قصَّةُ الصَّلواتِ الخَمْسِ، وواجبِ شكرِنا موسى.. وأتباعَهُ مِنْ بعدِهِ.
2011-01-14
كثيراً ما فكَّرْتُ في موضوعِ الصَّلاةِ، وقصَّةِ مُحَمَّدَ معَ ربِّهِ وموسى، وطلبِهِ تخفيفَ الصَّلواتِ الَّتي فرضَها اللهُ على المسلمينَ في المرَّةِ الأولَى؛ وكانَتْ خمسينَ صلاةً، فلو قَبِلَ النَّبِيُّ بهذا العددِ مِنَ الصَّلواتِ، لأمضَى المسلمونَ يومَهُمْ في الصَّلاةِ فقط، دونَ أَنْ يفعلُوا أيَّ شيءٍ آخرَ؛ فخمسونَ صلاةً في أربعٍ وعشرينَ ساعةً، يعني صلاةً كلَّ نصفِ ساعةٍ، فإذا أرادَ المرءُ أَنْ يُصَلِّيها في المسجِدِ، فهذا يعني أَنْ يُمضِيَ المسلمُ يومَهُ في المسجدِ، لا يُغادرُهُ، لأَنْ لا وقتَ لديهِ للعودةِ إلى عملِهِ خلالَ نصفِ ساعةٍ، ثمَّ العودةِ إلى المسجدِ مرَّةً أخرَى.!.
هلْ يُعْقَلُ أَنَّ اللهَ لمْ يفكِّرْ بذلكَ، وأَنْ ليسَ على هذا المسلمِ واجباتٌ أُخرَى سوى الصلاةِ لهُ وشُكرِهِ على أنَّهُ خَلَقَهُ.؟.، ولا أدري كيفَ يُصَدِّقُ عاقلٌ مثلَ هذهِ الرِّوايةِ.؟، ولماذا يكونُ التَّدخُّلُ مِن موسى نبيِّ بَنِي إسرائيلَ بالتحديدِ الَّذينَ كانُوا أعداءَ النَّبِيِّ.؟!.
تقولُ روايةُ الصَّلواتِ الخمسينَ: بعدَ أنْ عادَ النَّبِيُّ، وقدْ فرضَ اللهُ على المسلمينَ الصَّلواتِ الخمسينَ:
- فنزلْتُ إلى موسى عليهِ السَّلامُ، فقالَ: ما فرضَ ربُّكَ على أُمَّتِكَ.؟.
- قُلْتُ: خمسينَ صلاةً.
- قالَ: اِرْجِعْ إلى ربِّكَ، فَاسْأَلْهُ التَّخفيفَ؛ فإِنَّ أُمَّتَكَ لا يُطيقُونَ ذلكَ، فإِنِّي قدْ بلَوْتُ بَنِي إسرائيلَ، وخبرتُهُمْ.
- قالَ: فَرَجَعْتُ إلى ربِّي.
فقلْتُ: يا رَبُّ، خفِّفْ على أُمَّتِي، فحَطَّ عنِّي خَمْساً، فرجعْتُ إلى موسى.
فقلْتُ: حَطَّ عنِّي خَمْساً.
- قالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لا يُطيقُونَ ذلكَ، فارجِعْ إلى ربِّكَ، فَاسْأَلْهُ التَّخفيفَ.
- قالَ: فلَمْ أزَلْ أرجِعُ بينَ ربِّيَ تباركَ وتعالَى، وبينَ موسى عليهِ السَّلامُ حتى
قالَ: يا مُحَمَّدُ، إنَّهُنَّ خَمْسُ صلواتٍ كلَّ يومٍ وليلةٍ، لكلِّ صلاةٍ عشرٌ فذلكَ خمسونَ صلاةً، ومَنْ هَمَّ بحَسَنَةٍ فلمْ يعمَلْها، كُتِبَتْ لهُ حَسَنَةً، فإِنْ عملَها كُتِبَتْ لهُ عَشْراً، ومَنْ هَمَّ بسَيِّئَةٍ فلمْ يعمَلْها، لمْ تُكْتَبْ شيئاً، فإِنْ عملَها كُتِبَتْ سَيِّئَةً واحدةً.
- قالَ: فنزلْتُ حتَّى انتهيتُ إلى موسى عليهِ السَّلامُ، فأخبرْتُهُ.
- فقالَ: اِرجِعْ إلى ربِّكَ، فاسأَلْهُ التَّخفيفَ.
- فقالَ رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ)، فقلْتُ: قدْ رجعْتُ إلى ربِّي حتَّى استَحْيَيْتُ مِنْهُ. ( رواهُ مُسْلِمُ.).
أستغربُ أّنَّ أحداً لمْ ينتبِهْ إلى اختيارِ موسى بالذَّاتِ، ليكونَ شفيعاً للمسلمينَ في ناحيةٍ هامَّةٍ مِنْ حياتِهِمْ، وألا يعني هذا أم حادثةُ الإسراءِ والمعراجِ في أساسها قصَّةً مدسوسةً على الإسلامِ، وهيَ منَ الإسرائيليَّاتِ الَّتي يعترفُ كثيرٌ مِنَ المسلمينَ بأنَّها مدسوسةٌ على أحاديثِ النَّبِيِّ. وأَنَّ مُجَرَّدَ موافقتِنا عليها، والتسليمِ والقَبولِ بحدوثِها، يعني أَنَّهُمْ معَ نبيِّهِمْ وراءَ ذلكَ الأمرِ.
هناكَ عدَّةُ أمورٍ تدفعُ ذَوِي الألبابِ إلى عدمِ تصديقِ هذهِ القصَّةِ.!.
أوَّلُها: أَنَّ اللهَ لا يُمكنُ أَنْ يفرِضَ ذلكَ على خَلْقِهِ جميعاً مفترضِينَ أَنَّ الإسلامَ هوَ آخرُ الأديانِ، ومُحَمَّدَ آخِرُ النَّبيِّيْنَ، وأَنَّ الدِّينَ الإسلاميَّ سيُحِبُّ ما قبلَهُ؛ وستكونُ البشريَّةُ جمعاءَ تَدِينُ بالإسلامِ، ولوْ حدثَ ذلكَ، ولمْ يتدخَّلْ موسى، وأبقَى الأمرُ الإلهيُّ على الصَّلواتِ الخمسينَ؛ ولو كانَتِ البشريَّةُ جمعاءَ تدينُ بالإسلامِ؛ لَمَا تكوَّنَتْ أيَّةُ حضارةٍ، ولَمَا حدثَ أيُّ تقدُّمٍ، ولَكانَتِ البشريَّةُ الآنَ تعيشُ داخلَ المساجدِ، تشكرُ ربَّها على أنَّهُ خَلَقَهَا.!.
ثانيها: اختيارُ النَّبِيِّ موسى، وهوَ النَّبِيُّ الوحيدُ القريبُ مِنَ المسلمينَ، فهُوَ نَبِيُّ جيرانِهِمْ (اليهودِ) الَّذينَ يعيشُونَ بينَهُمْ، وهذا ما يُؤَكِّدُ ابتكارَهُمْ لهذهِ الحكايةِ غيرِ المعقولةِ.
ثالثُها: أَنَّ مُحَمَّدَ كانَ رجلاً ذكيَّاً ولبيباً، ولا يحتاجُ إلى موسى لكي يقولَ لهُ ما يفعلُ، وكانَ حريَّاً بِهِ أَنْ يناقشَ اللهَ في قضيَّةٍ واضحةٍ، وهيَ أنَّهُمْ إذا لبُّوا دعوَتَهُ إلى الصَّلواتِ الخمسينَ، فلنْ يتبقَّى لديهُمُ الوقتُ، لِيزرعُوا، ويحصدُوا، ويأكلُوا، ويمارسُوا حياتَهُمْ.
لمْ أسُقْ هذه الرِّوايةَ لأقولَ ما قلْتُهُ فقطْ، بلْ لأُؤَكِّدَ أَنَّ كثيراً مِنَ الأحاديثِ النَّبويَّةٍ مدسوسةٌ مِنَ اليهودِ الَّذينَ كانَ همُّهُمُ الإساءةَ إلى مُحَمَّدَ وشعبِ محمَّدَ، وإذا كانَتْ هذهِ الرِّوايةُ الواضحةُ - كما سُطوعُ الشَّمسِ - مدسوسةً، فكيفَ نرى بقيَّةَ الأحاديثِ الَّتي نرزحُ تحتَ وطأَتِها، ونستشهِدُ بها في حياتِنا اليوميَّةِ، والَّتي هِيَ في معظمِها مَصْدَرٌ مِنْ مصادرِ جهلِ هذهِ الأمَّةِ.!.
أكرِّرُ قولاً قُلْتُهُ أكثرَ مِنْ مرَّةٍ في هذهِ المساحةِ: ليسَ كلُّ ما قالَهُ النَّبِيُّ قالَهُ لِيُطَبَّقَ عبرَ الزَّمنِ المَديدِ، وإنَّما قالَهُ لِشَعْبٍ مُحَدَّدٍ في زَمَنٍ مُحَدَّدٍ لِغايةٍ محدَّدَةٍ، وبانتفاءِ الحاجةِ إليهِ يجبُ التوقُّفُ عنِ استخدامِهِ، وتطويرُ ما قالَهُ ليتناسبَ معَ الزَّمنِ الَّذي نعيشُهُ، ومعَ الحضارةِ الَّتي تغيَّرَتْ عبرَ ألفٍ وخمسمِائةِ سَنَةٍ تقريباً.
وليسَ كلُّ ما جاءَ في القرآنِ أيضاً كانَ مقصوداً منهُ أنْ يكونَ دستوراً دائماً للمسلمينَ، وإلاَّ لَكانَ دستوراً للنَّبِيِّ في زمنِهِ، بدليلِ أن كثيراً منَ الآياتِ أُبْطِلَتْ بآياتٍ أُخرَى عندَما لمْ تَعُدْ مِن حاجةٍ إليها.
لا الزَّمنُ، ولا العقلُ البشريُّ اليومَ يُمْكِنُ أَنْ يؤمنَ بنبِيٍّ جديدٍ، أوْ فَلْنَقُلْ برسولٍ جديدٍ، فالنَّبِيُّ قالَ: "لا نبيَّ بعدي." ولمْ يقُلْ: لا رسولَ بعدي، وهذا يعني إمكانيَّةَ وجودِ رسولٍ لا نبيٍّ يُغيِّرُ ما يلزمُ في هذا الدِّينِ الَّذي صارَ مصدراً للتَّخلُّفِ؛ ولا يمكنُ أنْ يكونَ مصدراً للتقدُّمِ، ما لمْ يأتِهِ مَنْ هوَ قادِرٌ على الإِقناعِ بضرورةِ ذلك.!.
ولأَنَّ أحداً لنْ يقتنعَ برسولٍ جديدٍ، فعلينا أَنْ نجِدَ مُفكِّرينَ قادرينَ على الإقناعِ بضرورةِ تحديثِ هذا الدِّينِ.
ليسَ المسلمونَ قِلَّةً بشريَّةً، وليسُوا قلَّةً عقليَّةً وعلميَّةً، ولكنَّهُمْ قلَّةٌ بما يُحَمِّلُهُمْ دينُهُمْ مِنْ غيبيَّاتٍ غيرِ مُقْنِعَةٍ، هُمْ غيرُ قادرينَ على الخَلاصِ مِنْها، وفي تحنيطِها مجالٌ كبيرٌ لنكونَ أمَّةً أكثرَ حضارةً، وأكثرَ إمكانيَّةً لنكونَ في صفوفِ الدُّوَلِ العُظمَى، لا لنمتلكَ سلاحاً نحاربُ بِهِ، ولكِنْ لنكونَ قادرينَ على أَنْ نكونَ أمَّةً قويَّةً تدعمُ السَّلامَ، وتقدرُ على تحقيقِهِ.
لِنُفَكِّرْ بعقلٍ مفتوحٍ، ودونَ تأثُّرٍ بأيِّ نوعٍ مِنَ الغيبيَّاتِ، وَلْنَسْأَلْ: لماذا نحنُ أكثرُ الأممِ تخلُّفاً.؟؟؟؟.
هلْ مِْن أَحَدٍ يتجرَّأُ، ويجيبُ بينَهُ وبينَ نفسِهِ على هذا السُّؤالِ.؟؟.
...................................
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |