Alef Logo
يوميات
              

أنا.. وأمجد ناصر.. وذئب الفرزدق

وائل قيس

2012-05-10

أيُّ حُطامٍ يُعيدُ ترتيبَ السنين، يا ثمانينيّات الوجع، يا أنتِ. ذات يومٍ خرج الجميع بحثاً عنكِ بين الزّوابعِ، ودخّان الأبنية المتساقطة هلعاً من الصّوت. التّاريخ يكتبُ من جديد. بدءاً من معلّقة درعا، وليس نهايةً ببابي عمرو المنحوتان من قرطاسِ الألم. صدحَ الفجرُ يوماً، وتبعه أنين الذئاب، يومها حلّقَ الغسق ومضى.. ولدت اللحظة. صرخ الشّعب المعتكف على نفسه، وضاع الذئب في إحدى الواحات..!
لستُ فرزدقَ العصرِ الجديد حتى أكتب« وَأطْلَسَ عَسّالٍ، وَما كانَ صَاحباً» ولا أملكُ جرأة أمجد ناصر حتى أقول عنكِ، عنا:« وإذ رأى ما رأى/ أطْرَقَتْ/ وضمَّتْ/ وجَهَلتْ.» أنا ابن الأحياء العشوائيّة، هناك تربّيت على التلصُّص، وحكايات الزعرنة المنحوتةِ في أزقّة البيوت المهجورة، هناكَ تربّيت، دون أن أعرف صوت الرصاص، ورائحة الموت. هكذا كبرت، ولم يخبرني أحد أن عيناكِ البنّيتان تشبهان عينيّ ذئبٍ ينتظر نوم الفريسة.
تعمّدنا برائحةِ الصرخة، التففّنا على أنفسنا مَثْنَى، وَثُلاَثَ، وَرُبَاعَ، وأكثر. وحدي اخترتُ صيغة المفرد عوضاً عن الجمع لحظة رحيلكِ. أنا، نحن الذين صِرنا بفضلكِ« عشاق عاطلونَ عن الحُبِّ» أنقذنا ضجيج المجزرة، يا ليتني مقبرة..! حينها أُحدِّث الضحية عنكِ، أروي لها كيف يخرج الغاضبون ليلاً في بلاد الله الصغيرة، ليلاً يستذكرون ذئابهم لحظة عودتهم من مناسكهم، دونَ أن يثقب البارود جلدهم. ليلاً أعود معهم« وحيداً كذئبِ الفرزدق».
ملامٌ أنتَ يا أخي، يا ابن أمٍّ لم تلده أُمِّي، ملامٌ أنتَ لأنكَ صرخت، فصارت الأبنية مائلة، والسيّارات مفخَّخة. قصفوكَ يا أخي.. قصفوكَ، نبذوكَ، لعنوكَ، خانوكَ، وادّعوا النبوّة..! هَجروكَ ويلوموكَ لأنَّكَ لوثتَ الإسفلت بالإطارات المحروقة.
سأحبُّكِ في السنة القادمة.تتوالى الأحداث، التلفاز لا يعمل لسوء الطاقة. تعبث باللاقط عائداً إلى ماضيكَ. تستذكرُ يوم كنتَ تركض بين الأسطح بحثاً عن لاقطٍ يبثّ لكَ قنواتٍ إضافية، يومها كان كلُّ لاقطٍ عبارة عن جرعة أمل جديدة. يومها كان كلُّ لاقطٍ إطاراً لخبرٍ جديد. وكلانا يعلم أن اللاقط لا يشبه القنّاصة لحظة التمركز.
عائدون لكِ، نستعيدُ خطاكِ، هناك حيث رأيتكِ، كان الجندُ يحرسون الساحة، تجاهلت السبب، وتجاهلتهم، ولم أتجاهل قولكِ:« إنَّها تنتظركَ في السّاحة العامة بفستانها الأسود وكندرتها الحمراء». أتذكرين كيف كانت المتاريس تقفُ خطاً مستقيماً..؟ لم أدقق في المكان جيداً، منشغلاً في الزمان، وفيكِ. أعلمُ، وتعلمينَ، ويعلمونَ، ولا نعلم بأنه «لم يعد الحبُّ ممكناً في ظلّ نباتات الظلّ التي تحتل أركان الغرفة». أعلمُ أنكِ أصبحتِ تخشين السيرَ وحيدة. وأنكِ تخشين البكاء على زمنٍ قد يضيعُ فيه المطار.
مدركاً أن الميل تتبعه ألف خطوة، مدركاً أنّكَ تعيشُ لحظة القيامة، تمضي خلف ظلّكَ، تُعيد ترتيب التاريخ، صوتكَ وجع البلاد، أنينُ الدَّم المتخثِّر على الرصيف. وحدك تتبع خطاك، تديرُ وجهك جهة اليمين، جهة اليسار، بصقة في وجه الحياة، وتصرخ.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

حين تأتي البلاد

31-تشرين الأول-2012

الفتاة صاحبة الحذاء الأحمر

25-أيار-2012

أنا.. وأمجد ناصر.. وذئب الفرزدق

10-أيار-2012

رائحة دماء الياسمين

30-أيلول-2011

سيناريو معطَّل

20-آب-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow