أطرقت ملياً في الطاولة الأنيقة أتوخى أن أنبش سويداء الألم، وحاولت تغيير مجرى الحديث مع الغيب بيني وبين نفسي في إحدى مقاهي مطار باراخاس في مدريد حين كنت بانتظار موعد إقلاع طائرتي إلى القاهرة ومنها إلى دمشق. انشغلت لبرهة أتأمل حركة المسافرين وملامح الرحيل المزدحمة بافتراق الطرق. فتحت كتابي وأخذت بمطالعة نص كتبه ألدوس هكسلي.. لم اشعر بمرور الوقت إلا ومكبر الصوت يطلب من ركاب رحلتي التوجه لبوابة العبور.
أخذت دوري في رتل المسافرين الطويل بانتظار إبرز جواز السفر لفرد من طاقم الطائرة، وحين اقتربت منه أحسست وكأن وميضاً لمع في فحمة عينيه وهو يتناول جوازي، ينظر لجلدته الكحلية يضمه لقلبه، قبل أن يرفع بصره نحوي:
- من أين؟؟
تملكني صوت قريب مرتعش:
- من الشام وإلى الشام..
قرّب الجواز من فمه ولثمه، ثم رفعه لجبينه:
- بالسلامة...
تناولت جوازي-الكتاب وأنا أطفو مع شفافية أنسية نفذت إلى داخلي.. كانت أنفاس جوازي أعمق أثراً من أي وقت مضى وهي تربت على استطالة أصابعي المعروقة.. أنا التي تتملص من المقدس، ومن إيحاءات الآلهة.. ومن نصل أوراق التعريف والتبويب والتصنيف والتجنيس..
تحركت الطائرة بانتظار الإقلاع، وطارت أوراق جواز السفر إلى الماوراء.. وحضرت سوريتي المقدسة وأنا ألملم صورتي، وتضاريس العالم لأطير فوق السحب إلى البلد..
****
أطرقت ملياً في الطاولة الأنيقة أتوخى أن أنبش سويداء الألم، وحاولت تغيير مجرى الحديث مع الغيب بيني وبين نفسي في إحدى مقاهي مطار باراخاس في مدريد حين كنت بانتظار موعد إقلاع طائرتي إلى القاهرة ومنها إلى دمشق. انشغلت لبرهة أتأمل حركة المسافرين وملامح الرحيل المزدحمة بافتراق الطرق. فتحت كتابي وأخذت بمطالعة نص كتبه ألدوس هكسلي.. لم اشعر بمرور الوقت إلا ومكبر الصوت يطلب من ركاب رحلتي التوجه لبوابة العبور.
أخذت دوري في رتل المسافرين الطويل بانتظار إبرز جواز السفر لفرد من طاقم الطائرة، وحين اقتربت منه أحسست وكأن وميضاً لمع في فحمة عينيه وهو يتناول جوازي، ينظر لجلدته الكحلية يضمه لقلبه، قبل أن يرفع بصره نحوي:
- من أين؟؟
تملكني صوت قريب مرتعش:
- من الشام وإلى الشام..
قرّب الجواز من فمه ولثمه، ثم رفعه لجبينه:
- بالسلامة...
تناولت جوازي-الكتاب وأنا أطفو مع شفافية أنسية نفذت إلى داخلي.. كانت أنفاس جوازي أعمق أثراً من أي وقت مضى وهي تربت على استطالة أصابعي المعروقة.. أنا التي تتملص من المقدس، ومن إيحاءات الآلهة.. ومن نصل أوراق التعريف والتبويب والتصنيف والتجنيس..
تحركت الطائرة بانتظار الإقلاع، وطارت أوراق جواز السفر إلى الماوراء.. وحضرت سوريتي المقدسة وأنا ألملم صورتي، وتضاريس العالم لأطير فوق السحب إلى البلد..