"بانوراما الوجع"
خاص ألف
2012-11-13
على امتداد سنةٍ وثمانية شهور، مرّ على السّوريّين فظائع لايحتملها شعب ولا انسانيّة.
كلّ شيء انتهك ودمّر، شُرّدت العائلات.. وعانى مواطنو البلاد وأهلها اللّجوء والنّزوح.. داخليّاً وخارجيّاً.
وصُنّفت بعض المدن مثل "حلب" بأنّها شهدت أكبر دمار تتعرّض له مدينة كبرى في العالم منذ أكثر من خمسين سنة.
هيّج الدّم غرائز ونزعات غريبة عن ثقافة السّوريّ وتربيته وتعايشه، من ذبح ونحر وتهجير وتشريد وحقد ودكّ المدن بالطّيران.
وُضِع السّوريُّ في أنفته وعزّة نفسه في مواقف جرّحت بكرامته وإهانتها.
وتمّت مساومة المرأة السّوريّة في المخيّمات على كبريائها وكرامتها، فثكلت أبناءها، وفقدت الزّوج والابن والأخ والبيت.
وصارت تُستصدر الفتاوى السّوداء لتكون غطاءاً لاستغلال ظرفها والمتاجرة بوجعها،
وتشكّلت ظواهر جعلت منها سلعة تباع وتشترى، فصارت تقيّم بالدّينار والرّيال والدّرهم،
بعد أن كان تاجها وقيمتها هو نسبها وعلمها وأخلاقها وبيئتها، وكانت الجوهرة الّتي لاتُنال.
هُدِمت البيوت أمام عيون أصحابها.
نزح الأهالي بما عليهم من ثياب، وشاهدوا بعد أسابيع أثاث بيوتهم المنهوبة على الأرصفة والطّرقات معروضة للبيع.
انتشر الخطف، والتقى المواطنون في المهاجر بكثافة كبيرة كأنّهم قطع صغيرة من شام مبعثرة، ضاعت ملامحها ولم يبق منها إلّا الحنين.
اكتظّت المعتقلات وحَوَت مواطنين وسكّان أكثر ممّا في خارجها.
ثمّ صدرت مراسيم العفو دوريّاً، فخرج مرتكبو كلّ جرم وازدادت الجريمة.. ولكن لم يخرج سجناء الرّأي.
وازداد التّطرّف... تسليحاً من جهة وتشبيحاً من أخرى، تطرّف وأسلمة من طرف وقصف من آخر.
ومؤتمرات... مؤتمرات... مؤتمرات....
كلّها لا تفضي إلى شيء..
والسّؤال الأجدر بأن يطرح... هل سيرتضي السّوريّين قيادات تتكلّم باسمهم من الفنادق والمهاجر،
وهم وحدهم من قرّروا مصيرهم بعد أن أدار العالم كلّه وجهه عن مآسيهم؟؟
هل سيختارون أيّما قيادة ، وهم وحدهم الّذين أدركوا أنّ أيّاً من قيادة الدّولة أو قيادة المعارضة، لم يبال بوجعهم بل حوّلهم لورقة على طاولة تصفيات دوليّة
دون أيّ مبالاة بالوطن وخسائر الوطن؟؟
هل تصل الحماقة والوقاحة بكل من يتكلم باسم الشّعب السّوري أن يعتقد أنّ هذا الشّعب الّذي تحمّل كلّ نكباته وحيداً سيرتضي أن ينظّر أحد باسمه..
بعد أن ترك للذّبح والقتل والخطف والنّهب وللمرتزقة المتسلّلين عبر حدوده يشوهون انتفاضه شعب ويقطعون أوصاله؟؟
...
شعب بين نابين من حقد وسواد...
نابٌ يصرّ على المكابرة والادعاء.. مخترَق منتهَك يتكلّم باسم حماية الوطن، بينما حوّل الوطن لساحة لتصفية دوليّة، فضّل ترجيح كفّة دوليّة ودفع في
سبيلها وطناً كاملاً على المحرقة والخراب..!!
وناب مشّوه مهجّن ذليل، يستجدي التّمويل والتّسليح، يتناوب على قياداته التّطرف والعلمانيّة في واجهات دعائيّة ترويجيّة، تفوح منها رائحة النّتن..!!
شعب بين نابين
لا يدرك أحدهما معنى الوطن ولا يعنيه أن يدرك..
قيادتان في خندقين، تتناحران بأبشع الوسائل، بينما الشّعب في خندق واحد، يختلف بالرؤى والآراء.. لكنّه لايضلّ السّبيل..
لكنّ ما تعجز عن فهمه قيادتا الخراب.. من نظام ومعارضة..
هو أنّ هذا الشّعب الّذي خبر كلّ أوجاعه وحيداً.. لن يخدع بوعود ومساومات..
هو شعب تعلّم قراءة آلامه واستشفاف قدره منها، تعلّم صناعة قدره وعدم الرّضوخ دون الرّجوع عن هدفه..
هذا الشّعب الّذي يقف الآن في مخيّمات اللّجوء منتظراً شتاءاً قارساً يبدو أنّه لن يشبه أيّ شتاء.. تعلّم ألّا يستسقي القدر بل أن يرويه..!!
فليكفّ الجميع عن مزاوداتهم.. فما أوقح أيّ حرف أمام معاناة هؤلاء..
ما أوقح مواساتنا حتّى.. ونحن العاجزون عن تقديم العون..
ما أوقح من اغتصب هذي البلاد..
وما أوقح من يقف الآن على المنابر وطوابير الادّعاء.. متكلّماً بالحريّة والحقوق كطبل فارغ.. منتظراً دوره لاغتصابها، متخفياً ببدلة جديدة...
ظانّاً أنّ أقنعته الجديدة ستنطلي على عيون التّاريخ والزّمن وعلى عيون الثّكالى والأمّهات..
متناسياً أنّ العيون الّتي كحّلتها الفجائع السّوداء .. ماعادت تبصر إلّا دربها والحقيقة... ولاشيء سوى دربها.. والحقيقة!!
08-أيار-2021
21-تشرين الثاني-2012 | |
13-تشرين الثاني-2012 | |
06-تشرين الثاني-2012 | |
30-تشرين الأول-2012 | |
23-تشرين الأول-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |