدا
كم اشتاق إلى هذا الطعم
اما هي فقد استسلمت وكأنه خدر ما بعد الطعام بالنسبة لها
مررت يدي كثعبان تحت كنزتها
كان بطنها دافئ واصابعي باردة كالثلج إلى أن وصلت إلى صدريتها المشدودة جداً
ومن تحتها لمست نهدها المحبوس
بعد غياب دام عشره أشهر
أخذت افرك حلمتيها
بينما فمي بين رقبتها واذنها
كانت دافئة جدا كالغرفة التي كنا فيها
وكانت تتأوه وبدا تنفسها يزداد سرعة
وهي تنظر إلي باستسلام وخوف
عندما حاولت أن انزل تحت سرتها
وكانها صحت من غفلة او من نوم لذيذ مسكت يدي
وفجأة قالت وهي تنظر الي
محمد ,,,,,توقف .....توقف ,,,,
تذكر نحن لم نعد كما في السابق نحن فقط أصدقاء
وانا عندي حبيب احبة ويحبني اعتبرني تقليدية ومعقدة ولكني احترم مشاعرة فاحترم رغبتي
كانت تبدوا منفعلة وشعرت انها تشتعل ,شعرت انها تريد عكس ما تقول
فلم آبة بها فشرعت اكمل ما بدأت

فما كان منها إلا أن دفعتني دفعة قوية حتى سقطت أسفل الكنبة على السجادة البلجيكية الخضراء

قالت من دون ان تنظر الي
محمد !!! سيارة الأجرة في الخارج تنتظرك ,,,,,,,,,,,


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

مقدمة لتاريخ الموسيقى الغربية الكلاسيكية - القرون الوسطى

06-شباط-2016

اللغة العربية العامية ونظرية المعرفة

30-كانون الثاني-2016

اللغة العربية العامية ونظرية المعرفة

30-كانون الثاني-2016

فصول من رواية العلاج بين يدي الشيخ

22-نيسان-2014

الشجرة المقدسة ـ قصة

02-تموز-2012

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow