Alef Logo
ابداعات
              

لوحة الرسام - قصة

محمد السبيعي

خاص ألف

2012-06-15

يوم الأحد في مثل هذه المدينة الباردة له نكهه خاصة
فالصمت يصبح سيدا
ربما استطعت سماع صوت تنفسك
او صوت خطواتك فوق الثلج ولا شيء اكثر
ارفع رأسي لأشاهد الساعة الضخمة فوق احدى العمارات التجارية
لا اصدق انها تقارب الثالثة مساء فالظلام حالك
درجة الحرارة عشرون تحت الصفر
سمعت صوت شاحنه من بعيد اظنها لجرف الثلج
صوت اخر لأناس يضحكون ربما في مخيلتي
الشوارع عارية, الأشجار عارية, لوحات الإعلانات بيضاء
كل شيء, خالي
لسوء الحظ لم اشتري الى الأن سماعة المحمول
وإلا كنت أستمع الى اوبيرا لموزارت ,والتي تتناسب مع طقس هذا اليوم
استطيع تخيلها وهي تغني بصوتها السبرانو العالي :
حدثني يا هذا
عن الحب
وسأحدثك بما شعرت به ذات مساء
حينما كنت املك من المشاعر ومن التصميم
القادر أن يلف العالم اجمع
حين كان ليلي نهار طويل
لحظة وقوع عيني (نظري) عليك
اول مرة
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
ثلج الأبيض يتساقط ببطء
كم اعشق هذا القطن
استطيع رؤيته يستقر على كل شيء
الأرض, الأشجار, الشوارع, الأرصفة, الكراسي ,وايضا معطفي
اصبح جزء مني
اخلع قفازي
اشعر بأن يدي ستتجمد من الصقيع
لا ابالي
افتح يدي
الثلج مستقر على يدي
اشعر بالثلج فوقها
اقبض عليها ببطيء شديد
أشعر بالحياة
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
اليوم سيكون لقائي مع تلك الفتاة الغامضة
والذي سيكون في نفس المتحف الواقع في شمال المدينة
ولكي تذهب اليه يجب ان تأخذ الخط الأزرق في الميترو الأنفاق
لتجده مقابل للمحطة السابعة من الجهة اليسرى
اذكر جيدا اول مرة ذهبت الية
كان هذا قبل أسبوع
وكما هو اليوم
فالصقيع والهدوء مرسومان على كل شيء
واكثر شيء ستسمعه هو صوت خطواتك وهي ترسم طريقها فوق الثلج
كنت اضع يدي في جيبي طلبا للدفيء ولم انسى اعتمار خوذتي الصوفية
وجدت المتحف بعد جهد مضني
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
هو بناء ضخم يقع فوق هضبة صغيرة محاطة بحديقة صغيرة
ويمكن الدخول اليها عن طريق باب حديدي يقع في الجهة الشرقية
يعود تاريخ تشيده الى القرن التاسع عشر له تصميم متقن للأسلوب الفيكتوري
هو اشبه بقصر اكثر من كونه متحفا
ولكي تدخله يجب ان تصعد درجا عريضا من الرخام الأبيض
مع كل خطوة استطعت مشاهدة خيالات أناس عاشوا منذ امد بعيد
خيالات اناس لم يعد لهم وجود
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
رأيت فتاة عند المدخل
لم استطع تحديد باي عمر كانت
كانت تجلس على احدى درجات الرخام بمثل هذا الطقس البارد
تبدو شاردة في مكان بعيد جداً
لم يكن نظرها نحو افق اضواء المدينة الكئيب
عندما اقتربت منها
ابتسمت
فابتسمت بدورها
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
دفعت الباب الثقيل الخشبي
صدر عنه صوت حاد
وجدت نفسي في غرفة الاستقبال
على يسار المدخل تقف أمراءه في اواسط الخمسين من العمر
استطيع القول انها كانت جميله في صباها لها عيون خضراء تبدو حزينة جدا
كانت تقف خلف شباك التذاكر
اشتريت منها تذكرة وسلمتها معطفي الأسود وخوذتي الصوفية والكيس الذي احمل
ولكني لم اترك لها (كتاب التحولات) ولا اعلم ما سبب
سلمتني تذكرتين وشرحت لي بروسية سريعة لم افهم منها سوى
انه لكي اشاهد جميع الصور ابداء من الباب الأزرق
وهو الموجود على الجهة اليسرى من المدخل ومنه اتبع طريقي بين الغرف
الى ان اصل الى هنا مرة اخرى أي دورة كاملة
ومن ثم استخدم الدرج القريب من شباك التذاكر
الذي لم انتبه انه كان يقف بالقرب منه حارس أمن طويل من الصعب تذكر ملامحة
ومن هذا الدرج اصعد الى الدور الثاني حيث سوف استخدم التذكرة الثانية التي كانت بلون اخر
وفيها معرض لوحات هذا الشهر وهي لرسامين يهود عاشوا في بداية القرن العشرين
كان الدور الأرضي يحمل لوحات ثابتة لا تتغير على مدار السنة لفنانين
روس من عصر النهضة الى بداية القرن العشرين
اما الدور الثاني فيضعون فيه لوحات تستعارمن معارض اوربية شهيرة
لم اصدق حين قالوا لي انهم قد جلبوا في احد المرات لوحات الفنان الفرنسي مونية
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
دلفت الغرفة الأولى هي صاله مستطيلة الشكل بإضاءة صفراء محاطة بورق جدران معتق لونه بني
وارضية بلون الشمع الأحمر في منتصف الغرفة يوجد كرسيان خشبيان بلا ظهر يشبهان كثيرا المتواجد في الحدائق العامة
لا يوجد احد سواي
اربع كاميرات للمراقبة استطعت ملاحظتها
توجد ثمان لوحات بإطارات ذهبية رتبت بطريقة دقيقة جدا
بحيث تترك مساحه كافية لكل لوحه كي تبرز مفاتنها بكل حرية
اخذت انظر الى الصور بدقه محاولا استخراج فكرة منها
وفي احيان كنت اتخيل الرسام وهو يرسمها
كان يطغي على الرسومات أسلوب عصر النهضة مواضيعها دينية مسيحية أرثدوكسية
لا اعلم من رسم هذه اللوحات فاسمه مبهم وواضح انها جميعا لرسام واحد
احدى لوحاته كانت للمسيح وهو يصلب
دم يسيل من جانبية
ألم مرسوم على وجهه
يكاد يكون حقيقياً
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
ادخل الغرفة الثانية والتي يفصلها عن الأولى باب مفتوح
لها نفس ديكور الغرفة الأولى ولكن بشكل اصغر
علق فيها ست لوحات بإطارات بنية لرسام روسي اخر
يغلب على مواضيعه عنصر واحد القمح ,
اللون الأصفر هو السيد
حقول قمح صفراء على مد البصر,
سماء زرقاء, رجال يعملون في الحقول
,أطفال يلبسون قمصان بيضاء ,
نساء يعملون بكد ويلبسن ملابس تقليدية اكبر من اجسادهن
كانوا جميعا مبتسمين
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
ادخل الغرفة التي تليها
وقد كانت اكبر من الأولى فيها لوحات كثيرة منوعه
لرسامين يشتركون في انهم جميعا ينتمون الى نفس الحقبة الزمنية
يجلس على احدى الكراسي الغرفة رجل في الثلاثينيات من العمر
بيده كتاب سياحي لم استطع قراءة عنوانه فقد كان بلغة مبهمة قد تكون لغة من لغات البلاد الإسكندنافية
كان يقرا بهدوء العالم اجمع
التفت نحوي وشعرت اني وبدخولي وبالصخب المصاحب لخطواتي قد دنست شيء مقدس
كان له وجهه ثعلب مستأنس اصلع الرأس
ابيض جداً يضع نظارة استقرت فوق انفه الطويل
لم استطع النظر اليه اكثر فوقعت عيني على اول لوحة لمحتها
وهي لوحه ضخمة ذات إطار سميك ربما تكون الأضخم بين كل لوحات المعرض
كانت تشغل الجدار الأيمن بمجملة اخذت انظر اليها
كانت بطول متران ولو كانت قياساتي صحيحة فهي بعرض اربع امتار
فيها اناس كثر يقفون تحت المطر يلبسون جميعا السواد
التفاصيل مذهلة جدا فلم يكون احد فيهم يشبه الأخر الحزن باد على وجوههم جميعا
يلبسون معاطف رمادية يحمل بعضهم مظلات واخرين مبللين
على يمين الصورة يقف كلب كان هو الأخر ينظر الى الاسفل
وكأنهم جميعا يقفون فوق ما يشبه المقبرة ولكن لا وجود لصلبان او أي اشارة تدل على انها جنازة
فالخلفية رمادية والأرض خضراء
نظرت اليها بتمعن بكل تفصيل فيها ثم قراءة الكرت الذهبي اسفل اللوحة
المكتوب فوقة بلغة روسية / انجليزية وبحروف سوداء عبارة (سيد الجنائز)
فأخذت احاول استذكار اين قراءة هذه العبارة عندها تذكرت الكاتب الياباني ياسوري كواباتا
الذي كتب رواية تحمل نفس الاسم
اردت ان اسال الرجل الجالس عن سر اللوحة
ولكنة نهض فجأة وعاد أدراجه الى الغرفة السابقة
لم تكن هناك لوحات اخرى مميزة اكثر من سيد الجنائز
اذ كانت جميعها لنبلاء أنوفهم الى اعلى
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
دلفت الغرفة التي تليها هي غرفة مربعة اصغر من باقي الغرف التي مررت بها
لم يكن بها أي كرسي
علق فيها خمس لوحات بوتريه كانت جميعها شبة واقعية
بدأت من الجهة اليمنى اخذت انظر اليها واحدة تلوى الأخر
وحين وقعت عيني على اللوحة الرابعة
صعقت
فلم يكن صاحبها سواي انا
امعنت النظر اكثر واما مشدوها مذهولا
فتحولت الى صورة لفتى اشبه بفتاة بملابس لا تتناسب مع عصر باقي صور الغرفة
كان يلبس قميص ابيض وصدرية سوداء شعرة ناعم طويل له تسريحة نيكولاي جوجل
وعيون خضراء ووجهه مألوف يحمل بيده اليسرى لوح خشبي للألوان
وبيده الأخرى ريشة رسم يمسكها بطريقة أكاديمية
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
لم اصدق ما رأيت كانت لوحة واقعية تتنافس مع لوحات واتر هواس مان
اخذت انظر اليها بكل تفصيل فيها لبرهه من الوقت
كان اطارها ذهبيا سميكا
اخذت انظر الى الكرت اسفل اللوحة
كان مكتوب فوقها وبلغة انجليزية فقط (لوحة الرسام) ومن دون أي أسم للرسام
عندما سمعت صوت نسائي من خلفي يقول بإنجليزية ممتازة:
أعجبتك
التفت لم تكن سوى تلك الفتاة الجالسة على درج المدخل
تبدو انحف ربما لخلعها المعطف
لها وجهه ذو ملامح شمالية
عيونها زرقاء بلون بحيرة مهجورة عند الفجر
حاجباها دقيقان
لها انف طويل نسبيا
وشعر ناعم متموج بلون الذهب
اجبتها
بالطبع انه عمل مميز فالصورة تبدو حقيقية جدا وكأنها مرآة
حتى خيل الي انني انظر الى نفسي وليس الصورة
اخذت تبتسم وهي تضع طرف اصبعها على فمها الصغير وقالت
اهي المرة الأولى التي ترى فيها (لوحة الرسام)
نعم ,, اجبت,,, فهي المرة الأولى لي
فلم اراها حتى في مجلة
واكاد لا اصدق فهي تحمل في طياتها سحرا غريبا
سحر صوفي اذا كنتي تدركين ما اقصد
نعم افهم ما تقول ,,,,اجابت,,,, نفس انطباعي عنها حين التقيتها اول مرة
ولكن اتعرف ما قصتها اقصد قصة الصورة
لا ,,قلت بابتسام ,,,,, أتعرفينها انتِ
نظرت الى ساعتها ذات الجلد الأحمر
كانت يدها ناعمة جدا
شعرت بانه سؤال بوقت غير مناسب
حينما قالت
بالطبع اعرفها ولكن ما سأقوله لك سيبدو جنونيا ولكن هذا ما يقال عنها
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
بدأت القصة
(رسمت هذه اللوحة في اواسط القرن التاسع عشر على يد فنان مغمور
كان يعيش في قرية تقع بشرق البلاد تسمى ريمسيك على مصب نهر انجرا
كان فنانا يمتلك موهبة استثنائية و يحلم ان يكون مشهورا
وكان يؤمن ان الغاية من كل حياته هي الفن
ولكن المادة والمكانة الاجتماعية كانتا تعوزانه
ونظرا لأنه كان يعيش في قرية بعيد جدا عن العاصمة
فأن جميع محاولاته ومراسلاته الى العاصمة قد بآت جميعها بالفشل
فشعر باليأس واصبح يرى كل شيء قاتم بلا أي معنى
وسيطرت فكرة الانتحار على مخيلته
وفي اليوم الذي قرر فيه الانتحار سمع صوت طرق على باب غرفته

عندما فتح الباب وجد رجل عجوز يقف عند عتبت بابة لم يكن سوى الشيطان
ذهل الفتى من منضر العجوز الغريب عن القرية
دخل العجوز الغرفة وهو ينظر في ارجاءها ثم قال له وبشكل مباشر وعجيب
اتيت من العاصمة ,,وقد اعجبت بلوحاتك جميعا,,, واريدك ان ترسم لي,,,
ولا تقلق فاني سأدفع لك المال الكثير ,,,, شريطة ان تعمل ما سأوصيك به ,,,,
وان فعلت ستكون لوحاتك جميعها في معارض العاصمة يراها العالم اجمع
كان الفتى متعجب من هذه الزائر ولكنة بنفس الوقت شعر بان القدر قد فتح له الأبواب اخيراً
و ما هو الشيء الذي ستوصي به سألة الفتى
ما سأطلبه منك شيء بسيط اريدك ان تستخدم هذه
اخرج من كيس جلدي كان بحوزته
ريشة رسم زجاجية الساق سوداء الشعر
مكتوب عليها وبحروف مذهبة كلمات بلغة غريبة سلمه للفتى
اخذ الفتى ينظر الى الريشة لبعض الوقت ثم قال
وما موضوع الرسمة
قال العجوز
اريد ان ترسم ما تراه بقلبك
شعر الفتى انه يتحدث مع مجنون
ولكن الرجل لم يعطه مجال للتفكير
فقد وضع بين يدية كيس يحوي اكثر من خمس مئة روبل
فما كان للفتى الا ان يوافق

وجد الفتى نفسة في غرفة الرسم لوحدة
امامة قماش مشدود مائل للصفرة كان يمسك الريشة بيده اليسرى
اغمض عينية لبعض الوقت نظر الى قلبة فأخذت يده ترسم
بشكل عفوي ترسم خطوطا تخلط الوانا اصفر احمر اسود
اخذت الريشة تتحرك بكل اتجاه
يقولون انه رسمها خلال خمسة ايام متواصلة وانه حين انتهى منها مات فورا

لم يكتشفوا جثته الا من خلال الرائحة التي تسربت الى الخارج
لم يفهموا ما سبب موتة ونظرا لا نه كان يعاني من مرض السل
فلم يتساءل احد عن سبب موتة
في البداية وضعوا اللوحة في مركز شرطة القرية
ولكن ليس لوقت طويل فقد اخذت طريقها الى بيت العمدة
وقد كان هذا مولع باللوحات وقد اخبره بها احد الضباط فأخذها ووضعها في غرفة معيشته
بعد سنة وفي يوم خريفي اصيب هذا العمدة بالجنون
فقتل زوجته وجميع أطفاله الثمانية وانتحر من دون سبب واضح
ولم يعرف وقتها ايضا ما السبب الحقيقي
جردت جميع ممتلكات العمدة وورثها احدى أقاربه البعيدين والذي خسر جميع ما ورثة بعد مدة قصيرة فاضطر بدورة الى بيع ما تبقى لدية فباعها على احدى التجار والذي بدورة باعها على احد الباعة المتجولين بصفقة رابحة
فأخذها هذا البائع الى عاصمة العالم سانت بطرسبرج
وتبادلتها الأيادي والسنين مات خلالها العشرات
وحلت اللعنة على كل من احتفظ بها
الى ان استقرت وبشكل غريب في حجرة من حجرات (قصر الشتاء)
ولم تكمل سنة فيه حين قامت الحرب الكونية
وما صاحبها من احداث ادت الى سقوط الإمبراطورية الروسية
وقتل جميع من كانوا في القصر

وفي ايام الاتحاد السوفيتي سجلت فقط حالتين واحدة منها لمدير متحف العاصمة
ولكن نظرا لأنها دولة ملحدة فلم يصدقوا مثل هذه الخرافات
ولكن على الرغم من ذلك ضل الناس يتحاشونها
ويتداولن الحديث عنها بانها لوحة الشيطان
ولكن وكما هو حال كل شيء فقد نسيها الناس
مرت سنوات
وهي في تنقل مستمر
الى ان استقرت اخيرا هنا في هذا المتحف)
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

استمعت الى قصتها وكان شعوري ممزوجا بين مبالغات القصة وبين خوف لم افهم سببه
بعد ان انتهت شكرتها كثيرا
وقلت لها
اتمنى ان التقي بك مرات اخرى فاني اهتم كثيرا بثقافات الشعوب الأخرى
والمعلومات التي لديك لن اجدها في كتاب مهما قرات
فأجابت
سيكون من دواع سروري الأحد القادم ستجدني هنا واذا كان لديك وقت سنتحدث
نظرت الى ساعتها ومن ثم ودعتني بإشارة بيدها

شعرت بالحنق من نفسي لم اسالها عن رقم هاتفها او حتى ما اسمها
ليس مهما فانا اعرف على الاقل ما الوقت الذي ستكون متواجدة فيه

عندما همت بإكمال الدورة لكي ارى باقي صور المعرض
وجدت المراءة الخمسينية التي خلف شباك التذاكر تقف عند عتبت الباب المؤدي الى الغرفة الخامسة
كانت تنظر الي بغرابة

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

مر اسبوع على ذاك اليوم وانا الأن في طريقي الى المتحف
كم تأملت كثيرا وبالساعات القصة التي سمعتها عن اللوحة المرسومة بريشة الشيطان
وصلت في الموعد عندما دلفت الباب كانت المراءة الخمسينية تنظر الي بخوف مخلوط بحذر
لم افهم لماذا في الحقيقة لم اهتم اشتريت تذكرة
ذهبت مسرعا الى الغرفة لوحة الرسام
كان قلبي يخفق وانا امر من خلال الغرف الأولى
فربما تكون هناك تنتظرني لا اعلم من يشدني اكثر الفتاة ام الصورة
عندما وصلت الغرفة اتجهت الى اللوحة وقد اخذني الذهول حين لم اجد (لوحة الرسام)
التفت لأنظر الى الصورالأربع الأخرى كانت جميعها موجودة بمكانها الا هي
ربما اشتراها احدهم
او ربما أعادوا ترتيب المتحف
ولكن لو كان صحيحا لماذا لم يتغير ترتيب الصور الأخرى

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

ذهبت الى غرفة الاستقبال وحاولت بجهد وبروسية مضحكة ان اسالهم عن لوحة الرسام
ولكن من دون أي فائدة فلم يفهموا مني شيء بعد مدة ليست بالقصيرة
اتت امرأة في اواسط الثلاثين تحدثت معي بلغة إنجليزية ممزوجة بلكنة روسية
وسألتني عن الذي اريد
كانت متوسطة القامة مكتنزة الجسم
لها وجهه كمثري وشعر اسود مصفف بعناية
تلبس كنزة حمراء اللون وتنورة رمادية قصيرة يبرز ساقيها العريضان
قلت لها اني اسال عن لوحة اختفت من الغرفة الرابعة وأنا فقط اسال عنها
نظرت الي بجدية وقالت عن أي لوحة تتكلم
قلت هل من الممكن ان تأتين معي

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

قطعت معها الغرف الثلاث الأولى الى ان وصلنا غرفة لوحة الرسام
ووقفت امام مكان اللوحة واشرت الى مكانها الفارغ
وقلت لقد كانت هنا يوم الأحد المنصرم فاين ذهبت
هي لوحة لفتى اشبه بفتاة يلبس قميص ابيض وصدرية سوداء
ويحمل ريشة بيده ولو تسريحة تشبه التي لدى نيكولاي جوجل
قالت اسفة ولكني اعمل هنا منذ ثمان سنوات
لا يوجد عندنا لوحة تحمل مثل هذه المواصفات
ربما تقصد احدى الصور التي في الدور الثاني
قلت
لا بل هنا وفي هذا المكان
اسفة قالت مؤكدة ولكن لاوجود لتلك اللوحة
شعرت بالحزن وبخيبة الأمل رأت هذا مرسوم فوق وجهي فقالت
هل من الممكن انت تتفضل معي الى مكتبي لنتحدث
شعرت بخيفة من نبرة صوتها فقد بدت جدية

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

ذهبت معها كان مكتبها متوسط الحجم
عملي جدا, اوراق بكل مكان وقصاصات من الصحف معلقة على جدرانه تشبه الكولاج
يوجد صورة فتوغرافية لطفلة في العاشرة من العمر تبتسم في اطار اسود على يسار الطاولة
قالت
تفضل اجلس ,,اتريد قهوة ام شاي
شكرتها وجلست لكني لم اشرب شيء
قالت وهي تنظر الي بكل جدية ساريك شيء وهو شيء ممنوع
قد يعرض وظيفتي للخطر ولكن اريدك ان تعدني بعد مشاهدتك اياه انك ستأخذ بنصيحتي
لم اشعر بالراحة من كلماتها


كان خلفها خزانة زجاجية صغيرة تحمل الكثير من الملفات واللفافات فتحتها بمفتاح صغير
اخرجت من احدى زواياها شريط فيديو علية شريط مؤرخ باللون الأزرق
ادخلت الشريط في بطن تلفاز كان على نفس الطاولة
اخذت تقدم الصورة بشكل سريع جداً ومن ثم توقفت واعادت الى الخلف
حتى وجدت نفسي في الشاشة
كانت صورة واضحة باللون الابيض والأسود ومن دون صوت
خفت فربما تشتبه اني اكون من سرقها او خطط لسرقتها
ولكنها كانت تنظر الى الشاشة او بالأحرى تنظر الي وانا اتنقل بين اللوحات
الى ان وجدت نفسي اقف امام جدار خالي
لم تكن هناك لوحة تبدلت الكاميرا اكثر من مرة وانا ما زلت واقفا هناك
وفجأة وجدت نفسي أتحدث
ولكن الى من
فلم يكن احد سواي
كنت لوحدي
ولم تكن هناك لوحة
لم اصدق ما رأيت

عندما اغلقت الشاشة قالت
أتأكدت بنفسك انه لا وجود لتلك الصورة ثم استطردت
يبدو انك تمر بظروف صعبة فقد لاحظتك مريانا (المراءة التي بالاستقبال )
وخافت كثيراً ولكنك تبدوا مسالما فأنصحك ان تستشير طبيبا
شكرتها ومن ثم ودعتها عندما كان عرق يسيل تحت ذراعي الأيمين


,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,



شعرت بشعورغريب
سحبت بوابة الخروج
كان ثقيلا جدا
الهواء بارد جاف
هدوء صارخ يكتنف المكان
سمعت صوت الكنائس وهي تشق السماء
امعنت النظر اكثر
فرأيتها هناك واقفتا على احدى عتبات الدرج

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

مقدمة لتاريخ الموسيقى الغربية الكلاسيكية - القرون الوسطى

06-شباط-2016

اللغة العربية العامية ونظرية المعرفة

30-كانون الثاني-2016

اللغة العربية العامية ونظرية المعرفة

30-كانون الثاني-2016

فصول من رواية العلاج بين يدي الشيخ

22-نيسان-2014

الشجرة المقدسة ـ قصة

02-تموز-2012

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow