"للنور صرخة .. و أبجدية .."
خاص ألف
2012-10-09
مرجلٌ يغلي..
كعجوزٍ تسعينيّ على بوابة داره... ينظر من خلف أجفان مترهلّة، و يتلمّظ الكلام مراراً ثمّ لاينطقه..
يكبر أولاده أمامه، لايخبرهم بالجرح كي لايختزن كحقدٍ دفين..
لكنّه يراهم يكبرون بصحبة همّ صامت يتذوّقونه فيما هم يكبرون، يحزن، ثمّ يطمئن..
فاضت به المرارة.. ثمّ فاض به العجز.. فغدا بين الحدّين.. مقيّداً ينتظر..
والحجّة وطن..
....
مرجل يغلي..
لكن ليس ثمّة ما منح الشّرارة..
بلاد كانت وديعة.. حتّى ليظنّ أنّها كانت هانئة بلا همّ..
كبرنا بها، وكنّا أطفالاً لا ندرك ما تعانيه، كبرنا وأسئلتنا معاً..
لكنّها وحدها.. بلاد الرُّقُم والفخّار المشويّ كانت تكزّ على جراحها.. وتنتظر..
لتبتكر أبجديتها..
....
صمتتْ كثيراً كي يكون لصوتها أبجديّة، في الإنسان كما في الكتابة..
ثمّ صرخت...
فمن الّذي أعطى نفسه الحقّ بتلويث صوتها بالدّم..بالاتّهام بالطّائفية.. بالعنف؟؟!!
....
يُنحر السوريّ الآن... كخراف المزارع..بتهمة وحيدة.. أنّه رفض تعاليم القطيع..!!
يُنحر السوريّ طفلاً في سنيه الأولى... لأنّ معتنقي العقائد يعلمون أنّه لن يكبر إلا نقيّاً من الانصياع إلّا لنوره..
يُنحر السوريّ ... لأنّه الإنسان... والإنسان عبء على مبتكري الطّوائف والفتن والحدود والتّقسيمات..
ينحرُ السوريّ لأنّه المضياف.. فيرمى للشّتات ..!!
كلّ الشّعوب ثارت... وحده السوريّ يُحارَب حتّى في صرخته..
لأنّ العروش الّتي تهدّها صرخة الوعي..أكبر وأوسع بكثير من الّتي تهدّها صرخة الجوع..!!
يحارَب السّوري حتّى في شتاته.. حتّى في مخيّمات اللجوء..
يحارب السّوري حتّى في طفولته... خشية أن يكبر .. فيعي!!!
كل مظاهر التّطرف تدعم.. تتّسع.. تنتشر.. تموّل..
ويحارب المدنيّ.. يهمّش.. يهجّر..
يُسحق..يصنّف، يقسّم، يطيّف، يديّن، يكفّر، يهجّر..
ثم ينحر..!!!
كل أطراف الصّراع.. كلّهم ولو في الظّاهر يقتتلون..فإنّ في الجوهر لهم عدوّ واحد..
هو السوريّ في مكتبته.. في طفولته.. في شعاراته.. في مدنيّته...
السّوري في تعدّديته.. في تعايشه...في حاراته.. ومدنه..
...
أسماء المدن المنكوبة سواسية في قلوبنا..تشعّ منارات للزّمن القادم..
يتساوى عندنا المجرم في طغيانه... ولا نرتشي بالشّعارات
لا قضيّة يحملها وطن تستدعي إبادة شعب ذاك الوطن...
كل المبررات متعفنّة ..
حين تبرّر لحظة يذبح فيها طفل في السّابعة من عمره..
يتكوّر برعب أمام جلّاده وهو البريء من كلّ التّصنيفات و النفاق..ويرجوه..
باسم الانسانيّة..
يقول وعينه على السّكين الّتي ستحزّ رقبته...
" عمّو ... عمّو ... ما تذبحني .. أنا رفيق ابنك بالمدرسة..
أنا بحبّو كتير ... وهو كمان بيحبني.."!!!
ويحزّ الرّجاء..
لفرط رعب المجرم من صرخة الحبّ.. يحزّ الرّجاء
....
أمّا نحن .. فلسنا سوى شهود هذا الزّمن القميء..
انهارت كلّ مسلّماتنا.. وبتنا نعيش لسبب واحد..
أن نقول لأولادنا ذات يوم ..
حدث ذلك مرة في بيت سوري كان آمناً..
مرة في حمص..مرة في حلب..
مرة في دمشق.. ودرعا.. وحماه.. في دير الزور..
حدث ذلك في مرّات و مرّات .. في "قدسيّا"..
08-أيار-2021
21-تشرين الثاني-2012 | |
13-تشرين الثاني-2012 | |
06-تشرين الثاني-2012 | |
30-تشرين الأول-2012 | |
23-تشرين الأول-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |