" fuck you " أيها الإعلام العربي
2011-01-21
سأستخدمُ مرغَماً هنا، ولمرَّةٍ واحدةٍ فقط وللضرورة، مصطلحَ الدُّولِ العربيَّةِ منَ المحيطِ إلى الخليجِ، وتعلمُونَ أنَّني أكرهُ هذهِ التَّسميةَ، وأفضِّلُ عليها تسميةَ دُوَلِ المنطقةِ، ولكنْ أحياناً لا بُدَّ منِ استخدامِها؛ فهذه الدُّولِ العربيَّةِ منَ المحيطِ إلى الخليجِ، مشتركونَ في عدَّةِ أشياءَ، أوَّلُها اللُّغةُ، صحيحٌ أنَّ البعضَ يلفظُ بعضَ الأحرفِ مُحَرَّفَةً عنْ أصلِها كما يفعلُ المصريُّونَ حينَ يلفظونَ الجيمَ، ولكنَّهمْ في العمومِ، يستخدمُونَ لغةً واحدةً كُنَّا نفتخرُ، ونحنُ صغارٌ، بتسميةِ لغتِنا لغةَ الضَّادِ، ضمنَ شعاراتٍ أوهَمُونا بها وصدَّقْنَاها فترةً طويلةً، فصدَّقْنَا على سبيلِ المثالِ أنَّنا أمَّةٌ عربيَّةٌ واحدةٌ، وفي نفسِ الوقتِ، ذاتُ رسالةٍ خالدةٍ، ولمْ نفهمْ ما هيَ تلكَ الرِّسالةُ الخالدةُ؛ وأيضاً استغرَبْنَا أنَّنا أمَّةٌ واحدةٌ، وفي ذاتِ الوقتِ يختلفُ معظمُ زعماءِ هذهِ الأمَّةِ فيما بينَهُمْ، ويتبادلُونَ الشَّتائمَ حينَ يكونُ لا بُدَّ مِنْ ذلكَ؛ وليسَ أدلَّ على ما أقولُ منِ الرُّجوعِ إلى مؤتمراتِ القمَّةِ العربيَّةِ، عبرَ تاريخِها الطَّويلِ، والمهاتراتِ الَّتي تحدثُ فيها، وانسحابِ بعضِ الزُّعماءِ، وحَرَدِ البعضِ الآخرِ.
وثاني ما يشتركُونَ فيه، هوَ التَّاريخُ المشتركُ، ومَنْ يقرأُ تاريخَ هذهِ المنطقةِ، يكتشفُ أنَّ هذا التَّاريخَ هُوَ مشتركٌ بمَساوِئِهِ أكثرَ مِمَّا هو مُشترَكٌ بمحاسِنِهِ. أخطرُ تلكَ المَساوِئِ، يُمكنُ اكتشافُها خلالَ الحروبِ الصَّليبيَّةِ الَّتي امتدَّتْ طويلاً، فكانَ الأخوةُ يختلفُونَ فيما بينَهُمْ، وحُكَّامُ المُدُنِ يتقاتلُونَ، ويتحالفُونَ معَ الصَّليبيِّينَ. حقيقةُ الأمرِ، إِنَّ تاريخَنا المشتركَ ليسَ تاريخاً مُشَرِّفاً.!.
لنْ أُتابعَ فيما يشتركُونَ بِهِ، ولنْ أعدِّدَ أسبابَ خلافاتِهِمْ، ولنْ أَجيءَ على ذِكْرِ "فلسطينَ"، جُرْحِنا الأوَّلِ، وخِلافِهُمُ الأوَّلِ. فما أريدُ قولَهُ هُنا، لا علاقةَ له بكلِّ ما قلتُهُ حتَّى الآنَ.
حقيقةُ الأمرِ، يُزعجُني حتَّى المرارةِ، حينَ أكونُ سهراناً في البيتِ، ومسترخِياً أتفرَّجُ على فيلمٍ سينمائيٍّ أمريكيٍّ، وتبدأُ القصقصاتُ مِنَ الأصواتِ عندَ كلِّ كلمةٍ يعتبرونَها بذيئةً، مِنْ مثلِ: (bitch - slot - fuck you - shit -kiss my ass ) وبما أَنَّ المحطَّاتِ الِّتي تبثُّ هذهِ الأفلامَ في الأعمِّ الغالبِ هيَ محطَّاتٌ خليجيَّةٌ، ولأَنَّ الخليجيِّينَ غيورونَ على الدِّينِ والأخلاقِ، وهُمْ أسُّ الفسادِ في المنطقةِ، فَمَنْ مِنَّا لا يعرفُ ماذا يفعلُ أُمَراؤُهُمْ في أوروبَّا والعالمِ، ولكنَّهُمْ لا يريدُونَ أَنْ تصبحَ أخلاقُنا مثلَ أخلاقِهِمْ، فيحذفُونَ كلماتٍ كالَّتي ذكَرْتُها، والَّتي أصبحُتْ مِنْ صُلْبِ الُّلغةِ الأمريكيَّةِ الَّتي تُصَدِّرُ أفلامَها إلينا، فما عادَتْ تعني معناها الَّذي نعرفُهُ، بلْ أعتقدُ أنَّهُمْ نَسُوا معناها الحقيقيَّ، وصارَتْ دارجةً على ألسنتِهِمْ، دونَ أنْ يُفَكِّرُوا في معناها. فيما نحنُ - كشعبٍ هادرٍ ضمنَ دولٍ تمتدُّ مِنَ المحيطِ إلى الخليجِ - ما زِلْنَا نستخدمُها، ونزيدُ عليها الكثيرَ مِنَ المصطلحاتِ الَّتي لو ذكَرْنَاها في فيلمٍ مِنْ أفلامِنا لاحمَرَّتْ وجوهُهُمْ خجلاً مِنْ مثلِ هذهِ الألفاظِ. فخيالُنا الجنسيُّ أوسعُ مِنْ خيالِهِمْ، وشتائمُنا أعمقُ وأكثرُ إيذاءً مِنْ شتائِمِهِمْ، ومعَ ذلكَ يقومُ حماةُ الأخلاقِ السُّعوديُّونَ وغيرُهُمْ مِنْ أبناءِ دولِ الخليجِ بمَسْحِ تلكِ الألفاظِ، بحيثُ يتقطَّعُ الحوارُ وتفقدُ متعةَ الفيلمِ.
شتيمةٌ سمعْتُها كثيراً، ولمْ أكنْ أعرفُ معناها، حينَما كنْتُ مراهقاً، وكانَتْ تُسْتَخْدَمُ كثيراً، تقولُ - وأعتذرُ مِنْ ذَوِي الحساسيَّةِ تجاهَ مثلِ هذهِ الألفاظِ - : كِسْ أمَّكْ بَلاَّعةْ إيرْ.". ولنْ تصدِّقُوني إذا قلتُ لكمْ، لمْ أفهمْ معنى هذهِ الكلمةِ إلاَّ بعدَ تخرُّجِي منَ الجامعةِ.!.
ليسَتْ هذهِ إلاَّ مثالاً لنْ أسوقَ غيرَهُ، وغيرُهُ كثيرٌ، تسمعُهُ يتردَّدُ على ألسنةِ العامَّةِ والخاصَّةِ، وخاصَّةِ الخاصَّةِ، تُرَدِّدُهُ النِّسوةُ فيما بينهُنَّ، كما يردِّدُهُ الرِّجالُ عَلَناً في الشَّوارعِ العامَّةِ.!!.
السُّؤالُ الَّذي لا بُدَّ مِنْ طَرْحِهِ: ألا يسمعُ مَنِ اتَّخَذَ قرارَ شَطْبِ كلماتٍ ..... تلكَ الشتائمَ العربيَّةَ المتفنِّنةَ في معانيها والمُغْرِقَةَ في بذاءَتِها.؟. والسُّؤالُ الأهمُّ: ألَمْ يستخدمُها، أوْ يستخدمُ مثيلاً لها في حياتِهِ.؟.
ليسَتْ الأخلاقُ في أَلاَّ نسمعَ مثلَ هذهِ الكلماتِ، فشَطْبُها مِنَ الصَّوتِ تجعلُ المُراهقَ يسألُ أهلَهُ ماذا يحدثُ ولماذا يغيبُ الصَّوتُ، وأهلُهُ يُحْرَجُونَ؛ ولا يُجيبُونَ، فيسألُ رفاقَهُ، ويصلُ إلى المعنى أخيراً مُنتصِراً، ويتعلَّمُ هذهِ الكلماتِ. بينَما لوْ مَرَّرَ الرَّقيبُ "الفَطْحَلُ" هذهِ الكلماتِ بلغتِها الأصليَّةِ، لَمَرَّتْ دونَ الانتباهِ إليها.!.
يا حُماةَ الأخلاقِ، ليسَتِ الكلماتُ البذيئةُ هيَ الَّتي تُخَرِّبُ أخلاقَ أجيالِنا، ما يُخَرِّبُ، في الحقيقةِ، هذهِ الأخلاقَ ما يسمعُونَهُ مِنْ حكاياتِ أُمراءِ الخليجِ في ملاعبِ القمارِ، ومواخيرِ العالمِ المتحضِّرِ، فيما يجري على يُخُوتِهِمْ، وما يُنفقُونَهُ مِنْ أموالٍ، هِيَ ملكُ شعوبِهِمْ ،على فِعْلِ أفجعَ وأفظعَ مِمَّا تعنيهِ تلكَ الشَّتائمُ، وزواجُهُمْ مِنْ طِفْلاتٍ لا يَفْقَهْنَ معنَى الجنسِ، تحتَ تسمياتٍ مختلفةٍ، هِيَ الَّتي تُظْهِرُنا بمَظْهَرِ مَنِ لا أخلاقَ لَهُمْ.!!.
الغربيَّونَ واضحُونَ، يقولُونَ ما يفعلُونَ، والأمريكيُّونَ هُمْ مَنِ اخترعُوا لغتَهُمُ الجديدةَ، وضمَّنُوها تلكَ العِباراتِ الَّتي ذَكَرْتُها، والَّتي فقدَتْ معناها الأصليَّ.
يفعلُونَ الكثيرَ.. ويُخَرِّبُونَ مِزاجَنا بتقطيعِ أصواتِ المُمثِّلينَ لِحمايةِ أخلاقٍ هُم لا يعرفُونَها، بلْ يتجاوزُونَها إلى ما هُوَ أخطرُ مِنْها بكثيرٍ.!.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |