تضامناً معَ المِثْلِيِّيْنَ: نعمْ مِثْلُكُمْ مِثْلُنا، بَلْ مِثْلُنَا مِثْلُكُمْ.
2010-10-01
بِالتَّزامنِ معَ افتتاحيَّتِي هذهِ، ننشرُ في موقعِ "ألِف" مادَّةً نشرَها موقِعُ "كُلًّنا شُرَكاءُ" بِعنوانِ: "معذرةً: ليسَ مِثْلُكَ مِثْلِي...عنِ الشًّذوذِ الجِنْسِيِّ في سوريا."؛ وأعتبرُ ما أكتبُهُ هُنا ردَّاً واضحاً على كُلِّ ما جاءَ في مقالة "أبيْ حَسَن"، والَّتي أَقَلُّ ما يُقالُ فيها إِنَّها تعتدِي، وتُسِيءُ لِلمِثليِّينَ، وبخاصَّةٍ في تسميتِهِمْ بِالشَّاذِّينَ جِنْسِيَّاً؛ فهذا اعتداءٌ على حُقوقِ مجموعةٍ مِنَ البَشَرِ، لهُمْ حُرِّيَّتُهُمْ في العَيْشِ كغيرِهِمْ، وليسَ لنَا أيُّ حَقٍّ في مُحاسبتِهِمْ، إِلَّا إِذا كُنَّا تَعَلَّمْنَا أَنْ نكونَ دِكتاتورِيِّيْنَ، ونُعلنَ أَنَّنَا دِيمقراطِيُّونَ. سِيَّما وَأنَّنا نعيشُ في عصرِ حُقوقِ الإِنسانِ.!.
لِكُلِّ فَرْدٍ في العالمِ حقُّ مُمارسةِ حُرِّيَّتِهِ دونَ أَنْ يسألَهُ أحدٌ عمَّا يفعلُهُ، طالمَا أَنَّهُ يحترمُ القوانينَ السَّائدةَ، ولا يُقْدِمُ على إِيذاءِ أَحَدٍ في مُمارسَتِهِ تلكَ؛ ولا يَحِقُّ لأَحَدٍ أَنْ ينبُذَهُ، أو يقولَ لَهُ: "أنتَ لَسْتَ مِنَّا.!".
مُشكلتُنَا في أَنَّ أحداً مِنَّا لا يلتزمُ بِهَذا، بِحَقِّ الآخَرِ في مُمارسةِ حُرِّيَّتِهِ، بِشَرْطِ ألَّا تُؤذِي حُرِّيَّةَ الآخرينَ، بَلْ على العَكْسِ، نحنُ بارعونَ حينَ نمتلِكُ القُوَّةَ في استخدامِها كَأَكثريَّةٍ ضِدَّ الأَقَلِّيَّةِ، مهمَا كانَ نَوْعُها. فَمَشايخُ مساجدِنَا مُستعِدُّونَ لِيُضاعِفُوا عددَ المَساجدِ أوَّلاً، وأَنْ يُضاعِفُوا عددَ مُكَبِّراتِ الصَّوْتِ الَّتي تعلُو مَآَذِنَها ثانياً، في مدينةٍ صغيرةٍ فيها قِلَّةٌ مسيحيَّةٌ، وقِلَّةٌ مِنْ مذاهِبَ أُخرَى؛ ولا تسمحُ لِلْقِلَّةِ المسيحيَّةِ بِوَضْعِ مُكَبِّراتِ الصَّوْتِ، لِيَعْلُوَ رنينُ جَرَسَ الكنيسةِ وقتَ الصَّلاةِ.!. إذنْ. المسألةُ هِيَ حُكْمُ القَوِيِّ على الضَّعيفِ، نُمارِسُهُ في حياتِنا اليوميَّةِ، وفي دُوَلِنَا المُتَخَلِّفةِ، بعدَ أَنِ استطاعَتِ الدُّوَلُ المُتَحَضِّرَةُ مِنْ وَضْعِ حُدودٍ لِمِثْلِ هذهِ التَّجاوُزاتِ.!.
لن أسترسِلَ، ولَنْ أخرُجُ عنِ الموضوعِ، ولكِنْ كانَ لا بُدَّ مِنْ هذهِ المُقَدِّمَةِ كَوَصْفٍ لِحالةِ "أبِيْ حَسَنَ" - والَّذي أحترِمُ مُعْظَمَ آرائِهِ في كثيرٍ مِنَ الأُمورِ - في قَوْلِهِ: "ليسَ مِثْلُكَ مِثْلِي.".
لِماذا تخلطُ يا أبي بينَ بعضِ الشَّاذِّينِ المُتْرَفينَ المُشْبَعينَ مِنْ مُمارسةِ الجِنْسِ الطَّبيعيِّ؛ فأرادُوا مُمارسةً أكثرَ إِشباعاً لِرغباتِهِمْ، حينَ تقولُ: "مَنْ سيجرُؤُ على الدِّفاعِ عن "الحق" في تبادُلِ الزَّوْجاتِ بِذَريعةِ أَنَّها حُرِّيَّةٌ شخصيَّةٌ, أَوْ حُرِّيَّةُ المَشاعيَّةِ الجِنسيَّةِ، وهُوَ الأَصَحُّ.؟!" هؤلاءِ هُمُ الشَّاذُّونَ، وهؤلاءِ هُمُ المُشبَعونَ جِنْساً، ولا علاقةَ لَهُمْ بِالمِثْلِيِّيْنَ.!.
بعيداً عنْ مِثالِكَ المُتَجَنِّي، أسألُ لِماذا لا يكونُ مِثْلُكُ مِثْلَهُ يا أبي حَسَنَ.؟. فأنتَ تُمارِسُ حالةً إِنسانيَّةً سَمَّوْها الجِنْسَ بِطريقةٍ تَعَوَّدْتَ عليها في مُجْتَمَعِكَ، وهُوَ يُمارِسُ حالةً جِنسيَّةُ، رُبَّما لَمْ تتعوَّدْ عليها مُجتمعاتُنا، ولكنَّها حالةٌ إِنسانيَّةٌ، وُجْدَتْ معَ تَكَوُّنِ البَشَرِيَّةِ الأَوَّلِ. فإِذا كانَ بعضُ الباحثينَ في الميثولوجيا يقولونَ عنْ واحدةٍ مِنْ أُوْلَى المَلاحمِ والأساطيرِ الَّتي وصلَتْنَا مُدَوَّنةً، وهِيَ ملحمةُ "جِلْجَامِشْ"، يقولونَ إِنَّ "جِلجامِشْ" كانَ مِثْلِيَّاً، وكانَتْ تربطُهُ علاقةٌ مِثْلِيَّةٌ بِ"أَنْكِِيدُو".!.
تقولُ الملحمةُ إِنَّ "جلجامِشَ" قبلَ اجتماعِهِ بِ"أَنْكِيدُو"، شاهدَ حُلُماً رواهُ لِأُمِّهِ، قالَ:
"أُمَّاهُ.!، لقدْ رأيْتُ في ليلةِ البارحةِ حُلُماً، كانَتِ السَّماءُ حاشِدَةً بِالشُّهُبِ، واحدٌ مِنْهَا اِنْقَضَّ عَلَيَّ، رُمْتُ رَفْعَهُ، فَثَقُلَ عَلَيَّ، حاوَلْتُ إِبعادَهُ، فصعُبُ عَلَيَّ، فبينَما رِفاقِي يغسلُونَ قَدَمَيْهِ ، مِلْتُ عليهِ كمَا أميلُ على امْرَأَةٍ، وَضَعْتُهُ عِنْدَ قَدَمَيْكِ، فجعلْتِهُ لِي نَدَّاً."
ويُمْكِنُ أَنْ نذكُرَ هُنَا أيضاً "أفلاطونَ" الَّذي كانَ مِثْلِيَّاً، وتغزَّلَ بِالفِتيانِ، فَهُوَ الَّذي يقولُ: "أَرمِي إِليكَ هذهِ التُّفاحَةَ، فَخُذْها إذا رَغِبتَ فيَّ، وَأعطِني مَكانها عُذْرِيَّتَكَ ... وَخُذْها حَتَّى إِذا ما رَغِبْتَ فيَّ، وَتَذكَّرْ أَنَّ الجمالَ لا يَدُومُ.!".
وحَكَتِ التَّوراةُ عنِ المَلِكِ "سُليمانَ" الشَّابِّ قبلَ أَنْ يُصبِحَ مَلِكاً، إِذْ ربطَتْهُ صداقةٌ متينةٌ وحميمةٌ بِ"يوناثانَ" ابْنِ الملكِ "شاؤُولَ"، وعندَما ماتَ "شاؤُولُ" وأولادُهُ الثَّلاثةُ في حَرْبِهِمُ الأخيرةِ، رثَا "سُليمانُ" "يوناثانَ" بقصيدةٍ يقولُ في آخِرِها:
"قَدْ تضايقْتُ عليكَ يا أخي يوناثانَ، كَنْتَ حُلْواً لِي جِدِّاً، مَحَبَّتُكُ لِي أحلَى مِنَ النِّساءِ.". ولَنْ ننسَى بِالتأكيدِ قَوْمَ "لُوطَ" الِّذينَ أَحْرَقَهُمُ(الَّلـهُ- المجتمعُ) لِعَدَمِ اقتناعِهِ المُبْكِرِ بِهِمْ.!.
في الثَّقافةِ اليُونانيَّةِ، كانَتِ النِّساءُ لِلإِنجابِ، والمُتْعَةُ لِلعلاقاتِ الجِنْسِيِّةِ المِثْلِيَّةِ، وكانَ يُقالُ عَنْ "يُوليُوسْ قَيْصَرَ" إِنَّهُ كانَ زوجةً لِكُلِّ رجلٍ، وزَوْجاً لِكُلِّ امرأةٍ، وكانَ لِ"آخيلَ" عشيقٌ اسمُهُ "باتروكليسُ"؛ وحينَ ماتَ أقامَ لَهُ حِداداً يليقُ بِهِ. وكانَ لِ"الإِسكندرِ الأكبرِ" عشيقٌ مُتَعَلِّقٌ بهِ، مَرِضَ، وحينَ لَمْ يستطِعِ الأَطِبَّاءُ شفاءَهُ، أمَرَ بِقَتْلِهِمْ جميعاً. وكذلكَ الأمرُ في الثَّقافةِ الرُّومانيَّةِ، والأمثلةُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى.
ورَغْمَ أَنَّني لسْتُ مِنْ مُحِبِّي الاستطرادِ، فاعذرُونِي هذهِ المرَّةَ على الإِطالةِ، لأنَّ الموضوعُ يستحِقُّ الأمثلةَ. فَعَبْرَ التَّاريخِ كانَ مُعظمُ المُبدِعِيْنَ والفلاسفةُ مِنَ المِثْلِيِّيْنَ كَ"ليوناردُو دافينشي" الَّذي أَلَّفَ فيهِ "فرويد" كتاباً خاصَّاً حولَ مُيولِهِ الجنسيَّةِ. وإِذا وصلْنَا إِلى العصرِ الحديثِ، نجدُ أسماءَ كَ"تِنِسِي وِلْيامْزْ"، وَ"أوسكارْ وَايْلْدْ"، وغيرِهِمْ.
أَلَا يعنِي هذا أَنَّ المِثليَّةَ مَوْلُودةٌ معَ سِواها مِنَ المُمارساتِ، رَجُلٌ وامرأةٌ، امرأةٌ وامرأةٌ، رَجُلٌ وَرَجُلٌ. ولَنْ أَصِفَها بالعلاقاتِ الطَّبيعيَّةِ، أوِ العلاقاتِ غيرِ الطَّبيعيَّةِ؛ لأَنَّها كُلَّها في حقيقةِ الأمرِ علاقاتٌ طبيعيَّةٌ مِنْ وجهةِ نَظَرِ أصحابِها.
لماذا لا يكونُ مِثْلُنَا مِثْلَهُمْ إِذَنْ.؟. إذا كانَتْ كُلُّ الحَرَكاتِ، وطُرُقُ المُمارسةِ، وأساليبُها، وكلماتُ الحُبِّ المُستعملةُ هِيَ ذاتُها في الأشكالِ الثَّلاثةِ لِلعلاقةِ الجنسية.؟.
ولِماذا إِذا كانَتِ الأكثريَّةُ مَنْ تُمارِسُ الجنسَ بينَ ذَكَرٍ وأُنْثَى، فَعَلَيْهَا أَنْ تفرِضَ وِجْهَةَ نَظَرِها، وطريقةَ مُمارستِهَا لِلجِنْسِ على الفِئَةِ الأُخرَى الأَضْعَفِ كمَّاً. أَلَيْسَ على القَوِيِّ أَنْ يحمِي الضَّعيفَ.؟.
الأكثريَّةُ تُحَقِّقُ مُتْعَتَها بِطريقةٍ، والأَقَلِّيَّةُ تُحَقِّقُ مُتْعَتَها بِطريقتِها أيضاً، فِلِماذا القَمْعُ.؟. لِماذا نُحاصِرُ ونُلغِي مَنْ يُخالِفُنا في الرَّأيِ والسَّلوكِ.؟. أَهِيَ طبيعةٌ مُكْتَسَبَةٌ أَمْ أصيلةٌ في الإِنسانِ.؟؟؟.
مِثْلُنَا مِثْلُهُمْ، بَلْ مِثْلُهُمْ مِثْلُنُا. لا شَيْءَ يختلفُونَ فيهِ عنَّا سِوَى رَغَباتِهِمُ المَوْلُودَةِ مَعَهُمْ، وهُمْ غيرُ مسؤُولِينَ عنها.!.
لِنُكِنَّ لَهُمُ الاحترامَ، كما يفعلونَ، وَلْنَتَعامَلْ مَعَهُمْ كَأُناسٍ مِثْلِنا، لا يختلفُونَ عَنَّا، وليسُوا بِأَقَلَّ مِنَّا في شيءٍ، ولا نَنْظُرَنَّ إِليهِمْ نَظْرَةً دُونْيَّةً، بَلْ نَظْرَةَ مَنْ هُمْ بَشَرٌ مِثْلُنا، لَهُمْ طريقتُهُمْ في الحياةِ.
ويمكنُ القولُ أخيراً، إِنَّ هؤلاءِ المِثْلِيِّيْنَ أفضلُ مِنْ كثيرينَ مِنَّا في أخلاقِهِمُ العامَّةِ، وفي تعامُلِهِمْ معَ النِّساءِ، وسلوكِهِمْ في المجتمعِ؛ ويندُرُ جِدَّاً أنْ ترَى مِنْهُمْ خارجاً عنِ القانونِ.!.
هذهِ المشكلةُ ليسَتْ أُمَّ المشاكلِ بِالتَّأكيدِ، ولكِنَّهُمْ مِثْلُنا، ويجبُ أَنْ يجِدُوا مَنْ يقِفُ مَعَهُمْ، ويقولُ لَهُمْ: " نَعَـــمْ أَنْتُـــمْ مِثْلُــــنَا."!.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |