Alef Logo
يوميات
              

فى زمان العيب: مَن الذى يزدرى الإسلام؟

فاطمة ناعوت

2012-05-11

فى فيلم «الزوجة الثانية»، شاهدنا كيف أجبر عمدةُ القرية فلاحاً فقيراً على تطليق زوجته، ليتزوجها بعدما «حِلْيت فى عينيه». طرق كل السُّبل: الرشوة تارةً، والتهديد والوعيد أخرى، والزوجُ رافضٌ ترك حبيبته أمّ طفليه الرافضة بدورها ترك زوجها، رغم بريق الثراء الذى يلوحُ كزوجة العمدة.
ولما أعيته الحِيَلُ، لجأ العمدةُ إلى «شيخ» القرية لكى يُقنعَ الزوجَ مُعتمراً وشاحَ الدين، والدينُ براءٌ، بأن طاعةَ الحاكم من طاعة الله! فى مشهد كهذا، برأيكم، مَن أساء للإسلام؟ سعد الدين وهبة، كاتب السيناريو؟ صلاح أبوسيف، المخرج؟ العمدةُ عتمان، أم مؤدى دورَه: صلاح منصور؟ الشيخُ، أم مؤدى دورَه: حسن الدفراوى؟ الزوج أبوالعلا، أم مؤدّى دورَه: شكرى سرحان؟ ذاك الذى صرخ فى وجه الشيخ الدجّال: «يا راجل يا كافر، يا عديم الدين!» حينما قال له: «امضى يا أبوالعلا يا بنى على ورقة الطلاق، «وأطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم».
مَن الذى أساء للإسلام، فى ذاك المشهد التاريخى الذى يُجسّد حالنا الآن: صنّاع الفيلم الأبرياء، أم أن المجرم الحقيقىّ هو شخصيةٌ اعتبارية لرجل جاهل يتاجر بالدين لمصلحته الشخصية، ومصلحة ولىّ نعمته الشهوانىّ المزواج؟
هل المُخطئ هو «صانعُ الخطأ»، أم ذاك الذى يشير إلى الخطأ، بتجسيد شخصية المخطئ، لكى ينبّه الناسَ منه، ويُبرئ الدينَ من مُشوهيه؟ هل الجريمةُ هى «صنعُ» الخطأ، أم «الإشارة» إليه؟ إما قولاً أو رسماً أو غناءً أو شخصنةً فى رواية أو فيلم؟ أسئلةٌ بلهاء، من العيب طرحُها لأن إجاباتها بديهيةٌ يعرفها طفلٌ صغير على مشارف مراحل الوعى الأولى. لكنْ فى زمن «العيب» يسقط «العيب» عن أسئلة من «العيب» طرحها لفرط بداهتها!
نعم، نحن فى زمن «العيب»! أليس فى برلماننا يناقشون شرعية مضاجعة رجل زوجتَه بعد موتها؟! أليس جاء رجلٌ لا يعرفُ عن الفنّ والأدب إلا بقدر معرفتى اليابانية، ليقيّمَ أدبَ نجيب محفوظ، فينعته «بأدب الفِسق والرذيلة»، لأن بين شخصيات رواياته امرأةً فاسقة؟! بينما لم يقل مثلاً: «إنه أدب «السرقة»، مع أن من بين أبطاله لصوصاً! لماذا؟ لأن صاحبنا يختصر «الرذيلة» فى: «امرأة وفِراش»!
بينما لا يضمُّ فى قائمة «الرذيلة»: السرقة، والرشوة، والخيانة، والكذب، والطمع، والحقد، والبخل، والدناءة، بل الكفر والإلحاد! الرجل «مشغولٌ جداً» بالمرأة، فلا يبرحُ بصرُه ثوبَها! هو ذات الرجل الذى يريد أن يُغطى أجساد «التماثيل» بالشمع، لأنها عورةٌ وأوثان! تماثيل مَن؟ أرقى حضارات الأرض، أجدادنا الفراعين الذين دوّخوا البشريةَ بعلمهم وفنّهم وحضارتهم الفائقة! يا لضَيعة الجمال والحضارة فى زمان القبح والانحطاط! زمان العيب.
يُجسّد «عادل إمام» دورَ تاجر دين مُراءٍ يخدع الناسَ باسم الله، فيكون هو المجرم، وليس المتاجر الأفّاك الذى يفضحه الممثلُ ليحذِّرَ الناسَ من خداعه، ويُبرّئ الدينَ من المُرائين الكَذَبَة والشطّار العيّارين! يا لضيعة الحقّ فى زمن العيب! «والطريفُ أن (الأديان)، وهى جمع دين، تعنى: الإسلام فقط، وهو (مفرد)! فلم نشهد مَن حوكم لازدراء المسيحية مثلا!» ليس مجرماً مُسيئاً للدين الذى جمّل أنفه ثم كذب مُدعيًّا أنه هوجم وسُرق، صارخًا: «أنا الدينُ والدينُ أنا»، إنما مَن ينتقده هو عدوُ الله! يا لضيعة العقل فى زمن الغباء والعيب! المتاجرون بالدين خادِعو البشر أنقياءُ أبرياءُ، ونحن، كاشفوهم، أعداءُ الدين! يا للكسوف والعيب فى زمن العيب!! بربكم، لا تنسوا أن تحاكموا البارودى، وتُدخلوا جثمانَه قفص «العيب»!

عن المصري اليوم بموافقة الكاتبة

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

يا الله، من رسم الخطوط حول الدول؟ ترجمة:

07-تشرين الأول-2017

«الشاعر» هاني عازر

20-تموز-2014

نوبل السلام لأقباط مصر

28-حزيران-2014

هنركب عجل

18-حزيران-2014

النور يعيد السيدة العجوز

11-حزيران-2014

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow