الكُتَّابُ العربُ والعالميَّةُ.
2010-12-10
السُّؤالُ الَّذي يُراودني دائماً هوَ: لماذا لمْ يستطِعْ مبدعٌ عربيٌّ الوصولَ إلى العالميَّةِ بالمعنى الحقيقيِّ للكلمةِ.؟. فأنا أرَى بقناعةٍ تامَّةٍ أَنَّ مَنْ تُرْجِمَتْ أعمالُهُمْ إلى لغاتٍ أجنبيةٍ أخرى، قد تُرْجِمَتْ إمَّا عنْ طريقِ علاقاتِهِمُ الشَّخصيَّةِ، أوْ عنْ طريقِ العلاقاتِ الدَّوليَّةِ الَّتي تتقاربُ أحياناً وتتباعدُ أحياناً أخرَى؛ ودائماً ضمنَ محورٍ رئيسيٍّ هوَ دولةُ إسرائيلَ.
حقيقةُ الأمرِ أنَّنا لا نملِكُ مبدعينَ، وما يصدرُ عنْ كُتَّابِنا ما هوَ إلاَّ أدبٌ متواضعٌ، لا يُمْكِنُ أنْ يَرْقَى ليصبحَ أدباً عالميَّاً، والملفتُ أنَّ الأدبَ العالميَّ في معظمِهِ، جاءَ مِنْ دولٍ غيرِ أوروبيَّةٍ، وأغلبُهُ مِنْ دولِ أمريكا اللاتينيَّةِ، أوْ دولٍ أخرَى تشبهُنا مِنْ حيثُ الوضعِ الاقتصاديِّ وأسلوبِ الحُكْمِ. الخ..
إذنْ، لا يكفي أَنْ نرميَ سببَ ذلكَ على عاملِ فقدانِ الحريَّةِ لدى الشَّعبِ العربيِّ، وعدمِ امتلاكِهِ حريَّةَ التَّعبيرِ كاملةً؛ بلْ على العكسِ مِنْ ذلكَ، سنكونُ فخورينَ بأنفُسْنا إذا ما اعترفْنَا بأنَّنا - بتركيبتِنا النَّفسيَّةِ ، وربَّما بجيناتِنا الَّتي نحملُها - غيرُ مؤهَّلينَ لِنُنْتِجَ أدباءَ ينتقلُونَ إلى العالميَّةِ، بفضلِ قُرَّائِهِمْ فقطْ؛ وليسَ لأيِّ سببٍ آخرَ.!.
هناكَ كُتَّابٌ تُرجِمَتْ أعمالُهُمْ إلى لُغاتٍ عدَّةٍ، وهناكَ كُتَّابٌ تُرْجِمَتْ مقاطِعُ منْ أعمالِهِمْ، أوْ بعضاً مِنْ قِصصِهِمْ، أوْ قصائدِهِمْ إلى اللغاتِ الحيَّةِ الأخرَى، ولكنْ ما مِنْ كاتبٍ واحدٍ استطاعَ أَنْ يُلْفِتَ نظرَ ناقدٍ، أوْ تحوَّلَ كِتابُهُ بمعجزةٍ ما إلى " بِسْتْ سِيلرْ" في اللغةِ الَّتي تُرْجِمَ إليها.!؟.
صحيحٌ أنَّني لا أملِكُ إحصائيَّاتٍ، ولكنَّني أعتقدُ جازماً أنَّه ما مِنْ كاتبٍ عربيٍّ تُرْجِمَتْ أعمالُهُ إلى اللغاتِ الأخرَى، ونفدَتْ طبعةُ كتابِهِ الأُولَى مِنَ الأسواقِ العالميَّةِ.!.
والمشكلةُ في سوريا تحديداً، أَنَّ الكاتبَ ما أَنْ يُتَرْجَمَ عملُهُ إلى اللغاتِ الأخرَى، أيَّاً كانَتْ تلكَ اللغةُ، ولو كانَتْ لغةَ دولةٍ صغيرةٍ، ولا تستطيعَ أَنْ تؤثِّرَ إيجابيَّاً في وضعِ الكاتبِ الإبداعيِّ؛ حتَّى يبدأَ ذلكَ الكاتبُ بالتَّصرُّفِ على أنَّهُ كاتبٌ عالميٌّ، ويُوحِي لِلآخرينَ بأهميَّةٍ وهميَّةٍ يتقمَّصُها، تُقْنِعُ بعضَ المُحيطينَ بِهِ، فيُطَبِّلُونَ لَهُ، ويُزَمِّرُونَ في الصَّحافةِ المحليَّةِ الَّتي هيِ أيضاً لا يُمْكِنُ أنْ تَرْقَى إلى أَنْ تكونَ صحافةً أساساً. ويُصَدِّقُ قُرَّاءُ هذهِ الصَّحيفةِ، أوْ تلكَ، والَّذينَ لا يتجاوزُونَ عددَ قُرَّاءِ قريةٍ صغيرةٍ في العالمٍ، بأَنَّ الأديبَ فلاناً صارَ كاتباً عالميَّاً..؟ ويُصَدِّقُ الكاتبُ كذبَتَهُ، فيتصرَّفُ ككاتبٍ عالميٍّ، يسيرُ كالطَّاووسِ، ويجلسُ وحيداً في المقهى، وإِنْ سَلَّمَ عليهِ أحدُهُمْ، يردُّ السَّلامَ دونَ نفسٍ؛ جامعاً حولَهُ المُريدينَ الَّذينَ يُطَبِّلُونَ لَهُ، ويُزَمِّرُونَ.!!.
أنا واثِقٌ مِنْ أَنَّ كلَّ واحدٍ مِنْ هؤلاءِ سيقولُ إنَّني أكتبُ عنْهُ، وحقيقةُ الأمرِ أنَّني أكتبُ عنهُمْ جميعاً. فهُمْ غيرُ مؤهَّلينَ للعالميَّةِ، وأقدِّمُ لهُمْ نصيحةً بسيطةً: تواضعُوا. فبالتَّواضُعِ فقطْ نُصْبِحُ عالميِّينَ. لِنَعْرِفْ حدودَنا، ونقفْ عندَها، وَلْيَعْرِفْ أُدباؤُنا ورِوائيُّونا وشعراؤُنا وقصَّاصُونا أَنَّهُمْ حتَّى لوْ تُرْجِمُوا إلى جميعِ لُغاتِ العالمِ، بفضلِ أموالِ النِّفطِ؛ لَنْ يُصبحُوا عالميِّينَ، وذلكَ ببساطةٍ لأَنَّ ما يكتبُونَ عنهُ هوَ هَمُّهُمْ وحدَهُمْ، وهوَ ليسَ همَّاً عالميَّاً، بينَما كُتَّابُ العالمِ الثَّالثِ الَّذينَ صارُوا عالميِّينَ بجدارةٍ، يختارُونَ مِنْ همومِهِمْ ما يجبُ أَنْ يُكْتَبَ عنْهُ، ما يُمْكِنُ - دونَ قَصْدٍ منْهُمْ - أَنْ يكونَ هَمَّاً عالميَّاً، وهُمْ أساساً حينَ كتبُوا روايتَهُمُ الأُولَى، لمْ يكونُوا يقصدُونَ أَنْ يكونُوا عالميِّينَ؛ ولكِنَّ العالمَ اكتشفَهُمْ، وترجمَهُمْ، وتلقَّفَهُمُ القُرَّاءُ بمحبَّةٍ، وبِيعَتْ ملايينُ النُّسَخِ مِنْ أعمالِهِمْ، فأصبحُوا بذلكَ عالميِّينَ.
لنْ أذكرَ أسماءَ، لأَنَّني لوْ فعلْتُ، وذكرْتُ مَنْ صارَ عالميَّاً مِنَ الدُّولِ الأُخرَى، وجبَ عليَّ أَنْ أُسَمِّيَ مَنْ لمْ يستطِعْ أَنْ يكونَ عالميَّاً، بعدَ أَنْ تُرْجِمَتْ أعمالُهُ إلى لُغاتٍ أُخرَى. وليسَتْ غايتِي الإساءةَ إلى أحدٍ.!؟.
.......................................
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |