إنهم يحبّون بلادهم
2013-03-26
أتجوّلُ فى مدن عربية نجحت فى خلق حضارتها الجديدة مثل دبى والدوحة، فأشعرُ بالفرح، وأشعر بالحزن. الفرحُ، لأن دولاً صحراوية نامية نجحت، فى عقود قليلة، فى تشييد مجتمعات عصرية راقية، وحياة آدمية محترمة هادئة تليق بشعوبها. وأما الحزنُ، فحين نتساءل: ولماذا لم تنجح مصرُ ذات الحضارة العريقة، وهى التى ساهمت بقوة فى خلق حضارة تلك المجتمعات، فتحضّرَ الخليجُ، وتخلّفنا نحن؟!
إياك أن تقول لى: إنه النفط، وMoney Talks! «لأ، معلش بقا»! فحين كانت القاهرة من أنظف وأشيك مدن العالم فى بدايات القرن الماضى، لم يكن لدينا نفطٌ. وحين تعايش مصريون يهود ومسيحيون ومسلمون فى تناغم تام وتقاسموا البرلمان دون نوازع طائفية، لم يكن لدينا نفطٌ. وحين كانت السيدات يسرن فى شوارع مصر حتى الخمسينيات الماضية بملابس أوروبية دون أن يعرفن كلمة: «تحرّش»، لم يكن لدينا نفط. وحين كانت البكالوريا فقط تجعل الطالب يتحدث الفرنسية والإنجليزية ويتقن العربية ويعزف البيانو، وحين كانت الحكومة تغسل الأشجار فى الشوارع، وأسفلت الشوارع مثل المرايا اللامعة، لم يكن لدينا نفطٌ. وحين كانت أميرات الشرق يجئن إلى مصر للتسوّق من أرقى بيوت أزيائنا لم يكن لدينا نفط. وحين شيّدنا فى مصر ثانى أوبرا فى العالم بعد إيطاليا، وثانى سكة حديد فى العالم بعد بريطانيا، وثانى فيلم سينمائى عام ١٨٩٦ بعد باريس بعام واحد، وحين كانت ثانى طيارة فى العالم امرأة مصرية اسمها «لطيفة النادى»، لم يكن لدينا نفط، بل كان لدينا شعبٌ مثقف يحبُّ بلاده، ونخبة ثقافية مستنيرة تمثّل طليعة هذا الشعب، وحكومات تحاول أن تنهض ببلادها.
جبال القمامة والتحرش وعدم احترام الآخر والمحن الطائفية والمعجم الحوشىّ بين الناس والفوضى وأزمات المرور وعدم تطبيق القانون وغيرها، لا يحتاج علاجها إلى نفط أو ذهب؛ فقط يحتاج شعبًا يحب بلاده، وحاكمًا لا يحنث بقسمه: «أقسم بالله العظيم أن أرعى شؤون المواطنين»! لكن حكّامنا يكذبون، وشعبنا يبدو أنه لم يعد يحب مصر!
التقيتُ بعضو «جبهة الضمير» معاذ عبدالكريم فى «الدوحة». (ذهبتُ لأُلقى قصائدى فى حفل اليوم العالمى للشِّعر بالصالون الثقافى بالدوحة، وذهب هو لقناة الجزيرة). كان يدافع عن مرسى باستماتة مدهشة؛ فسألته: أتدافعُ عن حاكم يشترى من أموال الفقراء بِدل «سينييه»، والناس تموت جوعًا؟ فأخبرنى أن الرئيس يشترى «فقط» بدلتين كل أسبوع من محلات الشاطر، حفاظًا على البروتوكول. (وللكلام عن بروتوكول الرئيس حديثٌ آخر، الأسبوع القادم). ولم ينس «معاذ»، طبعًا، أن يختم كلامه بالمقولة الشهيرة: «على فكرة، أنا مش إخوان!»
08-أيار-2021
07-تشرين الأول-2017 | |
20-تموز-2014 | |
28-حزيران-2014 | |
18-حزيران-2014 | |
11-حزيران-2014 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |