Alef Logo
مقالات ألف
              

«المجرم» عبد العزيز الخيّر

يوسف عبدلكي

2012-10-17

ها هو المجرم عبد العزيز الخيّر وراء القضبان أخيراً. أثلج هذا الخبر السعيد صدور المواطنين الآمنين، وأدخل الطمأنينة الى قلوبهم، بعد أن روعهم عبد العزيز الخيّر بقمعهم، واعتقالهم، وإدخال المدرعات والدبابات الى شوارعهم وأحيائهم، وقصف بيوتهم بمدافع الهاون وطائرات الهليكوبتر والميغ، ناهيك عن إفلات العصابات المسلحة من شبيحته على مظاهراتهم، وإطلاق عناصر أمنه على بيوتهم ليقتلوا وينهبوا... ويغتصبوا إن توفر الوقت.
ستعلن ـ لا أشكُ في ذلك ـ السلطات الأمينة على أمن المواطنين وأرزاقهم سلسلة من تظاهرات الفرح بهذا النبأ، وستقيم الأفراح في الشوارع، وتبني سرادقات للغناء والرقص وإقامة الولائم، في دوما وحرستا ودرعا وداريا وحمص وعربين وحلب وحماة ودير الزور وكفرنبل والرستن وتل كلخ وخان شيخون والحسكة والتضامن والميدان وركن الدين!
يلّي استحوا ماتوا!
كيف يعتقل مواطن كعبد العزيز الخيّر سلاحه الكلمة، وأداته الحوار، وغايته الحرية والديموقراطية لأبناء بلده! ربما هذا ليس سؤالاً وليس استنكاراً قدر ما هو لائحة الاتهام الحقيقية لهذا المجرم الخطير.
الدكتور والصديق والرفيق عبد العزيز الخيّر وهب حياته لقضايا بلده العامة. دخل معترك السياسة باكراً، وفي بداية الثمانينيات تمت ملاحقته... غير أنه بقي عصياً على الاعتقال أحد عشر عاماً في ظروف أمنية فاشية يعرفها جميع السوريين آنذاك، واعتقل عام 1992 في الشارع وبالمصادفة، وقُدم الى محكمة أمن الدولة العليا العادلة، فحكم عليه قاضيها العادل الضابط فايز النوري حكماً عادلاً بالسجن 22 عاماً! وكان حظ عبد العزيز الخيّر أفضل من حظ العشرات أمثال أكرم البني وفايز الفواز وحليم رومية وجهاد مسوتي وعبدالله طعمة وبهجت شعبو وعبد القهار سراي... إلخ، حيث قضوا مدد حكمهم كاملة... وأكثر. إذ ترأفت الدنيا بالدكتور إثر حملات محلية ودولية لإطلاق سراحه، فأطلق... بعد 14 عاماً فقط! ويقولون إن السلطة لا رحمة في قلبها!
إثر خروجه عام 2005 من المعتقل انخرط ـ من دون أن يلتقط أنفاسه ـ في العمل السياسي مع المعارضين عموماً، وفي وسط رفاقه في حزب العمل الشيوعي خصوصاً؛ وكأن الأربعة عشر عاماً من الاعتقال لم تكن إلا أربع عشرة دقيقة ليس إلا! فيا لهذا الإيمان الصوفي بشعبنا وبقدرته على صناعة تاريخه! بعد انطلاق حراك السوريين الذي تحول الى ثورة حقيقية، عمل الخيّر مع حسن عبد العظيم وحازم نهار على جمع كلمة المعارضين في الداخل وأثمر عملهم أول مؤتمر للاحزاب والشخصيات المعارضة عقد في حلبون قرب دمشق (17/9/2011) الذي انبثقت عنه هيئة التنسيق الوطنية التي تعرضت وتتعرض منذ ولادتها الى حملات دهم إعلامية متواصلة بسبب استقلاليتها، ونأيها عن المحاور العربية المموِّلة؛ ورغم ما يمكن أن يساق من ملاحظات وانتقادات على الهيئة غير أنها صمدت أمام إرهاب السلطات، وإغواء دول الخليج، وثبّتت في وثائق المؤتمر الوطني لإنقاذ سوريا الذي شاركت فيه بدمشق (23/9/2012) مطالبتها بإسقاط السلطة برموزها ومرتكزاتها كافة، من جهة، ورفضها للتدخل الخارجي من جهة ثانية.
بعد خروجه من المطار في 20/9/2012 عند عودته من بكين مع وفد الهيئة، اعتقل عبد العزيز الخيّر مع صديقيه إياس عياش وماهر طحان على حاجز للأمن السوري! وما زال الثلاثة في قيد الاعتقال!
يحار المرء بهذه السلطة كيف يُصنفها، فلا المعارضة الوديعة تُرضيها، ولا المعارضة الجذرية تُدخل السرور الى قلبها، ولا المظاهرات السلميّة تُفرحها، ولا التسلح يُبهجها... لا الأصوات الزاعقة تُفحمها، ولا صوت العقل يُقنعها! سلطة يبدو أن لا شيء يطربها إلا صوت الكسر... كسر عظام المواطنين، كسر إرادتهم، كسر حلم الحرية في قلوبهم... وربما لم يبق أمامها إلا المتعة المازوشية بكسر عظامها هي.
أطلقوا سراح عبد العزيز الخيّر.
استحوا.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

«المجرم» عبد العزيز الخيّر

17-تشرين الأول-2012

الأسس المالية لعلم الجمال السماوي

26-حزيران-2010

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow