Alef Logo
يوميات
              

مجدى يعقوب الأسطورة المصرية

فاطمة ناعوت

2012-04-15

لن تراه فى أى صورة إلا بمعطف العمليات الأزرق. فهو لا يخرجُ من غرفة عمليات إلا ليدخلَ أخرى، ولا ينفضُ يدَه من ورقة بحثية إلا بدأ فى غيرها، حين حاولوا الاحتفاء باللقب الجديد: «أسطورة الطب»، الذى منحته إياه جمعيةُ القلب الأمريكية بشيكاغو، رفض بحسم قائلاً: «لا تخبروا الإعلام بشىء، والحكاية لا تستحق!» فمثله لا يتهافتُ على الضوء، بل يسعى إليه الضوءُ بشغف، فيزداد نفوراً منه، مُكرِّساً وقته لشرنقة العلم النبيلة، ينهل من المراجع ويُبدع النظريات التى تُفيدُ البشرية وتخفّف أوجاعَ الضعاف، وتجفّف دموعَ ثكالى مُحتملين، كادوا يفقدون أطفالهم، لولا يد الله تمسُّ يدَ الجراح النابغة، فتتم فى غرف العمليات معجزاتُْ طبية تُدوِّخ العالمَ، تماماً كما دوّخت الدنيا، قبل آلاف السنين، حضارةُ أجداده الفراعين.
هو المصرىُّ الأسطورة، بروفيسور مجدى يعقوب، «ملك القلوب»، صاحب أول عملية زراعة قلب بالكامل عام ١٩٨٠، وفى عام ٢٠٠٦، قام يعقوب بزراعة قلب لطفلة، كيلا تتوقف وظائف المخ وسائر الأنشطة الحيوية لأعضائها، وفى أثناء ذلك كان يحاول استنهاض قلبها الأصلى الذى استخرج من جسدها، وشُفى القلبُ المعتلّ، فقام بمعجزة جديدة وأعاد إلى المريضة قلبَها، فيما يعدُّ أخطر عمليات القلب فى التاريخ وأشدها تعقيداً، أما الآن فيقوم بمعجزة طبية جديدة، هى استخلاق قلب من الخلايا الجزعية، لتحلّ محلَّ زراعة قلب مُستخرج من جسد حديث الوفاة، نال الألقاب الشرفية والأوسمة الرفيعة من ملوك العالم، وكرّمته أرقى جامعات العالم، ونسيته أمُّه مصر! أعنى حكومات مصر، فلم تمنحه قلادةَ النيل إلا العام الماضى!
يواصل السِّير مجدى حبيب يعقوب، وغيره من علماء مصر المحترمين إدهاش العالم بعلمهم، فى هدوء، ونفور حاسم من الإعلام، فى الوقت ذاته الذى يحتل فيه «علماؤنا» الأجلاء عرض الشاشات الفضائية ليل نهار ليستهلكوا أمخاخنا ويصدعوا مسامعنا بغليظ صوتهم، ويرهبوا أفئدتنا بتلويح أياديهم الطولى وهم يؤكدون بملء حناجرهم أن الأرض لا تدور حول الشمس، وأن الإبل مخلوقة من الشياطين، وأن «جوزة الطيب» حرامُْ الطهو بها، وأن دخول الحمام باليمنى كفر ورجس، وأن على المرأة إرضاع زملائها فى العمل من نهديها خمسَ رضعات مُشبعات، وأن بول البعير يُشفى، وأن غزو البلدان واستحلال نسائهم وتسخير رجالهم وسبى أطفالهم حلال، بل واجبُْ شرعى، والدعوة لتزويج الطفلات عند سن ١٢ عاماً، وأن مشروب «بيبسى» حرامُْ لأنه أنتج لصالح إسرائيل Pay Every Penny Saving Israel (علماً بأن المشروب الغلبان بدأ إنتاجه عام ١٨٨٠، بينما قامت دولة إسرائيل ١٩٤٨، واسمه مشتق من أنزيم بيبسيين الهاضم، الذى يعود اسمه لكلمة «بيبسيس» اليونانية وتعنى الهضم)، بينما يضيِّع مشايخنا «بين قوسين» أعمارهم وأعمارنا فى ترهات، ويسرقون عقولنا فى تتبع ما يقولونه ثم نسميهم علماء (!)، ثمة علماءُ حقيقيون يسهرون الليل للدراسة والتجريب فى المعامل، لينهضوا فى الصباح بعمل آلاف العمليات الجراحية الدقيقة المعقدة لإنقاذ طفل من الموت فيعيد الفرح إلى عينى أم خنقتها الدموع والوجل، أو إنهاض أم من رقدتها لتعود من جديد إلى استئناف رسالتها مع أطفالها، تحية للمصرى الأسطورة بروفيسور مجدى يعقوب، أحد أعظم من شرفوا اسم مصر الرفيع.

عن المصري اليوم

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

يا الله، من رسم الخطوط حول الدول؟ ترجمة:

07-تشرين الأول-2017

«الشاعر» هاني عازر

20-تموز-2014

نوبل السلام لأقباط مصر

28-حزيران-2014

هنركب عجل

18-حزيران-2014

النور يعيد السيدة العجوز

11-حزيران-2014

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow