Alef Logo
أدب عالمي وعربي
              

وسائل لقمع التظاهرات قصة: شاني بويانجيو / ترجمة:

صالح الرزوق

خاص ألف

2012-10-02

القنبلة الصوتية
فقدت الملازمة لي الإحساس بجسمها، واستلقت فوق المخبأ المضاد للقناصة، وبيدها صفحة من جريدة، وذلك لتخفي عن أنظارها النجوم. وتوجب عليها أن تمد ذراعها بعيدا لتمسك الصفحة العريضة فوق رأسها.
حين قالت:" آه"، قال تومير:" لكن لم يفعل الجيش هذا". وألقى بعقب سيجارته إلى الأسفل على إسفلت الطريق رقم 799 . كان يتكلم عن هدى، البنت الفلسطينية الصغيرة التي رآها على الشاطئ. فصورتها في الجريدة تظهر وهي تصيح فوق الرمل المصبوغ بالأحمر بين أشلاء سبعة أشخاص كانوا عائلتها.
قالت: "أعلم. هذا مجرد مونتاج".
تناقل العالم أن الجيش الإسرائيلي فعل ذلك بنيران المدفعية، ولكنه يعلم أن العائلة لقيت حتفها بلغم زرعه المقاتلون الفلسطينيون قرب البحر. نظرت لي إلى تومير. كان ضوء المصابيح البرتقالية في الطريق ينيره من الخلف، حتى أصبح يشبه شيطانا. كان عمره تسعة عشر عاما، أصغر بسنتين من الملازمة.
قالت:" كل ما في المسألة أنني أحيانا أفقد الشعور بجسمي".
" مجددا؟".
غالبا ما أخبرته لي عن مسألة فقدان الإحساس بجسمها. حيث بمقدورها أن تحركه، ولكن بلا إحساس. فالأمران منفصلان. وهو لم يستفسر عن الموضوع، ولكنه كان يساعدها فقط. وهذا ما أرادته.
تخلص تومير من السلاح الذي يحمله وراء ظهره وضغط على كتفيها حتى لامسا الإسمنت. وعندما خلعت سروالها، ضغط بيديه على رقبتها، ثم على ذراعيها. كان يدعوها لي في النهار، لأنه اسمها، ولأنها سمحت له بذلك. وفي الليل، عندما يشد شعرها بقوة حتى تؤلمها جمجمتها ، يناديها أيتها الملازمة، لأنها هي من ترغب أن يناديها بهذا اللقب. وعندما نظرت إلى أحد الطرفين، كان باستطاعتها أن تشاهد الوهج الدافئ المنبعث من بيوت الناس القاطنين في القرى المجاورة.
كانت تعلم أن خدمتها العسكرية أوشكت على النهاية، ولكن لم تشعر بمعنى ذلك. ولم يكن بمقدورها أن تتصور أو تتذكر أي شيء رغبت به قبل أن تنخرط في الجيش، وبذلت ما بوسعها لتحدد ماذا تريد لحياتها المدنية القادمة. وخمنت ربما ترغب بعائلة، أو أن تنتسب لجامعة محترمة، ولكن تصورت أن هذا نتيجة الرياء الاجتماعي الذي يحاصرها. فهي لن تشعر بالرغبة الحقيقة ولا بالحكمة المرجوة من ذلك.
و عندما بدأت تستيقظ على مثل هذه المشاعر، بعد بداية خدمتها بأقل من سنة، بعد أن طارت رقبة أحد الجنود الواقفين معها على الحاجز وتحولت تقريبا إلى أشلاء مقسومة بالنصف، قررت أن أفضل شيء يرغب به المرء متوفر في الخدمة العسكرية، ضمن الجيش، وهكذا تطوعت لتكون ملازمة. لم ترغب أن تمضي حياتها بصفة عسكري أحمق على الحاجز، من النمط الذي يغامر برقبته وإمكانية أن تتحول إلى نصفين. وأرادت أن تكون قادرة على إصدار الأوامر للجنود الذين يغامرون برقابهم في أماكن عرضة للإصابة البليغة. وفضلت أن تبدأ خدمتها وتنتهي في وحدة انتقالية، ولكن عقدت العزم أنه لو يجب أن تقف على حاجز من الأفضل أن تكون برتبة ملازم.
فعل تومير تقريبا كل ما طلبت منه. فهو ولد مناسب بعمر تسعة عشر عاما، ويهتم بـ ( لي ) التي تتمتع بقليل من الجمال.
في الصباح التالي استيقظت لي وحدها وهي مستلقية على سريرها الميداني. كانت لديها خيمة خاصة، لأنها المرأة الوحيدة في هذا الحاجز.
كان مكانها غريبا. الطريق 799 الذي يقطع الضفة الغربية ولكن المغلق بوجه الفلسطينيين منذ عام 2002، حينما تعرض راكبو الدراجات النارية لإطلاق النار. احتاج الجيش لأربعة جنود وضابط آمر للإشراف على حاجز تفتيش يتكرر كل مائة متر تقريبا، وهكذا وجدت نفسها ترأس أربعة شبان يتناوبون على طريق مهجور بشكل دائم. ولكن إذا قرر أحدهم أن يقترب، حتى بعد الحادث بكل هذه المدة ، سوف يجد من يقول له" آسف. الطريق مغلق". كانت هذه المهمة تثير حنقها، باستثناء أنها، في كل الأحوال، تعلم أن خدمتها ستنتهي في غضون أسابيع.
أمضت اليوم في السرير، تقرأ كتابا بطبعة شعبية ويمهد لها للاشتراك بامتحان دخول الجامعة. كانت تأمل أن تحصل على درجالت تؤهلها لدراسة التجارة.
و كان من المفترض أن يساعدها شاب يؤدي الخدمة مرتين كل نوبة عمل، ولكن لم تكلف نفسها كل هذا العناء، لأن شيئا لم يحدث. ما عدا، أنه في ذلك اليوم، وقع حادث. كانت المناوبة في فترة بعد الظهيرة من حصة تومير، الذي جاء إليها وأخبرها أن ثلاثة ذكور فلسطينيين يتظاهرون عند الحاجز.
سألته:" هل ألقوا الحجارة أو شيئا من هذا القبيل؟".
" كلا. ولكنهم يحملون لافتة. وطلبوا مني بإلحاح أن أفرقهم مع أنني أخبرتهم أنني لا أحمل أدوات كفيلة بمنع التظاهر هنا".
" ولكن هذا غير صحيح".
وفجأة شعرت بالقلق الذي لم ينتابها منذ تولت الإشراف على الطريق 799 . كملازمة، إنها تعلم أن كل حاجز لديه صندوق خاص لمنع التظاهر. ولو أصر المتظاهرون، يمكن أن تجد سببا لإرضاء غرورها. فتحت الخزانة المعدنية المتوفرة في خيمتها وأخرجت علبة من الخشب.
كان ثقيلا، واستغرق الأمر برهة لتحمله إلى غرفة الحماية من القناصين. ثم عبرت الشارع إلى المظلة التي تعتبر إشارة على وجود نقطة تفتيش.
قال تومير:" تلقينا درسا حول التظاهرات وما شابه في معسكر تدريب، ولكن نسيت كل شيء".
إثنان من المتظاهرين في الثلاثين من العمر، وواحد هو مجرد صبي، صبي يمص إبهامه، ومعهم رقة بحجم A4 كتبوا عليها بقلم شنيار بالإنكليزية " افتحوا 799 ". ارتدى واحد من هؤلاء الرجال قميصا خفيفا من نوع " بنادق وزهور". و قد رفع يده، فأشارت له أن يتقدم. وعندما أصبح على مبعدة أربع خطوات منها، أشارت له أن يقف في مكانه.
قال المتظاهر بلغة عبرية ثابتة ذات لكنة قوية:" نحن هنا أيتها الملازمة لنتظاهر ضد تحديد الحركة والانتقال فهذه عقوبة تراكمية وضد القانون الدولي".
وضعت إحدى يديها على سلاحها والأخرى في جيبها وقالت:" فسر لي لماذا أنتم ثلاثة؟ هذه ليست تظاهرة بكل معنى الكلمة؟".
قال:" أعتذر أيتها الملازمة. لدينا عرس في هذا الأسبوع في القرية، وكما ترين الناس الآخرون لم يتحملوا مسؤولياتهم".
خفض رأسه قليلا وهو يتكلم وأضاف:" هل توجد طريقة لتفريقنا قليلا – فقط ما يكفي لنشر الموضوع في وسائل الإعلام ، أو أي شيء يوازي ذلك؟".
كانت تنوي أن تكون فظة معه، ولكن الرجل ناعم. كان يظهر عليه كأنه زبون في مصرف يطلب زيادة سقف القرض ولا يوحي أنه متظاهر. وهذا دفعها لتشعر قليلا أنها في عالم واقعي.
قالت له:" سنرى ماذا بوسعنا أن نفعل".
جلست على الإسفلت وفتحت الصندوق الخشبي. رأت فيه تعليمات مطبوعة أودعت في جيب لماع من النايلون. أشار تومير للرجل ليتراجع خطوة و ينتظر، ثم جلس قربها وقام الإثنان بالقراءة:
الغاية من قمع التظاهرات هي منع التظاهر. والمقصود بذلك العرقلة وفي أقصى حد إيقاع جروح، ولكن لا توجد أهداف بالقتل.
و كانت هناك عناوين أساسية أحدها يقول: ابدأ من الخفيف إلى القاسي والخشن : القنابل الصوتية، الغاز المسيل للدموع، الرصاص المطاطي. ويجب تخفيف الأضرار ما أمكن.
القنبلة 30، قنبلة الصدمة بالصوت، مصممة للإخافة والتنبيه وخلق ضجة مرتفعة. ثم أضافت التعليمات إنه لو ألقيت في حدود مسافة مترين من الشخص، يمكن للقنبلة أن تتسبب بضرر في طبلة الأذن، وبجروح خفيفة، وهكذا أخبرت لي المتظاهرين أن يتراجعوا قليلا. تراجع المتظاهرون، ولكنهم كانوا بمواجهة المظلة، وبعد قليل أخرج الصبي أصابعه من فمه ورفع إبهامه من أجلها بإشارة تشجيع. ولم تعرف كيف ترد عليه، وهكذا صنعت له إشارة جوابية مماثلة. ثم أعادت يدها فوق سلاحها.
كانت القنبلة الصوتية برتقالية اللون، ولها شكل مخروط. وحولها خطوط حمراء. أمسكت بها في يدها ثم انحنت على الأرض لترفع حجرة. وألقت بها في يد تومير وقالت:" أنت عسكري. ثم مرت فترة طويلة منذ أن تدربت على مثل هذه الأشياء. هيا لنجرب".
و تظاهرا أن الحجرة قنبلة. وشرحت له التعليمات كما لو أنها تحفظها عن ظهر قلب. وذكرته أن يحتفظ بالقنبلة براحة يده وأن ينتبه لصمام الأمان بالسبابة. وبينت له كيف يدخل أصبعه الوسطى من يده اليسرى في الحلقة، كما لو أنها خاتم، ثم يسحبها مع برمة من معصمه، كأنه ينظر لساعته. ولأنه سحب ذراعه إلى الخلف ليجرب كيف يلقيها دون أن يركز عينيه عليها رفعت صوتها بوجهه قليلا وهي تقول: " تؤكد التعليمات أنه بعد أن تسحب الأمان يجب أن لا ترفع نظرك عن القنبلة، لأنه لديك ثلاث ثوان ونصف فقط قبل أن تنفجر. ماذا لو سحبت يدك وضربت بها جدارا؟".
فقال:" ولكنت أنا متأكد أنه لا يوجد ورائي أي جدار".
" وماذا لو برز جدار فجأة؟ ماذا لو ظهر طير؟ ليس من المستحب أن تحتفظ في يدك بشيء قابل للانفجار، حتى لو أنه قنبلة صوتية".
بعد تجربتين آمنتين، حان وقت العمل الحقيقي. وضع الصبي أصابعه في فمه مجددا، ومسح أحد الرجلين حاجبه. كانت الحرارة تشع من الإسفلت الذي يفصل بينهم.
صاحت تسأل:" أوكي؟". ثم وضعت هي وتومير واقيات الأذن.
و خطر لها أن كل أساليب الوقاية بواسطة الرغويات لا يكون فعالا بما فيه الكفاية، وكلما انفجرت قنبلة كانت تترك أثرا في عظام وركيها مثل صدمة وفي فمها مثل طعم المعدن.
بعد أربع قنابل، تم تفريق التظاهرة، وسار كل شيء حسب الخطة. مثلما يأمل أي شخص في مكانها.
خلال سنوات الدراسة، كانت تشعر أن كل دقيقة هي جزء من سباق. فقط احصلي على الدرجة المناسبة. تعرفي على ذلك الصبي. اكسبي ذلك القميص. أما الجيش فهو استراحة بالمقارنة مع سباق الحياة الذي استمر لثمانية عشر عاما حتى انقطعت أنفاسها. إن الخدمة بالجيش تنتهي حينما يحين الوقت. وستصل لنفس المكان، ولنفس المحطة القريبة من القاعدة حيث يعيد الجنود بذاتهم في النهاية. ومعظم أيامها كانت تتضمن تدريبات وأوامر، تنتقل من نقطة إلى نقطة تالية وهكذا على ما يبدو يتشكل الخط المستقيم الواحد المحتمل.
و لكن أحيانا حاولت أن ترسم الخط قليلا، بالطريقة التي نرسم بها خطا خلال سنوات المدرسة حين نضع إبهامنا على مسطرة ونجبر قلم الرصاص على الانحراف قليلا عن مساره. حاولت هذا بالجنس، بالمعاناة والألم، بمقالات صحفية غير واضحة، حاولت قليلا، ولكن ليس بجدية وتصميم.
الغاز المسيل للدموع

كانت الحكاية المنشورة في الجريدة التي جاء بها تومير معه إلى الموقع في تلك الليلة عن البنت التي قتلتها أمها. كانت البنت إسرائيلة من أصل عربي تعيش في قرية بالشمال، وقد حملت من أحد الجيران، الذي اغتصبها ويتوقع أن ينال عقوبة صارمة. وقد كانت الصورة للبنت وهي في يوم تخرجها من المدرسة الثانوية ، تبتسم وترتدي الجينز. يا لها من ابتسامة كبيرة لبنت طيبة. تبدو بها مثل بنات المدارس اللواتي لا تستطيع أن تنشر عنهن الشائعات كما تفعل بخصوص بنات أوبرا إيطالية. وكان من المتوقع أن تنال الأم عقوبة مخففة، لأنها تصرفت دفاعا عن الشرف، وبدافع من عاطفتها، وعلى المرء أن يحترم دواعي الثقافات الأخرى. لقد استخدمت مدية وعصا وكيسا من البلاستيك، وأقسمت أنها طلبت أول الأمر من ابنتها أن تنتحر بيدها وتضع حدا لهذا العذاب.
سمحت الملازمة للجنود الاحتفاظ بالجريدة التي تأتي بها شاحنة التوزيع كل صباح، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تومير سيحتفظ بالصفحات المثيرة لتقرأها في المساء. لم تكن تريد أن تهدر وقتها بقراءة أي شيء يدعها تعتقد أنها ليست في عين الحدث.
قال لها تومير في تلك الليلة:" كنت أرى أن الصبي الصغير على وشك أن يبكي يومذاك". كان يرتدي قميصه الداخلي وسروال بذته، مع أنها أخبرته أنها لا تحب أن تراه يغادر قسم السكن بلا بذة كاملة.
قالت:" لم أنتبه له. ثم ذلك كان ضجة فقط. ولم أظن أنها ستفرقهم، وربما رغبوا بشيء رمزي". كان بمقدورها أن تسمع غناء بلغة ليست لغتها تأتي من راديو في بيت مجاور.
قال تومير:" كانت أشبه بتفجيرات". ثم أمسك عن الكلام.
و لم تخبره أنه ليس بمقدورها أن تشعر بأجزاء من بدنها في تلك الليلة، وعلى الإسمنت تصرفا كأنها غير مهتمة بأي شيء، وأن كل شيء على ما يرام وتحت السيطرة باعتبار أن بقية الجنود لم ينتبهوا لشيء. الخيم التي ينام فيها بقية الجند تبعد بمقدار نصف كيلومتر فقط من ثكنة الحماية من القناصة، وأحيانا كانت تصرخ بصوت مرتفع بما يكفي ليتسبب لها بالحرج.
إنه وقتها بين الرمال. و هي تبدو مثل شبح قرأت عنه في كتاب اشترته من سوبرماركت وهي في سن المراهقة. كان الشبح في بيت، ولكنه لا يستطيع أن يفتح الأدراج، أو أن يحمل كوب القهوة. و هي أيضا غير قادرة على تحريك شيء، ووجودها لا يهم، فهي لا تشعر به.
عاد المتظاهرون في بعد الظهيرة التالية. وأنفقت الصباح تتساءل هل سيفعلون شيئا. لقد ارتكبت أخطاء خلال دراسة كتابها التحضيري، حتى أنها أخطأت بسؤال رياضيات بسيط يشبه مسألة في الجبر يمكن حلها بالفطرة.
على كل حال عاد المتظاهرون، وفي هذه المرة معهم واقيات الأذن.
لذلك طلبت من جندي نوبة الصباح الباكر أن يحمل الصندوق الخشبي إلى الحاجز، فقط من باب الاحتياط.
سألت الرجل حين اقترب بحذر:" ماذا بوسعنا أن نخدمك الآن؟". كان يرتدي نفس القميص الرقيق الذي ارتداه بالأمس. و اليوم حمل الولد اللافتة، مع أنه لا يزال يضع أصابعه في فمه.
قال الرجل:" الأمر وما فيه أن أحدا لا يرغب بكتابة قصة عن بعض مثيري الشغب. هذا هو الموضوع أيتها الملازمة". التزم بالحذر، مثل زبون اشترى قميصا ويرغب الآن باسترجاع ثمنه، مع أنه ارتدى القميص لأكثر من مرة. إنه لا يريد أن يتراجع.
قالت:" قد يصاب الصبي بالأذى". وقف تومير وراءها، وهو يربت على ياقة قميصه بأنامله.
فقال الرجل:" إنه في الثالثة عشرة. وهو رجل بالغ بنظرك. إنه bar mitzvah ( يحتفل بعيد البلوغ – المترجم).
كان يبدو أصغر. وتذكرت أن كتاب التعليمات ينص، مهما كان الأمر، لا يجب استعمال القوة في تفريق التظاهرات التي ينظمها أولاد صغار. وتذكرت أيضا نقاشا طويلا دار في مدرسة التدريب عن ولد لا يمكن أن تتصور أنه بلغ عيد ميلاده الثالث عشر ويرتدي بذة ويقرأ في المعبد وتفاصيل أخرى. هؤلاء المتظاهرون حددوا أهدافهم – إنهم زبائن يعلمون بحقيقة الأمر حتما.
أما البارودة الفيدرالية، التي تستخدم في إلقاء قنابل الغاز، فتبدو كأنها دمية لا تشبه الدمى الأخرى. لها قوام خشبي مع قبضتين من الفضة، الأولى من الأمام والأخرى من الخلف. كانت تبدو كأنها مدهونة بالبخاخ. كانت التعلميات مسهبة، ولم ترغب أن يعتقد الرجل أنه لديه القدرة على توجيه حركاتها فورا، لذلك طردته من غير أي وعد قاطع. وجلست على كرسي بلاستيك تحت المظلة لتقرأ. ولسبب ما، شاهدت أن المعلومات نصف تاريخية. وبعد دقائق، فهمت أن البندقية الفيدرالية اخترعت في أمريكا، من قبل شركة تسمى فيدرالية، ومن هنا حملت هذا الاسم. على ما يبدو في الجيش، لكل وثيقة حيثيات خاصة. حياة خاصة.
و لكن أحيانا هناك مفاجآت تحصل في الجيش. حسنا، في بعض الأحيان.
قرأت أن للفيدرالية ذخيرة هي قنابل 37 مم وتمتلئ بغاز من نوع CS ( قنابل كورسون ستاتون. المترجم ). إنها فضية اللون مع خطوط زرقاء وتبدو جميلة الشكل وشديدة التعقيد. وكان يقلقها أن للفدرالية شعيرة وسدادة، فهي وتومير شخصان لا يتقنان التسديد، ولهذا السبب كانت خدمتهما على الطريق 799. وتنص التعلميات أنه يجب عدم استعمال خط التسديد- وعلى من يطلق النار أن لا يسدد على الأهداف الفردية، لأن الغاز قابل للانتشار. وحينما رفعت يدها لأنفها، أصبح بمقدورها أن تشم رائحة الغاز وهو يتسلل إلى رئتيها مثل غبار الخشب.
و تقول التعلميات أيضا إن المدى المجدي للبارودة يبلغ ثمانية أمتار. ولكنها لا تنص كم هي درحة الخطر، ولذلك طلبت من المتظاهرين التوقف على مسافة تصل لما يقارب خمسين مترا حسب تقديرها، ثم فكرت بمسافة أمان وطلبت منهم التراجع لعدة خطوات إضافية.
مصت أصبعها لتتأكد من اتجاه الريح، ولم تشعر بشيء. وضعت الذخيرة بالبارودة، وأملت أن تكون الرياح بالاتجاه المناسب. وسددت بزاوية مع الأرض تبلغ خمسا وأربعين درجة.
طوال هذا الوقت، لم تفتح فمها بكلمة لتومير وهو لم يتبادل معها أية كلمة. ثم أشارت له ليأخذ مكانها. وقالت له:" حرفيا، كل ما يجب أن تفعله الآن أن تضغط على الزناد. ولكن اضغط بقوة لأن البندقية بلا صمام أمان، وتصميمها يعوض ذلك بزناد قاس".
ثم لوحت بيدها للمتظاهرين، أما تومير لم يعد، ولم يحذر المتظاهرين، وسمع صوتا خفيفا لللإطلاق ، ثم أصبحت وجوه المتظاهرين حمراء ومبلولة وانطلق الصراخ، ثم تفرقوا واختفوا.
الرصاص المطاطي
لم تتوفر هنا في تلك الليلة نجوم مشرقة، وفي الثكنة كانت لي تبكي. وانطفأت أضواء البيوت على التوالي واحدا بإثر الآخر. أما الصورة في الجريدة التي أحضرها تومير معه فهي لطائر أشرف نوعه على الهلاك في غضون عامين. الطائر نسر بذيل فضي، ولكن الجريدة ذكرت إنه يدعى نسر الذيل الأبيض، وهذا دفع لي للتفكير أن الصورة والخبر مجرد كذبة. مع ذلك لاحظت أن عيون النسر تبدو غاضبة بطريقة لم تعتقد لي أنها موجودة، حتى لو أنه طائر يعلم أنه في طريق الانقراض.
سألت:" هل هذا أسوأ ما وجدت اليوم؟".
قال تومير:" لم يرد ذكر المتظاهرين". لقد أخبروا هاتفيا ومن أول لحظة مركز القيادة بالحادث الذي وقع على طريق 799. ولكن لا يبدو أن أحدا اهتم بالأمر.
استلقى تومير أيضا على ظهره، ونظر بالجريدة ثم إليها. وضغط بكتفه على كتفها وقال:" أنت تبكين". لم يشاهد دموعها من قبل. فأضاف:" أم أنه من تأثير الغاز المسيل للدموع؟ أنت من أخبرني بضرورة غسل اليدين مرتين قبل لمس الوجه".
فقالت:" لست غبية إلى هذا الحد. وأفكر أن أنتسب لجامعة تل أبيب ، قسم المحاسبة، لو كنت مهتما بالموضوع". لم تتكلم معه متى ستغادر الخدمة، ولا تعلم هل لديه فكرة أن هذا سيحصل عما قريب.
سألها: " وماذا بعد ذلك؟".
" آه يا كتفي. أنت تضغط عليه".
كانت تعلم أنهم سيعاودون الكرة في اليوم التالي، ولذلك تمكنت من القراءة بلا شرود. واقترفت أربعة أخطاء فقط في فحصها التجريبي، وكلها في القسم الإنكليزي. لقد أدركت أن الإجابات خاطئة حتى قبل أن تفحصها، ولكن لم تعلم أيتها الإجابة الصحيحة.
كانت متيقنة أن المتظاهرين سيعودون ولذلك ذهبت مع تومير في بداية نوبته. ولم تخمن أن المتظاهرين سيعودون بواقيات عيون وأقنعة جراحين. لهذا ليس باستطاعتها استخدام الغاز المسيل للدموع ضدهم. كانوا يبدون بشكل علماء أغبياء واستغربت من أين حصلوا على هذا الزي، في قرية مثيرة للشفقة تابعة للضفة الغربية. ارتدى الصبي نظارات شمسية من بلاستيك رخيص فوق واقيات العين، وابتسمت لدى رؤية ذلك، فرد بابتسامة مشابهة.
و لكن عندما رفع الرجل الذي يرتدي قميصا خفيفا من نوع بنادق وزهور صوته، وهو يقول:" هذا يوم الرصاص المطاطي"، اخشوشن وجهها. واستعملت ذقنها فقط لتشير له. وسمحت له أن يقترب أكثر من السابق. وقالت:" كلا. الرصاص المطاطي قد يصيبكم في مقتل أيها الشباب. لقد استمرت هذه اللعبة طويلا. وتجاوزنا الحدود المعقولة".
قال الرجل:" ولكن – لكن". وفكر مليا بنبرة صوته. كان يدرك أنه ليس زبونا، ولديه كل الأسباب التي تثير الخوف من التسبب بإلحاق الإزعاج بها. وأضاف:" ذلك هو الهدف . إنهم يتحدثون دائما عن الرصاص المطاطي. بالتأكيد دائما يتابعون أخبار الرصاص المطاطي".
هزت لي رأسها بالنفي.
قال:" لن نطلب المزيد. نقسم".
ولكنها لم تتحرك.
فقال:" نطلب هذا الشيء الوحيد فقط. وبمقدورك أن تلبي ذلك. أقصد – هلا فكرت بالموضوع".
فكرت بالموضوع، وأدركت أن الكيل طفح بها، وأظهرت قسمات وجهها ذلك. فابتعد الرجل تلقائيا، ورفع يده قليلا ليوحي لها أنه يتيح لها الوقت اللازم من غير قيود.
وهنا قالت:" على الصبي أن يتراجع بعيدا، لأننا سنطلق ثماني عشرة رصاصة مطاطية". ولم تكن تعلم هل هذه هي القاعدة أم أنه من المستحب ذلك.
جلس الصبي وأصابعه في فمه قرب الطريق لنصف ساعة، حتى انتبجت. وهذا هو الوقت الذي احتاجت له لتقرأ التعليمات. ربما أكثر. ووقف تومير بقربها وهي تقرأ. نبهت التعليمات أن الرصاص المطاطي يتسبب بالموت. كل شيء بخصوص هذا الموضوع يبدو أنه مصمم ليسلي الجندي وليضيف متاهة معقدة إلى عالمه. وتساءلت ترى كم عسكريا قرأ هذه التعلميات مؤخرا.
أولا استعمل روماي وهي خرطوشة معدنية توضع في بندقية غير مذخرة. ثم أضف تحتها أربع طلقات فولاذية مغطاة بالمطاط، وأطلقها بواسطة نصف رصاصة مفردة جاهزة في المخزن. لو استعملت أقل من أربع طلقات مطاط في المرة الواحدة، تخرج الرصاصة النصفية بقوة، والنتيجة تشبه إطلاق الرصاص الحي. الطلقات تنتشر بزاوية عشر درجات، وعليك أن تتأكد أنك تطلق على سيقان الهدف فحسب، لأنك لو أصبت أجزاء أخرى من الجسم سيكون التأثير مماثلا لأثر الرصاص الحقيقي. ولو أن الهدف أبعد من خمسين مترا سيكون خارج المدى المجدي. ولو أنه أقرب من ثلاثين مترا، سيؤثر الرصاص المطاطي مثل الرصاص العادي.
كانت التعليمات مكتوبة بطريقة تؤكد أنه إذا قتلت الرصاصات المطاطية شخصا يقع اللوم على الأصبع الذي ضغط على الزناد. تساءلت كيف يمكن لهذا أن يحصل إذا كان المتظاهرون جماهير غاضبة وليسوا ثلاثة أشخاص متفاهمين يحملون لافتة من الورق. ولكنها لم تسرف في التفكير، لأن متظاهريها من ثلاثة أفراد متكاتفين، ولم يبق أمامها غير أن تقوم بتقدير المسافات الآمنة.
طلبت منهم أن يبتعدوا، ثم اقتربت منهم، وهي تعد خطواتها، كما تعلمت في معسكر التدريب. ووفق حساباتها، كانت المسافة حتى المظلة الواقية تبلغ أقل من خمسين مترا. أشارت لهم ليقتربوا عدة خطوات، ثم عادت إلى تومير.
وقف الرجال الثلاث بهدوء مثل أطفال مروضين ينتظرون الإذن ليلعبوا في الحديقة، ولم يحاولوا أن يغادروا الدائرة التي طلبت منهم أن ينتظروا فيها قبل أن تطلق عليهم النار.
كانت توجد عدة رصاصات نصفية في الجعبة، فوضعت إثنتين في مخزن بندقية تومير، وكانت هذه الطلقات تشبه تماما الطلقات العادية باستثناء أنها من غير رأس نحاسي.
و قالت لتومير :" أضرب تحت الركبة. انبطح على الأرض وسدد على مستوى أسفل من الركبة".
و قد أصيب الرجل الآخر، الرجل الذي لم تتكلم معه، واستلقى على الأرض وأمسك بساقه كأنه لاعب كرة قدم لحقت به إصابة مؤلمة. وبعد ساعة قام ليبتعد وهو يعرج. كان عرجه مؤلما على ما يبدو، لأنه استند على الشخص الآخر بيساره، وعلى الصبي الصغير بيمينه.
الرصاص الحي
ليس الرصاص الحي وسيلة مناسبة لقمع التظاهر. وكانت لي تعلم أن المتظاهرين الثلاثة يدركون ذلك. إنهم يعرفون كل القوانين. ولذلك قدرت أنهم لن يعاودوا الكرة.
في تلك اليلة، بسبب الكسل، أحضر لها تومير كل الجريدة، وكان جافا حتى أنها أنفقت دقائق فوق الإسفلت تتصور عمودها الفقري كأنه حبل، وأنه معقود، ثم تم قطعه.
ثم عاد المتظاهرون. الرجلان يحملان فرشات مربوطة بسيقانهم بواسطة قماش. ويبدو كأنهما شبه مصارعي سومو. كان الرجلان يحاولان اكتساب مناعة من الرصاص المطاطي. أما الصبي الذي تبللت أصابعه لا زال يافعا.
قالت لهم:" لن نطلق عليكم الرصاص الحي". مع أنه الحل الوحيد المتبقي.
قال الرجل:" من فضلك. أرجوك". واقترب منها، بلا دعوة، وحذا حذوه الرجل الآخر والصغير. ثم أضاف:" أطلقي النار ولكن حاولي أن لا تصيبي الهدف، فقط أطلقي النار وأخطئي بالتصويب".
قالت له:" يجب أن تكون لديك أدوات مع نية إلحاق ضرر يتسبب بالموت حتى يسمح لنا بإطلاق النار. انظر.. إليك كتاب الإرشادات 101 الخاص بـ ADF ( جيش الدفاع الإسرائيلي. المترجم ) ".
قال الرجل:" من فضلك. يجب أن نظهر في الجريدة على الصفحة 5 تحديدا".
و لكنها أشارت لضرورة وجود أدوات. ونية. ثم أكدت على مسألة الأدوات.
سألها الصبي:" ما معنى أدوات؟".
قال تومير:" بارودة".
و أضافت:" أو مدية".
و تابع تومير قائلا:" أو حجرة".
لم ينتبه لما يقول، لأنه في تلك اللحظة، انحنى الصبي ببطء والتقط حجرة من الإسفلت. كانت نفس الحجرة التي استعملها تومير للتدرب بها على إلقاء القنابل الصوتية.
رفعت بارودتها إلى كتفها ولقمت السلاح وصوبت على الولد. ورفع تومير بارودته إلى كتفه ولقمها وصوب على الصبي.
حصل ذلك قبل أن يهمس له الرجل بالعربية فألقى الحجرة على الأرض، كما لو أن أحدا ألقى القبض عليه متلبسا بالسرقة في أحد المخازن.
بعد ذلك وضع الصبي أصابعه في فمه، فانخفضت البارودتان، أما هي فقد تبادر لذهنها أن النهار والصيف والمكان قد انتهى أمرهم تقريبا، وهنا قال لها تومير من خلف ظهرها:" من ناحية تقنية بمقدورنا أن نلقي القبض عليه لهذا السبب. هذا تقنيا من صلاحياتنا".
فقال الصبي:" رجاء افعلا ذلك". لم يكن يطلب منها. كان يطلب هذا من الرجل. كان اعتقال صبي كما ورد في الصفحة خمسة هو آخر الاحتمالات. وهي تعلم ذلك عن وجه يقين.
هز الرجل رأسه ثم قال له الصبي إن الموضوع كله هو هذا الشيء، وهو شيء بمقدورهما أن يقوما به، وحض الرجل على التفكير به، ولكن الرجل كان قد طفح به الكيل. فقال و هو يوجه كلامه إلى لي بينما تومير يمسك الصبي من ذراعه:" أيتها العاهرة". كان هذا كل ما بمقدوره أن يقول. أما هي في النهاية مجرد ملازم أنثى تقف على نقطة تفتيش. كان يبدو لها فلسطينيا مسكينا، وانتابها الشعور أنها مجبرة على كل شيء، وأنها مضطربة لأجله.
بعد أن غادر الرجلان، سارت هي وتومير وراء الصبي نحو القاعدة وقدما عن الاعتقال تقريرا بالهاتف. في ذلك الوقت وهم في الطريق إلى الثكنة خيم المساء على الأرجاء. ولكن أضواء الطريق البرتقالية لم تسطع حتى تلك اللحظة.
أسرعت الخطى، لأنها رغبت أن تسير بمحاذاة الصبي. أسرعت من خطواتها، ثم خشيت أن تفزعه. فقد مدت يدها لتمسك بيده.
عوضا عن ذلك، هي من لحق بها الخوف. وشعرت أيضا بيده المبلولة باللعاب وهي في يدها، وبالغبار الناجم عن الحجرة التي أمسك بها وبالرياح. شعرت بكل ذلك دفعة واحدة. في وقت لاحق من تلك الليلة، فكرت كيف سيلقي تومير أثقاله كلها فوق عظامها، حتى تغوص في الإسمنت. ولدقيقة من الوقت، تساءلت هل سيناديها باسمها الحقيقي، وليس بصفة ملازم. وفكرت هل يليق بها أن تطلب منه ذلك، ثم تذكرت أن هذه ليست تفاصيل مهمة يتوجب عليها أن تقلق حيالها.
أما تلك التواريخ. التاريخ الذي يضع نقطة على كلا طرفي الخدمة العسكرية. لقد كان أي شيء حصل بينهما عبارة عن ديكور وقبض الريح ولن يبدل من حقيقة المكان الذي سيؤول مآلها إليه.
بعد عدة سنوات، فتحوا طريق 799 مجددا. واستمر هذا لشهرين فقط. وبعد ذلك جاء الجنود ووقفوا هنا لثلاث سنوات ليقولوا لكل أحمق يقترب منهم هذه الكلمات:" آسفون. الطريق مسدود". وعندما سمعت أن الطريق أصبح مفتوحا، ثم عندما سمعت أنه أغلق كرة أخرى، انتابها نفس الشعور: يدها، لعاب الصبي، كما شعرت به هناك في حينه.
وأحيانا، خلال حفلات مغلقة في تل أبيب، وخلال نزهات على الأقدام أو حين تكون في غرفة مقفلة، كانت تشعر باللعاب على يدها. حتى بعد أن نسيت شأن الطريق 799 . كانت تشعر بالشيء ذاته في الحفلات الخاصة وفي النزهات وحين تستقر في حجرة مقفلة مع أنها ليست وحيدة، حينما تكون دائما بصحبة شخص آخر. لقد شعرت بالشيء نفسه حينما ناداها أولئك الأشخاص باسمها المجرد. ماذا تقولين يا لي؟. شكرا جزيلا يا لي. كم أنا أتفق معك يا لي. كلما سمعت اسمها في غرفة مظلمة شعرت بلعاب الصبي على يدها.
في تلك الليلة تبعها تومير على بعد خطوة منها ومن الصبي. تقدموا وهم يضربون بأقدامهم الحجارة، ويهمهمون، ويحدقون بالنجوم قبل أن يأخذ النهار بعضها ويبتلعها. وفكرت بكل الأشياء التي لم تحدث بعد، والتي من المتوقع أن تحصل سريعا. الإسمنت. الورق. التوسل من أجل قنبلة صوتية.
قال تومير قبل أن يصلوا إلى القاعدة :" هيا لنراهن على أية صفحة من الجريدة سوف ينشر خبر هذا الاعتقال يا لي. ماذا تقولين يا لي؟".
وجاء السؤال السخيف من جديد، السؤال الذي كانت تطارده. لقد عاد. تساءلت ماذا سيناديها في تلك الليلة، مع أنها تعلم أن أي كلمة يختارها من مفردات هذا العالم لن يكون لها أثر مختلف. هذا لن يبدل من حركة خطواتها في النهار، وحتى لن يبدل من حركة خطواتها في الليل.
و هما يغذان الخطوات، وضع الصبي يده في فمه أيضا، اليد التي للتو كانت تقبض عليها.
في تلك الليلة، بلغت لي واحدا وعشرين عاما. وبلغ تومير تسعة عشر عاما. أما الصبي فقد بلغ عامه الثالث عشر. مروا بالقرب من القاعدة الإسمنتية بصمت وبخطوات متزامنة ومنضبطة. وبعيون قروي كان ينظر من تحت ضوء بيت بعيد كان يبدو عليهم أنهم أفراد عائلة واحدة..

شاني بويانجيو Shani Boianjiu: كاتبة مولودة في القدس عام 1978 من أصل مختلط عراقي عربي و أوروبي روماني. أهم أعمالها رواية ( الناس الأبديون لا يخشون شيئا) التي صدرت عام 2012.
ترجمة صالح الرزوق - عن النيويوركير – حزيران 2012 .

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

مقتطفات من : كافكا في المحاكمة الأخرى بقلم : إلياس كانيتي ترجمة :

17-نيسان-2021

قصائد مختارة لمارلين مونرو

03-تشرين الأول-2020

قصة / كانون الأول / كريستال أربوغاست

12-أيلول-2020

مدينة من الغرب اقصة : تميم أنصاري ترجمة

22-آب-2020

قصائد لهنري راسوف ترجمة :

20-حزيران-2020

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow